سارة بنت يوسف الأميري
يوفر مجمع البيانات الفضائية، الذي أطلقته دولة الإمارات العربية المتحدة، منصة رقمية لتزويد العلماء والباحثين والمبتكرين بالبيانات الفضائية اللازمة لتطوير خوارزميات وبرمجيات لإيجاد حلول للتحديات العالمية، ومن أبرزها تغيّر المناخ والأمن الغذائي والكوارث الطبيعية.
إن ما يشهده الاقتصاد العالمي من تعقيدات متزايدة وأنظمة مترابطة ومتشابكة أسفر عن ظهور العديد من المشكلات والتحديات، وعلى رأسها تغيّر المناخ والأمن الغذائي والمخاطر المتعلقة بالكوارث الطبيعية، والتي يتطلب كل منها أساليب جديدة لجمع وتحليل البيانات للتصدي لها والتخفيف من حدّتها.
إن قدرتنا على مواجهة هذه التحديات من خلال توظيف التكنولوجيا بشكل عام، وبالأخص تقنيات الفضاء والذكاء الاصطناعي لإيجاد حلول أكثر فعالية واستدامة، هي أكثر ما نحتاج إليه في الوقت الراهن. وهذا هو المجال الذي سيبرع فيه مجمع البيانات الفضائية ويضطلع بأداء دور رئيسي ومحوري.
ويعد المجمع، الذي أطلقته حكومة الإمارات العربية المتحدة، مبادرة واعدة ورائدة تهدف إلى إحداث تحوّل نوعي في طريقة استخدام البيانات الفضائية وفقاً لأحدث تقنيات الذكاء الاصطناعي من أجل تطوير التطبيقات الفضائية لإيجاد حلول لمواجهة التحديات الوطنية والعالمية، أيضاً، ستعمل هذه المنظومة على دعم إشراك الشركات الناشئة في صناعة الفضاء.
وسعياً نحو تعزيز قدرات وإمكانات المجمع، أبرمت وكالة الإمارات للفضاء اتفاقية شراكة مع شركة بيانات الرائدة في الحلول الجغرافية المكانية المعتمدة على الذكاء الاصطناعي تهدف إلى تشغيل منصة تحليل البيانات الفضائية ضمن مجمع البيانات الفضائية، وكذلك توفير منصة للتطبيقات الفضائية، مما يعزز إنشاء نظام مبتكر لتطبيقات رصد ومراقبة الأرض.
وعلاوة على ذلك، فقد أطلقت وكالة الإمارات للفضاء برنامج ساس للتطبيقات الفضائية للتسريع من تطوير حلول لتحديات الاستدامة العالمية وتعزيز دور الشراكات والاستثمارات المحلية والدولية في صناعة الفضاء.
ضمن جهودها ومبادراتها لمكافحة تغير المناخ، وقعت وكالة الإمارات للفضاء اتفاقية تعاون مع شركة «بلانيت لابز»، الرائدة في مجال الخرائط والبيانات الأرضية. تهدف هذه الشراكات إلى إنشاء «أطلس» للخسائر والأضرار باستخدام بيانات الأقمار الاصطناعية، بهدف تمكين الدول من التصدي لتغيرات المناخ.
ويهدف الأطلس إلى استثمار قوة بيانات الأقمار الاصطناعية لتمكين الدول من مواجهة التأثيرات المتعددة الأوجه لتغيّر المناخ.
ومع التركيز على تطوير قدراتها الفضائية المستدامة في مجالات البحث والمهام العلمية والتصنيع والخبرات المتخصصة، أطلقت دولة الإمارات أيضاً المرحلة التنفيذية لمشروع تطوير الأقمار الاصطناعية الرادارية «سرب»، ومن المقرر إطلاق أول قمر اصطناعي راداري لها في عام 2026.
وستعزز هذه المبادرة الرائدة والأولى من نوعها قدرات تصنيع وتشغيل الأقمار الاصطناعية في البلاد. ويهدف المشروع إلى تطوير مجموعة من الأقمار الاصطناعية الرادارية المجهزة بتكنولوجيا التصوير المتطورة القادرة على التقاط صور عالية الدقة للاستخدامات الأرضية ورصد الغطاء الجليدي والتغيرات السطحية، كما تهدف إلى مراقبة حالات الطقس لرصد تغيرات المناخ.
ويُعد المشروع جزءاً من «صندوق الفضاء الوطني» الذي أسسته دولة الإمارات برأس مال قدره 3 مليارات درهم بهدف تطوير قدرات الدولة في مجال الفضاء، مع تعزيز جهود مواجهة التحديات المُلحة، وعلى رأسها تغيّر المناخ واستدامة البيئة والتصدي للكوارث وضمان الأمن الغذائي.
كما يهدف المشروع إلى تشجيع الشراكات مع المؤسسات العالمية وتقديم الحوافز لها، والذي يُعد امتداداً لمشروع مناطق الفضاء الاقتصادية الرامي إلى ترسيخ مكانة الإمارات مركزاً عالمياً للمواهب والاستثمار والابتكار.
كل هذه المشاريع تجسّد التزام دولة الإمارات العربية المتحدة الراسخ بالابتكار. كما سنواصل العمل مع شركائنا للعمل على تعزيز التعاون والوصول المفتوح لتكنولوجيا الفضاء، مما يُسهم في تمكين الأفراد والمؤسسات في جميع أنحاء العالم من تسخير قوة تكنولوجيا الفضاء في مواجهة التحديات العالمية المُلحة، مما يُمهد الطريق نحو مستقبل واعد، تكون فيه تكنولوجيا الفضاء منارة أمل لتقدم البشرية بأسرها.
وزيرة دولة للتعليم العام والتكنولوجيا المتقدمة رئيسة مجلس إدارة وكالة الإمارات للفضاء