هالة الخياط (أبوظبي)

تبذل دولة الإمارات جهوداً محلية وعالمية للمحافظة على أشجار القرم، حيث بدأت منذ سبعينيات القرن الماضي، مشروعات الحفاظ على هذا النوع من الأشجار وزيادة مساحتها وتعزيز موائلها الطبيعية، انطلاقاً من أهميتها البيئية في مواجهة تداعيات التغير المناخي، وقدرتها على حماية الشواطئ من التآكل، وباعتبارها مناطق حاضنة للعديد من الأسماك ذات القيمة التجارية والكائنات البحرية الأخرى، ومساهمتها في تخزين غاز ثاني أكسيد الكربون. 
وفي اليوم العالمي لصون النظام الإيكولوجي لغابات المانجروف الذي يصادف اليوم، تواصل دولة الإمارات قيادة برامجها في حماية المانجروف. ولاسيما أنها تمتلك أقدم المبادرات المعروفة عالمياً لاستعادة وتأهيل أشجار القرم، حيث يبلغ عمر بعض الأشجار الموجودة في إمارة أبوظبي ما يقرب من 100 عام.
وعززت الدولة طموحها لتوسيع غطاء غابات القرم من خلال زيادة هدف زراعة أشجار القرم من 30 مليوناً - التي أُعلن عنها سابقاً ضمن التقرير الثاني للمساهمات المحددة وطنياً وفقاً لاتفاق باريس للمناخ - إلى 100 مليون شجرة بحلول 2030.

مزايا
وتلعب غابات القرم دوراً مهماً في حماية سواحل دولة الإمارات من ارتفاع مستويات سطح البحر، والعواصف الشديدة، وتوفير الموائل الطبيعية للتنوع البيولوجي، كما أنها تعمل كأحواض طبيعية للكربون، وتمثل الإمارات موطناً لـ60 مليون شجرة قرم، وتلتقط 43.000 طن من ثاني أكسيد الكربون سنوياً، ومع إضافة 100 مليون شجرة قرم، سيصل إجمالي مساحة غابات القرم إلى 483 كيلومتراً مربعاً، وستساهم بدورها في التقاط حوالي 115 ألف طن سنوياً من ثاني أكسيد الكربون.
وفي الوقت الذي تظهر فيه الدراسات العلمية العالمية أن 50% من نظم غابات المانجروف الإيكولوجية التي تم تقييمها في العالم مهددة بالانهيار، وهو ما يمثل نحو نصف الحجم العالمي لهذه الغابات، بينما صنفت نحو 20% منها ضمن الأنواع «المهددة بالانقراض أو المعرضة بشكل حرج للانقراض»، إلا أن دولة الإمارات ركزت في قانونها الاتحادي 24 الصادر سنة 1999، بشأن حماية البيئة وتنميتها، حيث ينص أحد بنوده، على منع قطع أشجار القرم في الدولة، كما تقوم السلطات المختصة في الإمارات بإعادة تأهيل المناطق المتضررة، مع الحرص على استدامة هذا النوع من الأشجار، وذلك من خلال التركيز على استزراع أشجار القرم والمحافظة عليها. ويوجد بها في الوقت الحالي نحو 48% من أشجار القرم في منطقة الخليج العربي. 
وتعد تجربة دولة الإمارات في زراعة غابات القرم لتعزيز مستويات التنوع البيولوجي، ملهمة ويحتذى بها، فعلى الرغم من تنامي مسارات التنمية وارتفاع القيمة الاستثمارية للمساحات المطلة على الشواطئ إلا أن دولة الإمارات واصلت العمل على تعزيز انتشار غابات القرم لتغطي وفقاً لآخر إحصائيات 204 كيلومترات مربعة من مساحة الدولة خلال عام 2022، منها 176 كيلومتراً مربعاً في إمارة أبوظبي وحدها.

تحالف
شهد نوفمبر 2022 إعلان الإمارات الإطلاق العالمي لـ «تحالف القرم من أجل المناخ» بالشراكة مع جمهورية إندونيسيا، وذلك بهدف دعم وتعزيز وتوسيع مساحات غابات القرم عالمياً كأحد الحلول القائمة على الطبيعة لمواجهة تحدي تغير المناخ، وجهود امتصاص وعزل انبعاثات الغازات الدفيئة عالمياً. واجتذب التحالف نحو 30 شريكاً لتوسيع نطاق وتسريع عملية حفظ واستعادة النظم الإيكولوجية لأشجار القرم لصالح المجتمعات في جميع أنحاء العالم.

مبادرة
تشرف هيئة البيئة - أبوظبي على تنفيذ مبادرة القرم - أبوظبي، التي أطلقت في فبراير 2022 خلال اللقاء الذي جمع سمو الشيخ خالد بن محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي رئيس المجلس التنفيذي، وصاحب السمو الملكي الأمير وليام في منتزه قرم الجبيل في أبوظبي. 
وتهدف المبادرة إلى توفير منصة لتطوير حلول مبتكرة لزراعة أشجار القرم والمساهمة في تخفيف آثار التغير المناخي والتوعية بأهميتها وضرورة استعادتها. بالإضافة إلى إنشاء مشتل متطور لأشجار القرم في أبوظبي ليصبح مركزاً للأبحاث والدراسات، وتعزيز مكانة الإمارة بصفتها مركزاً عالمياً رائداً للأبحاث والابتكار في مجال الحفاظ على أشجار القرم. 

إعادة التأهيل
في أبوظبي، اتسعت مساحة أشجار القرم لتصل إلى 176 كيلو متراً مربعاً، كحصيلة لتنفيذ هيئة البيئة - أبوظبي العديد من برامج إعادة التأهيل والزراعة للشجرة التي تعد من أكثر النظم البيئية الساحلية إنتاجية في العالم.
وتحتضن إمارة أبوظبي 85% من مساحة أشجار القرم في دولة الإمارات.
وأثمرت جهود الهيئة بزراعة 40 مليون شجرة قرم خلال السنوات الـ 10الماضية بالتعاون مع شركائها، وبما يتماشى مع هدف الدولة المتمثل في زراعة 100 مليون شجرة قرم بحلول 2030 للمساعدة في تحقيق الحياد الكربوني بحلول 2050.

تقنيات
تواصل هيئة البيئة - أبوظبي تنفيذها مشروع نثر بذور أشجار القرم باستخدام الطائرات المسيرة في المناطق التي لم تتم زراعتها لضمان نجاح المشروع في تحقيق أهدافه في المستقبل، بعد أن نجحت العام في نثر مليون بذرة شجرة قرم في إطار جهود الدولة للتخفيف من آثار التغير المناخي.
ويعتبر استخدام الطائرات من دون طيار لزراعة أشجار القرم وسيلة لها مزايا عديدة، نظراً لانخفاض البصمة البيئية لهذه المنهجية، فهي تساهم في تقليل عدد الأفراد المشاركين بالزراعة، وإلغاء الحاجة إلى نقل الشتلات.