طه حسيب (أبوظبي)

رحب سعيد الصوافي، رئيس اللجنة المنظمة للمنتدى، بالمتحدثين في الجلسة الثالثة من منتدى الاتحاد التاسع عشر، وقال في مستهل إدارته للجلسة: «اخترنا أن يكون الذكاء الاصطناعي محور البحث والتحليل، وليواكب الخطوات الاستثنائية التي اتخذتها الإمارات في هذا المجال». 
وتحت عنوان «الذكاء الاصطناعي.. محور تميز في مسيرة الإمارات التنموية»، شارك الدكتور محمد الكويتي، رئيس مجلس الأمن السيبراني لحكومة دولة الإمارات، في الجلسة الثالثة التي سلطت الضوء على الذكاء الاصطناعي كأداة لتسريع النمو الاقتصادي.
وأكد الكويتي أن الذكاء الاصطناعي اليوم هو المحرك الرئيسي لكل القطاعات السياسية والاجتماعية والاقتصادية، واعتبر الطفرة التقنية ثورة صناعية تطال جميع المواقع في العالم، وأشار إلى الخطوات الاستباقية التي اتخذتها الدول في هذا المجال، خاصة أن لدينا وزيراً للذكاء الاصطناعي.
وأضاف الكويتي أنه قبل أيام شاركت الإمارات في اجتماعات بشأن حوكمة الذكاء الاصطناعي.
ولفت الكويتي الانتباه إلى أنه في مجال الأمن السيبراني، نواجه تحديات تتمثل في أثر الذكاء الاصطناعي في عمليات التزييف العميق، وفي الوقت نفسه، يطرح الذكاء الاصطناعي فرصاً استثمارية، فمن خلال معرض «جيتكس»، لاحظنا مشاركة 200 شركة إماراتية في مجال الذكاء الاصطناعي.
وتطرق الكويتي إلى القدرات الهائلة التي يطرحها الذكاء الاصطناعي في مجال الصحة، وأيضاً في مجال الكشف المبكر عن الهجمات السيبرانية. 
وقال الكويتي إن الذكاء الاصطناعي يعزز الاقتصاد في مجال التعليم، والآن أصبحت جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي من أهم 10 جامعات في العالم في مجال الذكاء الاصطناعي.
تحت عنوان «الذكاء الاصطناعي أداة لتسريع النمو الاقتصادي»، سلطت فعاليات الجلسة الثالثة من المنتدى، الضوء على الذكاء الاصطناعي كمحرك لتطوير التعليم وسوق العمل، وطرح الدكتور أحمد سلطان الشعيبي، المدير التنفيذي لقطاع التعليم العالي في دائرة التعليم المعرفة - أبوظبي، «عندما نستشرف المستقبل»، مداخلة أكد خلالها أهمية التعاون بين المؤسسات التعليمية والجهات المتخصصة في الذكاء الاصطناعي في إطار مبادرات تدريبية في مجال الذكاء الاصطناعي التوليدي.

تطوير التعليم
أكد الشعيبي أن الذكاء الاصطناعي يشكل أحد العوامل التحولية في نظم التعليم الحديثة لما يقدمه من مفاهيم جديدة كالتعليم المخصص والتعليم المستمر، حيث تصب جميع هذه المفاهيم في التركيز على الاحتياجات الفردية لكل طالب وفرد بما يتناسب مع اهتماماتهم، ويدعم قدراتهم ومهاراتهم الأكاديمية، وبالنتيجة مستقبلهم المهني والشخصي.
وأضاف الشعيبي أن الذكاء الاصطناعي أصبح عاملاً حيوياً لتفعيل هذه المفاهيم، لكونه يتيح تحليل كميات ضخمة من البيانات للحصول على رؤى مفصلة، إلى جانب تحليل توجهات سوق العمل، وتوفير تجربة تفاعلية تيسر الوصول إلى مختلف المعلومات والموارد.
وقال الشعيبي: «نحرص في دائرة التعليم والمعرفة على تعزيز منظومة تعليمية رفيعة المستوى، بما يضمن جودة الخدمات التعليمية وتحسين مخرجاتها، وذلك في إطار رؤيتنا لإعداد خريجين يمتلكون المهارات المطلوبة للنجاح في سوق العمل، ومتمكنين من لغة العصر وأدوات التكنولوجيا الحديثة، وهذا ما يجعل الذكاء الاصطناعي في صلب تركيزنا. وواجبنا إعداد الشباب بالمهارات والرؤى والأدوات اللازمة لتوظيف استخدامات الذكاء الاصطناعي، بما يمكنهم من التنافس على الساحة العالمية».

