دبي (الاتحاد)
استعرضت خديجة حسين، المدير التنفيذي لقطاع الاتصال الحكومي في المكتب الإعلامي لحكومة دولة الإمارات، قصصاً عدة من تجربتها في الاتصال الحكومي، ومحطات مهمة شهدتها خلال مراحل عملها، وكانت مقدمات طبيعية لتغيير شامل في أساليب العمل، متوقفة عند خروج الاتصال التقليدي تدريجياً من المشهد، لصالح اتصال حكومي استراتيجي بدأ يتداول مفردات جديدة مثل « تفاعل، ردود، دراسة نبرة تعليقات الجمهور، وقياس الرضا..»، والانتقال إلى استراتيجية كاملة لـ« الاتصال عبر وسائل التواصل الاجتماعي».
ونوهت خديجة حسين إلى الأثر الكبير الذي أحدثه إطلاق منصة UAENation لتغطية الحدث الإماراتي، وإيصاله بأصوات ووجوه إماراتية إلى مجتمع الإمارات، محققة 173.2 مليون مشاهدة خلال عامين.
جاء ذلك خلال جلسة لها بعنوان «الاتصال الحكومي في عصر الإعلام الجديد» في اليوم الثاني والأخير من فعاليات النسخة الثانية من قمة المليار متابع التي استضافتها دبي، تحت شعار «لنتواصل» ونظمتها «أكاديمية الإعلام الجديد».
وأكدت خلال الجلسة، أن الإعلام الجديد أحدث تحولات فارقة في بنية الاتصال الحكومي، وغير مفاهيم عدة سادت لعقود طويلة، في المحتوى والأدوات وشكل الخطاب، والسرعة والتوقيت وطريقة التأثير في الفئات المستهدفة، كما فرض على الاتصال الحكومي دخول منافسة على مدار الساعة مع عشرات المنصات الإخبارية التي يزداد عددها على طريقة المتواليات الحسابية، مستفيدة من الإمكانات الهائلة التي تتيحها مواقع التواصل الاجتماعي، واتساع طيف الشرائح التي تفضل الحصول على خلاصات الحدث أو الخبر عبر شاشات الهواتف بأسرع الطرق وأبسطها.
جاذبية المحتوى
واعتبرت خديجة حسين، أن الواقع الجديد المتمثل في سرعة انتقال الأخبار بشكل لحظي، جعل استخدام وسائل التواصل الاجتماعي خياراً لا بد منه لفرق إعداد الأخبار في المؤسسات، فأصبح المحتوى أكثر تنافسية، لتركيزه على عناصر المباشرة والبساطة والجاذبية ما انعكس إيجابياً على فعالية الاتصال الحكومي.
وتوقفت خديجة حسين عند ما أسمتها «النهايات التي تولد منها بدايات» وقالت: «أدركنا بعد فترة من عملنا في مكتب الاتصال الحكومي والذي بدأ في العام 2007، ومن خلال المعاينة والتجربة اليومية أن الشريحة الأكبر من المستفيدين من العمل الحكومي وخدماته يمضون وقتهم على منصات التواصل الاجتماعي.. وأننا إن أردنا النجاح كفرق اتصال، علينا أن نواكب موجة الإعلام الجديد، وأن نتعلم كيف نصغي، وكيف نستجيب على مدار الساعة.. كان علينا إدخال التغييرات ليس فقط في هياكل فرق الاتصال.. بل في مهارات فرق الاتصال كذلك».
وذكرت أن «أول نهاية» في قصة التحولات الجذرية كانت «الانتقال من التركيز فقط على وسائل الإعلام لنشر أخبارنا ومبادراتنا وقراراتنا وحملاتنا إلى منصات التواصل الاجتماعي، وصياغة محتوانا لها أولاً، ثم لباقي المنصات».
وقالت: «صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي، رعاه الله، كان الملهم الأول في الحراك الوطني والحكومي على وسائل التواصل الاجتماعي، منذ افتتاح سموه حسابه الرسمي على موقع تويتر (إكس حالياً) عام 2009 والذي جمع أكثر من 27 مليون متابع، ليكون الأول عربياً والـ11 عالمياً ضمن قائمة أكثر القادة تأثيراً على مواقع التواصل الاجتماعي، واليوم أصبحت حسابات سموه، والحسابات الرسمية الأخرى للحكومة مثل UAEGOV@ المصدر الأول، المباشر والمعتمد للأخبار والتطورات عن العمل الحكومي والمشاريع الكبرى في دبي ودولة الإمارات».
