تمثل زيارة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة "حفظه الله"، إلى الولايات المتحدة الأميركية، محطة بارزة في المسار التاريخي للعلاقات الثنائية بين البلدين، التي انطلقت منذ أكثر من نصف قرن.
وتأتي الزيارة في إطار العلاقات الاستراتيجية بين البلدين الصديقين، التي حافظت على عمقها وثباتها منذ البدايات، إذ تعد الإمارات من أبرز الشركاء الرئيسيين للولايات المتحدة الأميركية في المنطقة والعالم.
وتجسد الزيارة نهج دولة الإمارات في تقوية جسور الشراكة، وتعزيز الحوار، وبناء علاقات فاعلة ومتوازنة، تقوم على الثقة والمصداقية والاحترام المتبادل مع دول العالم، لتعزيز الاستقرار والسلام الدوليين، وتحقيق التنمية والازدهار لجميع الشعوب.
وتتسم العلاقات الإماراتية الأميركية بالطابع الاستراتيجي، حيث يلتزم البلدان بالتعاون والسعي المستمر لتعزيز الأمن الإقليمي، وتحقيق الازدهار الاقتصادي، ومواجهة التحديات في مختلف أرجاء العالم.
وتشمل أوجه التنسيق الثنائي بين البلدين، أطرا مختلفة منها التنموية، والسياسية، والأمنية، والاقتصادية، والتجارية، والعسكرية، فيما تجمعهما العديد من الشراكات الاقتصادية والأمنية، المرتبطة بإعلان الاتفاقية الإبراهيمية للسلام عام 2019.
وتأسست العلاقات الدبلوماسية الثنائية بين دولة الإمارات والولايات المتحدة الأمريكية، بعد فترة وجيزة من قيام اتحاد دولة الإمارات في عام 1971، وتم تدشين سفارة الدولة في واشنطن عام 1974، كما تم افتتاح سفارة الولايات المتحدة في أبوظبي خلال العام نفسه.
ويرتبط البلدان بعلاقات اقتصادية واستثمارية متميزة، حيث بلغ حجم التجارة الخارجية غير النفطية (باستثناء الخدمات) بين الإمارات والولايات المتحدة الأمريكية في عام 2023، نحو 39.5 مليار دولار، مقارنة بحوالي 23.8 مليار دولار في عام 2022.
وارتفعت واردات الإمارات من الولايات المتحدة الأميركية لتصل إلى 25.9 مليار دولار في عام 2023 مقارنة بحوالي 21.3 مليار دولار في عام 2022.
وزادت صادرات دولة الإمارات إلى الولايات المتحدة الأميركية من 3.2 مليار دولار في عام 2022 لتصل إلى 3.9 مليار دولار في عام 2023، كما ارتفعت إعادة صادرات الإمارات إلى الولايات المتحدة الأمريكية في عام 2023 لتصل إلى 9.6 مليار دولار مقارنة بـ 8.2 مليار دولار في عام 2022.
وبلغت استثمارات الإمارات في الولايات المتحدة الأميركية حوالي 3.7 مليار دولار بين عامي 2018 و2023، بينما بلغت استثمارات الولايات المتحدة الأميركية في الإمارات حوالي 9.5 مليار دولار خلال المدّة ذاتها.
وتشمل القطاعات الرئيسية لاستثمارات الإمارات في الولايات المتحدة الأميركية، الطاقة المتجددة، والاتصالات، والطاقة، والعقارات، والخدمات البرمجية، إضافة إلى تكنولوجيا المعلومات.
وشهد العام الجاري، توقيع العديد من اتفاقيات الشراكة والاستثمار بين البلدين، في المجال التكنولوجي والذكاء الاصطناعي، ففي أول يونيو الماضي وقعت شركة World Wide Technology، وهي شركة تكامل تكنولوجي رائدة مقرها الولايات المتحدة الأمريكية، اتفاقية استراتيجية مع NXT Global، لإنشاء وتطوير أول مركز تكامل للذكاء الاصطناعي في مدينة مصدر في الإمارات، الذي سيكون أحد أكثر التطورات الحضرية استدامة في العالم.
وفي 15 أبريل الماضي، أعلنت شركة مايكروسوفت عن استثمار استراتيجي بقيمة 1.5 مليار دولار في شركة G42، ما يعزز التعاون المتزايد في مجالات الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا.
وأدى إطلاق دولة الإمارات لمسبار الأمل في عام 2021، إلى تعزيز التعاون العلمي في مجال استكشاف الفضاء بين الإمارات والولايات المتحدة الأمريكية، الذي ظهر جليا من خلال مهمة الإمارات الجديدة، إلى حزام الكويكبات بالتعاون مع جامعة كولورادو بولدر.
وفي السياق ذاته، تلعب الإمارات دورا رئيسا، في مشروع NASA,s Lunar Gateway، إذ ستطور وحدة مخصصة لإقفال الهواء الخاصة بالطاقم والعلماء، كما سترسل أول رائد فضاء إماراتي إلى مدار القمر، وذلك وفقا لمبادرة تم الإعلان عنها في يونيو الماضي، ومن المقرر إطلاق الوحدة التي تعد ضرورية لأمان الرواد وعمليات المهمة بحلول عام 2030.
ويعد العمل المناخي، أحد أهم أوجه التعاون المثمر بين البلدين، ويبرز ذلك من خلال الشراكة من أجل تسريع الطاقة النظيفة PACE، التي تهدف إلى تعبئة 100 مليار دولار لإنتاج 100 غيغاوات من الطاقة النظيفة بحلول عام 2035.

كما تشارك الإمارات في قيادة مبادرة AIM for Climate مع الولايات المتحدة الأميركية التي تشمل أكثر من 50 دولة و500 شريك، لتعزيز الزراعة المستدامة، إضافة إلى ذلك استثمرت شركة مصدر في 11 مشروعا للطاقة النظيفة في الولايات المتحدة الأميركية، بما في ذلك مشروع الطاقة الشمسية والبطاريات Big Beau بالقرب من لوس انجلوس.