طه حسيب (أبوظبي)

تحت عنوان «الذكاء الاصطناعي.. قاطرة التنمية المستدامة»، تنطلق اليوم فعاليات «منتدى الاتحاد التاسع عشر» الذي ينعقد بمناسبة الذكرى الخامسة والخمسين لصدور صحيفة «الاتحاد» التي تهدف من خلال تنظيم المنتدى إلى تقديم إطلالة معرفية، من خلال استقطاب الخبراء والمفكرين لمناقشة أبرز المواضيع والقضايا التي تهم دولة الإمارات والمنطقة. ويواكب المنتدى الخطوات المتسارعة التي اتخذتها دولة الإمارات من أجل استثمار التقنيات المتقدمة، وتعظيم الاستفادة منها في القطاعات كافة، بما يضمن جودة الحياة، وتسريع التحول الرقمي، وتحقيق التنمية المستدامة. 
ويحشد المنتدى في هذه النسخة نخبة من خبراء التقنية والباحثين المتخصصين في الأتمتة وهندسة الروبوتات وتطبيقات الذكاء الاصطناعي التوليدي. ويسلط المنتدى الضوء على إنجازات الإمارات في الذكاء الاصطناعي، انطلاقها من سعيها المتواصل لتعزيز حضورها العالمي، ودورها البارز كحاضنة للابتكار ومنصة لتطوير الحلول المعززة بالذكاء الاصطناعي. واهتمام الإمارات بالذكاء الاصطناعي ينطلق من رؤية قيادتها الرشيدة التي تخطط للتحول الرقمي والانتقال إلى اقتصاد المعرفة، ومن ثم تنويع مصادر الدخل، وتحقيق النمو الاقتصادي. 
ويرصد المنتدى، عبر جلساته وأواق العمل التي يقدمها المتحدثون الرئيسيون، الآفاق الجديدة للذكاء الاصطناعي، خاصة دوره في تعزيز مسارات النمو الاقتصادي، وقدرته على ضمان الاستدامة، والاستثمار في البيانات. ولا تخلو تطبيقات الذكاء الاصطناعي من تحديات، خاصة ما يتعلق بالحوكمة، وضمان سوء استخدام تطبيقات الذكاء الاصطناعي في التضليل أو تزييف الحقائق أو نشر الأخبار المزيفة، ويخصص المنتدى إحدى جلساته عن هذه التحديات، انطلاقاً من رؤية حصيفة تتمحور حول ذكاء اصطناعي مسؤول يصبح قوة للخير والنماء وليس العكس. 
«التوليدي والتنبؤي»
يخصص المنتدى جلسته الأولى لرصد الخطوات التي أنجزتها الإمارات في مجال الذكاء الاصطناعي، فتحت عنوان «الإمارات.. ريادة عالمية في الذكاء الاصطناعي»، يقدم الدكتور سعيد الظاهري، مدير مركز الدراسات المستقبلية، بجامعة دبي، ورقة عن «الذكاء الاصطناعي.. فرص ومسارات تغير عالمنا»، يطرح خلالها مقاربة تحليلية معززة بشرح للمفاهيم الجديدة التي يطرحها الذكاء الاصطناعي، والمعطيات الثرية للذكاء الاصطناعي التوليدي والذكاء الاصطناعي التنبؤي، والمكاسب المأمولة منهما، خاصة ما يتعلق بتحفيز الابتكار والتحول الرقمي وتسريع النمو من خلال تحسين الإنتاجية وتخفيض التكلفة وخلق قيمة مضافة. 
إطلالة سريعة، تقدمها ورقة الدكتور سعيد الظاهري، على فرص يطرحها الذكاء الاصطناعي، كتحسين الرعاية الصحية وزيادة إنتاجية المحاصيل الزراعية، وتقليل الهدر، وتطبيقات التنقل الذكي، والحد من الآثار السلبية للتغير المناخي، خاصة تطوير نماذج تنبؤية قادرة على تحسين الجاهزية لمواجهة التغيرات المناخية، وتحسين كفاءة الإنتاج الصناعي من خلال الروبوتات الذكية. 
