أبوظبي (الاتحاد)
قال معالي سهيل بن محمد المزروعي، وزير الطاقة والبنية التحتية: «إن رؤيتنا المستقبلية تستهدف تطوير شبكة الطرق وتحويلها إلى شرايين حيوية داعمة للاقتصاد الوطني، وذلك كجزء من الجهود الحكومية المستمرة لتعزيز كفاءة البنية التحتية، ورفع مستوى جودة الحياة، بما يواكب النمو الاقتصادي وتعزيز مكانة الدولة كمركز إقليمي وعالمي للنقل والخدمات اللوجستية».جاء ذلك خلال مشاركة معاليه في جلسة رئيسية حول «الازدحامات المرورية»، ضمن فعاليات الاجتماعات السنوية لحكومة دولة الإمارات 2024، التي جرت خلالها مناقشة الحلول العملية والمستدامة لتخفيف الازدحامات المرورية على الطرق الحيوية وتحسين تجربة التنقل في الدولة. وأكد معاليه أن معالجة الازدحامات المرورية ستسهم في تحسين جودة الحياة، ورفع معدلات السعادة والرضا بين أفراد المجتمع، وأن تحسين كفاءة شبكة النقل يعزز من تنافسية الإمارات على الصعيد الدولي، ويسهم في تحقيق أهداف التنمية المستدامة، ودعم النمو الاقتصادي، عبر تقديم خدمات لوجستية متكاملة تلبي احتياجات المستقبل.
وحدد معاليه أبرز مسببات الازدحام المروري في الدولة مشيراً إلى أنها تتمحور حول النمو الكبير في تملك المركبات، وأن أحد أبرز مسببات الازدحام المروري في الإمارات، اعتماد الأفراد على المركبات الخاصة، وتقارب أوقات العمل في الجهات الحكومية والخاصة والمدارس، وأضاف معاليه: «للتعامل مع النمو الاقتصادي المتسارع بالتوازي مع انسيابية الطرق وجودة الحياة، يمكن اتباع نهج استراتيجي متكامل، وتطوير البنى التحتية، وتعزيز الكفاءة في النقل والأداء اللوجستي، إضافة إلى استحداث تشريعات وسياسات تعزز هذه التوجهات، والاستثمار في النقل العام وتعزيزه، وتشجيع التنمية المتوازنة، وتوزيع الأنشطة الاقتصادية، وكذلك التشجيع على أنماط التنقل البديلة والمستدامة، ورفع مستوى التنسيق بين الجهات المعنية في الدولة».
وأوضح معاليه أنه تم تحديد سلسلة من الخطط والآليات التي تهدف إلى معالجة تحديات الكثافة المرورية، إضافة إلى تطوير دراسات بشأن النقل الجماعي، تشمل تخصيص مسارات للحافلات، وتعزيز البدائل الأخرى من النقل البري والبحري، وكذلك مراجعة السياسات المنظمة للنقل الاتحادي، وتتضمن توحيد السرعات على الطرق، وأوقات حظر الشاحنات.
اقتصاد قوي
من جانبه، أكد معالي مطر الطاير، المفوض العام لمسار البنية التحتية والتخطيط العمراني وجودة الحياة، المدير العام ورئيس مجلس المديرين في هيئة الطرق والمواصلات في دبي، أن الازدحامات والكثافة المرورية سمة المدن التي تتمتع باقتصاد قوي ومزدهر ومؤشر للنمو العمراني وازدهار القطاع العقاري، وأن هذا الملف يتصدر أجندة أعمال حكومة دولة الإمارات، لابتكار حلول لمعالجتها، لتسهيل حركة تنقل السكان والزوار، وتحقيق السعادة واستدامة جودة حياة الناس، مؤكداً أن تطوير البنية التحتية للطرق والنقل، يحظى بدعم القيادة الرشيدة، انطلاقاً من قناعتها الراسخة بأن الاستثمار في البنية التحتية يعد المحرك الرئيس للاقتصاد ودعم الازدهار، حيث بلغت القيمة الإجمالية لإنفاق حكومة دبي على القطاع أكثر من 150 مليار درهم خلال 18 سنة.
