هدى الطنيجي (أبوظبي)
تعد التطعيمات أحد أهم الإنجازات الطبية التي تحفز آليات الدفاع الطبيعية في الجسم لاكتساب مناعة كافية والتصدي للأمراض المعدية، وذلك لمختلف الفئات العمرية. ومع بدء العطلة الصيفية يتجه الكثيرون إلى قضائها في مختلف الدول حول العالم، مما يتطلب الأمر ضمان الحفاظ على الصحة عبر الالتزام بالتطعيمات المناسبة قبل السفر، لكي لا يقعوا فريسة الأمراض وضمان التمتع بسفر آمن وإجازة ممتعة.
قالت الدكتورة فريدة الحوسني، المدير التنفيذي لقطاع الأمراض المعدية، في مركز أبوظبي للصحة العامة، إن برنامج التطعيمات المقدم في المركز يستهدف جميع فئات المجتمع منذ الولادة وحتى كبار السن، منها تطعيمات الأطفال والمرحلة الدراسية والبالغين، وتطعيمات الحج والعمرة والسفر.
وذكرت أن أبرز جهود أبوظبي في تسهيل وصول الأفراد للتطعيمات، توفيرها في المراكز الصحية بشكل مجاني للفئات المستهدفة، كجزء من جهود الرعاية الصحية الوقائية وتنظيم حملات التوعية والتثقيف لرفع مستوى وعي الجمهور حول أهميتها، وتوفير اللقاحات خصوصاً أثناء الحملات في أماكن مختلفة مثل المنازل والمراكز التجارية وفي العمل والمدارس.
المسافرون
وأضافت الحوسني: أنه بالنسبة للمسافرين يمكنهم أخذ بعض التطعيمات بناء على وجهة السفر واحتمالية الإصابة ببعض الأمراض مثل الحمى الصفراء أو التهاب السحايا (الحمى الشوكية)، ويُنصح الأفراد المؤهلون بأخذها قبل السفر بمدة لا تقل عن أسبوعين للحصول على المناعة الكافية.
وأشارت إلى أنه يتم إعطاء تطعيمات الأطفال والمرحلة الدراسية في المراحل التالية، عند الولادة وعمر الشهرين وأربعة أشهر، ستة أشهر، سنة واحدة، سنة ونصف، الصف الأول، الصف الثامن، الصف الحادي عشر، منها لقاح الدرن (ضد السل) التهاب الكبد (ب) وكذلك اللقاحات التي تقي من الأمراض مثل الحصبة والنكاف والحصبة الألمانية والجدري المائي والدفتيريا والسعال الديكي والكزاز وشلل الأطفال وفيروس الورم الحليمي وكذلك التهاب السحايا (الحمى الشوكية).
وأضافت: كما يتوفر لقاح الإنفلونزا الموسمية لجميع أفراد المجتمع من عمر 6 أشهر فما فوق، أما بالنسبة لتطعيمات البالغين فيتم تحديد نوع التطعيمات بناءً على عمر الفرد وحالته الصحية وطبيعة العمل، فعلى سبيل المثال يُنصح مرضى السكري بأخذ لقاح التهاب الكبد (ب)، وكذلك يوصى بإعطاء العاملين في القطاع الصحي بعدد من اللقاحات للحد من الإصابة ببعض الأمراض التي يمكن الوقاية منها بالتطعيمات نتيجة عملهم.
وأشارت إلى أن مركز أبوظبي للصحة العامة يقدم ما يقارب 20 نوعاً مختلفاً من اللقاحات التي تستهدف مختلف الفئات العمرية، كما يقوم الفريق المختص بتقييم فعالية اللقاحات بانتظام وتحديث برنامج التطعيمات استناداّ إلى أحدث الدراسات والبحوث العلمية، حيث إن المركز الجهة المعنية بتحديد برنامج التطعيمات في إمارة أبوظبي، ويقوم بضمان رفد القطاع الصحي في الإمارة بالتطعيمات اللازمة.