وبالإضافة إلى الفرص، تطرح ورقة الظاهري مسارات التغيير كنتيجة حتمية لطفرة الذكاء الاصطناعي، وتتوصل لاستنتاج مفاده أن الذكاء الاصطناعي سيعيد تعريف مستقبل العمل.. لن يغير فقط ما نفعله، بل يغير الطريقة التي نتعامل بها مع ما نفعله. ومن النتائج المترتبة على استخدام الذكاء الاصطناعي: التحول الرقمي، بحيث تستطيع الحكومات والشركات تقديم أفضل الخدمات من خلال الأتمتة والرقمنة، وزيادة التحول نحو الاقتصاد الرقمي عبر تكثيف الاعتماد على البيانات، وتغيير طبيعة الوظائف، خاصة ظهور وظائف جديدة واختفاء وظائف تقليدية، ومن المتوقع أيضاً أن يدعم الذكاء الاصطناعي عملية صنع القرار من خلال تحليلات أكثر عمقاً للبيانات. 
تحديات الفجوة الرقمية والاستدامة
تتطرق ورقة الظاهري أيضاً إلى بعض المخاوف التي يطرحها الذكاء الاصطناعي، كخطر زيادة الفجوة الرقمية بين الدول التحيز والمعلومات المغلوطة والتزييف العميق وانتهاك حقوق الملكية الفكرية، وبعض التحديات المتعلقة بالاستدامة، في ظل استهلاك مراكز البيات كميات هائلة من الطاقة والمياه، ما يدفع باتجاه زيادة الاعتماد على مصادر الطاقة المتجددة في تشغيل مراكز البيانات.
 وتطرقت ورقة الظاهري إلى حوكمة الذكاء الاصطناعي، من أجل ضمان استخدامه بطريقة مسؤولة وشفافة، ما يستوجب تعاوناً دولياً لوضع معايير وتشريعات لضمان حوكمة الذكاء الاصطناعي، ووضع معايير عالمية تضمن حقوق الإنسان، وتجنب التحيزات التقنية. 
وتحت عنوان «مبادرات إماراتية في تطبيقات الذكاء الاصطناعي التوليدي»، تتضمن الجلسة الأولى ورقة للدكتور ابتسام المزروعي، رئيسة مجلس إدارة مبادرة الأمم المتحدة «الذكاء الاصطناعي من أجل التأثير الإيجابي»، ومستشارة للذكاء الاصطناعي في الاتحاد الدولي للاتصالات، سويسرا، وتتضمن الورقة جهود الإمارات في برامج الذكاء الاصطناعي التوليدي، وأهمية الذكاء الاصطناعي المسؤول، ومبادرات الدولة في تطوير نماذج وتطبيقات الذكاء الاصطناعي.
الأنظمة اللغوية العملاقة 
عن «الذكاء الاصطناعي وتحسين جودة الحياة»، يقدم الدكتور جمال الصوالحي، أستاذ مساعد الهندسة الكهربائية بجامعة خليفة، ورقة يرصد خلالها التطور الملحوظ الذي حدث في العامين الماضيين في مجال الذكاء الاصطناعي، خاصة ما يتعلق بالأنظمة اللغوية العملاقة وتأثيرها على حياتنا اليومية. ويشير الصوالحي في ورقته إلى أن طفرة الذكاء الاصطناعي ستغير الجوانب الروتينية التي اعتدناها في حياتنا الشخصية والعملية، وتطرح تساؤلات حول سيناريوهات جديدة لا يحدها إلا قدرة الإنسان على التخيل في ما يتعلق باستخدامها لرفع الكفاءة. فعلى سبيل المثال، أصبح بمتناول أي شخص أن يكون عنده «مساعد» أوسكرتير شخصي، يستطيع التحدث معه، وتذكيره بمواعيده وتنظيم جدوله، وبل تقديم المشورة له في أفضل طريقة لإنجاز أعماله اليومية.
تحديات مخاطر
يخصص المنتدى جلسته الثانية لتحديات الحوكمة التي تقرضها طفرة الذكاء الاصطناعي، ويشارك في الجلسة، الدكتور جواو ليما، مستشار الذكاء الاصطناعي في مجلس الأعيان الفيدرالي البرازيلي، عضو اللجنة المسؤولة عن وضع استراتيجية الذكاء الاصطناعي في المجلس، ويقدم ورقة يتطرق خلالها إلى التحديات والمخاطر التي يشكلها الذكاء الاصطناعي التوليدي، وكيف نضمن استخداماً آمناً لتقنيات الذكاء الاصطناعي التوليدي، وكيف أن هذه التقنيات تطرح الفرص وفي الوقت نفسه تشكل تحديات ومخاطر، من بينها التحيز والتضليل، وربما تتسبب أيضاً في البطالة والاحتكارات التقنية.
