إبراهيم سليم - إيهاب الرفاعي (أبوظبي)
يحظى قطاع زراعة النخيل في الدولة، باهتمام متزايد من الجهات المعنية كافة، لترسيخ المكانة التاريخية لشجرة النخيل، والمحافظة عليها لما لها من دور كبير في تحقيق التنمية الزراعية، وتعزيز منظومة الأمن الغذائي.
شجرة النخيل ارتبطت منذ القدم بالآباء والأجداد، وكانت معهم في كل أوقاتهم ومع النهضة العمرانية الشاملة، حيث ظلت النخلة الغذاء ومصدراً للدخل والرزق، ومنها تم استخراج أكثر من 100 منتج غذائي متنوع، يلبي احتياجات مختلف شرائح المجتمع، كما تنوعت وسائل وأساليب الاهتمام بزراعة النخيل لتحقق أقصى إنتاج وبأعلى جودة.
وشهدت الإمارات تقدماً ملحوظاً في زراعة النخيل وإنتاج التمور خلال السنوات الماضية، سواء من حيث الكميات المنتجة أو تنوعها وجودتها؛ وذلك بفضل الاعتماد على التقنيات الزراعية الحديثة، كما أسهمت المهرجانات العديدة المرتبطة بزراعة النخيل في إعادة المزارعين إلى مزارعهم من جديد، والاهتمام بإنتاج وزراعة النخيل، وذلك بعدما أصبحت مصدراً للدخل لا يستهان به، وتم فتح قنوات تسويقية جديدة في داخل الدولة وخارجها.
وابتكر منتجو التمور الإماراتية العديد من المنتجات والمشتقات غير المألوفة من التمر، والتي شهدت، إقبالاً كبيراً، وبلغ عدد المنتجات الغذائية المتنوعة، التي تم اشتقاقها من التمور على مدى مراحل نموها أكثر من 100 صنف مختلف.

وأكد محمد سهيل المزروعي، رئيس مجلس إدارة مصنع تمور ليوا، أن المنتجات المشتقة من النخيل والتمر، لا تتوقف كون شجرة النخيل المباركة كنزاً لا ينضب أبداً، وستظل تعطي كل يوم الكثير والكثير لأصحاب المزارع، سواء كانت منتجات مباشرة، مثل: التمر والرطب أو مستخلصات شجر النخيل، التي يمكن استخدامها في صناعة الديكور والأثاث.
وأوضح أن السنوات الماضية، شهدت تنوعاً في المنتجات التي تم استخلاصها من التمر، على مدى مراحل نموها، من النبت والخلال والبثر والرطب، وصولاً للتمر، وتنوعت المشتقات الغذائية من التمر ما بين الحلو والحامض، وما بين الأكل والشراب، ورغم ثبات المنتج، وهو التمر إلا أن المخرجات التي تم استخلاصها كانت عديدة ومتنوعة. 
وتشمل المنتجات، مخلل الرطب، وعصيراً رطباً طازجاً، ومثلجات رطب وتمر، وسكر التمر، وقهوة نواة التمر، وكرانشلي، وجعاب التمر، وسناكات، وخل التمر، وأشار التمر، وصلصة التمر المدخنة، وكاتشب التمر، ودبس التمر، ومسحوق التمر، وبودرة تمر المجفف، وطحينية التمر، وأملو التمر، وحلوى التمر، وتموراً قابلة للدهن، وصلصات التمر، وبودرة لقاح النخيل، وأنواعاً متعددة من معمول التمر، وغيرها من المنتجات المبتكرة مرتبطة بالرطب والتمر.
ويحرص أصحاب مصانع التمور على الاهتمام بالمنتجات المستخرجة من التمور، وأن يستعرضوا دائماً منتجات محلية الصنع، مرتبطة بالرطب والتمور، لتجذب متعاملين جدداً، وجعل الرطب والتمور مرغوبة من مختلف الفئات العمرية من الكبار والصغار.
المهرجانات
وتعكس المهرجانات المختلفة المرتبطة بالنخيل والتمر والرطب، والتي تشهدها مناطق عديدة في الدولة اهتمام القيادة الرشيدة، بإنتاج التمور وتجويد إنتاجه، مما شجع الكثير من أصحاب المزارع على العودة مرة أخرى لزراعة النخيل والاهتمام بها، بعد أن أصبحت مورداً اقتصادياً كبيراً لهم ويحقق دخلاً متميزاً.
وعلى مدى السنوات الماضية، أسهمت المهرجانات، وأبرزها مهرجان ليوا للرطب، ومزاد ليوا للتمور، ومهرجان الذيد للرطب وغيرها إلى تبادل الخبرات الفنية بين المزارعين، لزراعة أفضل وأجود أنواع النخيل والفواكه.
ويُقام مهرجان ليوا للرطب في مدينة ليوا بمنطقة الظفرة في أبوظبي، وهي فعالية سنوية تعرف منتجي التمور بالممارسات الزراعية الحديثة، ويسهل تبادل الخبرات حول أفضل الطرق لإنتاج أعلى جودة للتمور.
ويقبل ملاك مزارع ومنتجو رطب النخيل من كل حدب وصوب على هذه المهرجانات، للتنافس في عرض أجود أنواع وأصناف رطب النخيل، ولا يقتصر المهرجان في مضمونه على عرض أجود أنواع الرطب فحسب، بل يتعداه ليشمل بيع وشراء منتجات سعف النخيل ذات الاستخدامات المتعددة، التي تخدم البيئة المحلية في المنطقة.
ونجحت المهرجانات في جذب، أصحاب المصانع والشركات والمؤسسات الاستثمارية من الجهات الحكومية والخاصة ذات العلاقة بالزراعة عموماً، وشجرة النخيل ومنتجاتها خصوصاً، حيث تسهم هذه الجهات في تعزيز منظومة الأمن الغذائي: من خلال تقديم حلول زراعية مبتكرة، ودعم الزراعة المستدامة ونشر ثقافة الزراعة في المجتمع، والتوعية بأهمية الزراعة الحديثة، والعناية بالمزارع وكذلك إبراز التراث الإماراتي من خلال دعم المنتجات والصناعات المحلية، وتسليط الضوء على أهمية النخيل في الثقافة الإماراتية.

