آمنة الكتبي (دبي) 

استعرض مركز محمد بن راشد للابتكار الحكومي خلال الدورة الحالية على هامش فعاليات القمة العالمية للحكومات، النسخة السادسة من «ابتكارات الحكومات الخلاقة»، التجربة التفاعلية المتميزة التي تعرض أبرز التجارب الحكومية المبتكرة من مختلف دول العالم، والتي تسعى إلى تحفيز المشاركين والزوار على التفكير بطرق جديدة وأساليب مستحدثة لإيجاد حلول للتحديات الأكثر إلحاحاً في عصرنا.
وركزت الابتكارات خلال الدورة الحالية على موضوعات عدة خاصة بالمقاييس الشخصية، وحول التوقيت النهري، بالإضافة إلى محور الذكاء البديل، وهل يمكن إشراك الكائنات غير البشرية في صياغة السياسات الحكومية، حيث استوطن الإنسان كوكب الأرض منذ آلاف السنين، ووجدت الأحياء الدقيقة قبله بأمد بعيد، فتخطت سلسلة من المناخات القاسية والكوارث التي قد تنذر بمخاطر المستقبل، وهي تتميز بمرونتها وبعدها عن التحيزات البشرية.
وتم طرح العديد من التساؤلات التي تركز في إمكانية تقديم استراتيجيات للاستعانة بأشكال غير تقليدية من الذكاء عندما يكون العقل البشري وحدة غير كاف، حيث اقترحت التجربة الفكرية نهجاً جديداً للتصدي للتحديات من خلال نمذجة الظروف البشرية في طبق بتري ومراقبة سلوك الطفيليات المقسمة.
وحول استخدام النماذج البيولوجية لتدريب الذكاء الاصطناعي، سلطت تجربة إمكانية أن تقود الطفيليات المقسمة إلى تخطيط مدينة غواتيمالا، حيث يستخدم مشروع deep green الذكاء الاصطناعي التوليدي في جمع بيانات عالية الدقة حول المساحات والبنية التحتية لتطوير سيناريوهات لمحاكاة التنمية الحضرية المستدامة، استناداً إلى نماذج بيولوجية.
واستطاعت مدينة غواتيمالا إعادة تصور وتصميم مواقع مكبات النفايات، حيث إن 99% من مكبات النفايات المصنفة غير قانونية، وقدمت منصة deep green محاكاة للتطور الحضري للمدينة الذي جمع بين التخطيط الحضري للمدينة الذي جمع بين التخطيط المركزي للمكبات واحتياجات المجتمع المحلي.
كما سلطت تجربة استراتيجية الكائنات المتعددة حول إمكانية أن يكون للحيوانات والكائنات الأخرى دور في تشكيل أولويات الحكومة، حيث تتمحور الأوليات الحكومية حول احتياجات الإنسان، ولكن القرارات السياسية لا تؤثر على البشر وحدهم، بل يمتد تأثيرها إلى نظامنا البيئي بأكمله، بدءاً من النباتات والحيوانات، وصولاً إلى الفطريات والأحياء الدقيقة.
وأجرى فريق من الباحثين الأميركيين والصينيين ما يمكن أن يمثل طريقة بديلة لجمع بيانات التنوع البيولوجي من خلال الكشف عن أنواع الكائنات المختلفة بمساعدة حليف غير متوقع هو الدود، وتم جمع 30 ألف دودة بواسطة حراس محمية أيلاوشام الطبيعة الوطنية في مقاطعة يونان الصينية على مدار 3 أشهر، وتبين أن الدود له قدرة على الاحتفاظ بوجبته الدموية لأشهر عدة، فهو الكائن المثالي لتسجيل الحيوانات التي تعبر طريقة.
وركزت التجربة الفرنسية حول التحكيم اللامركزي لفض المنازعات الإلكترونية، حيث أوضحت أن المحاكم ليست الخيار الوحيد لفض المنازعات، وبينت أن الاقتصاد الرقمي يتسم بكونه سريع الوتيرة وبلا حدود، وهو ما تنشأ عنه نزاعات كثيرة تفوق ما تستطيع المحاكم وأنظمة التحكيم التقليدية التعامل معه، وتعد منصة kleros لا مركزية معتمدة لفض النزاعات، وتستند على تقنية البلوك تشين، وتقوم المنصة بفض النزاعات التي تعجز المحاكم التقليدية عن التعامل معها لكثرتها وانخفاض قيمتها ولكونها منازعات إلكترونية، وتستخدم المنصة نظاماً يقوم على العملات الرمزية، بما في ذلك عملتها الرقمية الخاصة لمكافأة المحلفين المشاركين في حل النزاعات، ويقوم المحلفون بتحليل الأدلة والتصويت بشأن النتيجة ويجري تنفيذ أحكامهم عن طريق العقود الذكية.
وسلطت «ابتكارات الحكومات الخلاقة» الضوء حول التوقيت النهري وهل يمكن لتدفق الأنهار تحديد الوقت والتاريخ؟ حيث بدأ في يوليو عام 2022 تباطؤ تدفق نهر الدانوب إلى ثلث متوسطه المعتاد في فصل الصيف، وكان المنظور مختلفاً بالنسبة إلى الكائنات التي تعيش في النهر، مقارنة بمعدل التدفق.
وتطرح التجارب تساؤلات حول إمكانية إيجاد طرق أخرى لحساب الوقت، حيث باتت الدول تدرك قيمة الوقت باعتباره احتياجا أساسياً وحقاً من حقوق الإنسان، وتنادي بإصلاح السيناريوهات التقليدية للموازنة بين الحياة العملية والشخصية.
برشلونة
تقود برشلونة هذا المسعى بوصفها واحدة من أولى المدن الأوروبية التي أدرجت استخدام الوقت في أجندة سياستها، فألهمت أكثر من 75 مدينة أخرى في العالم لتحذو حذوها، وتناولت السياسيات الحكومية المبتكرة التي نفذتها الحكومات سن قوانين سياسات الوقت وتعيين مدير تنفيذي لسياسات الوقت، إلى جانب توفير التعليم المجاني للأطفال وإعادة تنظيم جداول الخدمات في المدن لتقليل حركة المرور في ساعات الذروة.