التنوع الاقتصادي والابتكار
يشارك في الجلسة الثانية البروفيسور سامي حداداين، نائب الرئيس للأبحاث، وأستاذ الروبوتات بجامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي، والمؤسس والمدير التنفيذي لأكبر مركز للروبوتات والذكاء الآلي في أوروبا، وهو معهد ميونيخ للروبوتات والذكاء الآلي (MIRMI) التابع لجامعة ميونيخ التقنية. وفي الجلسة الثانية أيضاً، يشارك الدكتور تيج سيان أودونوفان، كبير العلماء بجامعة هيريوت وات- دبي، وتركز ورقته على دور الذكاء الاصطناعي في تحفيز النمو الاقتصادي، وتشير إلى رؤية الإمارات 2031 التي تركز على التنوع الاقتصادي والابتكار التكنولوجي وتنمية رأس المال البشري، وأيضاً إلى الاستراتيجية الوطنية للذكاء الاصطناعي 2031 التي تطمح إلى جعل الإمارات العربية المتحدة رائدة عالمياً في مجال الذكاء الاصطناعي، من خلال دمج الذكاء الاصطناعي في قطاعات رئيسية، مثل الخدمات اللوجستية والرعاية الصحية والتصنيع. ويؤكد أودونوفان أن الذكاء الاصطناعي «والروبوتات» ستعلب دوراً رئيساً في وضع الإمارات العربية المتحدة كقائدة عالمية في الصناعات القائمة على المعرفة، مما يساهم في رؤية الدولة طويلة الأجل لتصبح مركزاً للابتكار.
تغيير الاقتصاد والمجتمع العالمي
تتنبأ ورقة أودونوفان بأن الروبوتات والذكاء الاصطناعي سيلعبان دوراً تحويليا في مستقبل الاقتصاد والمجتمع العالمي، وسيحدثان ثورة في التصنيع من خلال تعزيز الكفاءة والإنتاجية الصناعية، في اقتصاد عالمي سريع التغير، وسيعملان على معالجة نقص العمالة وتلبية مجموعة من المهام المتكررة التي يزداد عزوف البشر عن القيام بها، مما يتيح للموهبة البشرية التفرغ للإبداع والابتكار، وسيلعب الذكاء الاصطناعي دوراً مهماً في دفع عجلة الابتكار، وتعزيز الكفاءة وتقوية النمو الاقتصادي في العديد من المجالات الرئيسة. 
زراعة بالذكاء الاصطناعي 
وتنوه ورقة أودونوفان بدور الذكاء الاصطناعي في الزراعة المستدامة، من خلال مراقبة مجموعة من العوامل كالتربة والهواء والمياه، وقدمت الورقة نماذج تطبيقية في الإمارات، من بينها: هيئة البيئة في أبوظبي، حيق قدمت مبادرة هي الأولى من نوعها عالمياً، تعتمد على تقنيات الاستشعار عن بُعد المتطورة باستخدام الأقمار الصناعية والطائرات من دون طيار لمراقبة التربة. كما حصلت مزرعة «بستانيكا» في دبي على لقب أكبر مزرعة عمودية تعتمد على الزراعة المائية في العالم.
تسريع النمو الاقتصادي
تحت عنوان «الذكاء الاصطناعي أداة لتسريع النمو الاقتصادي»، تسلط فعاليات الجلسة الثالثة من المنتدى، الضوء على الذكاء الاصطناعي كمحرك لتطوير التعليم وسوق العمل، ويطرح الدكتور أحمد سلطان الشعيبي، المدير التنفيذي لقطاع التعليم العالي في دائرة التعليم المعرفة - أبوظبي، عندما نستشرف المستقبل، ورقة يؤكد خلالها أهمية التعاون بين المؤسسات التعليمية والجهات المتخصصة في الذكاء الاصطناعي في إطار مبادرات تدريبية في مجال الذكاء الاصطناعي التوليدي.
ويشارك في المنتدى  الدكتور محمد الكويتي، رئيس مجلس الأمن السيبراني لحكومة دولة الإمارات، بورقة عن «الذكاء الاصطناعي.. محور تميز في مسيرة الإمارات التنموية».
