إبراهيم سليم (أبوظبي)
يحتل عسل النحل الإماراتي مكانة متميزة بين الأعسال، سواء على مستوى المنطقة، أوعالمياً، من حيث الجودة والنقاء، وتنتشر خلايا النحل على مستوى الدولة، وخاصة في مدينة العين، وتلعب الزراعات المتنوعة دوراً مهماً في توفير البيئة الملائمة للنحل وتوافر الغذاء على مدار العام، وتكاد كل مزرعة أن تحوي خلايا نحل سواء بقصد الاتجار أو للاستهلاك الخاص.
حرفة تربية وإنتاج عسل النحل مهنة في معظمها يتوارثها الأبناء، حيث تصبح أسلوب حياة، فينتقل النحال بخلاياه من منطقة لأخرى ويحرص على العناية بالنحل وإيجاد البيئة الملائمة لحياة النحل، علماً بأن النحلة يتراوح عمرها بين 40 يوماً إلى 50 يوماً.

وتنوعت منتجات النحالين الإماراتيين، من العسل الجبلي وعسل السدر وعسل السمر، وعسل المانجروف، والغاف، إضافة إلى أعسال الزهور والأعشاب البرية المنتشرة في الدولة، وإثبات جودة العسل المنتج محلياً، يتم من خلال رقابة صارمة من الجهات ذات العلاقة، ويعد طبيعياً بنسبة مئة في المئة. في هذا الإطار، نفذ المواطن على الشامسي مشروعاً لإنتاج وتربية عسل النحل، والتي توارثها من الآباء والأجداد، الذين كانوا يمارسونها عبر الطرق التقليدية في الكهوف والجبال.
وقال الشامسي: نمت هذه الفكرة من الصغر، واستفدت من خبرة الآباء، مع مزجها بالعلوم الحديثة، حيث حصلت على دورات تدريبية متخصصة، في مجال تربية النحل والوسائل الحديثة التي تضمن نماء واستمرار المشروع، وأمتلك نحو 1000 خلية، منها ما هو بالمزرعة ومنها ما يتم نقله حسب مواسم الأزهار. 
وأضاف: بالماضي كان المتعارف عليه إنتاج عسل السدر والسمر، والذي زاد إلى 5 مواسم على الأقل منها: الغاف والزهور والأعشاب، والمانجروف، وبالتالي أصبح إنتاج العسل على مدار العام تقريباً.

مراقبة ومتابعة
وحول وسائل الحفاظ على النحل، قال الشامسي: من المهم مراقبة ومتابعة خلايا النحل خلال الفترات التي يحدث بها تطريد النحل أو نقص الغذاء، وتوفير مصادر ماء نظيفة لشرب النحل وتظليل خلايا النحل بشكل جيد يساعد في استدامة المنحل والمحافظة على قوة خلايا النحل خلال ارتفاع درجات الحرارة في الصيف، وتوفير الحماية للنحل، لافتاً إلى الدور الهام الذي توليه هيئة الزراعة والسلامة الغذائية للمربين والمنتجين لعسل النحل، وتزويدهم بملكات النحل الإماراتية، وتقديم المشورة والنصائح والدعم الفني، والإجابة على أي تساؤلات تهم المربي أو المنتج، كما أن هناك فئات ضمن جائزة الشيخ منصور بن زايد للتميز الزراعي لعسل النحل، ونشكر سمو الشيخ منصور بن زايد آل نهيان، نائب رئيس الدولة، نائب رئيس مجلس الوزراء، رئيس ديوان الرئاسة، رئيس مجلس إدارة هيئة أبوظبي للزراعة والسلامة الغذائية، على دعمه للقطاع.

