لمياء الهرمودي (أبوظبي)
يعد مختبر الابتكار لمبادرة «ود» العالمية الذي تنظمه هيئة أبوظبي للطفولة المبكرة، بمشاركة أكثر من 30 خبيراً محلياً وإقليمياً ودولياً، رائداً في العديد من القطاعات، حيث يعمل الخبراء المشاركون على توحيد جهودهم لتحديد الحلول المبتكرة ووضع النماذج الأولية لها، والتي تنعكس بآثارها الإيجابية على المحاور الاستراتيجية لمبادرة « ود» التي ترأس دورتها الحالية معالي ريم بنت إبراهيم الهاشمي، وزيرة الدولة لشؤون التعاون الدولي. وقد أكد الخبراء المشاركون أن الاهتمام بأطفال اليوم استثمار ناجح لبناء غد أكثر ازدهاراً.
تركز الهيئة خلال المختبر على ثلاثة محاور رئيسية التربية الفعالة، والثقافة والهوية، والمدن المستدامة والصديقة للأسرة. كما تعالج العديد من التحديات المستقبلية الملحة التي تواجه الأطفال في مختلف أنحاء العالم، عبر مخرجات تتمحور حول أهمية الحفاظ على الإنسان، وتنميته منذ طفولته.
وفي لقاءات لـ«الاتحاد» مع عدد من الخبراء المشاركين في المختبر حول أهمية عقد مثل هذه المختبرات في تطوير الطفولة المبكرة، قالت الدكتورة كريمة مطر المزروعي، مستشار مدير جامعة محمد بن زايد للعلوم الإنسانية وأحد الخبراء المشاركين في المختبر: الاهتمام بالإنسان يأتي على رأس أولويات أجندة دولة الإمارات العربية المتحدة، ودائماً قيادتنا الرشيدة تركز على التعليم بشكل رئيسي، حيث إن، التعليم يبدأ في مراحل مبكرة جداً في حياة الإنسان، ومثل هذه الملتقيات تعتبر مهمة جداً لتقريب المفاهيم والعقول والتي تجمع بين الخبرة النظرية والميدانية، وبذلك يتم فيها عرض أفضل الممارسات في رعاية الطفولة المبكرة من خلال المحاور المطروحة، كذلك عرض أهم التحديات الحالية التي يواجهها الطفل في هذا العالم المتغير.

وأضافت: «أعتقد أن المحاور المطروحة جميعها مهمة جداً، كما أن محور الهوية والثقافة يعتبر أهمها، إذ يجب التطرق إليه بشكل واضح وبكل شفافية، كما أنه متداخل مع المحاور الأخرى وبشكل رئيسي مع محور التفاعلية الوالدية». 
وقالت: هناك تأثير مباشر لتفاعل الوالدين مع الأبناء على الثقافة والهوية، فالطفل اليوم ينشأ في عالم متغير ويختلف عن العالم الذي نشأنا فيه سابقاً، من ناحية التغيرات والأمور المتاحة، وآلية التعليم واللغات والنسيج الثقافي الذي يعايشه الطفل اليوم. فقد يقع الطفل في أزمة الانتماء الثقافي، فكيف يكون بإمكاننا أن ننشئ طفلاً يتحلى بعلوم حديثة ولغات ومهارات قوية، وفي نفس الوقت لايزال يقف على أرض صلبة من الهوية الوطنية، والثقافة الأم، بحيث يستطيع من خلالها مواجهة التحيات والاتجاهات التي قد يواجهها في المستقبل.
وحول أهمية اللغة العربية قالت «أعتقد أن التوجه في تدريس بعض المواد العلمية باللغة الإنجليزية في مقابل الجرعة من التعليم التي تعطى باللغة العربية تحقق التوازن بين اللغتين، لكن هناك تحديات أخرى أثرت في لغة الطفل، ومن أحد أهم تلك التحديات الفاعلية الوالدية، فما هو دور الوالدين في التفاعل مع الأبناء في المنزل، ولغة رعايتهم، وما هي المؤثرات التي يواجهها الأبناء في المنزل من أفلام وكرتون وغيرها من أمور؟ لذلك من غير العدل أن نلقي اللوم على تحويل عدد من المواد باللغة الإنجليزية في المؤسسات التعليمية، في حين أن الوالدين يقومان بالتحدث مع أبنائهما باللغة الإنجليزية، وتتم رعايتهم من قبل مربية تتحدث اللغة الأجنبية، ويتفاعلون عبر منصات التواصل الاجتماعي وبرامج التلفزيون باللغة الإنجليزية، فبالتالي فإن الممارسات اليومية لها دور رئيسي في المحافظة على هذا الكيان وعلى هوية هذا الطفل».

