مريم بوخطامين (أبوظبي)
أكد عدد من الخبراء والأكاديميين أن الذكاء الاصطناعي أصبح مجالاً حيوياً لا يمكن الاستغناء عنه خاصة وأنه قلص الفجوة بين الإنسان والآلة، مشيرين إلى أن المؤسسات والمنشآت التعليمية في دولة الإمارات نجحت في مجاراة التحوّل من تكنولوجيا المعلومات إلى الذكاء الاصطناعي في جميع المجالات مثل البرمجة والتحليل الكمي والنمذجة المالية، والتطبيقات الذكية والأنظمة التقنية، التي تجسدت أهميتها الكبيرة خلال العقود الثلاثة الماضية نتيجة الطلب الكبير عليها، والذي يعود إلى متطلبات الثورة الصناعية الرابعة التي تتسم بدورها بمعدل نمو سريع لتكنولوجيا المعلومات والاقتصاد القائم على المعرفة.
وقالت ناديا بهويان، نائب المدير، رئيس الشؤون الأكاديمية في جامعة زايد، إن جامعة زايد ركزت في استراتيجيتها على هذا الجانب، خاصة وأن وظائف ومهارات المستقبل تعتمد على هذا الجانب التقني والاستدامة التي تستند إلى مهارات الأتمتة بواسطة تطبيقات الذكاء الاصطناعي المتقدمة، منوهة بأن باحثين من لينكد إن أشاروا إلى أن ما يقارب 96% من المهارات الحالية لمهندسي البرمجيات، وخاصة الكفاءة العالية في لغات البرمجة، قد يقدمها الذكاء الاصطناعي في نهاية المطاف، وعلى الرغم من أن دور مهندسي البرمجيات سيبقى أساسياً، سيتحول تركيزهم من الترميز والبرمجة إلى أداء المهام التي تتطلب مهارات أكثر اعتماداً على الجانب البشري، مثل التعاون والتواصل وحل المشكلات بأسلوب إبداعي، مشيرة إلى أن 80% من الوظائف ستتأثر بالتقدم الذي تحرزه تطبيقات الذكاء الاصطناعي، موضحة أن جامعة زايد تتسم بالتفكير التقدمي والتكيف مع المشهد المتطور لعصر الذكاء الاصطناعي وتزويد الطلبة بتعليم شامل يركز على تنمية المهارات.
تحديات المستقبل
وقالت إن جامعة زايد تعتمد فلسفة قائمة على توفير تعليم شامل يزود الطلبة بالمؤهلات اللازمة لمعالجة تحديات المستقبل، وقد تم هذا العام إطلاق مبادرة Uniquely ZU «أتميّز في جامعة زايد» بالاستفادة من الخبرات المتنوعة لفريق الجامعة، وبإلهام من مبادرات تقيمها أفضل الجامعات العالمية، بالإضافة إلى الالتزام بتطبيق منهجية جامعة زايد الفريدة، وتنطلق المبادرة الرائدة إلى جانب برنامج «درجة الطلبة»، وتدمج الأنشطة اللاصفية في جوهر منهج التعليم لكل طالب وطالبة، ما يضمن اكتسابهم المعرفة التقنية والمهارات الأساسية التي تركز على الإنسان، حيث تتيح المبادرة للطلبة تحديد وتتبّع وقياس عملية تطوير مهاراتهم من خلال خمس ركائز أساسية، هي التطوير الذاتي والمشاركة الاجتماعية والتفكير المرن والريادة والاستعداد للمستقبل، منوهة بأن الطلبة سيحظون بفرصة تعلم كيفية التواصل بشكل فعال مع مجموعات متنوعة والتعامل مع المواقف الجديدة والتفكير الإبداعي واتخاذ قرارات سليمة لصالحهم وصالح فرقهم، بالإضافة إلى حل المشكلات تحت ضغط العمل، ويضمن هذا النهج الشامل تزويد طلابنا وطالباتنا بالمهارات الضرورية لتحقيق النجاح في المستقبل باستخدام الذكاء الاصطناعي.