فترة مبكرة
ومن جانبه، قال كمال محمد سعيد الجابري: إن مهنة جمع العسل وتربية النحل، في معظمها وراثية، حيث تبدأ مع الشخص في فترة مبكرة، وتنمو مع الوقت، لأنها عملية تحتاج إلى خبرة، ومعرفة المواسم التي يكون فيها وفرة في الإنتاج، لافتاً إلى أن هيئة الزراعة والسلامة كان لها الفضل في في غزارة المنتج من العسل مقارنة بالماضي، إد عملت على تنشيط حركة النحالين، بتقديم الإرشاد وفتح المجال أمام النحالين للتوسع في النشاط، وتحول الكثيرين من منتجي عسل النحل للاستهلاك الخاص أو البيع على نطاق ضيق، إلى اعتباره مهنة وتجارة. وبدأ مع الوقت الإقبال على شراء العسل الإماراتي، لتوافر الثقة من جانب المستهلكين في منتجات النحالين واكتساب سمعة دولية.
وأشار إلى أن من أوجه الدعم المقدمة من قبل الهيئة توفير ملكات نحل إماراتية، منتخبة ليكون لديها القدرة على مقاومة الحرارة، وتتلاءم مع بيئة الإمارات، وتحمل الطقس، كذلك فتح المجال للمشاركة في المهرجانات والمعارض المتخصصة، وعادة تقوم بتوفير أماكن مجانية دعماً للنحالين، وإقامة المسابقات، وتقديم الخدمات الإرشادية، وزيارات ميدانية واستشارات على مدار العام، وغير ذلك، وتخضع المنتجات من عسل النحل لرقابة الهيئة، منعاً للغش التجاري، وتحولت الحرفة إلى مهنة محببة مربحة تعطي عائداً إنتاجياً وزيادة في عدد الخلايا حسب كل موسم من المواسم، ونحن فخورون بالمنتج الإماراتي ووصوله إلى العالمية بفضل توجيهات ودعم القيادة الرشيدة.

اهتمام خاص
من جانبها، أكدت هيئة الزراعة والسلامة الغذائية، أنها تولي اهتماماً خاصاً لدعم مربي النحل في إمارة أبوظبي، كما تعمل الهيئة على تطوير البرامج والخطط الإرشادية التي تضمن نقل المعرفة لمربي النحل في كافة مناطق إمارة أبوظبي، حيث تقوم وحدة تربية نحل العسل بتقديم الخدمات الإرشادية للنحالين وتنمية معرفتهم بأحدث طرق ومبادئ تربية نحل العسل، وتطعيم اليرقات لتربية وإنتاج الملكات ومكافحة وتشخيص أمراض وآفات النحل، وتحسين جودة الإنتاج، بالإضافة إلى بناء قدرات الكوادر الوطنية في مجالات التلقيح الاصطناعي لملكات النحل.
وذكرت أن تربية النحل وإنتاج العسل، تمثل أحد جوانب التنمية الزراعية المستدامة الداعمة لمنظومة الأمن الغذائي، فالعسل هو أحد المنتجات الغذائية الهامة لما له من فوائد غذائية كبيرة، بالإضافة إلى الأهمية البيئية لتربية النحل لضمان النظام البيئي من خلال مساهمة النحل في عملية التلقيح المرتبطة بإكثار النباتات والأشجار، وللتلقيح تأثير إيجابي على البيئة عموماً إذ يساعد في الحفاظ على التنوع البيولوجي والنُظم الإيكولوجية التي تعتمد عليها الزراعة وتحتاجها مجموعة واسعة من النباتات، حيث يقدم النحل وسائر الملقحات خدمة هامة تتمثل في ضمان نقل حبوب اللقاح وبالتالي تكاثر العديد من النباتات المزروعة والبرّية. 

بحث وتطوير
ولفتت الهيئة إلى أنه في إطار البحث والتطوير المستمر، تتبنى الهيئة برنامجاً طموحاً لتطوير واستدامة تربية النحل وإنتاج العسل في إمارة أبوظبي اعتماداً على الدراسات والأبحاث العلمية والتطبيقية لتطوير أفضل الأساليب والممارسات الملائمة لبيئة دولة الإمارات، حيث نجحت جهود الهيئة في الوصول إلى إنتاج ملكات الجيل الثامن من سلالة النحل الإماراتية التي طورتها الهيئة ضمن مشروع تطوير واستدامة تربية النحل وإنتاج العسل، إذ يعتبر تطوير سلالة النحل الإماراتية الركيزة الأساسية لاستدامة تربية النحل في الدولة لأنه يعتمد على تطوير وإنتاج ملكات نحل يمكنها التأقلم مع بيئة ومناخ دولة الإمارات.
