سامي عبد الرؤوف (دبي) 

كشفت اللجنة الوطنية للتبرع وزراعة الأعضاء والأنسجة البشرية، عن أن القطاع الصحي في الدولة، سيشهد خلال الفترة المقبلة، السماح بالتبرع التبادلي للأعضاء، والذي يقصد به التبرع بين غير الأقارب بهدف إنساني دون تحقيق أي منفعة أخرى، بحيث يتبرع الشخص بالعضو البشري ويتولى الطاقم الطبي تحديد المريض المناسب لزراعة هذا العضو له. 
وأعلنت اللجنة أن الإمارات تستعد لشمول منظومة التأمين الصحي لموضوع التبرع وزراعة الأعضاء، وفق إجراءات وآلية معينة تمت مناقشتها مع شركات التأمين وهيئة التأمين بالدولة، لتكون دولة الإمارات في طليعة دول العالم التي تقدم حلولاً مستدامة في هذا المجال.
وقال الدكتور علي العبيدلي، رئيس اللجنة الوطنية للتبرع وزراعة الأعضاء والأنسجة البشرية، في تصريحات صحفية على هامش انطلاق فعاليات كونغرس الإمارات السنوي للتبرع وزراعة الأعضاء لعام 2024 في دبي: «رغم الريادة العالمية للدولة، تستعد الجهات الصحية في الدولة إلى انطلاقة نوعية أخرى في مجال الإجراءات والتوسع في التبرع وزراعة الأعضاء».
وأضاف: «حصل برنامج التبرع وزراعة الأعضاء الإماراتي على تقييم أفضل وأسرع برنامج تطوراً ونمواً بالعالم، وذلك بناء على مؤشر تحسن الأداء وارتفاع نسبة المتبرعين، بعد الوفاة لكل مليون نسمة، حيث بلغ نمو التبرع وزراعة الأعضاء بنسبة 417% خلال آخر خمس سنوات، وذلك بحسب نتائج مؤتمر الجمعية العالمية للتبرع بالأعضاء في الولايات المتحدة».
وأشار إلى أن «التبرع بالإيثار» أو ما يعرف بـ «التبرع التبادلي» سيدخل حيز التنفيذ خلال الفترة المقبلة وبالتدريج، خاصة في ظل الدعم غير المحدود من الدولة ومن أفراد المجتمع بعد تصنيف الإمارات على أنها الأسرع نمواً في العالم في برنامج التبرع بالأعضاء. 
ووصف هذا النوع من التبرع بالأعضاء، بأنه يؤسس للتمكين في المجتمع للتبرع بين غير الأقارب، في ظل وجود لجنة مختصة تم تشكيلها لدراسة أفضل الممارسات العالمية في هذا الشأن. 
وشدد العبيدلي على أن التبرع بالإيثار سيكون غير موجه، بمعنى أن يتبرع الشخص بالعضو، ويتولى الطاقم الطبي تحديد المريض المناسب لزراعة هذا العضو البشري له، ويشمل التبرع بالإيثار، جميع أنواع الأعضاء التي أقرها القانون، ويخضع المتبرع والمتلقي لفحوص طبية دقيقة، وسيكون هناك طبيب للمتبرع وطبيب للمتلقي لتوفير الحيادية اللازمة، حيث سيقوم البرنامج بتوجيه هذا التبرع للمستحقين. 
ولفت إلى أنه في هذا النوع من التبرع يتوجب القيام بعدد من الإجراءات بالتبرع التبادلي، مشيراً إلى أنه حالياً تتم دراسة التجارب المختلفة في الدول التي سبقتنا في هذا المجال. 
وذكر أنه يوجد 7 مستشفيات مؤهلة لنقل وزراعة الأعضاء في الدولة متخصصة في الأعضاء المختلفة، وأنه يوجد تنسيق دائم ومستمر. 
وفيما يتعلق بقائمة الانتظار من قبل المستحقين لنقل الأعضاء، لفت إلى أن جميع الأشخاص المسجلين على غسيل الكلي مؤهلون للزراعة، إلا إذا كان هناك مانع طبي، وحالياً يتم توحيد قائمة الانتظار.

انطلاق الكونجرس 
وانطلقت أمس، فعاليات كونغرس الإمارات السنوي للتبرع وزراعة الأعضاء لعام 2024 في دبي، الذي تنظمه وزارة الصحة ووقاية المجتمع بالتعاون مع دائرة الصحة أبوظبي وهيئة الصحة بدبي في الفترة الواقعة بين 27 إلى 30 يناير الجاري في دبي، بحضور ومشاركة أكثر من 8000 خبير ومختص بشكل حضوري أو عن بعد من ممثلي الجهات الصحية والمعنية الحكومية والقطاع الصحي الخاص، ومشاركين من مختلف دول العالم ضمن الجلسات النقاشية والعروض التقديمية والمحاضرات التي يضمها المؤتمر. 
ويناقش المتحدثون، ضمن جلسات علمية متعددة تستمر 4 أيام، أهمية التبرع وزراعة الأعضاء في خفض حالات الفشل العضوي المزمن والحلول المبتكرة للتحديات، ومخرجات زراعة الأعضاء وأثرها في تحسين جودة الحياة للمتلقين للأعضاء والتقليل من عبء الأمراض المزمنة، وأهمية التعليم وبناء الكفاءات في مجالات التبرع وزراعة الأعضاء، والخبرات والتعاون الإقليمي والدولي في المجال. 