وشددت على أن هذه النقلة النوعية لا تعني نفي دور المهندسين في المستقبل، ولا تعني أن يحل العاملون بالتخصصات العامة مكان الأخصائيين، إلا أننا نعتقد أن العديد من المهام القيّمة تقليدياً، مثل الترميز والبرمجة، سيتم استبدالها على نحو متزايد بتطبيقات الذكاء الاصطناعي، وسيبرز الموظفون الأكثر نجاحاً في المستقبل بفضل تفكيرهم النقدي والإبداعي وقدرتهم على مواكبة التطورات التي تفرضها البيئات المتغيرة وغير المتوقعة، والتي يشار إليها غالباً ببيئات «فوكا»، والتي تعني التقلب وعدم اليقين والتعقيد والغموض، واستعدادهم للتعاون مع الزملاء والعملاء، كما نتوقع ظهور فئات وظائف جديدة مدفوعة بالذكاء الاصطناعي، مثل الفئات التي ظهرت خلال الثورات التكنولوجية السابقة، وستعتمد هذه الوظائف بشكل متزايد على المهارات البشرية، وينبغي على كل جامعة تتسم بالتفكير التقدمي التكيف مع المشهد المتطور لعصر الذكاء الاصطناعي وتزويد الطلبة بتعليم شامل يركز على تنمية المهارات. ويمثل دمج هذا المفهوم بالبرامج الأكاديمية، إلى جانب تدريس التخصصات النظامية ضرورة أساسية لمؤسسات التعليم العالي. وتوصّلنا في جامعة زايد إلى طريقة فريدة لتحقيق ذلك، وكلنا ثقة في أن الجامعات الأخرى ستجد طرقها الخاصة أيضاً. ويسهم توفير هذه المهارات في تميز طلابنا وطالباتنا عن آلات المستقبل التي تواصل تطورها.
الروبوتات والذكاء الاصطناعي
بدروه، تحدث الدكتور بيان شريف، الرئيس الأكاديمي في جامعة خليفة، عن برنامج أكاديمي بنظام الدوام الكامل للحصول على درجة البكالوريوس في الروبوتات والذكاء الاصطناعي، وقال إن البرنامج جاء نظراً لإيمان الجامعة بأهمية هذا المجال والذي يهدف إلى تزويد الطلبة بالمعرفة والمهارات اللازمة للتطوُّر التكنولوجي والابتكار في هذه المجالات، حيث يجمع البرنامج متعدِّد التخصُّصات بين المعرفة النظرية والتجربة العملية في مجالات الروبوتات والذكاء الاصطناعي والكمبيوتر والهندسة الإلكترونية والميكانيكية والرياضيات، ويُعِدُّ خريجيه للعمل في مجموعة واسعة النطاق من الوظائف في مجال مهني سريع النمو، ما يمكِّنهم من اكتشاف الاتجاهات المهنية الناشئة، مثل مجالات المركبات ذاتية الحركة، والطائرات من دون طيار، وتطوير أنظمة تحسين مستويات التفاعل بين البشر والروبوتات، ويواكب البرنامج توجهات الجامعات العالمية وتغيرات العصر والوظائف المستقبلية، مشيراً إلى أن هناك توسعاً في الروبوتات المُستَخدَمَة في قطاع الرعاية الصحية لأغراض المساعدة في العمليات الجراحية وإعادة التأهيل والعناية بالمسنين، ويتم دمج وإشراك الطلبة في مشروعات تطوير نماذج أولية للروبوتات والذكاء الاصطناعي لاستخدامها في تطبيقات متنوِّعة، مثل التصنيع وتحديد البيئات الخطرة، ويتضمَّن البرنامج أيضاً الجوانب المتعلقة بالاستدامة والابتكار وريادة الأعمال، والمعرفة والمهارات اللازمة، من التصدي للتحديات العالمية وتطوير حلول مبتكرة في مجالات الروبوتات والذكاء الاصطناعي.