وحققت الهيئة في هذا المجال إنجازات غير مسبوقة، حيث تم تطوير سلالة نحل إماراتية تتميز بصغر حجم الشغالات ونشاطها في جمع الرحيق، وزيادة كفاءتها في إنتاج العسل مع التقدم في تربية الأجيال، كما أن الملكات ذات نشاط عال في وضع البيض وإنتاج أنماط ممتازة من الحضنة، بالإضافة إلى تأقلمها مع الظروف البيئية المحلية بشكل جيد، وتمت تربية وإنتاج الملكات حتى وصلنا اليوم إلى إنتاج الجيل الثامن.
وأوضحت أنه وفقاً لنتائج العام الماضي تم إنتاج ما يزيد على 3079 ملكة، وتم توزيع أكثر من 2700 ملكة على 90 من مربي النحل الإماراتيين، وذلك بهدف دعم مربي النحل وإنتاج العسل، وتحفيز المزيد من المربين لتعزيز كفاءة واستدامة هذا القطاع الحيوي.
تقنيات متطورة 
وأكدت الهيئة أنها تعتمد على مختبرات علمية وتقنيات متطورة لتشخيص أمراض وآفات نحل العسل ضمن الأنشطة البحثية والتطويرية التي تقدمها محطة أبحاث الكويتات التابعة للهيئة في العين، حيث تم تزويد مختبر تشخيص أمراض وآفات نحل العسل بأحدث التقنيات للكشف عن مسببات أمراض النحل، وتأهيل وتدريب الكوادر الوطنية على تشخيص الأمراض والآفات ومساعدة مربي النحل في الكشف عن الأمراض في المناحل وتقديم التوصيات والمشورة الفنية اللازمة لمكافحة هذه الأمراض والآفات. وقد نجح المشروع في إثبات إمكانية استمرار طوائف النحل في الدولة طوال العام والتكيف مع حرارة الصيف.
وفي إطار جهودها التوعوية الداعمة للمربين تنفذ الهيئة أيضاً العديد من ورش العمل، والمحاضرات التوعوية عن بعد من أجل تحقيق أقصى استفادة لمربي ومنتجي عسل النحل، عبر المحاضرات الافتراضية التي يستفيد منها العاملين في هذا القطاع الحيوي على مستوى الدولة.

المعارض والمهرجانات
وأجمع النحالون على أن المعارض والمهرجانات مهمة للنحالين، وهي مدعومة كونها مجانية في أحيان كثيرة، وأكد أحمد المزروعي صاحب مؤسسة النحال الإماراتي، أن طبيعة الإمارات أصبحت غنية بأنواع العسل الوطنية، بفضل الطفرة والتوسع الزراعي الذي تتبناه الدولة، والاستدامة بالقطاع، بما سمح بامتداد مواسم إنتاج العسل كعسل الأشخر والسدر والغاف، والسمر والزهور والأعشاب، وعسل المانجروف أو القرم المنتشر في أبوظبي وعلى المناطق الساحلية بالدولة، وغيرها من أصناف العسل الطبيعية، حيث يتم اعتماد المناحل على الطبيعة.
وقال: إن حرص النحالين الإماراتيين على المشاركة الواسعة يعكس رغبتهم في التعريف بأنواع وجودة العسل المحلي الطبيعي، وهناك خطط يتم وضعها للاستفادة من مواسم التزهير حسب كل منطقة.