الكثافة المرورية
لخص معاليه أسباب الكثافة المرورية التي تشهدها الطرق، في النمو الكبير في أعداد السكان، حيث يصل عدد السكان في دبي خلال ساعات النهار إلى 5 ملايين نسمة، وزيادة عدد السياح الذين بلغ عددهم العام الماضي 17 مليون سائح، وكذلك زيادة عدد المركبات في دبي، التي تصل خلال فترة النهار إلى 3.5 مليون مركبة، حيث بلغت نسبة الزيادة في عدد المركبات المسجلة بدبي في العامين الماضيين 10%، مقارنة بنسبة 2% إلى 4% عالمياً، والعامل المهم أيضاً غياب ثقافة ساعة الذروة لدى الجمهور، والتخطيط المسبق لرحلاتهم، وهو ما يتسبب في ارتفاع كثافة المركبات على المحاور الرئيسة. ومن الأسباب أيضاً اختلاف سلوكيات السائقين على الطريق، نتيجة للتنوع الكبير في ثقافة السكان، حيث تحتضن دبي قرابة 200 جنسية، موضحاً أنه على الرغم من النمو الكبير في الأحجام المرورية، إلا أن دبي حققت نتائج متميزة في معدل زمن الرحلة، وفقاً لمؤشر «توم توم العالمي» عام 2023، بلغ 12 دقيقة و50 ثانية، لقطع مسافة 10 كم، في منطقة الأعمال المركزية، في حين بلغت 16 دقيقة و50 ثانية في سنغافورة، و19 دقيقة في مونتريال، و21 دقيقة في سيدني، و36 دقيقة في لندن.
الحلول المستدامة
أكد معالي مطر الطاير أن حل تحدي الازدحامات المرورية، يتطلب التركيز على الحلول المستدامة، وأهمها تطبيق السياسات على المستويين المحلي والاتحادي، التي تسهم في تعزيز انسيابية الحركة المرورية، بنسبة تتراوح بين 20 و30%، ومن أهم هذه السياسات: التوسع في تطبيق سياسة الدوام المرن والعمل عن بُعد، وتطوير سياسات وإجراءات النقل المدرسي، التي تسهم في خفض الازدحامات حول مناطق تجمع المدارس صباحاً بنسبة 13%، والتوسع في المسارات المخصصة للحافلات ومركبات الأجرة، التي تسهم في تحسين زمن رحلات النقل الجماعي بنسبة تتراوح بين 24% و59%، إلى جانب تطبيق سياسات اتحادية تتعلق بتنظيم ترخيص المركبات والسائقين، وكذلك تنسيق الجهود على المستوى الاتحادي بشأن تنفيذ مشاريع الطرق الرئيسة، وتحقيق التكامل في خدمات المواصلات بين الإمارات، والتنسيق بشأن تخطيط استعمالات الأراضي وإدارة الطلب على مشاريع الطرق وخدمات البنية التحتية، وتنسيق الجهود بشأن برامج التوعية الشاملة لمستخدمي الطرق ووسائل التنقل الجماعي.
التخطيط الحضري
أوضح معاليه أن التخطيط الحضري يعد من أكثر الآليات فعالية في معالجة تحديات الحركة المرورية، وذلك لشموليته وتغطيته مختلف محاور التنمية، حيث تركز خطة دبي الحضرية 2040، على تحقيق التنمية حول خمسة مراكز حضرية رئيسة، وتخطيط المناطق الجديدة، لتطبيق مبدأ مدينة ال20 دقيقة، وزيادة الكثافات السكانية في محيط 800 متر حول محطات وسائل النقل الجماعي، وتطوير منظومة النقل الجماعي، حيث تعتزم الهيئة تنفيذ الخط الأزرق لمترو دبي، الذي يخدم تسع مناطق حيوية يقدر عدد سكانها بنحو مليون نسمة في 2040، وسيسهم في خفض الازدحام في تلك المناطق بنسبة 20%، وتطوير شبكة حافلات المواصلات العامة، التي سترتفع من 2044 كيلومتراً حالياً، إلى 3822 كيلومتراً عام 2030، وتشغيل التاكسي الجوي.
التوازن والتكامل
قال معالي مطر الطاير: «تبنت هيئة الطرق والمواصلات، منذ تأسيسها نموذجاً يقوم على التوازن والتكامل بين شبكات الطرق وأنظمة النقل الجماعي وسياسات النقل وأنظمة النقل الذكية، وساهم هذا النموذج المتوازن في ارتفاع نسبة الرحلات بوسائل النقل الجماعي والمشترك في دبي من 6% عام 2006 إلى 22% عام 2023»، مشيراً إلى أن خطة عمل الهيئة لعام 2030، ترتكز على أربعة محاور رئيسة، هي: تنفيذ 39 مشروع طرق استراتيجياً، ومحور سياسات النقل، ومحور المواصلات العامة، ومحور الأنظمة المرورية الذكية.
وأضاف: «تعزيزاً للكفاءة التشغيلية لمنظومة الطرق والنقل الجماعي وتقليل العبء الإداري على الجهاز الحكومي، دعمت حكومة دبي التحول التجاري لخدمات البنية التحتية والنقل، حيث جرى تأسيس أربع شركات، هي: سالك، دبي تاكسي، باركن، مدى ميديا، وبلغت قيمتها السوقية الإجمالية 61 مليار درهم».