مصطفى عبد العظيم (دبي)
أكد فائزون بجائزة زايد للاستدامة في دورتها الخامسة عشرة، الدور المحوري للجائزة في ترسيخ ونشر ثقافة الاستدامة وتحفيز العمل المناخي في مختلف أنحاء العالم، وتحسين حياة ملايين الأشخاص حول العالم، ما يدعم الجهود المبذولة لمواجهة تحديات تغير المناخ وتقليص الانبعاثات الكربونية.
وأوضح الفائزون في تصريحات لـ«الاتحاد»، عقب تتويجهم بالجائزة أمس الأول، ضمن فعاليات الدورة الثامنة والعشرين من مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ (COP28) الذي تستضيفه الإمارات في مدينة إكسبو دبي، أن الفوز بالجائزة يشمل تتويجاً استثنائياً للأعمال والمشاريع والمؤسسات الصغيرة المتوسطة والمنظمات غير الربحية والمدارس الثانوية التي تقدم حلولاً مستدامة، وتحفز المنافسة بين فئاتها المستهدفة لابتكار حلول متنوعة تؤثر إيجابياً في حياة ملايين البشر حول العالم.
الماء حياة
وقال فيليب لو، الفائز عن فئة «المياه» عن مشروعه «الماء والحياة»، إن: «الفوز بجائزة زايد للاستدامة، يشكل تتويجاً استثنائياً لمسيرتي في مجال التنمية الاجتماعية الذي أعمل به منذ أكثر من 25 عاماً، ليس كونها فقط أعلى وسام أحصل عليه خلال تلك المسيرة، ولكنها أيضاً شهادة ثقة من جهة مرموقة بالمشاريع التي نقوم بها وتثمين كبير لجهودنا، فضلاً عن تسلمي الجائزة خلال مؤتمر الأطراف (كوب 28) الذي تستضيفه دولة الإمارات».
وأضاف فيليب أن شركته التي يقع مقرها في فرنسا، تعمل في مناطق الفقر في الفلبين وبنجلاديش، حيث كنت أعمل هناك لفترة طويلة في مشروع القروض الصغيرة، وأدركت مدى معاناة الناس في المناطق الفقيرة للحصول على الماء النظيف، فبادرت بتأسيس عدد من المشاريع المحدودة للمساعدة على توفير المياه لعدد من الأشخاص في هذه المناطق، وتوفير صنابير مياه ضمن المنازل في المناطق الحضرية الفقيرة لضمان وصول السكان إلى المياه النظيفة، واليوم يتجاوز عدد المستفيدين من هذه المشاريع أكثر من 52 ألف شخص في 27 منطقة عشوائية ضمن 10 مدن، بات لديهم إمكانية الوصول المباشر إلى المياه النظيفة عبر الصنابير المنزلية، وأيضاً توفير 54 لتراً من المياه الصالحة للشرب للشخص الواحد يومياً.
فئة الطاقة
من جهتها، قالت أنجيلا حمصي، الشريك المؤسس، رئيسة شركة إغنايت باور، ومقرها رواندا، والفائزة في فئة الطاقة، إنها فخورة بالفوز بجائزة زايد للاستدامة في دورتها الحالية، والذي اعتبرته وساماً كبيراً لجهود شركاتها التي تعمل في 10 دول في أفريقيا، لاسيما وأن للشركة مقراً في أبوظبي بدولة الإمارات حيث تعيش هي وأسرتها.
وأضافت أن تتويج صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، لنا، وكذلك خلال مؤتمر الأطراف كوب 28 الذي يشكل أفضل منصة لإبراز مشاريعنا في مجال الاستدامة، كان بمثابة دفعة قوية لنا لمواصلة جهودنا في مجال الاستدامة وتقديم مشاريع تخدم التنمية والإنسانية في أفريقيا، حيث قدمنا تدريباً لأكثر من 3000 شخص يعملون لدينا، لتوفير حلول الطاقة النظيفة لأكثر من 2.5 مليون شخص، بما يشمل منازل الأفراد والمدارس والمستشفيات، عبر 10 دول على مر السنوات، وتجنبنا أكثر من 600.000 طن من انبعاثات الكربون من خلال نشر الطاقة الشمسية والكهرباء الشمسية لهؤلاء الأشخاص.
