أبوظبي (الاتحاد)

قال الدكتور عمر حبتور الدرعي، رئيس الهيئة العامة للشؤون الإسلامية والأوقاف والزكاة، إننا في دولة الإمارات العربية المتحدة - بتوجيه ودعم من قيادتنا الرشيدة- نتبنى سياسة جادة في ترسيخ الأخلاقيات في جميع المجالات، وعلى رأسها الفتوى، لاسيما في المؤسسات الإفتائية الرسمية، التي تمثل الاجتهاد الجماعي المؤسسي، وعليها المعول في تحمل هذه الأمانة، وأداء هذه الرسالة، مؤكداً أن آفاق الفتوى اليوم أصبحت أرحب، ومعاييرها في السياق الحالي تقتضي أن تكون أوسع، فينبغي أن نجعل من أولى أولوياتنا فهم واقعنا الراهن، وتصوره تصوراً حقيقياً.
جاء ذلك في كلمته التي قدمها في المؤتمر العالمي التاسع الذي تنظمه الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم تحت عنوان «الفتوى والبناء الأخلاقي في عالم متسارع» يومي 29 و30 /7/ 2024 بالقاهرة، برعاية كريمة من فخامة الرئيس عبدالفتاح السيسي، وبمشاركة أعضاء الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم.
ثنائية الفتوى والأخلاق
قال الدرعي إن عنوان هذا المؤتمر ينبئ بدقة ووضوح عن أضلاع وأركان هذا المشروع المتكون من ثنائية «الفتوى والأخلاق»، في سياق عالمي يتصف بسمتين «العالمية والسرعة».
وأضاف الدكتور الدرعي: ألفت أطراف ورقتي هذه حول هذا الموضوع ضمن أسئلة كاشفة محددة، راجياً أن تسهم في هذا البناء الذي انعقد له الأمر، واجتمع عليه الشركاء: وأول هذه الأسئلة هو: ما الدور الضروري للأخلاقيات في فن الفتوى المعاصرة؟ وهو سؤال الشرعية والمشروعية، وذلك أن المستقريَ لمعالم الإفتاء في القرآن الكريم، وهدي النبي، صلى الله عليه وسلم، سيجد أنها لا تنفصل عن الضمير الأخلاقي، ولم يكن لدى علمائنا السابقين أي التباس في هذا: فـ«الشريعة كلها إنما هي تخلق بمكارم ‌الأخلاق». و«استقراء الشريعة أيضاً يرشد إلى طلب مكارم ‌الأخلاق بأمور كلية، والنهي عن سفسافها». وقال رئيس «الهيئة» إن جميع الأديان والثقافات والفلسفات، تؤكد أن القيم الإنسانية هي المنجا والملجأ، وهي السد الواقي من المخاطر، الذي يحفظ للبشرية إنسانيتها، ولهذا كان تعزيزها في الأساس مقصداً مشتركاً من المقاصد العليا للأديان، مؤكداً أن المحدد الأخلاقي من المحددات الرئيسة للفتوى في المستجدات الراهنة، وقد اعتمده العلماء والخبراء ضمن محددات «وثيقة أبوظبي، للمستجدات العلمية»، وإن واجب الوقت هو تأهيل الكفاءات الشرعية، وتطوير قدراتها الرقمية والإنسانية معاً، والتشابك الإيجابي مع الواقع، مع تأكيد ضرورة التعلم المستمر.
هذا وقد شارك في هذا المؤتمر وفد ضم الدكتور عمر حبتور الدرعي، رئيس الهيئة العامة للشؤون الإسلامية والأوقاف والزكاة، والدكتورة ماريا الهطالي، الأمين العام لمجلس الإمارات للإفتاء الشرعي، والدكتور خليفة الظاهري، مدير جامعة محمد بن زايد للعلوم الإنسانية في أبوظبي، والأستاذ الدكتور على آل هاشمي، مستشار رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة.
فهم الواقع الراهن
قال الدرعي: إن المقاربة الإفتائية التقليدية، تكاد تصبح من الماضي، فآفاق الفتوى أصبحت أرحب، ومعاييرها يقتضي السياق الراهن أن تكون أوسع، فنحن اليوم -بصفتنا مؤسسات دينية وإفتائية- ينبغي أن نجعل من أولى أولوياتنا فهم واقعنا الراهن، وتصوره تصوراً حقيقياً، والخروج من أوهام التصورات المغلوطة، والأخذ بوصية سيد الخلق، صلى الله عليه وسلم «بأن لا نحجر واسعاً»، فالحقائق يصعب إنكارها، وها هي التطورات المتسارعة، والذكاء الاصطناعي، والاختلاط بين الثقافات، والعوالم الرقمية، تحيط بنا من كل جانب، وتحمل لنا الكثير من الإيجابيات والتحديات والإكراهات، وتجر إلينا كثيراً من الأسئلة الملحة، الشرعية والقانونية والأخلاقية والاجتماعية، التي قد تؤثر على هوياتنا الثقافية، ومبادئنا وقيمنا، إضافة إلى أنها تحتاج إلى تكييف شرعي، يتماشى مع الواقع.