أبوظبي (الاتحاد)
أكد باحثون وخبراء ومختصون، أهمية تعزيز الحوكمة البيئية والتجارية في القارة الأفريقية، بوصفها المفتاح لجذب الاستثمارات الضخمة، اللازمة لبناء بنية تحتية متينة ومستدامة في القارة السمراء.
وتناول المتحدثون في الندوة التي نظمها «تريندز للبحوث والاستشارات»، بصفته الراعي الماسي لمنتدى البرازيل-أفريقيا 2024، بالتعاون مع مركز الاتحاد للأخبار، الشريك الإعلامي، تحت عنوان: «الازدهار المستدام: نهج الحوكمة لتعزيز الاستثمار في البنية التحتية الأفريقية»، العديدَ من القضايا المرتبطة بالحوكمة والاستثمار في البنية التحتية، مثل أهمية الشفافية والمساءلة، وبناء القدرات المؤسسية، وتطوير التشريعات، وتعزيز الشراكات بين القطاعين العام والخاص، إضافة إلى أهمية الاستثمار في الطاقة المتجددة والبنية التحتية الرقمية، بصفتها محركات للنمو الاقتصادي في أفريقيا.
واستُهلت أعمال الندوة، بكلمة ترحيبية للدكتور محمد عبدالله العلي، الرئيس التنفيذي لمركز تريندز، أشار فيها إلى أن جولة تريندز الحالية في أميركا اللاتينية، تسعى إلى استكشاف آفاق التعاون البحثي مع المراكز والخبرات الفكرية في هذه المنطقة المهمّة من العالم.
وأضاف: إن الاستثمار في البنية التحتية الأفريقية، يعد أحد أكثر التحديات التي تواجه القارة الأفريقية والدول النامية أهميةً، وبيّن أن تنمية البنية الأساسية تشكل عنصراً محوريّاً في تعزيز النمو الاقتصادي والتنمية الاجتماعية.
وشدد في هذا الشأن على أنه لا يمكن تحقيق ذلك بمعزل عن قضية محورية أخرى، ألا وهي الحوكمة، فالعلاقة بين الحوكمة والاستثمار هي علاقة تلازم، ذلك أن الحوكمة الفعّالة توفر الأساس للتنمية وللاستثمارات المستدامة، وفي المقابل تعمل هذه الاستثمارات على تحفيز مشاريع البنية الأساسية التي تُطلق العنان للإمكانات الاقتصادية.
وبيّن أن التقديرات تشير إلى أن عجز البنية الأساسية في أفريقيا يتطلب استثماراً سنويّاً يتراوح ما بين 130 و170 مليار دولار، مع فجوة تمويلية تتراوح ما بين 68 و108 مليارات دولار، وأن معالجة هذه الفجوة، تتطلب إضافة إلى الموارد المالية، نهجاً تعاونيّاً يشمل الحكومات أيضاً، والقطاع الخاص، والشركاء الدوليين.
وفي الكلمة الرئيسة للندوة، أوضح الدكتور محمد حمد الكويتي، رئيس مجلس الأمن السيبراني لحكومة دولة الإمارات، أن موضوع الندوة يؤكد الحاجة الماسة إلى تطوير البنية الأساسية وفق نهج شامل ومستدام بحيث لا تعالج احتياجات اليوم فحسب، بل تستشرف التحديات والفرص المستقبلية أيضاً، ولاسيما في سياق تغير المناخ وانتشار الأوبئة والثورة الصناعية الرابعة، وتحديات الأمن السيبراني وغيرها، من التحديات الناشئة أو الجديدة.
وأوضح أن لدولة الإمارات العربية المتحدة اهتماماً كبيراً وجهوداً ملموسة في تعزيز الاستثمار في تطوير البنية التحتية الرقمية في أفريقيا، وأنه برغم اعترافها بالتحديات والمخاطر الاقتصادية للاستثمار في البنية التحتية الرقمية المستدامة في القارة الأفريقية، فإن دولة الإمارات تتطلع إلى العمل مع شركائها في مجموعة بريكس، وفي مقدمتهم البرازيل، لتعزيز الازدهار المستدام في الدول الأفريقية.
وشدد على أهمية تطوير البنية التحتية في أفريقيا بشكل مستدام، مع التركيز على البنية التحتية الرقمية التي تعد محركاً رئيساً للنمو الاقتصادي والتنمية الشاملة في القارة.
وبيّن أنه يمكن رصد نجاحات رئيسة عدة في الاستثمارات في البنية التحتية الرقمية الأفريقية، من ذلك على سبيل المثال: ارتفاع معدل انتشار الهاتف المحمول، وظهور المدفوعات الرقمية والتجارة الإلكترونية وتطورها، وازدهار ريادة الأعمال الرقمية، مع توقعات بأن يصل الاقتصاد الرقمي لأفريقيا إلى 712 مليار دولار بحلول عام 2050».