تحفيز المناعة
ومن جانبها قالت الدكتورة منى تهلك، المدير التنفيذي للشؤون الطبية في دبي الصحية والمدير التنفيذي لمستشفى لطيفة: تعتبر اللقاحات أهم الإنجازات في الطب الحديث، توفر حماية لا مثيل لها ضد الأمراض المعدية، ومن خلال تحفيز جهاز المناعة في الجسم للتعرف على مسببات الأمراض ومكافحتها، فإن اللقاحات لا تحمي صحة الأفراد والأسر فحسب، بل تسهم في تعزيز عافية المجتمعات وحصانتها من خلال منع انتشار الأمراض.
وأضافت: إذا ما عدنا بالزمن قليلاً، سنجد أن أول لقاح تم اكتشافه هو لقاح الجدري، إذ أزهق حياة ما يقدر بنحو 300 إلى 500 مليون شخص حول العالم وبعد تطعيم الناس، انتهى المطاف بحصانة مجتمعية تامة قادت إلى القضاء عليه وعلى الرغم من أن هذا المرض الوحيد الذي نجحت اللقاحات بالقضاء عليه، إلا أن هناك قصص نجاح مماثلة للقاحات أخرى، بما في ذلك لقاح شلل الأطفال.
فوائد مجتمعية
وقالت د. منى تهلك: إن الفائدة التي تقدمها اللقاحات لا تقتصر على صحة الفرد فحسب، بل تحمي المجتمعات للعيش بشكل طبيعي ولعب دورهم في دعم الاقتصادات وبناء الدول، وتمنح قطاع الرعاية الصحية الفرصة للتركيز على الأمراض الأخرى، لذلك فإن التحصين ضد الأمراض المعدية يأتي على رأس قائمة الأولويات عبر فرض اللقاحات الإلزامية منذ الولادة، لتحسين نوعية الحياة بالوقاية من المرض والحد من انتقاله، فالأفراد الذين تم تطعيمهم أقل عرضة للأعباء الجسدية والنفسية والمالية المرتبطة بالأمراض المعدية، مما يسمح لهم بأن يعيشوا حياةً أكثر صحة وإنتاجية.
وأضافت: تعمل اللقاحات على تعزيز التنمية الاجتماعية والاقتصادية من خلال تقليل عبء المرض على المجتمعات، حيث إن السكان الأصحاء مجهزون بشكل أفضل للمشاركة في التعليم والتوظيف والأنشطة الاقتصادية وزيادة الإنتاجية والازدهار.
وذكرت أن اللقاحات تعزز الأمن الصحي العالمي من خلال منع انتشار الأمراض المعدية بين الدول وتسهم برامج التطعيم في مراقبة الأمراض، والاستجابة لتفشي الأوبئة والسيطرة عليها، بالتالي التخفيف من تأثير التهديدات الصحية العالمية، فهي تعد أدوات أساسية لحماية الصحة الفردية والعامة، وتعزيز العدالة ورفاه المجتمعات.
الأكثر عرضة
كما أشارت د. منى تهلك إلى أن المواليد الجدد والأطفال هم أكثر الفئات المجتمعية عرضة للأمراض، إذ لم يصل جهازهم المناعي للتطور الكافي بعد لحمايتهم من الأمراض، لذلك، نجد جداول التحصين الإلزامية مفروضة على الأطفال منذ ولادتهم وكبار السن، وعلى النساء الحوامل والعاملين في مجال الرعاية الصحية بسبب اتصالهم الوثيق بالمرضى.
وذكرت د.منى تهلك، أن أفراد المجتمع لهم دور حيوي في توعية أفراد أسرهم بأخذ اللقاحات لحماية صحتهم وتعزيز حصانة وعافية المجتمع، لذلك يتعين عليهم التحلي بالإيجابية تجاه اللقاحات، وعدم الانسياق خلف الإشاعات التي تشكك بفاعلياتها وسلامتها على صحة البشر ويمكن للأفراد دعم مبادرات الصحة العامة لزيادة معدلات التطعيم والحد من الأمراض.
إنقاذ الأرواح
أكدت الدكتورة ديما إبراهيم أخصائية الأمراض المعدية في مدينة برجيل الطبية في أبوظبي، أنه يمكن للتطعيمات أن تحمي من الإصابة بأكثر من 25 مرضاً معدياً مختلفاً، من الطفولة إلى الشيخوخة، مثل الدفتيريا والحصبة والسعال الديكي وشلل الأطفال والكزاز، وبحسب تقديرات منظمة الصحة العالمية فإن التلقيح فعال ويمكن أن يحمي نحو 2-3 مليون شخص من الوفاة كل عام.