ثمرة التعاون الأكاديمي
وأشار الشعيبي إلى ضرورة التعاون مع مؤسسات مرموقة تشاركنا ذات الرؤية لنضمن حصول الشباب الإماراتي على أفضل الفرص التعليمية والتدريبية في مجال الذكاء الاصطناعي، حيث أطلقنا برامج صيفية متخصصة بالذكاء الاصطناعي للطلبة في إمارة أبوظبي، وتشمل مبادرة تدريبية بالتعاون مع مدرسة 42 أبوظبي، وهو ما تحقق عبر آفاق الذكاء الاصطناعي التوليدي، وهندسة الأوامر، والتقنيات المتقدمة، بما فيها تعديل النماذج اللغوية لتعزيز جودة النتائج ودقتها، إلى جانب تقديم برنامج بالشراكة مع جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي لتزويد الطلبة رؤى حول الاستخدامات المتنوعة للذكاء الاصطناعي، بما يشمل إنتاج الأفلام والذكاء الاصطناعي المسؤول ومشاريع بحثية في مجال الاستدامة.
وأكد الشعيبي أن هذه المبادرات والبرامج لاقت إقبالاً استثنائياً، ونجحنا باستقطاب أكثر من 2000 طالب من المدارس الحكومية والخاصة ومدارس الشراكات التعليمية، في إشارة واضحة على حماس الطلبة واهتمامهم في هذه المجالات الجديدة.
وقال الشعيبي: «سنعمل مستقبلاً على تطوير هذه الشراكات والبرامج للوصول إلى أكبر عدد ممكن من الطلبة، وتقديم خيارات متنوعة تناسب مختلف المهارات والتفضيلات التعليمية».

الأولمبياد الدولي للذكاء الاصطناعي
وأضاف الشعيبي خلال مداخلته في الجلسة الثالثة: «عملنا بالتعاون مع جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي لإعداد 4 طلاب إماراتيين للمشاركة في الدورة الأولى من الأولمبياد الدولي للذكاء الاصطناعي، وأحرزوا الميدالية الفضية بعد منافسة استثنائية في جولات نظرية وعملية مع 200 طالب وطالبة من 6 قارات. ويعكس هذا الإنجاز المشرف قدرات الشباب الإماراتي في مجالات العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات والذكاء الاصطناعي، ما يملؤنا تفاؤلاً بتحقيق تأثير ملموس وبعيد المدى».
واختتم الشعيبي مداخلته قائلاً: «عندما نستشرف المستقبل، نجد أن الاستثمار في الذكاء الاصطناعي لم يعد خياراً، بل أصبح ضرورة لردم الفجوة بين مناهج المدارس والجامعات، وإعداد الطلبة لمتابعة رحلتهم الأكاديمية بما يضمن امتلاكهم للمهارات المطلوبة لسوق العمل، خاصةً في التخصصات التي تنسجم مع سياسات الدولة وتوجهاتها». 
وتحت عنوان «الذكاء الاصطناعي .. والاستثمار في البيانات»، أشار سلطان الربيعي، رئيس معهد التدريب في مركز تريندز، في مداخلته بالجلسة الثالثة، إلى تجربة تريندز في توظيف الذكاء الاصطناعي، حيث أُنْشِئ قسم في إدارة البحث مختص في كتابة مواضيع عن الذكاء الاصطناعي، في هذا القسم تم نشر أكثر من 10 أوراق بحثية عن مواضيع الذكاء الاصطناعي في أكثر من مجال، منها الصحي والاجتماعي والاقتصادي، والهدف هو توعية المجتمع عن استخداماته.
وأضاف الربيعي: «نشر المركز كتاباً من 9 فصول تحت عنوان (Global Trends in AI)، ويتناول تداخلات الذكاء الاصطناعي في شتى المجالات وتطبيقاته وعقباته.
وحالياً يتم التركيز على الـ Deep Fake وتوعية الناس عن كيفية رصد هذه الفيديوهات المغلوطة والحذر منها.
وأيضاً يتم حالياً العمل مع شركة متخصصة في تحليل البيانات لتفصيل محرك بحث خاص بحيث يمكن استخراج البيانات بشكل أسرع وأكثر سلاسة من مصادر بحثية موثوقة لتسهيل عملية البحث عن المعلومات من الباحثين وتحسين جودة البحث».
وأكد الربيعي أن مراكز البحوث تستفيد من تطبيقات الذكاء الاصطناعي عبر الاستثمار في البيانات بطرق بسيطة وفعّالة، مثل:
* تحليل البيانات الضخمة: الذكاء الاصطناعي يساعد في تحليل كميات كبيرة من البيانات بسرعة، ويعطي نتائج أدق. مثلاً، مراكز الأبحاث الطبية تستطيع استخدامه لاكتشاف حلول لأمراض معنية.
* التنبؤ بالأسواق، الذكاء الاصطناعي يستطيع أن يتوقع حركة الأسواق واتجاهات المستهلكين، وهذا يساعد الشركات في اتخاذ قرارات استثمارية أفضل.
واستنتج الربيعي أن الذكاء الاصطناعي يستطيع أن يرفع كفاءة العمل البحثي، ويزيد الفائدة المستخلصة منه، سواء في تطوير حلول جديدة أو تحسين العمليات.

استنتاجات الختام
- الإمارات قطعت خطوة ريادية في الذكاء الاصطناعي من خلال استراتيجيات ومبادرات ومؤسسات علمية واستثمارات.
- لا بد من الاعتماد على ذكاء اصطناعي مسؤول يراعي الخصوصية والأبعاد الأخلاقية ولا يقع في فخ التحيز.
- الذكاء الاصطناعي فرصة كبيرة للنمو والتنمية ويفتح آفاقاً كبرى للتنمية المستدامة.
- الإمارات استثمرت في تفوقها الرقمي وأصبحت حاضنة للابتكار وقادرة على الاستفادة القصوى من تقنيات الذكاء الاصطناعي.

اقرأ أيضاً:
الجلسة الأولى: الإمارات.. ريادة عالمية في الذكاء الاصطناعي
الجلسة الثانية: الذكاء الاصطناعي التوليدي.. فرص ومخاطر