هالة الخياط (أبوظبي)
تكتسب العلاقات بين الإمارات وسلطنة عُمان الشقيقة، خصوصية فريدة، وتعتبر مثالاً للعلاقات النموذجية الراسخة التي تستند إلى الأخوة المتجذرة والتاريخ المشترك، والتقارب الشعبي والمجتمعي، والإرادة السياسية المشتركة لقيادتي البلدين للارتقاء بالتعاون والتنسيق إلى أعلى المستويات.
وترتبط الإمارات وسلطنة عُمان الشقيقة بعلاقات تاريخية راسخة تقوم على أسس مشتركة تمتد لأكثر من 4 عقود، وتعتبر نموذجاً يحتذى به لما ينبغي أن تكون عليه العلاقات بين الأشقاء، سواء على الصعيد الثنائي أو في إطار مجلس التعاون لدول الخليج العربية، إذ تحظى هذه العلاقات بطبيعة خاصة واستثنائية تفرضها معطيات التاريخ المشترك والتقارب الشعبي والمجتمعي، وحرص قيادتي البلدين على تطوير وتعزيز التعاون المثمر لما فيه خير ومصلحة الشعبين الشقيقين. ويرتبط البلدان الشقيقان بعلاقات قوية على مختلف الأصعدة، كما يمثل تعميق هذه العلاقات أولوية مهمة لدى القيادة الرشيدة لدولة الإمارات.
تشارك دولة الإمارات اليوم الاثنين سلطنة عُمان الشقيقة احتفالاتها بيومها الوطني الـ 54، في تأكيد على متانة العلاقات الأخوية الراسخة بين البلدين التي شهدت خلال العقود الماضية نمواً سريعاً في ظل القيادة الحكيمة لصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، وصاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق بن تيمور آل سعيد، سلطان عُمان، لتصل إلى مستوى الشراكة الاستراتيجية في المجالات كافة، السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية.

ويأتي الاحتفال تحت شعار «عُمان منا، ونحن منهم»، حيث تشهد الإمارات مجموعة من الفعاليات والعروض المميزة احتفاءً بالذكرى الـ 54 للنهضة المباركة لسلطنة عُمان الشقيقة التي تصادف 18 نوفمبر من كل عام، وتتضمن الفعاليات إضاءة عدد من أبرز معالم الدولة العمرانية بالعلَم العُماني، واستقبال الزوار العُمانيين القادمين إلى الإمارات عبر المعابر الحدودية والمطارات بالورد والهدايا التذكارية، إلى جانب تنظيم فعاليات خاصة للاحتفال بالمناسبة في عدد من مراكز التسوق التجارية.
أخوة متجذرة
وتمتد العلاقات بين البلدين الشقيقين بجذورها إلى عمق التاريخ، ومرت خلال العقود الماضية بالعديد من المحطات البارزة، ومنها اللقاء التاريخي بين المغفور لهما الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، والسلطان قابوس بن سعيد «رحمهما الله» في عام 1968، والزيارة التي قام بها الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان «طيب الله ثراه»، إلى سلطنة عُمان في عام 1991 والتي شهدت تشكيل لجنة عليا مشتركة أسهمت في تعزيز التعاون والتنسيق بين الدولتين في مجالات الاقتصاد والتجارة والثقافة والتعليم والعمل والاتصالات والنقل، إلى جانب تعزيز فرص ومجالات الاستثمار المشترك.