ونوهت خديجة حسين إلى أن «النهاية الثانية» كانت «نهاية زمن التواصل في اتجاه واحد، وبدء مرحلة التقييم واتخاذ القرارات عبر الإعلام الجديد»، أما «النهاية الثالثة» كانت بداية عصر الشراكة مع المواطنين والمقيمين، بالاستفادة من آرائهم ووجهات نظرهم وتجاربهم، انطلاقاً من مقولة صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم خلال الخلوة الوزارية الاستثنائية لمجلس الوزراء في جزيرة صير بني ياس: (تغير الزمن والظروف يفرض تغير الأدوات.. وأن الثبات في عالم يتقدم هو في الحقيقة تراجع)».
عفوية الأسلوب
كما توقفت عند محطة فارقة أخرى في الاتصال الحكومي، وهي على حد قولها «نهاية زمن تركيز الحكومة على التوعية فقط والانتقال لمشاركتها في التوعية بوسائل الترفيه».
وأضافت: «لاحظنا في المكتب الإعلامي لحكومة دولة الإمارات، أن بعض الأخبار الحكومية المهمة لا تستقطب اهتمام الجمهور، خصوصاً الشباب منهم، فأحياناً تكون اللغة المستخدمة تخصصية، وفي أحيان أخرى لا تتضح صلة بعض بواقع حياة الناس اليومية، فبحثنا عن طريقة ننقل فيها الأخبار الرسمية المحلية بطريقة عفوية باللغتين العربية والإنجليزية وبأسلوب جاذب وملهم وإيجابي، وهو ما ترجم بإطلاق منصة UAENation للإضاءة على الحدث الإماراتي بأصوات ووجوه إماراتية إلى جميع سكان الإمارات».
وأشارت إلى تطوير برامج عدة بالتعاون مع صناع محتوى إماراتيين مثل برنامج «قصص ملهمة»، لإبراز قصص نجاح في المجتمع في مجالات الأعمال والتطوع والعمل الإنساني، وبرنامج «بالقانون» الذي يقدمه محامون إماراتيون، يشرحون فيه بشكل مبسط أهم القوانين إلى تعلن عنها الحكومة، والتي تهم المواطنين والمقيمين على أرض دولة الإمارات. وتابعت: «نجحنا في الوصول إلى 173.2 مليون مشاهدة، من خلال أكثر من 1000 فيديو، متابعة نحو 1.1 مليون متابع أسهموا بأكثر من 10 ملايين تفاعل خلال العامين الماضيين فقط».
ولفتت خديجة حسين، إلى شكل آخر من أشكال التوعية الترفيهية يتمثل بتوظيف الأغاني في إيصال الرسائل بطريقة غير تقليدية، لإلهام الجمهور وتوعيتهم بقضايا وجوانب معينة، مثل أغنية «حلوة الإمارات» لإطلاق حملة أجمل شتاء في العالم في ديسمبر 2020، وأغنية «يا رب تخلي الوالد» في نوفمبر 2023، وهي رسالة شكر من أطفال الإمارات إلى صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، حيث حصلت كل من هاتين الأغنيتين على ملايين المشاهدات في اليوم الأول لإطلاق كل منهما.
توعية ترفيهية
في نهاية الجلسة، قالت خديجة حسين: «الإعلام الجديد جعل حكومتنا تصغي على مدار الساعة.. جعلها تستقبل الأفكار عبر منصات جديدة.. وتحتفي وتفخر بالمبدعين والمنجزين على مرأى العالم..الإعلام الجديد كان نهاية الشخصية التقليدية للحكومة.. وبداية حكومة لها صوت وقلب.. كانت عملية (أنسنة) بكل معنى الكلمة.. لا تزال أمام الاتصال الحكومي الكثير من النهايات والبدايات، لأن الإعلام الجديد لا يزال يتطور بمحتواه المبتكر ومنصاته المتجددة، والحكومات الأكفأ ستكون تلك الأكثر مرونة، والأكثر قرباً من الناس».