أحمد مراد (القاهرة)
تاريخ حافل بالتعاون المشترك يمتد إلى ما يزيد على 50 عاماً يجمع بين الإمارات وعُمان، وبدأ قبل الإعلان عن قيام دولة الإمارات في الثاني من ديسمبر 1971، وبالتحديد منذ اللقاء الأول الذي جمع المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، والمغفور له السلطان قابوس بن سعيد في عام 1968. وفي مراحل لاحقة، ارتبطت الإمارات وعُمان بعلاقات وثيقة على مختلف المستويات السياسية والاقتصادية والدبلوماسية والثقافية، الأمر الذي ظهرت نتائجه في تطوير العلاقات بين البلدين وفق مبادئ راسخة وأرضية صلبة، وتبادل الزيارات واللقاءات بين قادة البلدين.
وفي مايو من عام 1991، كانت العلاقات الإماراتية العُمانية على موعد مع حدث تاريخي تجسد في زيارة المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان «طيب الله ثراه» إلى سلطنة عُمان، إذ تشكلت على إثرها اللجنة العليا المشتركة للتعاون بين البلدين، ما أسهم في توطيد علاقاتهما، وتعزيز أوجه التعاون المشترك بينهما في مختلف المجالات السياسية والدبلوماسية والاقتصادية والثقافية والأمنية والعسكرية.
وبدأت اللجنة العليا المشتركة أول اجتماعاتها في شهر نوفمبر من عام 1991، وشملت أعمالها التعاون في مجالات الربط الآلي في المنافذ البرية، والنقل البري للركاب والبضائع، وأسواق المال، وحماية المستهلك والبيئة البحرية، والربط الكهربائي، والطيران المدني، والخدمة المدنية، فضلاً عن المجالات التربوية والصحية والدفاع المدني. كما أجرت اللجنة العديد من الدراسات لإقامة مجموعة من المشاريع المشتركة، إضافة إلى التنسيق والتعاون في مختلف المجالات الأمنية والتعليمية والعسكرية والإعلامية.
وتضم اللجنة «الإماراتية العُمانية» المشتركة عدداً كبيراً من وزراء البلدين في مختلف المجالات، وانبثق عنها العديد من اللجان بهدف المتابعة، منها اللجنتان الفنية والعسكرية، وهما لجنتان تتابعان المقررات التي تصدر عن اللجنة العليا سواء فيما يتعلق بالجانب الأمني أو العسكري.
وأسفرت أعمال اللجنة العليا المشتركة للتعاون بين الإمارات وسلطنة عُمان عن العديد من القرارات المهمة التي ساهمت في تعزيز العلاقة بين أبوظبي ومسقط، وكان من أبرزها القرار الخاص بالسماح للمواطنين الإماراتيين والعمانيين بالتنقل بين البلدين باستخدام البطاقة الشخصية بدلاً من جوازات السفر، وبذلك تكون الإمارات وعُمان أول دولتين من دول مجلس التعاون الخليجي تعتمدان البطاقة الشخصية وثيقة لتنقل مواطني البلدين منذ العام 1993.
وحرص قادة البلدين على تفعيل وتقوية أعمال اللجنة العليا المشتركة بين الإمارات وسلطنة عُمان التي عقدت عشرات الاجتماعات في أبوظبي ومسقط، وحققت خلالها إنجازات مهمة، أبرزها إنشاء شركة «عُمان والإمارات للاستثمار».
وتأسست شركة «عُمان والإمارات للاستثمار» في الثاني من مايو 1994 في مسقط، وباشرت أعمالها في سبتمبر من العام 1994، برأسمال قدره 30 مليون ريال عُماني، تسهم حكومتا البلدين فيه بنسبة 60%، وطرحت 40% من رأسمالها على مواطني البلدين.
وفي مايو 1999، كرر المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان «طيب الله ثراه» زيارته إلى سلطنة عُمان، ما شكل دفعة قوية لجهود تعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين، وتنمية المصالح المشتركة، وتنسيق المواقف والرؤى، وتبادل الخبرات والتجارب، وهو ما أرسى دعائم صلبة وأسساً متينة للعلاقات الإماراتية العُمانية.
وحرص الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان «رحمه الله» منذ توليه مقاليد الحكم في نوفمبر من عام 2004، على مواصلة العلاقات الوثيقة التي جمعت الإمارات بسلطنة عُمان، الأمر الذي قابله السلطان قابوس بنفس الاهتمام والحرص، وهو ما ساهم في تنامي حجم العلاقات الإماراتية العُمانية في مختلف المجالات.
وتعددت زيارات السلطان قابوس إلى الإمارات، من بينها الزيارة التي قام بها في 11 يوليو من عام 2011 تلبية لدعوة من المغفور له الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، وبحث الزعيمان فيها سبل الارتقاء بعلاقات البلدين، وتحقيق التكامل والتعاون المنشودين في كافة المجالات.
كما زار السلطان قابوس الإمارات في مايو 2008، في إطار التواصل والتشاور المستمرين بين البلدين، وحرصهما على تعميق العلاقات، والتنسيق في القضايا ذات الاهتمام المشترك، وفي 14 أبريل من عام 2012، جاءت زيارة أخرى للسلطان قابوس إلى الإمارات.
كما تعددت زيارات الشيخ خليفة بن زايد إلى سلطنة عُمان، من بينها الزيارة التي قام بها في 9 يناير 2005، وكذلك الزيارة التي قام بها في 27 مايو 2007 تلبية لدعوة السلطان قابوس.