استراتيجية الذكاء الاصطناعي 
من أجل الارتقاء بالأداء الحكومي، وتسريع الإنجاز، وخلق بيئات عمل مبتكرة، أطلقت الإمارات في أكتوبر 2017، استراتيجيتها للذكاء الاصطناعي، من أجل تحقيق أهداف مئوية الإمارات 2071 بأن تكون حكومة الإمارات الأولى في العالم في استثمار الذكاء الاصطناعي بمختلف قطاعاتها الحيوية. والاعتماد عليه في الخدمات وتحليل البيانات بمعدل 100% بحلول عام 2031.  بخطوات غير مسبوقة، تحقق الإمارات ريادتها في الذكاء الاصطناعي لتحسين جودة الحياة، وتسريع التنمية المستدامة، كي تصنع المستقبل بدلاً من انتظاره، وتشارك مع العالم في صياغة واقعه الرقمي على أسس من المسؤولية الأخلاقية تضمن مستقبلاً أفضل للبشرية، رسخت الإمارات مكانتها في مجالات الذكاء الاصطناعي، كي تصبح البلد الأكثر استعداداً له في العالم، ونجحت الإمارات في ترجمة استراتيجياتها في هذا القطاع إلى خطوات عملية ومؤسسات، ما جعلها الأولى عربياً وخليجياً والـ 28 عالمياً في مؤشر الذكاء الاصطناعي العالمي‎.
التنبؤ بالأسواق  ودراسة اتجاهات المستهلكين
في الجلسة الثالثة من المنتدى، يقدم سلطان الربيعي، رئيس معهد تريندز الدولي للتدريب، ورقة عن «تطبيقات الذكاء الاصطناعي.. آفاق الاستثمار في البيانات»، يطرح خلالها  مسارات مهمة للاستفادة من قدرات الذكاء الاصطناعي في تحليل البيانات الضخمة، والحصول على نتائج دقيقة  خاصة في مراكز البحوث الطبية، ولدى الذكاء الاصطناعي القدرة على التنبؤ بالأسواق،  ودراسة اتجاهات المستهلكين، ما يجعل الشركات أكثر قدرة على اتخاذ القرارات الاستثمارية  السليمة.
ويخصص المنتدى حلقة نقاشية عن تأثير الذكاء الاصطناعي على الإعلام، وكيف يستفيد من الطفرة التقنية في التحقق من دقة المعلومات، ومكافحة التزييف العميق، واستثمار الوقت والجهد في محتوى إبداعي يعزز قدرة المؤسسات الإعلامية على تلبية احتياجات الجمهور. 
ويطرح المشاركون رؤاهم حول دور الذكاء الاصطناعي كمحرك لتطوير التعليم وتغيير احتياجات سوق العمل، ويتساءلون حول كيفية الاستثمار في البيانات عبر تطبيقات الذكاء الاصطناعي.
محاور رئيسة
من خلال 9 أوراق عمل، وعلى مدار 3 جلسات، يناقش المنتدى محاور رئيسة، تتضمن: «الذكاء الاصطناعي ..فرص ومسارات تغير عالمنا»، و«خطوات الإمارات الريادية في الذكاء الاصطناعي»، و«مبادرات الإمارات في تطبيقات الذكاء الاصطناعي التوليدي»، والدور المأمول من هذه التطبيقات في تحسين جودة الحياة. وتتضمن محاور المنتدى «الذكاء الاصطناعي وتحديات  الحوكمة»، وذلك أملاً في ذكاء اصطناعي مسؤول يراعي الأطر القانونية، ويصبح قوة دافعة للتنمية والازدهار، بما يستوجب بنى تشريعية جديدة ومبتكرة تواكب الطفرة التقنية الهائلة. وتناقش فعاليات المنتدى «الذكاء الاصطناعي كمحفز للنمو الاقتصادي». وتتطرق المحاور  إلى «آفاق الاستثمار في البيانات»، وكيف أصبح «الذكاء الاصطناعي محور تميز في مسيرة دولة الإمارات»، وإلى «دور الذكاء الاصطناعي كمحرك لتطوير سوق العمل  والتعليم».
 تأثير الذكاء الاصطناعي على الإعلام
 يخصص المنتدى حلقة نقاشية عن تأثير الذكاء الاصطناعي على الإعلام، وكيف يستفيد من الطفرة التقنية في التحقق من دقة المعلومات، ومكافحة التزييف العميق، واستثمار الوقت والجهد في محتوى إبداعي يعزز قدرة المؤسسات الإعلامية على تلبية احتياجات الجمهور.  ويطرح المشاركون رؤاهم حول دور الذكاء الاصطناعي كمحرك لتطوير التعليم وتغيير احتياجات سوق العمل، ويتساءلون حول كيفية الاستثمار في البيانات عبر تطبيقات الذكاء الاصطناعي.