أبوظبي (وام)

عقول إماراتية شابة، تخطط وتنظم، تفكر وتعمل بإصرار وبلا كلل لرفع سقف الطموح العالمي عبر جوانب ومجالات العمل المناخي كافة من أجل بناء حاضر ومستقبل أفضل وحماية كوكب الأرض لنا وللأجيال القادمة.
إنهم فريق المفاوضين الإماراتيين لمؤتمر الأطراف COP28، الذي كان من المحركات الأساسية للتوصل إلى توافق عالمي على «اتفاق الإمارات» التاريخي وإرساء معايير جديدة للعمل المناخي العالمي، والذين التقاهم صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، في فبراير الماضي، وهنأهم على إنجازات المؤتمر، وقلّدهم وسام زايد الثاني من الطبقة الأولى. وأعرب أعضاء الفريق عن فخرهم واعتزازهم بهذا التكريم، مثمّنين عالياً رؤية ودعم وتوجيهات صاحب السمو رئيس الدولة، حفظه الله، وصاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي، رعاه الله، وسمو الشيخ منصور بن زايد آل نهيان، نائب رئيس الدولة، نائب رئيس مجلس الوزراء، رئيس ديوان الرئاسة، وسمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان، وزير الخارجية، رئيس اللجنة الوطنية العليا للإشراف على أعمال التحضير للدورة الثامنة والعشرين من مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ COP28.

من التأهيل إلى التألق
وتماشياً مع رؤية القيادة بتمكين الشباب والاستثمار بكثافة في تنمية قدراتهم وتعزيز مشاركتهم في القطاعات الحيوية حرصت رئاسة COP28 على تأهيل فريق من المفاوضين الإماراتيين الشباب الواعدين، لإدارة وتنسيق المسارات التفاوضية خلال المؤتمر وما بعده، والقيام بدور محوري في تحقيق تقدم ملموس في العمل المناخي، وبناء مستقبل دبلوماسية المناخ. واستمرت هذه المهمة ثلاث سنوات منذ بدء الاستعداد لمؤتمر COP26 في غلاسكو الذي تم فيه اختيار دولة الإمارات لاستضافة الدورة الثامنة والعشرين للمؤتمر.
وفي الاجتماعات السنوية لحكومة الإمارات العام الماضي التي انعقدت قبل بدء المؤتمر بأيامٍ معدودة، قدم معالي الدكتور سلطان بن أحمد الجابر، وزير الصناعة والتكنولوجيا المتقدمة رئيس COP28، أعضاء فريق الإمارات التفاوضي إلى المشاركين في الاجتماعات وأوضح جهودهم وتعاونهم البنّاء مع زملائهم في فريق COP28، وتركيز الجميع على العمل بروح الفريق الواحد، وأشاد بجهود المفاوضين الدؤوبة لتكريس التوافق بين الأطراف والمجموعات من جميع أنحاء العالم، وإيجاد فهم مشترك يتيح رؤية الصورة الشاملة لأهداف المؤتمر ودعمها.
ورغم صعوبة المهمة، استطاع الفريق أن يتَّحد ويعمل وينجز، ويفي بوعد دولة الإمارات بتقديم مؤتمر أطراف استثنائي، من خلال دعم النهج الاستراتيجي لرئاسة COP28، الذي تضمن القيام بجولة عالمية استباقية للاستماع والتواصل وتقصي الحقائق، بالإضافة إلى وضع خطة عمل للمؤتمر ذات مسارات تفاوضية واضحة وأهداف محددة.
وأكد معالي الدكتور سلطان بن أحمد الجابر أن فريق المفاوضين الإماراتي أثبت قدرته على العمل بكفاءة وفعالية دبلوماسية عالية، ما سيعود على دولة الإمارات بفوائد كبرى مستقبلاً.

