دينا جوني (أبوظبي) 

اعتمد المؤتمر التاسع عشر للوزراء المسؤولين عن التعليم العالي والبحث العلمي في الوطن العربي الذي اختتمت فعالياته أمس، «إعلان أبوظبي» الذي قدّم إطاراً استراتيجياً لتطوير قطاع التعليم العالي والبحث العلمي في الوطن العربي.
وأكد الإعلان أهمية تعزيز التعاون العربي المشترك من خلال إطلاق مبادرات نوعية تخدم أولويات التنمية المستدامة، بالإضافة إلى الإعلان عن بنود تهدف إلى تطوير البرامج الأكاديمية التي تركز على الاستدامة، وتشجيع المشروعات البحثية المشتركة التي تعتمد على الابتكار والتكنولوجيا المتقدمة.
كما دعا إلى إنشاء حاضنات أكاديمية للابتكار، وتعزيز دور التعليم العالي في إعداد خريجين يمتلكون المهارات والكفاءات المطلوبة لمواكبة متغيرات سوق العمل.
وقال معالي الدكتور عبدالرحمن العور، وزير الموارد البشرية والتوطين، وزير التعليم العالي والبحث العلمي بالإنابة، إن إعلان أبوظبي يمثل محطة مفصلية لتعزيز التكامل العربي في مجال التعليم العالي والبحث العلمي، مؤكداً معاليه أن أهمية هذا الإعلان لا تقتصر على الالتزام بالتطوير الأكاديمي، بل ويعكس أيضاً الرؤية المشتركة نحو مستقبل تعليمي يسهم في بناء اقتصادات المعرفة، ويواكب التغيرات المتسارعة على المستوى العالمي.
جاء ذلك في ختام فعاليات مؤتمر وزراء التعليم العرب الذي نظمته وزارة التعليم العالي والبحث العلمي بدولة الإمارات العربية المتحدة، بالتعاون مع المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم (الألكسو).
وعُقد المؤتمر تحت شعار «نظام تعليم عالٍ مرن يواكب التغيرات العالمية السريعة والمطردة»، وشهد مشاركة وزراء التعليم العالي والبحث العلمي في الدول العربية، إلى جانب نخبة من الخبراء وقادة المؤسسات الأكاديمية الإقليمية والدولية.
وعن هيكلية التعليم العالي التي تبطئ من تجاوبها السريع مع المتغيرات الحاصلة في سوق العمل، قال معاليه لـ«الاتحاد» في تصريحات على هامش المؤتمر، إن من التجارب التي أثبتت فعاليتها في تحقيق التغيير المنشود في التعليم العالي بما يواكب متطلبات سوق العمل، ربط الشراكات مع القطاعات الاقتصادية، كونها أكثر نشاطاً في التعرّف على المتغيرات العالمية وتأثيراتها على كل حقل مهني.
وأشار إلى أن متابعة القطاعات للتطورات الحاصلة ناشئة من الارتباط الوثيق مع منظومتها التي تعتمد على التنافس والاستدامة في العمل والابتكار. 
وأكد معاليه أن هذه الشراكات من شأنها نقل الخبرة للكوادر الأكاديمية والطلبة، وتسهم كذلك في تغيير البرامج الأكاديمية للتمكّن من إدخال مهارات سوق العمل إلى الحيز الأكاديمي. 
وعقدت خلال فعاليات المؤتمر العديد من اللقاءات الثنائية التي جمعت معالي الدكتور عبد الرحمن العور، وزير الموارد البشرية والتوطين، وزير التعليم العالي والبحث العلمي بالإنابة، مع عدد من الوزراء ورؤساء الوفود.
وتضمنت هذه اللقاءات مناقشات لتعزيز التعاون الثنائي والإقليمي، بالإضافة إلى توقيع برامج تنفيذية للتعاون في مجال التعليم العالي والبحث العلمي بين دولة الإمارات العربية المتحدة والمملكة الأردنية الهاشمية والجمهورية التونسية وجمهورية العراق.
كما ناقش معاليه مع معالي الدكتور محمد ولد أعمر، المدير العام للألكسو، مشاريع مشتركة تهدف إلى تحسين جودة التعليم العالي وتعزيز الابتكار في البحث العلمي.
وأضاف معاليه: «إن النقاشات والتوصيات التي خرج بها المؤتمر تسلط الضوء على أهمية التعليم العالي كركيزة أساسية للتنمية المستدامة. ويعبّر إعلان أبوظبي عن توافق عربي حول ضرورة توظيف التكنولوجيا الحديثة، وضمان الجودة الأكاديمية، وتعزيز الشراكات لدعم منظومات التعليم العالي في وطننا العربي».
وناقش الخبراء خلال المؤتمر، وعلى مدى يومين، سبل تطوير سياسات التعليم العالي وتعزيز مرونته في مواجهة التحديات المستقبلية، بما في ذلك تأثير التحولات التكنولوجية والاقتصادية العالمية على القطاع.
وشملت الجلسات استعراض وثائق مرجعية ومشاريع إقليمية مبتكرة ركزت على استخدام تقنيات متقدمة مثل البلوكتشين للاعتراف بالمؤهلات، بالإضافة إلى تفعيل صندوق الألكسو للبحث العلمي والابتكار.
كما تطرقت النقاشات إلى الإطار العربي المشترك للمؤهلات، الذي يهدف إلى توحيد معايير الاعتراف الأكاديمي بالمؤهلات بين الدول العربية.
واستعرضت الدول المشاركة تجاربها الرائدة في قطاع التعليم العالي، حيث تم التطرّق إلى مواضيع رئيسة مثل تطوير المناهج الأكاديمية لتلبية متطلبات سوق العمل المتغير، وتعزيز دور مؤسسات التعليم العالي في دعم الابتكار، وتحقيق الجودة والتميز في البحث العلمي بما يتماشى مع المعايير الدولية.
وقد أتاحت هذه العروض فرصة قيمة لتبادل الخبرات وأفضل الممارسات بين الدول الأعضاء، مما يدعم الجهود المشتركة لتعزيز التعليم العالي في الوطن العربي.
واعتمد الوزراء مشروعات إقليمية تهدف إلى تحسين البنية التحتية للبحث العلمي، وتطوير السياسات التعليمية بما يعزز دور التعليم العالي كمحرك للتنمية المستدامة.
كما تقرر عقد الدورة العشرين للمؤتمر في جمهورية العراق، مما يعكس التزام الدول الأعضاء بتوسيع أطر التعاون العربي في هذا المجال الحيوي.