زيادة الوعي 
أكد عبد الله أهلي، وكيل الوزارة المساعد لقطاع الخدمات المساندة بالإنابة، حرص الوزارة والجهات الصحية على تعزيز قيم وثقافة التبرع بالأعضاء في المجتمع، من خلال إطلاق حملات مجتمعية وتنظيم المؤتمرات والفعاليات الدولية، وذلك في إطار سعيها لإيجاد حلول مستدامة للمرضى، وخاصة المصابين بالسرطان وأمراض القلب والفشل الرئوي والتليف الكبدي والفشل الكلوي، انطلاقاً من أن زراعة الأعضاء تؤدي إلى الشفاء التام وتحسين جودة الحياة. 
وأشار إلى أن البرنامج الوطني للتبرع وزراعة الأعضاء هو برنامج إنساني للتشجيع على التبرع بالأعضاء، باعتباره موقفاً بطولياً يجسّد معنى الإنسانية ويعطي فرصة حياة جديدة، كما يؤكد الثقافة الراسخة للتبرع بالأعضاء بين أفراد المجتمع.

البنية التحتية 
وقال الدكتور راشد السويدي، المدير التنفيذي لقطاع القوى العاملة الصحية في دائرة الصحة - أبوظبي: «تواصل أبوظبي تعزيز إمكاناتها في التبرع وزراعة الأعضاء من خلال العمل جنباً إلى جنب مع الشركاء في مختلف أنحاء الإمارات تحت مظلة البرنامج الوطني للتبرع وزراعة الأعضاء والأنسجة البشرية «حياة» للحفاظ على صحة وسلامة المجتمعات، مرسخة مكانتها كوجهة رائدة للرعاية الصحية عالمياً». 
وأضاف: «كما نؤمن بأهمية حشد الجهود العالمية للمضي في تعزيز التبرع وزراعة الأعضاء والأنسجة البشرية التي تتطلب تكاتفاً أممياً لتوسيع شبكات وسجلات المتبرعين بالأعضاء والمحتاجين إليها، وكذلك تبادل المعارف والخبرات بين الكوادر الطبية، وهو ما نتطلع إلى أن يُسهم هذا الحدث الهام في تحقيقه». 
وصرح الدكتور مروان الملا، المدير التنفيذي لقطاع التنظيم الصحي في هيئة الصحة بدبي، بأن دولة الإمارات نجحت في أن تكون لها منهجيتها الخاصة في التبرع وزراعة الأعضاء والأنسجة البشرية، وذلك من خلال حزمة التشريعات والضوابط والإجراءات المنظمة، وأيضاً البرنامج الوطني «حياة». 
وأكد أن هيئة الصحة بدبي لها دور حيوي وبارز في هذا المجال، وأنها شريك استراتيجي وفعال في توحيد الجهود التي تدعم وجود دولة الإمارات في موقع الريادة على الساحة الصحية الدولية بشكل عام ومجال التبرع وزراعة الأعضاء على وجه التحديد. 

فعاليات المؤتمر 
يتضمن المؤتمر استعراض تجارب المستشفيات المحلية والدولية المختلفة المشاركة لتمكين أفراد المجتمع من ممارسة حقهم في التبرع بالأعضاء وتطبيق أفضل معايير الجودة في المجال، وتكريم إنجازات المستشفيات والمراكز الطبية لبرامج زراعة الأعضاء، والجهات والمنظمات ذات الصلة على المستويات المحلية والإقليمية والدولية لمساهماتهم الاستثنائية في تطوير التبرع وزراعة الأعضاء من الأحياء والمتوفين.
وتشمل محاور المؤتمر معالجة التحديات والفرص المتعلقة بالتبرع بالأعضاء بين الأحياء وأيضاً بعد الوفاة، والتي تتضمن استراتيجيات من شأنها زيادة معدلات التبرع ومناقشة الاعتبارات القانونية والأخلاقية المترافقة معه، إلى جانب تعزيز آفاق التعاون بين المتخصصين في الرعاية الصحية من جهة والمؤسسات الحكومية والمنظمات المجتمعية من جهة أخرى، واستعراض تجارب الدول المختلفة في المجال. 
ويناقش المؤتمر أحدث ما وصلت إليه التطورات التكنولوجية في هذا المجال، بالإضافة إلى تناول أفضل الممارسات المتبعة على مستوى العالم، بما في ذلك آليات التروية المبتكرة وأنظمة تحديد متلقي الأعضاء وجوانب رعاية ما بعد الزراعة.