مهمة دبلوماسية معقدة
فقد تولت هناء سعيد الهاشمي مهمة «كبير المفاوضين» في الفريق الإماراتي، مستندة إلى سنوات خبرتها في مجال التنمية المستدامة، لكي تسهم في الجهود المشتركة لدولة الإمارات واتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ، حيث تقوم بمهمة مدير إدارة في مكتب المبعوث الخاص لدولة الإمارات للتغير المناخي، وسبق لها المساهمة في وضع المبادرة الاستراتيجية للحياد المناخي 2050 الخاصة بدولة الإمارات، وفي ملف طلب استضافة COP28.
وقالت هناء الهاشمي: طرحت رئاسة COP28 رؤيتها للهدف الأساسي من المؤتمر في يوليو من العام الماضي، وكان جانب كبير منها يتطلب موافقة جميع الأطراف، لذا، أجرى فريق المفاوضين عدداً كبيراً من المشاورات وجولات الاستماع والتواصل مع مختلف الأطراف لفهم أهدافهم من المؤتمر، ومواقفهم، والخطوات المرنة المطلوبة من الجميع لتحقيق التقدم اللازم.. وكانت مهمتنا التوفيق بين كل الأطراف لتحقيق نتيجة طموحة تحتوي الجميع من خلال COP28.. واستطاعت رئاسة المؤتمر بدعم سمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان، وزير الخارجية، وتعاون حكومة دولة الإمارات، والتواصل الكثيف مع الأطراف، التَوصُل إلى «اتفاق الإمارات» التاريخي، الذي أصبح إطار العمل الدولي الجديد لتنفيذ الالتزامات المناخية العالمية، والحفاظ على إمكانية تحقيق هدف 1.5 درجة مئوية.

حلول متوازنة 
يمتلك عمر أحمد البريكي، نائب كبير المفاوضين في COP28، خبرة كبيرة في العمل مع القطاعين الحكومي والخاص، ومشروعات الطاقة بمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وقد تولى مهمة رئيس وحدة التقييم البيئي في هيئة البيئة- أبوظبي، وحصل على زمالة قادة المناخ في كلية جاكسون للشؤون الدولية في جامعة ييل، إلى جانب زمالة برنامج خبراء الإمارات، الذي يؤدي فيه دور ممثّل قطاع مصادر الطاقة المتجددة والاستدامة. وأوضح البريكي أنه تحت إشراف ومتابعة رئاسة المؤتمر، تم تدريب أفراد الفريق وصقل خبراتهم بالممارسة العملية، ليصبح من أقل فرق التفاوض سناً في تاريخ اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ، حيث يبلغ متوسط عمر أعضائه 33 عاماً.
ورأى أن مهمة المفاوض هي «تحديد مشكلات طرف أو مجموعة، واكتشاف سبل التخفيف منها وحلها»، وأن المفاوض الجيد هو الذي «يستمع 90 في المائة من الوقت».

فريق يبتكر ويتفوق 
تم اختيار وبناء فريق المفاوضين من الكوادر الإماراتية الشابة بدقة شديدة كون مهمتهم بحاجة إلى مهارات عالية في مجالات متخصصة، والقدرة على العمل تحت ضغط جداول زمنية ضيقة، والتواصل بوضوح وفاعلية مع مختلف الثقافات.
وقبل تولي أدوارهم في المفاوضات خلال COP28، تم توفير الدعم والتوجيه والمشورة والتدريب اللازم لصقل مهاراتهم، وليكونوا جزءاً أساسياً من إرث المؤتمر لدولة الإمارات والمنطقة والعالم.
على سبيل المثال، يملك أحمد آل غردقة، المفاوض والقانوني، خبرة كبيرة في البحث الأكاديمي وشؤون القانون الدولي والدبلوماسية والمفاوضات، وتم تأهيله لترسيخ مكانة دولة الإمارات في المناقشات المناخية العالمية، ودعم تحقيق أهداف العمل المناخي، بالتزامن مع تعزيز العلاقات مع المعنيين العالميين. وكذلك ميثاء النوري، التي أكملت دراستها القانونية عام 2014 في جامعة باريس ديكارت، وهي غواصة تشارك في أوقات فراغها في ترميم واستعادة المُرجان في الفجيرة والشارقة لشغفها بحماية البيئة وتتولى مسؤولية قيادة عملية التفاوض الخاصة بموضوع معالجة الخسائر والأضرار الناتجة عن تداعيات تغير المناخ، ونجحت مع الفريق في تحقيق نجاح باكرٍ لـCOP28 عندما تم تفعيل وبدء تمويل صندوق عالمي مختص بالمناخ ومعالجة تداعياته في اليوم الأول من المؤتمر، وذلك بعد 40 عاماً من المحاولات العالمية لإنشائه وتفعيله.