زيارات متبادلة
ودخلت العلاقات الإماراتية العُمانية الراسخة والتاريخية مرحلة جديدة بعد زيارة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، لسلطنة عُمان الشقيقة في سبتمبر 2022، والتي شكلت محطة فارقة في علاقات البلدين، وشهدت توقيع نحو 16 اتفاقية ومذكرة تفاهم للتعاون المشترك في المجالات الاقتصادية والعلمية والثقافية والسياسية والأمنية.
وشكلت زيارة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق بن تيمور آل سعيد إلى دولة الإمارات ومباحثاته مع صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، في أبريل 2024، دفعة قوية للشراكة الاستراتيجية بين البلدين، حيث شهدت الزيارة توقيع اتفاقيات ومذكرات بين البلدين في مجالات حيوية شملت الاستثمار والطاقة المتجددة والاستدامة والسكك الحديدية والتكنولوجيا والتعليم.
وشهد أبريل الماضي الإعلان عن عدد من مذكرات التفاهم والاتفاقيات والشراكات الاستثمارية بين دولة الإمارات وسلطنة عُمان بقيمة 129 مليار درهم في مجالات عدة، حيث تضمنت الاتفاقيات مشاريع الطاقة المتجددة، والمعادن الخضراء، والاتصال بالسكك الحديدية، والاستثمارات في البنية التحتية الرقمية والتكنولوجيا.
ومن بين أبرز المشاريع التي تضمنتها مذكرات التفاهم والاتفاقيات الموقعة والشراكات الاستثمارية بين البلدين مشروع للصناعة والطاقة بقيمة 117 مليار درهم، واتفاقية مساهمين لإطلاق صندوق يركز على التكنولوجيا بين القابضة وجهاز الاستثمار العُماني بقيمة 660 مليون درهم. واتفاقية مشروع ربط السكك الحديدية بين سلطنة عُمان والإمارات بقيمة 11 مليار درهم، واتفاقية تعاون ثنائي استثماري تغطي قطاعات متعددة تشمل البنية التحتية الرقمية والأمن الغذائي والطاقة، واتفاقية شراكة بين شركة الاتحاد للقطارات وشركة مبادلة وشركة مجموعة أسياد العُمانية بقيمة استثمارية إجمالية تبلغ 3 مليارات درهم.

رؤية مشتركة 
ويحرص البلدان على التنسيق والتشاور المستمر حيال القضايا الثنائية والعربية والدولية، وتجمعهما رؤية مشتركة للسلام والاستقرار في المنطقة، ورغبة صادقة في تعزيز وحدة وتماسك البيت الخليجي والعربي عموماً.
وتمثل علاقات البلدين القوية أحد مرتكزات التنسيق والتكامل بين دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، وتعزيز مسيرة المجلس، ودعم العمل الخليجي والعربي المشترك، انطلاقاً من رؤية وأهداف البلدين وحرصهما على تعزيز وحدة وتماسك البيت الخليجي والعربي.
استثمارات 
تعتبر الإمارات أكبر مستثمر عربي وثالث أكبر مستثمر عالمي في سلطنة عُمان، وتساهم بأكثر من 8.2% من إجمالي رصيد الاستثمار الأجنبي المباشر في عُمان برصيد تراكمي 3.1 مليار دولار في 2022.
وتعد الإمارات أهم سوق تجاري والأولى عالمياً في التجارة السلعية لسلطنة عُمان في العام 2023، وتستحوذ على 26% من مجمل واردات عُمان من العالم، وهي أهم مصدر لاستقبال الصادرات العُمانية غير النفطية وإعادة التصدير عالمياً، حيث تستأثر الإمارات بنسبة تتجاوز 17% من إجمالي صادراتها غير النفطية وإعادة التصدير، كما تستحوذ الإمارات على 23% من التجارة الخارجية السلعية لسلطنة عُمان مع العالم.
التعاون الثقافي
تجسد العلاقات الثقافية ركيزة مهمة في علاقات دولة الإمارات وسلطنة عُمان، حيث يتقاسم البلدان موروثاً مشتركاً من التراث والعادات والتقاليد والفنون والآداب شكلت هوية ثقافية متجانسة لشعبيهما.
وتنعكس العادات والتقاليد المشتركة بين الشعبين على الكثير من المفردات في الشعر والنثر والقصة والموروث الشفهي والأمثال والمرويات الشعبية، إلى جانب ما يتصل بأساليب وطرائق الحياة بصفة عامة.

مذكرة
وقع البلدان في عام 2022 على مذكرة تفاهم نصت على أن يتبادل الطرفان الخبرات والمعلومات والخبراء في المجال الثقافي والشباب، خاصة ضمن قطاعات الفنون والمكتبات، بما يعزز من دور الحوار الثقافي واللقاءات الشبابية، وتبادل الزيارات بين المسؤولين عن قطاع الثقافة والشباب، والكُتَّاب والمفكرين والخبراء العاملين في مجال الشباب للتعاون في السياسات الشبابية والعمل الشبابي.
وتخدم مذكرة التفاهم واقع العمل في قطاع المكتبات، حيث ستعزز من مجالات التعاون وتبادل الكتب والمطبوعات التي تتناول ثقافة البلدين، كما تتيح المجال نحو تبادل زيارات مجموعات فنون الأداء، مثل: فنون السينما، والمسرح، والموسيقى، والفنون الشعبية، إلى جانب تبادل المشاركة في الأنشطة والفعاليات الثقافية والشبابية بين البلدين، وتسهيل الإجراءات المتعلقة بذلك.