هدى الطنيجي (أبوظبي)
تحتفي دولة الإمارات العربية المتحدة باليوم العالمي للسكري في 14 نوفمبر من كل عام، ويندرج الاحتفاء بالمناسبة ضمن جهود رفع الوعي حول المرض الذي يصيب مختلف شرائح المجتمع، وبيان أحدث الخطط الوقائية والعلاجية المتبعة، ومنها توظيف الذكاء الاصطناعي لتحسين فرص الوقاية، وتسليط الضوء على التحديات الصحية.
وقالت الدكتورة سريعة الرميثي، استشاري الغدد والسكري في مدينة الشيخ خليفة الطبية: الاحتفال باليوم العالمي للسكري فرصة لتسليط الضوء على هذا المرض، وأعراضه، وطرق الوقاية وأحدث الطرق العلاجية، ويعد مركز السكري في «خليفة الطبية» بأبوظبي مركزاً متكاملاً يقدم خدمات شاملة لمرضى السكري من مختلف الأعمار ومختلف أنواع السكري، ويسعى إلى تقديم رعاية متخصصة للأطفال والمراهقين المصابين، حيث يمثل السكري من النوع الأول النسبة الأكبر بين المرضى الأطفال والمراهقين، إضافة إلى حالات السكري من النوع الثاني والسكري الوليدي، وسكري التليف الكيسي.
وذكرت الدكتورة سريعة الرميثي أن رحلة المريض تبدأ بتقييم شامل، حيث يقيس الأطباء مؤشرات النمو ومستويات السكر في الدم، ونسبة HbA1c لتحديد احتياجات إدارة السكري، ثم يلتقي الطفل وعائلته فريق رعاية السكري، بما في ذلك مثقف صحي، يقدم توجيهات مخصصة حول نظام الأنسولين، سواء باستخدام الحقن أم مضخة الأنسولين، ومناقشة التحديات الأخيرة، ثم يقوم طبيب الغدد الصماء بمراجعة أنماط السكر لدى الطفل، وتحديث خطة الإدارة، وتقديم أدوات متقدمة مثل أجهزة المراقبة المستمرة للسكر (CGM) ومضخات الأنسولين حسب الحاجة، ما يتيح للأطفال مراقبة مستويات السكر في الدم في الوقت الفعلي، وضبط جرعات الأنسولين بدقة، هذا النهج يمكّن الأطفال وعائلاتهم من المعرفة والتكنولوجيا اللازمة لإدارة السكري بشكل فعال ومستقل. وقالت: «استخدام التكنولوجيا في إدارة مرض السكري يعزز جودة حياة المرضى بشكل ملحوظ، حيث تشير الدراسات إلى أن الأدوات مثل أجهزة المراقبة المستمرة للجلوكوز (CGM) ومضخات الأنسولين الذكية تعمل على تحسين التحكم في مستويات السكر في الدم، وتقليل نوبات انخفاض السكر الحاد بنسبة تصل إلى 40%، وفقاً لأبحاث متعددة، وتُظهر الأبحاث أن الذكاء الاصطناعي يمكن أن يتوقع التقلبات في مستويات الجلوكوز بشكل دقيق، ما يتيح اتخاذ إجراءات وقائية».
وأضافت: «التكنولوجيا تساعد المرضى في مجالات رئيسة عدة، منها: أجهزة مراقبة السكر المستمرة (CGM): حيث يحرص مركز السكري على تمكين المرضى من خلال التكنولوجيا، التي تساعد في توفير قياس مستمر لمستوى السكر كل بضع دقائق، وإرسال التنبيهات عند وجود خلل في مستويات السكر، ما يتيح تعديل الجرعات أو تناول الطعام عند الحاجة، ما يوفر راحة واستقلالية أكبر للمرضى».
وأشارت الدكتورة سريعة الرميثي إلى أن من أمثلة الأجهزة التكنولوجية التي تدعم مريض السكري، مضخات الإنسولين الذكية التي تُمكّن من التحكم بجرعات الإنسولين بمرونة، حيث يمكن برمجتها لضبط الجرعات، حسب الحاجة اليومية، ما يساعد على استقرار مستويات السكر، ويقلل من الحاجة للحقن اليدوية، وكذلك آليات الذكاء الاصطناعي والتحليل التنبئي، حيث تُستخدم الخوارزميات الحديثة لتحليل البيانات الصحية للمريض، وتوقع حالات الهبوط أو الارتفاع في مستوى السكر قبل حدوثها، هذا ويمكن المرضى من اتخاذ خطوات وقائية، ويقلل من التوتر المرتبط بمراقبة السكر وتوظف مضخات الأنسولين المتقدمة، مثل Medtronic 780، تقنيات الذكاء الاصطناعي للتنبؤ بمستويات السكر، والتعامل مع انخفاضها باستخدام خوارزمية ذكية، حيث تقلل المضخة، أو توقف توصيل الأنسولين عند توقع انخفاض مستويات السكر في الدم.