ومن جهتها قالت تغريد السعيد، المدير التنفيذي للاتصال - تسويق الوجهات في شركة ميرال: نشارك في المختبر اليوم كوننا جزءاً لا يتجزأ من محور تأسيس المدن الصديقة والمستدامة للأطفال، حيث إننا نرعى مشاريع منوعة في مجال احتياجات الطفل، لذلك تواجدنا في هذا المختبر سيساهم بشكل كبير في التعرف على الاحتياجات والمتطلبات لتطوير مدن صديقة للطفل كمطورين، وذلك بحسب التوصيات التي ستخرج من تلك الورش وتطبيقها على أرض الواقع. كما أشارت إلى أن شركة ميرال أطلقت استراتيجية تنمية المجتمع، والتي تهدف بشكل رئيسي للمشاركة في تنمية المجتمع. مؤكدة على أهمية هذه المبادرة التنموية وتعزيز ودعم فكر الابتكار والتطوير، بالإضافة إلى التنمية الاقتصادية، في جانب تأسيس طفل سوي قادر على أن يكون إنساناً منتجاً، يسهم في عجلة التطوير والإنتاج.
ومن جانب آخر، قالت الدكتورة ميشيل بوربا، متخصصة علم النفس التربوي وكاتبة، وهي ضمن الخبراء المشاركين: لا أعتقد أن هناك أمراً أهم من هذا المختبر، حيث إن مستقبل العالم يقع على عاتق الكيفية التي سيتم بها تنشئة وبناء أطفال الغد، خاصة أن هناك العديد من الدراسات والأبحاث التي تؤكد على أن بناء طفل سليم وواعٍ وسعيد يمكنه إحداث التغيير الإيجابي في مستقبل الدول، ونحن اليوم يمكننا استخدام العلم بشكل صحيح وتطويعه، بحيث يمكننا من خلاله إحداث التغيير الإيجابي ومساعدة الآباء في تعلم المهارات الصحيحة والسليمة في تربية وتأهيل الأطفال وهو أمر يمكننا العمل عليه من خلال عقد مثل هذه اللقاءات.

وأضافت: إن المحاور الثلاثة الرئيسية التي يركز عليها المختبر تعتبر أموراً أساسية في جانب تطوير طفل يحمل مهارات وثقافة وعلماً يسهم من خلاله في بناء مستقبل واعد للامة، إذ يهدف محور التربية الفعّالة إلى دعم وتمكين الآباء في رحلتهم لتربية الأطفال عبر تعزيز تطورهم بشكل شمولي، ويوفر هذا المحور دعماً شخصياً يمتد عبر كافة مراحل نمو الطفل، كما يتعمّق في تطوير السلوكيات الإيجابية للتربية وتقديم الرعاية، مع إعطاء الأولوية لرفاهية الأطفال في البيئات الرقمية والواقعية.
وأكدت الدكتورة كريمة مطر المزروعي  أن جامعة محمد بن زايد للعلوم الإنسانية تلهم الإنسان الحكمة والقوة في تحقيق التوازن في ظل التوجهات السريعة التي يواجهها العالم في مجال التحول التكنولوجي، فكان لزاماً أن تكون هناك جهة تعنى بالجانب الإنساني والاجتماعي لبنان إنسان مستعد لمواجهة مختلف التحديات، وهذه الرسالة حملتها جامعة الشيخ محمد بن زايد للعلوم الإنسانية.