إبراهيم سليم (أبوظبي)
أكد معالي الشيخ العلامة عبدالله بن بيّه، رئيس مجلس الإمارات للإفتاء الشرعي، رئيس منتدى أبوظبي للسلم، أن دولة الإمارات العربية المتحدة، بقيادة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، جديرة بقيادة جهود العالم لبناء الإطار الأخلاقي الذي يضمن الاستخدام الأمثل للذكاء الاصطناعي، لما تمتاز به من قدرة على التواصل مع الجميع بحكمة، منوهاً في هذا السياق بروح الابتكار والإبداع التي بوأت الإمارات الريادة في مجال الذكاء الاصطناعي، وما تتسم به من إرث حضاري يجمع بين المحافظة على القيم الأصيلة والمبادئ السامية، والانفتاح على إيجابيات العصر من تقدم وحضارة إنسانية.
جاء ذلك في الكلمة الافتتاحية التي ألقاها معاليه، أمس، في اللقاء التشاوري الأول للجنة الدين والمجتمع المدني للذكاء الاصطناعي الذي ينظمه منتدى أبوظبي للسلم في العاصمة أبوظبي حتى بعد غدٍ الخميس، تحت شعار: ما وراء القيم: نحو دمج الفضائل في الذكاء الاصطناعي، بمشاركة ممثلين عن الحكومة البريطانية والفاتيكان ومعهد فرداي للعلوم والإيمان التابع لجامعة كامبريدج وعددٍ من المنظمات الكبرى الناشطة في المجال وبمشاركة فاعلة من جامعة محمد بن زايد للعلوم الإنسانية ومجلس الإمارات للإفتاء الشرعي، وعدد من الخبراء والباحثين والمهتمين من مختلف بلدان العالم.
وقال معالي الشيخ عبد الله بن بيه، إن هذا اللقاء يأتي في إطار تجسيد منتدى أبوظبي للسلم لرؤية دولة الإمارات، من خلال الانخراط في الاهتمام العالمي حول الحاجة إلى الربط بين التطور العلمي والأطر الأخلاقية التي تعلي من مكانة الإنسان وتصون كرامته وتحمي حياته، مذكراً في هذا الصدد بأن المنتدى كان أول مؤسسة في المنطقة تبادر إلى الانضمام إلى نداء روما إلى جانب كبريات المؤسسات والهيئات الدولية، كما وقع المنتدى اتفاقية مع كلية الحياة في الفاتيكان ومعهد فرداي للعلوم والإيمان.
وحث معالي الشيخ ابن بيه على ضرورة التعاون والتضامن والعمل المشترك للتعامل مع تطورات الذكاء الاصطناعي التي امتزجت فيها المصالح والمفاسد والأضرار والمنافع، لضمان أن تكون أنظمته ومنتجاته ليست متقدمة تقنياً فحسب، بل سليمة أخلاقياً أيضاً، مؤكداً الحاجة إلى بذل الجهد الجماعي والعمل المستمر، والمبادرة إلى اتخاذ القرارات التي تمهد الطريق لمستقبل يكون فيه الذكاء الاصطناعي قوة من أجل الخير وتسخَّر فيه ثمرات التكنولوجيا لبناء عالم أكثر تسامحاً وسلماً وفضيلة.
وقد أشاد المشاركون بريادة دولة الإمارات العربية المتحدة في مجال الذكاء الاصطناعي وبكونها فضاء للأفكار وملتقى للإبداع والابتكار، مثمنين دور منتدى أبوظبي للسلم في احتضان هذا اللقاء الذي يعتبر محطة أساسية في مسيرة تخليق الذكاء الاصطناعي وتنسيق جهود جميع الأطراف المهتمة بالمجال.
أدار الجلسة الافتتاحية للاجتماع نيافة القس الدكتور راسل رووك، مدير مؤسسة شراكة النوايا الحسنة ببريطانيا، وقد نوه في كلمته بالقيادة الحكيمة لصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة ، حفظة الله، وبجهود الإمارات في صناعة نموذج حضاري يشع عبر العالم في كل المجالات.
