الصحابي الجليل عبدالله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما، هو من علماء الصحابة، ونسبه هو أبو عبدالرحمن عبدالله بن عمر بن الخطاب بن نفيل بن عبدالعزى بن رياح بن قرط بن رزاح، العدوي القرشي، أسلم وهو صغير، ثم هاجر مع أبيه، وهو ممن بايع تحت الشجرة.
وقد ورد في فضله مجموعة من الأحاديث، من ذلك: ما صح عنه رضي الله عنه، قال: كان الرجل في حياة النبي، ﷺ، إذا رأى رؤيا قصها على النبي ﷺ، فتمنيت أن أرى رؤيا أقصها على النبي ﷺ، وكنت غلاماً شاباً عَزباً، وكنت أنام في المسجد على عهد النبي ﷺ، فرأيت في المنام كأن ملكين أخذاني فذهبا بي إلى النار، فإذا هي مطوية كطي البئر، وإذا لها قرنان كقرني البئر، وإذا فيها ناس قد عرفتهم فجعلت أقول: أعوذ بالله من النار، أعوذ بالله من النار، فلقيهما ملك آخر، فقال لي: لن تراعَ. فقصصتها على حفصة، فقصتها حفصة على النبي، ﷺ: فقال: «نعم الرجل عبدالله لو كان يصلي بالليل. قال سالم: فكان عبدالله لا ينام من الليل إلا قليلاً»، (صحيح البخاري، 3738).
وعن حفصة رضي الله عنها: أن النبي، ﷺ قال لها: «إن عبدالله رجل صالح»، (صحيح البخاري، 3740).
وسبب قول النبي ﷺ لذلك هو ما رواه ابن عمر، قال: رأيت في المنام سرقةً من حرير، لا أهوي بها إلى مكان في الجنة إلا طافت بي إليه، فقصصتها على حفصة، فقصتها حفصة على النبي ﷺ فقال ﷺ: «إن أخاك رجل صالح»، أو قال: «إن عبدالله رجل صالح»، (صحيح ابن حيان، 7072).
وقد روى ابن عمر، رضي الله عنهما، علماً كثيراً نافعاً عن النبي ﷺ، وعن: أبيه، وأبي بكر، وعثمان، وعلي، وبلال، وصهيب، وعامر بن ربيعة، وزيد بن ثابت، وزيد عمه، وسعد، وابن مسعود، وعثمان بن طلحة، وأسلم، وحفصة أخته، وعائشة، وغيرهم رضي الله عنهم أجمعين، (سير أعلام النبلاء، 3/ 204).
وكان رضي الله عنه شديد الاقتداء برسول الله ﷺ، فعن نافع، قال: كان ابن عمر يتتبع آثار رسول الله ﷺ وكل منزل نزله رسول الله ﷺ ينزل فيه، فنزل رسول الله ﷺ تحت سمرة، فكان ابن عمر يجيء بالماء، فيصبه في أصل السمرة كيلا تيبس، (صحيح ابن حبان، 7074). قال ابن المسيب: لو شهدت لأحد أنه من أهل الجنة، لشهدت لابن عمر، وقال طاووس: ما رأيت أورع من ابن عمر.
وكان حاضر القلب مع القرآن، روى عثمان بن واقد، عن نافع قال: كان ابن عمر إذا قرأ: (أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَن تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ)، «سورة الحديد: الآية 16»، بكى حتى يغلبه البكاء.
وكان شديد التعلق بالقرآن، قيل لنافع: ما كان يصنع ابن عمر في منزله؟ قال: لا تطيقونه: الوضوء لكل صلاة، والمصحف فيما بينهما، (سير أعلام النبلاء، 3/ 215). وكان إذا فاتته العشاء في جماعة، أحيا بقية ليلته، وكان لا يصوم في السفر، ولا يكاد يفطر في الحضر. 
وما أعجبه شيء من ماله إلا قدمه صدقة، كان يسير على ناقته فأعجبته، فأناخها وجعلها في سبيل الله، وكان رضي الله عنه عظيم السخاء، قال نافع: إن كان ابن عمر ليفرق في المجلس ثلاثين ألفاً، ثم يأتي عليه شهر ما يأكل مزعة لحم. كتب رجل إلى ابن عمر أن يكتب له كتاباً فيه العلم كله، فكتب إليه عبدالله بن عمر: إن العلم كثير، ولكن إن استطعت أن تلقى الله خفيف الظهر من دماء الناس، خميص البطن من أموالهم، كافّ اللسان عن أعراضهم، لازماً لأمر جماعتهم، فافعل، رضي الله عنه وأرضاه.