ونوه إلى أن الجامعة خصصت مختبرات مجهزة لتدريس الروبوتات والذكاء الاصطناعي وإجراء البحوث المتعلقة وتزويد الطلبة بتجربةِ تَعَلُّمٍ استثنائية، ويحظى الطلبة في البرنامج بمتابعة هيئة أكاديمية من أفضل العقول العالمية في المجال، ويؤهِّلهم البرنامج بعد التخرُّج لتأدية دور محوري في بناء اقتصاد دولة الإمارات القائم على المعرفة، وريادة مسيرة التطوير التكنولوجي، كما يتضمَّن البرنامج، إضافةً إلى تصميم الأنظمة الروبوتية وتطويرها لاستخدامها في تطبيقات متنوعة، دراسة خوارزميات الذكاء الاصطناعي وتَعَلُّم الآلة لأغراض الإدراك المعرفي وتحليل البيانات والأتمتة، ويغطّي البرنامج أيضاً موادَّ دراسية تأسيسية في الرياضيات وعلوم الكمبيوتر والهندسة الإلكترونية والميكانيكية وأخلاقيات الذكاء الاصطناعي.
توفير الوقت
وقالت الدكتورة فاطمة طاهر، أستاذة في قسم الحوسبة والتكنولوجيا التطبيقية في جامعة زايد: في العصر الحديث يوفر الذكاء الاصطناعي للمجتمع والفرد فوائد جمة في مقدمتها توفير الوقت واختصار الجهد نتيجة إسهاماته العديدة في مجالات كثيرة، لاسيما التي تختص بحياة البشر والتي أثبتتها الأبحاث العلمية المتعلقة بالذكاء الاصطناعي والاكتشافات اليومية له.
ونوهت إلى أن دولة الإمارات من الدول السباقة في تبني الذكاء الاصطناعي، في المجالات المتعددة، وقد دعمت الدولة هذا الجانب وساهمت في تطويره، بهدف رفع مكانه الدولة عالمياً ودفع عجلة التطور وتسهيل حياة الأفراد.
وبينت أن جامعة زايد أسهمت في تعزيز خطة الدولة واستراتيجيتها في الذكاء الاصطناعي عبر برامج تدريبية وتعليمية متخصصة في هذا المجال، موضحة أن جامعة زايد لديها العديد من البرامج التي تخدم أعضاء هيئة التدريس والطلبة وتدرس العديد من البرامج للطلبة، كما تم إدراج مادة الذكاء الاصطناعي في العديد من برامج البكالوريوس والماجستير لحرص الجامعة على تعليم الطلاب هذه البرامج وإعدادهم لسوق العمل.
ساعة ذكية
وقال الأكاديمي محمد عوض، عالم أبحاث الروبوتات الطبية في جامعة خليفة للعلوم والتكنولوجيا، إن الذكاء الاصطناعي دخل في جميع المجالات والقطاعات سواء في القطاع الصحي أو القطاع التعليمي أو قطاع التعامل بالبيانات أو القطاع الحكومي وفي جميع مناحي الحياة، لذا لا بد من أن يتعامل الطلاب والنشء مع هذا المجال ويدرسوه، موضحاً أن جامعة خليفة قامت بتطوير العديد من التقنيات والتطبيقات عبر الذكاء الاصطناعي والتي أسهمت في تسهيل الحياة العملية، ويأتي مجال الطب في المقدمة حيث يجتهد الخبراء في ابتكار ساعة ذكية تعمل على متابعة الحالة المرضية للمريض وتسهم في تشخيص حالة المريض وهو في المنزل وترسل رسائل طبية للطبيب المتابع، ناهيك عن الكثير من التقنيات الأخرى.
الفجوة
قال الدكتور عبدالله الأنصاري، من جامعة خليفة للعلوم والتكنولوجيا، إن البشرية تشهد اليوم نقلة نوعية من خلال الذكاء الاصطناعي، والذي أسهم في تقليل الفجوة ما بين الإنسان والآلة، سابقاً كانت الأمور صعبة ولكن مع الذكاء الاصطناعي أصبح الأمر أسهل واسرع وأبسط سواء في الطب أو العلوم أو الهندسة والفضاء وغيرها من المجالات التي كانت تحتاج لجهد كبير وعملية معقدة، ناصحاً الجيل الجديد بالتركيز والاهتمام بالذكاء الاصطناعي إلى جانب أساسيات العلوم والفيزياء والكيمياء.