في كلمته الترحيبية، قال الدكتور حمد الكعبي، الرئيس التنفيذي لمركز الاتحاد للأخبار: «إن الاستثمار في البنية التحتية الأفريقية هو مفتاح لتحقيق التنمية المستدامة والازدهار في القارة».
وتابع: إنه على الرغم من الإمكانات الهائلة التي تتمتع بها أفريقيا، فإن قطاع البنية التحتية لا يزال يعاني نقصاً في التمويل، ويعوق ذلك مجموعة من العوامل، منها عدم الاستقرار السياسي، ونقص البيانات الدقيقة، والمخاطر المرتبطة بالاستثمار في أسواق ناشئة».
وأوضح أن تحقيق الاستفادة القصوى من الاستثمارات في البنية التحتية يتطلب توفير بيئة جاذبة للاستثمار، تتميز بالشفافية والنزاهة، وطالب الحكومات الأفريقية بتعزيز الحوكمة الرشيدة، ومكافحة الفساد، وتبني معايير دولية في المشتريات العامة.
كما شدد على ضرورة التركيز على مشاريع البنية التحتية التي تسهم بصورة مباشرة في تحقيق أهداف التنمية المستدامة، مثل الطاقة المتجددة، والنقل المستدام، والمياه والصرف الصحي.
وأشار إلى أنه لجذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة، يجب على الدول الأفريقية أن تتعاون مع القطاع الخاص، وتوفر حوافز للمستثمرين، وتبني إطاراً قانونيّاً واضحاً يحمي حقوق الملكية الفكرية، كما يجب على المؤسسات المالية الدولية أن تؤدي دوراً أكبر في تمويل مشاريع البنية التحتية في أفريقيا، وأن تقدم الدعم الفني والتقني للدول الأفريقية.
ولفت إلى أن التحديات المناخية تمثّل تهديداً كبيراً للبنية التحتية الأفريقية، وأن على الدول الأفريقية اتخاذ إجراءات عاجلة للتكيف مع آثار تغير المناخ، وأن تستثمر في مشاريع البنية التحتية المستدامة التي يمكنها الصمود أمام الصدمات المناخية.
عقب ذلك افتتحت الباحثة اليازية الحوسني، مديرة إدارة الإعلام بتريندز أعمال الندوة، حيث قدم البروفيسور أوطافيانو كانوتو، نائب الرئيس السابق والمدير التنفيذي لمجموعة البنك الدولي، ورقة بحثيةً حول موضوع الحوكمة وتعزيز المرونة الاقتصادية في الدول الأفريقية.
وأكد الباحث عبدالعزيز الشحي، نائب رئيس قطاع البحوث في مركز تريندز، عمق الشراكة الاستراتيجية بين دولة الإمارات والقارة الأفريقية، مشيراً إلى أن هذا التعاون يتجاوز العلاقات التجارية ليشمل التزاماً مشتركاً بالتنمية المستدامة.
وفي ختام الندوة وبحضور ميسون الدح، القائم بالأعمال في سفارة دولة الإمارات العربية المتحدة بالبرازيل، تم تكريم المتحدثين.
ثروات طبيعية
أكد البروفيسور كانوتو أهمية تحسين مستويات الحوكمة في الدول الأفريقية، لأن الحوكمة هي العامل الفارق الذي يحوّل الثروات الطبيعية الهائلة للقارة ويجعل منها نعمة. وأوضح أن الحوكمة الرشيدة تسهم بشكل كبير في جذب الاستثمارات الخاصة إلى البنية التحتية الأفريقية، ما يدفع عجلة التنمية الاقتصادية والاجتماعية.
وتناولت ورقة البحث التي قدمها البروفيسور كانوتو جوانب متعددة من موضوع الحوكمة، بما في ذلك أهمية الشفافية والمساءلة ومكافحة الفساد، وكذلك دور المؤسسات القوية في بناء اقتصادات مرنة وقادرة على مواجهة التحديات العالمية، كما قدم مقترحات عملية لتعزيز الحوكمة في الدول الأفريقية، مع التركيز على أهمية الشراكات بين القطاع العام والخاص والمجتمع المدني.
وشدد البروفيسور كانوتو على ضرورة تضافر الجهود على المستوى الوطني والإقليمي والدولي لدعم جهود الدول الأفريقية في مجال تحسين الحوكمة، مؤكداً أن الاستثمار في الحوكمة هو استثمار في مستقبل القارة.