مصدر الطاقة
قالت الدكتورة راشمي كوشال، استشارية السكري والغدد الصماء في مدينة برجيل الطبية بأبوظبي: «إن مرض السكري يحدث عندما يكون مستوى الجلوكوز في الدم، والذي يسمى أيضاً سكر الدم، مرتفعاً جداً وجلوكوز الدم هو المصدر الرئيس للطاقة، ويأتي من الطعام الذي نتناوله، والأنسولين هو هرمون يفرزه البنكرياس، يساعد الجلوكوز من الطعام في الوصول إلى الخلايا لاستخدامه في الطاقة، وفي بعض الأحيان لا ينتج الجسم ما يكفي من الأنسولين - أو لا ينتج أي أنسولين، أولا يستخدم الأنسولين جيداً، ومن ثم يبقى الجلوكوز في الدم، ولا يصل إلى الخلايا، وبمرور الوقت، يمكن أن يؤدي وجود الكثير من الجلوكوز في الدم إلى مشاكل صحية، على الرغم من عدم وجود علاج لمرض السكري، يمكن اتخاذ خطوات للتحكم فيه.
وذكرت أن أكثر أنواع مرض السكري شيوعاً هي النوع الأول، والنوع الثاني، وسكري الحمل، والسكري النوع الأول، يعني إن الجسم لا ينتج الأنسولين، ويهاجم الجهاز المناعي الخلايا التي تصنع الأنسولين في البنكرياس، ويدمرها وعادة ما يتم تشخيص مرض السكري من النوع الأول عند الأطفال والشباب، على الرغم من أنه يمكن أن يظهر في أي عمر، ويحتاج الأشخاص المصابون إلى تناول الأنسولين يومياً للبقاء على قيد الحياة، أما المصاب بالسكري من النوع الثاني، فإن جسمه لا يصنع الأنسولين أو يستخدمه جيداً، ويمكن أن يصاب الشخص بداء السكري من النوع الثاني في أي عمر، حتى أثناء الطفولة ومع ذلك، فإن هذا النوع يحدث غالباً في منتصف العمر وكبار السن، ويعد من أكثر أنواع مرض السكري شيوعاً، بينما يتطور سكري الحمل لدى بعض النساء أثناء الحمل في معظم الأحيان، ويختفي بعد ولادة الطفل ومع ذلك، إذا كانت السيدة مصابة بسكري الحمل، فستكون لديها فرصة أكبر للإصابة بداء السكري من النوع الثاني لاحقاً، وفي بعض الأحيان يكون مرض السكري، الذي يتم تشخيصه أثناء الحمل، من النوع الثاني.
المشاكل الصحية
تحدثت الدكتورة راشمي كوشال عن المشاكل الصحية التي يمكن أن يصاب بها مرضى السكري، حيث مع مرور الوقت، حيث يؤدي ارتفاع نسبة السكر في الدم إلى مشاكل مثل، أمراض القلب، والسكتة الدماغية، وأمراض الكلى ومشكلات في العين، وغيرها، وتشمل أعراض مرض السكري زيادة العطش والتبول، وزيادة الجوع، والشعور بالتعب وغيرها، ويمكن أن تبدأ أعراض مرض السكري من النوع الأول بسرعة في غضون أسابيع، غالباً ما تتطور أعراض السكري من النوع الثاني ببطء على مدار سنوات عدة، ويمكن أن تكون خفيفة جداً لدرجة عدم ملاحظتها، وكثير من المصابين لا يعانون أعراضاً، ولا يكتشف بعضهم أنهم مصابون حتى يعانوا من مشاكل صحية مرتبطة به.
وأشارت إلى أن داء السكري من النوع الأول يحدث عندما يهاجم جهاز المناعة، وهو جهاز الجسم لمكافحة العدوى، خلايا بيتا المنتجة للأنسولين في البنكرياس ويدمرها، ويعتقد العلماء أن مرض السكري من النوع الأول ناتج عن الجينات والعوامل البيئية، مثل الفيروسات، التي قد تؤدي إلى المرض، أما داء السكري من النوع الثاني (الشكل الأكثر شيوعاً لمرض السكري) فينتج عن عوامل عدة، بما في ذلك عوامل نمط الحياة والجينات.