من جانبه، قال محمد سعيد «الجبال الشرقية للعسل»: إن المشاركة بالمعارض جيدة، وتفتح المجال لعرض منتجات النحالين الإماراتيين، من العسل الجبلي وعسل السدر وعسل السمر، وعسل المانجروف وغيرها، وإثبات جودة العسل المنتج محلياً، والذي يعد طبيعياً بنسبة مئة في المئة، ونحن سعداء بالمشاركة في المعرض بهدف تعريف الجمهور بمنتجات النحالين بدولة الإمارات.
عسل العين
حول أسباب تميز مدينة العين بإنتاج العسل، قال الشامسي، إن طبيعة أجواء مدينة العين وتنوع الزراعات وانتشارها على مدى العام، يحفز هواة النحل على الاستمرارية، خاصة انتشار أشجار السمر والسدر، والتي تعد موئلاً لعسل النحل، وكثرة الأعشاب البرية والزهور.
وتابع الشامسي: إن هناك نوعين من الإنتاجية، منها مناحل ثابتة بالمزرعة، ومنها ما هو متنقل، إذ يعتمد النحالون المحترفون على الانتقال إلى مناطق مختلفة، سواء داخل الدولة أو خارجها، وفقاً للأجواء والزراعات والثمار، منوهاً إلى أن النحل يحقق التنمية المستدامة المنشودة، حيث يعمل على التلقيح، بما يسهم في تحقيق الأمن الغذائي.
معارض داعمة 
عبر عدد من النحالين المواطنين، التقتهم «الاتحاد» على هامش معرض «أديف»، الذي نظمته هيئة الزراعة والسلامة الغذائية بالشراكة مع مركز المعارض بأبوظبي، عن رضاهم بالمنتج المحلي والذي اكتسب ثقة المستهلكين من كافة الجنسيات، وأصبح يفضل على كثير من المنتجات المماثلة، نظراً لخضوعه للإشراف والرقابة وأمانة المنتجين أنفسهم، معربين عن سعادتهم بتخصيص منصة للعسل المحلي ضمن فعاليات معرض أبوظبي الدولي للأغذية «أديف»، إذ يوفر المعرض فرصة للمنتجين من مختلف إمارات الدولة لعرض وتسويق إنتاجهم من أصناف العسل المحلية المتنوعة، وقدرتها على المنافسة سواء من ناحية الجودة، أو السعر، وفرصة مهمة للنحالين المواطنين لتبادل الخبرات والتجارب.
تسويق جيد
قال محمد سعيد الشكيلي: من المهم تعريف المجتمع المحلي والزائرين من مختلف أنحاء العالم بمنتجاتنا من مختلف أنواع العسل، وهو فرصة تسويقية جيدة، وقد تم عقد العديد من اللقاءات على هامش المعرض، وتبادل الخبرات حيث تعد المنصة المخصصة للعسل ضمن المعرض ذات أهمية خاصة إذ ضمت مجتمع النحالين في الدولة لإثبات جودة العسل المحلي الطبيعي. وأضاف: إن الجمهور يبحث عن الثقة في المنتج، وهناك ثقة في المنتج المحلي، وكانت الفرصة التي أتاحها المعرض للنحالين تتمثل في تعريف المجتمع المحلي والشركات الكبرى المشاركة بالمعرض بمنتجات النحالين الإماراتيين، والتي حظيت بإعجاب الزائرين بمنتجات العسل الإماراتي، ونشكر إدارة المعرض التي أتاحت الفرصة للنحالين الإماراتيين لعرض إنتاجهم من مختلف أنواع العسل ومن مختلف مناطق الدولة. وقال علي الضنحاني «مؤسسة الضنحاني للعسل البلدي»: لا شك في جودة العسل المحلي الذي نتج من الطبيعة، ونحن بدأنا منذ التسعينيات في إنتاج العسل المحلي، سواء الجبلي أو السدر وغيره، وأنشأنا محمية للعسل في الفجيرة. وأشاد بحسن التنظيم، والذي حرص على تخصيص جزء من المعرض للنحالين الإماراتيين ونحن سعداء بالمشاركة في معرض أبوظبي الدولي للأغذية وعلى أمل المشاركة في المواسم القادمة.