وأكد مايلز ستيسي، المستشار الخاص لرئيس الوزراء البريطاني دعم حكومة بلاده لهذه المبادرة، منوهاً بأهمية هذا الاجتماع، وما له من دلالات زمانية ومكانية، تتعلق بتنظيمه على أرض الإمارات العربية المتحدة التي سلكت طريقها نحو الريادة، وفي ظل أصداء نجاح COP28، وفي مواكبة النجاحات التي حققتها الدولة على مختلف الصعد.
من جهته، أعرب الدكتور عمر حبتور الدرعي، رئيس الهيئة العامة للشؤون الإسلامية والأوقاف عن أهمية الوازع الديني القادر على إيقاظ المبدأ الأخلاقي، مؤكداً الحاجة إلى الربط بين التطوّر العلمي وبين الأطر الأخلاقية، مذكراً في هذا الصدد بأن مجلس الإمارات للإفتاء الشرعي كان سباقاً إلى تنظيم أول مؤتمر للمستجدات العلمية، لا سيما في مجال الذكاء الاصطناعي.
ونوه الدكتور خليفة مبارك الظاهري، مدير جامعة محمد بن زايد للعلوم الإنسانية بأهمية الاجتماع، مبرزاً أن الجامعة تعول على هذه اللقاءات التي تجمع العلماء من مختلف المجالات لتطوير برامج ومناهج تتيح لأطر الجامعة وطلابها فهماً شاملاً لكيفية تشبع الذكاء الاصطناعي بالفضائل والقيم.
وأكد الظاهري، في كلمته، أن العالم مجبر على استخدامات الذكاء الاصطناعي وتوظيفها لاستمرار التقدم، مع ضرورة التزامها بالمعايير الأخلاقية لضمان عمله كقوة خير في هذا العالم، وبالتالي نحتاج إلى قانون يضمن عمل الذكاء الاصطناعي من دون تأثير على النظام أو الأمن العام، أو المعتقدات أو المجتمعات، وتقنين استخدامه ودمجه بأخلاق و فضائل المجتمع والعقائد الدينية، مؤكداً أن الذكاء الاصطناعي موضوع مهم للإمارات تحديداً، وخاصة مع إنشاء جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي ومجلس الإمارات للتكنولوجيا
وأكد الدكتور تشينماي بانديا، نائب رئيس جامعة ديف سانسكريتي فيشو افيدالايا بالهند على قيمة اللقاء، والآفاق التي يفتحها لتكامل الجهود للإجابة عن الإشكالات التي يطرحها النمو المتسارع لحضور الذكاء الاصطناعي في كل مجالات الحياة.
نداء روما
نوه الأب باولو بينانتي، رئيس مؤسسة النهضة الذكائية التي أسسها البابا فرانسيس لنشر نداء روما لأخلاقيات الذكاء الاصطناعي بقيمة إعلان روما ضمن السياقات الحالية، وأكد أن القيادات الدينية لها كلمتها في سياق تأطير استثمار الذكاء الاصطناعي دينياً وأخلاقياً ومدنياً، وأثنى على الجهود الإماراتية المبذولة في هذا الصدد، وهو ما يؤكده واقع رئاسة المنتدى للجنة أخلاقيات الذكاء الاصطناعي.
التعاون
أكد الاجتماع ضرورة التعاون والتضامن والعمل المشترك للتعامل مع تطورات الذكاء الاصطناعي التي امتزجت فيها المصالح والمفاسد والأضرار والمنافع، لضمان أن تكون أنظمته ومنتجاته ليست متقدمة تقنياً فحسب، بل سليمة أخلاقياً أيضاً، وهو ما يحتاج إلى جهد جماعي وعمل مستمر. ومن خلال القيام بذلك، يمكننا تمهيد الطريق لمستقبل يكون فيه الذكاء الاصطناعي قوة من أجل الخير - مستقبل تسخر فيه ثمرات التكنولوجيا لبناء عالم أكثر تسامحاً وسلماً وفضيلة.