ووردت في فضله آثار، منها: ما ثبت عن أنس، رضي الله عنه، أنه قال: «جمع القرآن على عهد النبي ﷺ أربعة، كلهم من الأنصار، أبي، ومعاذ بن جبل، وأبو زيد، وزيد بن ثابت»، (صحيح البخاري، 3810)، وكفى بذلك عزاً وفخراً.
وعن أنس بن مالك، رضي الله عنه قال: قال رسول الله ﷺ: «أرحم أمتي بأمتي أبو بكر، وأشدهم في أمر الله عمر، وأصدقهم حياء عثمان بن عفان، وأعلمهم بالحلال والحرام معاذ بن جبل، وأفرضهم زيد بن ثابت، وأقرؤهم أبي بن كعب، ولكل أمة أمين وأمين هذه الأمة أبو عبيدة بن الجراح».
حدث عن النبي ﷺ، وقرأ عليه القرآن الكريم، ومناقبه جمّة، وتلا عليه: ابن عباس، وأبو عبدالرحمن السلمي، وغير واحد، وكان عمر بن الخطاب يستخلفه على المدينة إذا حج، وكان أحد الأذكياء، فلما هاجر النبي ﷺ إلى المدينة أمر زيد بن ثابت أن يتعلم السريانية، قال زيد: فتعلمتها في سبعة عشر يوماً.
وفي خلافة أبي بكر الصديق، رضي الله عنه، استدعى زيداً وقال له: إنك رجل شاب عاقل لا نتهمك، قد كنت تكتب الوحي لرسول الله ﷺ فتتبع القرآن، فاجمعه. قال زيد: فكنت أتتبع القرآن، أجمعه من الرقاع، والأكتاف، والعسب، وصدور الرجال.
ولعظيم علمه -رضي الله عنه- فقد كان معدوداً من أصحاب الفتوى بعد رسول الله ﷺ، قال التابعي الجليل مسروق: كان أصحاب الفتوى من أصحاب رسول الله ﷺ هم: عمر، وعلي، وابن مسعود، وزيد، وأبي، وأبوموسى.
وقال قبيصة بن ذؤيب: كان زيد بن ثابت مترئساً بالمدينة في القضاء والفتوى والقراءة والفرائض في عهد عمر وعثمان وعلي في مقامه بالمدينة، وبعد ذلك خمس سنين، حتى ولي معاوية سنة أربعين، فكان كذلك أيضاً حتى توفي سنة خمس وأربعين»، (الطبقات الكبرى لابن سعد، 2/ 360).
وقال عبدالله بن عباس رضي الله عنهما: لقد علم المحفوظون من أصحاب محمد ﷺ أن زيد بن ثابت -رضي الله عنه- من الراسخين في العلم.
وعن سليمان بن يسار قال: ما كان عمر وعثمان يقدمان على زيد أحداً في الفرائض، والفتوى، والقراءة، والقضاء.
وقال الإمام مالك بن أنس: كان إمام الناس عندنا بعد عمر، زيد بن ثابت، وكان إمام الناس عندنا بعد زيد، ابن عمر، ولما مات زيد بن ثابت، قال أبو هريرة، مات حبر الأمة، ولعل الله أن يجعل في ابن عباس منه خلفاً.