قيادة مُلهِمة 
أما إيمان السويدي، المسؤولة عن مفاوضات أسواق الكربون فقالت إنها اكتسبت خلال عملها ضمن فريق المفاوضين الخبرة السياسية اللازمة، وكذلك ساعدتها دراستها لهندسة الكيمياء كثيراً في تنظيم الأفكار وتحليل الموضوعات والمشكلات، ودعمتها في مفاوضات أسواق الكربون، وهي مجال فريد، لأنه يعنى بالاقتصاد والتمويل، ومشروعات خفض الانبعاثات، ويمتد إلى مجال التكّيف مع تداعيات تغير المناخ، ولذلك، يتسم تنفيذ حلوله بالصعوبة والتشعب.
وأوضحت السويدي أن المفاوضات الخاصة بمختلف موضوعات تغير المناخ تكتسي صعوبة أكبر ترجع إلى أن القرار يُتَّخذ بالإجماع وليس بالأغلبية، لذا، فإن توحيد آراء 198 طرفاً بشأن قرار معين هو التحدي الكبير، ومعيار النجاح الأول، وتشير إلى ما واجهه فريق المفاوضين من تباين شديد في آراء بعض مجموعات التفاوض الكبيرة حول بنود يصعب إيجاد حلول وسط بشأنها في ما يخص ملف المادة السادسة لاتفاق باريس المتعلقة بأسواق الامتثال وأسواق الكربون الطوعية، وأن الصعوبة تزداد عندما تكون المشكلة تقنية وليست سياسية، حيث يتمسك كل طرف بحلوله، مما يزيد من تعقيد التوصل إلى القرار المطلوب بتفاصيله الكثيرة المتشعبة.

صورة مشرقة 
ثريا قرقاش هي المسؤولة عن مفاوضات برنامج عمل الانتقال العادل في COP28، الذي يسعى إلى ضمان التنفيذ المُنصف عبر جميع ركائز اتفاق باريس، وهي خريجة جامعة كاليفورنيا في سان دييغو، وحاصلة على شهادة البكالوريوس في الهندسة الكيميائية مع تخصص ثانوي في علم النفس، إضافة إلى شغفها بقطاع البيئة وتغير المناخ نظراً إلى أهميته المتزايدة، كما تهوى الفن وتستمتع بالرسم وصنع الفخار.
انتقلت ثريا، أصغر أعضاء فريق التفاوض سناً وأحدثهم انضماماً، من قسم الاستراتيجية في COP28 إلى مكتب المدير العام، وتم تكليفها بدعم فريق المفاوضين واكتساب خبرة التفاوض خلال مؤتمر بون لتغير المناخ.

بين السماء والأرض 
عامر الكندي، مسؤول مفاوضات التكيف المناخي في COP28، يحمل درجة الماجستير في الدراسات الأمنية والاستراتيجية ودبلوم الدراسات العليا في الشؤون الدبلوماسية والعلاقات الدولية، كما يملك رخصةً لقيادة الطائرات التجارية، وهو طبيب ممارس سابق في أبوظبي، وسعى عامر إلى تحقيق مخرجات طموحة لـCOP28 خاصةً اعتماد إطار عمل عالمي للتكيف، على أن يكون إطاراً فعالاً يحفز تفعيل الهدف العالمي للتكيّف المناخي المذكور في اتفاق باريس، ويلبي احتياجات المناخ والتكيف العالمية المختلفة.
وقال الكندي إن العالم خاصة الدول النامية، كان يطالب في السنوات الأخيرة بزيادة التركيز على التكيّف المناخي، والموازنة بين الأهمية المعطاة للتكيّف والتخفيف، خاصةً أن دول العالم النامي هي الأكثر تأثراً بالتغير المناخي، وتحتاج إلى دعم مالي وفني كبير لبناء قدراتها لمواجهة تداعيات تغير المناخ والتكيّف معه، وقد نجحنا في ختام مؤتمر COP28 في اعتماد «إطار الإمارات للمرونة المناخية» الذي يتيح تفعيل الهدف العالمي للتكيّف، ويوضح آلية تنفيذه. وقال عامر في ختام حديثه: «أصعب موقف واجهنا قبل COP28 كان انتهاء مؤتمر بون في يونيو بمخرجات ضعيفة جداً في مجال التكيّف وخلافات كبيرة بين الدول.. وخلال COP28، انتهى الأسبوع الأول من المؤتمر، وهو أسبوع المفاوضات الفنية، من دون التوصل لتوافق على أي نص، ولم يكن أمامنا سوى أربعة أيام لإقرار النص المطلوب، ورغم ذلك، ضاعف فريق العمل الجهود وكثّف التواصل والتعاون الدولي والمشاورات إلى أن تكللت جهودنا بالنجاح وتم التوصل إلى الإطار المنشود».

