إبراهيم سليم (أبوظبي) 

اختتمت أمس، في أبوظبي فعاليات «المؤتمر الدولي لحوار الحضارات والتسامح 2024، والذي أقيم على مدار ثلاثة أيام، تحدث فيه أكثر من 50 من العلماء والمفكرين وقادة الأديان، وحضور ما يقرب من 5 آلاف من الجمهور والمهتمين من المواطنين والمقيمين، وأقيم المؤتمر برعاية معالي الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان، وزير التسامح والتعايش، ونظمه مركز باحثي الإمارات للدراسات والبحوث، بالتعاون مع وزارة التسامح والتعايش، والأمم المتحدة لتحالف الحضارات.
وثمن المشاركون في ختام أعمال المؤتمر دور الإمارات وقيادتها الرشيدة، وجهودها في تعزيز وترسيخ قيم التسامح بين المجتمعات والشعوب.
وخلص المؤتمر إلى أن التسامح والاعتراف به يكتسب أهمية خاصة، باعتباره حجر الزاوية في التعايش السلمي والاحترام المتبادل، وأعرب المشاركون عن التزامهم بترجمة الرؤى المكتسبة إلى أعمال ملموسة، والدعوة إلى التسامح في جميع مجالات المجتمع، حيث يتم الاحتفاء بالتنوع، واحترام الاختلافات، لكي يسود التسامح دوماً، كما أوصى المؤتمر بضرورة نشر ثقافة التسامح، ومواصلة العمل في المستقبل، لمكافحة التنمر الإلكتروني، وهذه الظاهرة العالمية السيئة، كما أوصى بأن التسامح سمة عالية يجب على الجميع التحلي بها، والقبول بالآخر رغم كل الاختلافات.
وفي ختام المؤتمر، تناولت كلمة نهال سعد، مديرة تحالف الحضارات التابع للأمم المتحدة، صراع الحضارات وتحالف الحضارات والفرق بينهما، مستحضرة تجربة دولة الإمارات التي تعيش على أرضها أكثر من 200 جنسية من مختلف دول العالم، وحالة الاندماج فيما بينها، وأن هذا يشكل العنوان الأبرز للتسامح، وبالتالي الوصول إلى قبول ومسامحة الآخر، بالإضافة إلى «البيت الإبراهيمي»، وما يمثله من عنوان للتسامح بين الأديان. 
وتناول المؤتمر الحديث حول التنمر والتسامح، وتم عرض فيديو تعبيري من إنتاج منظمة «اليونيسيف» عن هذا الموضوع، وقدم د. حبال، شرحاً عن أهمية التسامح، خاصة أن التنمر أصبح موضوعاً يناقش على مستوى عالمي، وأن هذا الأمر يتطلب وضع حلول مناسبة للمضايقات التي يتعرض لها الأشخاص الذين يمارس عليهم التنمر، خاصة في القطاعات الأكاديمية، وتأثير ذلك على التحصيل العلمي للطلبة.
وتحدث الدكتور فواز حبال، رئيس المؤتمر، الأمين العام لمركز باحثي الإمارات للبحوث والدراسات، عن «التنمر الإلكتروني» وتأثيراته السيئة على الأفراد في مختلف المجتمعات، من خلال وسائل التواصل الاجتماعي على مختلف المنصات الإلكترونية والتفاعلية، مؤكداً أنه على الرغم من محاولة بعضها مثل «ميتا»، في وضع حد لهذه الظاهرة، من خلال سلسلة من الإجراءات، ولكن نحتاج الكثير، مشدداً على أنه من الضروري التصدي «للتنمر الإلكتروني» بشكل جماعي، وخلق بيئات رقمية أكثر أماناً واندماجاً، وتشجيع الحوار المفتوح والتثقيف حول عواقب هذه الظاهرة.  
وقال: «إن التسامح عبر الإنترنت يعزز التعاطف والتفهم والاحترام المتبادل في التفاعل الإلكتروني»، وضرورة تبني موقف ضد «التنمر الإلكتروني» ودعم ضحاياه، بالإضافة إلى حجب «متنمري الإنترنت» والدعوة إلى سياسات أقوى وتشريعات ضده، وأشاد بتجربة دولة الإمارات العربية المتحدة، من خلال مكافحة ظاهرة «التنمر» عبر سن عدد من القوانين الرادعة.
ومن جانبه، قال بول تشادر، رئيس القسم التجاري في الإمارات للسحب «Emirates draw»، قال: «نحن نؤمن بحوار الحضارات، وعالم يسوده التسامح على اختلاف تعدداته وأديانه، جاء هذا المؤتمر ليؤكد أن التسامح سمة عالية يجب على الجميع التحلي بها، والقبول بالآخر رغم كل الاختلافات». 
وشهد يوم أمس، مناقشة «دور القادة في زراعة التسامح»، تحدث خلالها الدكتور مصطفى صعصعة، رئيس مجلس الإدارة والمدير التنفيذي لمجموعة راج، عن موضوع «التنمية المستدامة والحساسية الثقافية»، وطرحت خلال الجلسة التي ترأسها البروفيسور أندرو ديفيز، عدداً من المواضيع، وأهمها مناقشة بعنوان «بناء الجسور: التسامح في نسيج التنمية المستدامة والعلاقات»، بمشاركة كل من د. حسنة أحمد أوبي، د. جوهي غوبتا، وعينات ليفي، كما قدمت حسنة بارفين أحمد، الرئيس التنفيذي لجلوبال ون، مناقشتها عن موضوع «استكشاف نهج القيادة للنساء في عدالة المناخ:«ممرات نحو التأثير والتمكين»، بالإضافة إلى حديث آني زونفيلد، مؤسسة ورئيسة القسم المتقدمة للمسلمين، عن«غرس ثقافة حقوق الإنسان من خلال الموسيقى» برئاسة عمر الحصيني.
كما تم خلال المؤتمر، تكريم معالي اللواء ضاحي خلفان تميم، على جهوده، عن فئة «التأثير العالمي في ثقافة التسامح والتعايش»، المبادرة العالمية للحفاظ على رفاهية الحضارات المتنوعة، وتكريم الشيخ د. عمار بن ناصر المعلّا، عن تعزيز التسامح عن طريق التعليم.
وتم الإعلان عن تقديم الطبعة الافتتاحية للمجلة الدولية لحوارات الحضارات والتسامح، وهي أول مجلة علمية محكّمة لعلوم الحضارات والتسامح، والتي تقدم منظوراً جديداً عن تطور الحضارات، والتعريف بأحدث الدراسات والبحوث في مجال التسامح والتعايش باستخدام أدوات قياس الأثر العلمي ومراجعة الأقران. 
وتم تكريم المشاركين والرعاة في «المؤتمر الدولي لحوار الحضارات والتسامح 2024»، والذي قدم صورة واضحة من «عاصمة التعايش والتسامح» أبوظبي، عن تعزيز الحوار الهادف بين الحضارات، ومشاركة التجارب العالمية، التي تؤسّس لشراكة التعايش بين الحضارات كافة.