وأضافت: تقوم مشاريع شركتنا بتوفير حلول متنوعة في أربعة مجالات تشمل الطاقة الشمسية بنظام الدفعات الدورية للأفراد والمؤسسات الصغيرة في المجتمعات النائية، بما في ذلك أنظمة الري لتحسين الحصاد، وحلول الاتصال بالإنترنت عبر الأقمار الصناعية.
وأشادت أنجيلا بإطلاق دولة الإمارات خلال «كوب 28» صندوق «ألتيرا» العالمي للحلول المناخية بقيمة 30 مليار دولار، مؤكدة أن هذا الصندوق يجسد الدور المؤثر لدولة الإمارات في مجال العمل المناخي عالمياً، حيث سيسهم الصندوق في تسهيل الوصول إلى رأس المال في المشاريع المتعلقة بالمناخ بصورة سريعة وسهلة، خاصة مع تركيزه على الجنوب العالمي وأفقر دول العالم ودعم الطاقة النظيفة في تلك الأماكن.
فئة الغذاء
بدوره، قال أحمد الصوراني، رئيس، مؤسس منتدى غزة للزراعة الحضرية وشبه الحضرية، الفائز عن فئة الغذاء: «نفتخر بالفوز بجائزة زايد للاستدامة الذي جاء تتويجاً لجهودنا في منتدى غزة، وهو مؤسسة فلسطينية تأسست منذ 6 سنوات تعمل في القطاع الزراعي»، لافتاً إلى أن جائزة زايد للاستدامة دائماً ما تركز على الأفكار التي تترك أثراً مستداماً، إذ ستؤثر الجائزة بشكل كبير جداً على اتجاهين رئيسيين، الأول التأثير في استدامة النموذج المؤسسي التجديدي لجمعية منتدى غزة للزراعة الحضارية وشبه الحضارية في قطاع غزة وفلسطين، والاتجاه الثاني تعزيز النماذج المجتمعية والعمل الريادي النسوي في قطاع غزة، وتعزيز مفاهيم وممارسات الزراعة الحضارية الأسرية في قطاع غزة باعتبارها أحد هم مصادر الصمود لأهلنا في هذا القطاع.
وأضاف: «نساهم من خلال هذه المؤسسة في بناء قطاع زراعي أكثر مرونة في غزة من خلال تسهيل الوصول إلى الأغذية المنتَجة محلياً وتمكين رائدات الأعمال الزراعية، وتحسين وصول الغذاء لـ 1,425 أسرة، بما يشمل نحو 7,100 شخص، كذلك زيادة دخل 200 امرأة ريادية في قطاع الزراعة، ودعم إنتاج 18 طناً من المنتجات الزراعية المحلية، ونسعى إلى خلق نماذج تنموية من خلال المجتمع ومنها ما يتعلق بالنساء صاحبات المشاريع الصغيرة، حيث حتى الآن تمت مساعدة ما يقارب 50 امرأة قيادية في قطاع غزه وتم تجميعهن في ملتقى خاص بالعمل بالقيادة النسوية، إلى جانب شبكة الجهات الفاعلة في النظام الغذائي المحلي، والتي من دورها مراجعة السياسات التي فيها خلق نماذج تنموية محلية تسعى لتعزيز صمود القطاع الزراعي في قطاع غزة.