الارتقاء بالإنتاج 
أكد عدد من أصحاب المزارع والمتخصصين في زراعة النخيل، أن المردود الاقتصادي لزراعة النخيل كبير جداً، إذا ما تم الاهتمام به بشكل صحيح وسليم، وهو ما تسعى الدولة إليه من خلال المهرجانات المتعددة التي تشهدها الدولة، ومنها مهرجان ليوا للرطب، وهذا الاهتمام انعكس على مستوى الإنتاج كماً وكيفاً. وأوضح راشد المرر، (أحد المهتمين بزراعة النخيل، والفائز بالمراكز الأولى في مهرجان ليوا للرطب)، أن زراعة النخيل والتمور ارتفعت خلال السنوات الخمس الماضية بنسبة تجاوزت 80%، سواء من حيث الكميات المنتجة أو تنوعها أو جودتها، وهو ما كشفت عنه المشاركات والمنافسات القوية في مهرجان ليوا للرطب؛ وذلك بفضل المهرجانات والاهتمام الحكومي الذي أسهم في تشجيع المزارع، وتعريفه بأحدث الابتكارات الزراعية، التي يمكن استخدامها في زراعة النخيل، وكذلك فتح قنوات تسويقية جديدة، أمام المزارع ليتمكن من تحقيق مردود اقتصادي منها.

وأضاف محمد زايد المزروعي، «أحد أصحاب مزارع النخيل»، أن زراعة النخيل والاهتمام بها جزء لا يتجزأ من شخصية الخليجي منذ القدم، حيث كانت التمرة والحليب هما الغذاء الرئيس له.
وتابع قائلاً: إن الحكومة الرشيدة تحرص على تنظيم العديد من المهرجانات المخصصة للرطب والنخلة، وتبذل جهوداً متواصلة في توعية المزارع بأساليب الزراعة والإنتاج الحديثة لتوفير أجود أنواع الرطب بمذاق رائع وجودة عالمية، كما اهتمت بتشجيع المواطن، من خلال فتح قنوات تسويقية لتصريف منتجات التمور المختلفة، ومنها مهرجان ليوا للرطب.
وأشار محمد المنصوري (مزارع)، إلى أن الإنتاج المحلي الإماراتي من التمور قادر على المنافسة عالمياً، وتحقيق مردود اقتصادي كبير للمزارع والدولة، مما يجعل وجود برامج وخطط تسويقية أمراً ضرورياً لاكتمال عملية الزراعة، وضمان مردود اقتصادي كبير لأصحاب المزارع خاصة، وأن مزارع الدولة تزخر بأجود أنواع التمور العالمية، ولها سمعة كبيرة في مختلف دول العالم، لذلك يجب استثمار هذا النجاح وتطوير هذا القطاع بما يضمن تحقيق مردود اقتصادي قوي من إنتاج التمور.

جوائز ذاتية
نظراً لما تمثله النخلة من أهمية كبرى لدى أصحاب المزارع في مختلف مناطق الدولة، وخاصة في منطقة الظفرة، أطلق المزارع راشد المرر في مزارع ليوا جائزة «البشارة» بالجهود الذاتية، بهدف زيادة الاهتمام بالنخيل وابتكار أساليب ووسائل جديدة تسهم في سرعة نضج التمور واستقبال التباشير منها، ونجح بالفعل في زراعة أنواع من الرطب لم تكن تنضج في ذلك الوقت داخل مزارع ليوا. وبين راشد المرر، أن فكرة إطلاق شارة للبشارة لأول مرة في منطقة الظفرة، جاءت بهدف تشجيع المزارعين، وترجمة التنافس بينهم إلى خطط عمل وإنتاج منظم يصب في صالح النخلة والمزارع معاً، مما ينعكس على مستوى الإنتاج وجودته من الرطب التي تنضج قبل موعدها المعتاد. وأضاف: إن جائزة شارة البشارة تشمل 4 فئات مختلفة، وهي الفئات الأشهر بين الرطب وتضم فئة الخلاص والخنيزي والنغال والفئة المفتوحة، وهي الفئة التي تضم أي صنف آخر بخلاف الأصناف السابقة، وتم رصد دروع وجوائز مادية للفائزين من المزارعين الذين يمكنهم استقبال بشائر الرطب في تلك الأصناف قبل غيرهم وفق آليات وشروط محددة تم وضعها.