فريق الأحلام
هكذا يصف عمران المزروعي، المفاوض في فريق التمويل المناخي، الفريق الذي يضم زملاءه المفاوضين، الذين يمتلكون مزيجاً فريداً من المهارات والخبرات المتنوعة.
بدأ شغف عمران واهتمامه بالبيئة والمناخ باكراً، ودرس الهندسة البيئية، ثم عمل في هيئة البيئة-أبوظبي التي تدعم جهود الإمارة في حماية البيئة، ثم أصبح عضو مجلس إدارة في الهيئة العامة للطيران المدني ليسهم في تشكيل استراتيجيات مستدامة وداعمة للمناخ في القطاعين الحكومي والخاص من خلال دوره الاستشاري.

فريق المفاوضين
ضم فريق مفاوضي مؤتمر الأطراف COP28 كلاً من هناء سعيد الهاشمي، وعمر أحمد البريكي، وإيمان أستاذي، وعبدالله الرميثي، وإيمان السويدي، وثريا العلي، وعامر الكندي، وميثاء محمد الكعبي، ومحمد عبدالله الشريفي، وإسراء الحوسني، وعمران خالد المزروعي، وعبدالعزيز حارب الطنيجي، وعبدالله الحمادي، وغانم هبليل، وأحمد آل غردقة، وسارة أحمد الهلالي، وميثاء النوري، وآسيا الشحي، وأمل القرقاوي، وعائشة محمد الحميري، وثريا قرقاش، وفاطمة حوكل، وفاطمة الحلامي، وميثاء المنصوري، وفاطمة الحبشي، وموزة إسماعيل الزعابي، ومحمد المهيري، وأحلام المناعي، ونوال الهنائي، وعبد المعطي مراد، وشيخة شريف، وعذراء إبراهيم، وشيماء مبوانا.
وكان COP28 الذي استضافته دولة الإمارات في الفترة من 30 نوفمبر إلى 13 ديسمبر 2023 قد شهد في ختامه توافق الأطراف الـ198 في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ على «اتفاق الإمارات» التاريخي الذي دشن مساراً جديداً للعمل المناخي العالمي.

جهود استثنائية 
وقال عبد العزيز حارب، المسؤول عن المفاوضات الخاصة بمجال التكنولوجيا والعلوم وبناء القدرات، إنه استفاد كثيراً من تجربته مع الفريق الذي يأتي أعضاؤه من خلفيات متنوعة ويتبادلون الخبرات، ورأى أن السنوات الثلاث التي قضاها ضمن الفريق تعادل عشر سنوات من العمل المعتاد، نظراً للممارسة العملية الكثيفة.
وأضاف حارب أنه رغم الإنجاز المبهر لـCOP28 فالمهمّة لم تنتهِ بعد، إذ لا يزال هناك COP29 وCOP30، ولا تزال الإمارات في سنة رئاستها، وأنه بفضل رئاسة المؤتمر، يشعر كل فرد بالفريق بالثقة والقدرة على تحقيق الأهداف المحددة والمساهمة في ترسيخ مكانة الإمارات الرائدة في دبلوماسية المناخ الدولية وبناء مستقبل أفضل للأجيال الحالية والقادمة.
وشاركته الرأي ثريا العلي المسؤولة عن المفاوضات الخاصة بموضوع «الحصيلة العالمية»، والتي تحمل درجات أكاديمية عليا في القانون، وتختص في القانون الدولي لحقوق الإنسان ومشروعات حق الامتياز العالمية متعددة الاختصاصات، حيث سبق لها العمل مستشارةً قانونية لشركة موانئ دبي العالمية في كلٍّ من دولة الإمارات والمملكة المتحدة، وأتاح لها شغفها بالعمل الدبلوماسي المناخي إحداث أثر إيجابي ملموس في القطاع البيئي، كما تدير مشروعاً شخصياً يُعنى بتصميم ودعم الأزياء الحرفية المستدامة.