مجمع كورت التعليمي
وقالت راي بونيسا، الفائزة عن فئة المدارس الثانوية العالمية - منطقة جنوب آسيا - عن مشروعها «مجمع كورت التعليمي» في باكستان: «نشعر بالفخر الكبير بالفوز في جائزة زايد للاستدامة وتمثيل باكستان اليوم في الدورة الثامنة والعشرين لمؤتمر الأطراف، حيث إن الفوز وصعود منصة التتويج يمثل حلماً تحقق، وأشكر القائمين على الجائزة لمنح طلابي الفرصة ليكونوا أعضاء إيجابيين ومساهمين إيجابيين في جميع أنحاء المجتمع، حتى يصبحوا قادة مسؤولين في المستقبل، من خلال مشروعنا الذي يدور حول التخفيف من تغير المناخ، وهناك إطاران لمشروعنا، الأول: يتعلق بالزراعة العضوية، والثاني يتعلق بالحفاظ على المياه».
وأضافت: تتمثل فكرة المشروع في تركيب تجهيزات للحفاظ على المياه، وبناء حديقة عضوية، وتطوير برنامج لتحويل النفايات إلى سماد، وتنظيم حملات توعية صحية مجتمعية، ومن خلال هذه الحملات سنجعل الناس يدركون أنه يجب عليهم الانخراط في ممارسات صديقة للبيئة لأنه من المفترض أن يكونوا جزءاً من الممارسات المستدامة، وسنعمل على توسيع حملات التوعية لتشمل المدارس الأخرى والمجتمع المحلي، مشيرة إلى أن المشروع يعود بالفائدة على المجتمع، خاصة أن باكستان تعد من أكثر المناطق تأثراً بتغير المناخ.
المدارس الثانوية العالمية
من جهته، عبر محمد لورو الدين إبراهيم، الفائز بفئة المدارس الثانوية العالمية عن مشروعه أكاديمية جواني إبراهيم دان هاجا (نيجيريا) عن منطقة أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، عن سعادته بالفوز بجائزة زايد للاستدامة، التي تحمل اسم رجل الإنسانية والعطاء، وتقدم بالشكر لدولة الإمارات لدعمها المتواصل للمبدعين والمبتكرين حول العالم في قطاع الطاقة المتجددة، وقال: إن الجائزة تلعب دوراً حيوياً في تحفيز إحداث تغيير كبير في المجتمعات حول العالم وتمهيد الطريق لبناء مستقبل مستدام للجميع، وتلهم الطلبة وتحفزهم جهودهم في المساهمة في تحقيق الأهداف المناخية المشتركة.
وقال: إن فكرة المشروع تقوم على إنشاء وحدات تجفيف شمسية لأصحاب المزارع الصغيرة في مجتمعاتهم للحد من الخسائر ما بعد الحصاد، وسنقوم بتدريب 300 طالب و50 معلماً ليكونوا سفراء للطاقة الشمسية، لافتاً إلى أن المشروع هو المجفف الشمسي لصغار المزارعين في الجزء الشمالي الشرقي من نيجيريا.
وأضاف: يستهدف المشروع في مرحلته الأولى 13000 مزارع يعانون خسائر ما بعد الحصاد، وسنعمل على تحقيق الفائدة لهم ولأكثر من 200 ألف شخص من أفراد المجتمع.
تعزيز العمل الإنساني
وأعربت المعلمة المغربية نورة حنيف، الفائزة عن فئة المدارس الثانوية العالمية، عن بالغ سعادتها بهذا الفوز، وثمنت جهود الجائزة العالمية الرائدة في تعزيز العمل الإنساني وتحقيق الاستدامة.
وأكدت أن الفوز بالجائزة يمثل انطلاقة جديدة للمساهمة في تطوير المشروع وتحويله إلى واقع يخدم الوطن العربي وينفع البشرية، مشيرة إلى أن هذا الطحلب ثبت أنه يعالج المصابين بفيروس كورونا من خلال بحثها ودراستها لرسالة الدكتوراه التي حصلت عليها في الجامعة بالمغرب.