وأشارت إلى أن التطعيمات تسهم في إنقاذ أرواح الأفراد من أمراض يمكن الوقاية منها باللقاحات وتحسين ظروف حياتهم، ودعوة البلدان إلى زيادة الاستثمارات في برامج التحصين واللقاحات لحماية الأجيال القادمة، مؤكدة على أن اللقاحات الروتينية، تعتبر أفضل أداة متاحة لمكافحة الأمراض المعدية لدى البالغين والأطفال، ووسيلة فعالة لحماية الأفراد والمجتمعات من الكثير من الأمراض عن طريق جعل الناس محصنين أو مقاومين لها من خلال تحفيز جهاز المناعة في الجسم، حيث تساعد التطعيمات في الحماية والحفاظ على صحة أفراده، ولاسيما أفراد المجتمع الأكثر ضعفاً مثل الأطفال، والنساء الحوامل وكبار السن ومرضى السرطان، والمصابين بأمراض مزمنة.
التجارب والاختبارات
وأضافت: جميع اللقاحات تخضع للعديد من التجارب والاختبارات، للتأكد من أنها لن تضر بجسم الإنسان، وهي مهمة لأنها تفيد بشكل كبير جهاز المناعة لدينا، كما أن اللقاحات تعلم جهاز المناعة لدينا كيفية تكوين أجسام مضادة لمحاربة الأمراض، فالتحصين هو عملية إعطاء لقاح للشخص لحمايته من مرض معين، وتكون اللقاحات هي ضعيفة أو ميتة من فيروس ما أو مرض ما أو مواد مصنوعة معملياً تستخدم أجزاء لتحفيز وتدريب جهاز المناعة على إنتاج أجسام مضادة (بروتينات تقاوم الأمراض).
وأشارت إلى أن أهم 10 أمراض يمكن الوقاية منها باللقاحات مرض الحصبة، السعال الديكي(الشاهوق)، الإنفلونزا، شلل الأطفال، مرض المكورات الرئوية، الكزاز (التيتانوس)، داء المكورات السحائية، التهاب الكبد (ب)، النكاف، الإلتهاب الرئوي المستدمية النزلية (من النوع ب) .
حقائق
قالت د. ديما إبراهيم: هناك عدد من الحقائق أهمها هي، أن الأطفال حديثي الولادة محصنون ضد العديد من الأمراض لأن لديهم أجساماً مضادة حصلوا عليها من أمهاتهم، وتزول هذه المناعة خلال السنة الأولى من العمر، إذا تعرض الطفل غير المحصن لجرثومة مرضية، فقد لا يكون جسم الطفل قوياً بما يكفي لمحاربة المرض، تحصين الأفراد يساعد على حماية صحة مجتمعنا، وهو أمر مهم بشكل خاص لأولئك الأشخاص الذين لا يمكن تحصينهم.
مفاهيم خاطئة
أوضحت د. ديما، أن هناك عدداً من المفاهيم الخاطئة المتعلقة بالتطعيم، أولها أن اللقاحات قد تسبب التوحد، بالطبع هذا ليس صحيحاً فقد أظهرت العديد من الدراسات العلمية عدم وجود صلة بين التوحد ولقاحات التحصين، بما في ذلك لقاح ( MMR لقاح الحصبة والنكاف والحصبة الألمانية)، الفكرة الثاني الخاطئة: اللقاحات تحتوي على مواد سامة، وبالطبع اللقاحات لاتحتوي على مكونات سامة، حيث تخضع لاختبارات مكثفة لضمان سلامتها وفعاليتها، المعلومة الثالثة الخاطئة: لقاح الإنفلونزا يتسبب في الإصابة بالفيروس وبالطبع هي خاطئة لأن الإنفلونزا تنتشر بشكل رئيس من خلال العطس والسعال والاتصال القريب مع شخص مصاب بها، ولم تظهر الدراسات أن لقاحات الإنفلونزا تسبب الإنفلونزا.