وأفادت بأنها ستسخر قيمة الجائزة في تعزيز أبحاثها حول هذا الطحلب، بالإضافة إلى تشغيل الأرامل والمطلقات في مشاريع صغيرة ليتمكن من إعالة أنفسهن وأطفالهن، بالإضافة إلى الاهتمام بفئة الأيتام من خلال بناء دار تؤويهم وترعاهم وتهتم بهم.
وأشارت إلى أن مشروعها يتعلق بتحويل أحد أنواع الطحالب البحرية إلى سماد عضوي ومبيد للحشرات العضوي من أجل الحصول على أغذية سليمة لا تحتوي على مواد كيميائية، والمحافظة في الوقت ذاته على دورة حياة الحشرات التي تحول المواد العضوية إلى أملاح معدنية، وبالتالي ضمان الحفاظ على دورة حياة النبات.
وأوضحت أن هذا الطحلب يتميز بثرائه بمكون معين يسمى «فيابرز أل جي» يسمح بتجميع المعادن الثقيلة والمواد السامة التي تطرحه المصانع وغيرها، حيث أثبت فاعليته في تنقية المياه الملوثة وتخليصها من المعادن الثقيلة. وأضافت أنها قامت بتحويل هذا الطحلب البحري إلى طاقة على شكل غاز الميثان ثم يتم تحويله لاحقاً، إما إلى حرارة للتدفئة وإما إلى طاقة كهربائية من أجل استخدامها في المجالات المختلفة، كبديل عن الوقود الأحفوري.
وقالت: إن هذا الطحلب يمكن استخدامه كسماد عضوي في الزراعة أيضاً، حيث يمنع تبخر المياه بالقرب من جذور النباتات بسرعة، كما يمنع ترشح المياه في أعماق التربة وبالتالي يقلل من هدر المياه، مشيرة إلى أن هذا هو أفضل حل يمكن استخدامه في الدول التي تتمتع بمساحات شاسعة من الأراضي الصحراوية الجافة، حيث يسهم هذا السماد في تحويل التربة الرملية غير الصالحة للزراعة إلى العكس، ويحافظ على الأملاح المعدنية والماء فيها لمدة أطول قريبة من جذر النبتة دون أن تضيع في باطن التربة، وهو ما تعاني منه دول الخليج وبعض دول المغرب العربي.
العمل المناخي
أعربت سابينا جريفث، الهولندية الفائزة بفئة العمل المناخي، عن مشروع «كليب بلو»، عن بالغ اعتزازها بالجائزة، مشيرة إلى أنها لم تتمالك نفسها حين تم الإعلان عن فوزها ضمن فئة المناخ، مثمنة المستوى التحكيمي للجائزة، وسعي لجان التحكيم للالتزام بمصفوفة المعايير في تقييم المشاريع، الأمر الذي يحقق العدالة ويوحد الرؤى، ويساهم في صناعة التميز في هذه الدورة والدورات القادمة.
وأوضحت أن مشروعها قائم على دراسة حالة في دولة بنما، ويسلط على دور الأعشاب البحرية في الحد من التغيرات المناخية وتحسين الأراضي الزراعية، لافتة إلى أن الجائزة تسهم في تحفيز الكثير من الباحثين في هذا المجال، موضحة أن «كليب بلو» شركة صغيرة ومتوسطة مقرها ناميبيا.
والمشروع عبارة عن زراعة غابات عشب البحر العملاق في المياه العميقة لاستعادة التنوع البيولوجي للمحيطات، وعزل ثاني أكسيد الكربون من الغلاف الجوي، واستخدام حصاد عشب البحر في التطبيقات الزراعية والصيدلانية، وسيسهم المشروع في عزل 100 ألف طن من ثاني أكسيد الكربون سنوياً، إلى جانب زيادة التنوع البيولوجي للمحيطات وتعزيز المخزون السمكي.