سامي عبد الرؤوف (دبي) 

تحتفل الإمارات العربية المتحدة، بعيد الاتحاد الثاني والخمسين على تأسيس الدولة، وسط نجاحات كبيرة في مختلف المجالات وعلى الصُعد كافة، حيث أصبحت الإمارات رقما مهماً ومؤثراً على الساحتين الإقليمية والدولية. 
وتأتي الاحتفالات هذا العام، وقد حظي القطاع الصحي بالكثير من التطورات التي لحقت بكافة عناصرها ومكوناتها، وذلك بفضل التوجيهات المستمرة والدعم الكبير من القيادة الرشيدة لصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، التي تؤكد دائماً على ضرورة توفير كافة الخدمات الطبية للجميع، بشكل متميز وجودة عالية.
ولم يكن هذا القطاع الحيوي والمهم في منأى عن عملية التطوير والنمو والازدهار التي حققتها الدولة وشملت جميع القطاعات الأخرى، تزامناً مع انطلاق قطار النهضة الشاملة.
وقد دأبت الدولة على توفير أفضل مستوى للخدمات الصحية منذ قيام دولة الاتحاد، على يد الوالد المؤسس، المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، مع إخوانه حكام الإمارات، فشهدت الدولة، التوسع في إنشاء المستشفيات والمراكز الصحية وكافة المرافق الصحية لتشمل كل أرجاء الدولة، وتقديم أرقى مستويات الرعاية الصحية.
وتولي حكومة دولة الإمارات، الرعاية الصحية اهتماما بالغاً، مما ينعكس إيجاباً على صحة وسلامة المواطنين والمقيمين على أرض الدولة، وفق ما تؤكده مؤشرات التنمية الصحية الواردة من جميع المنظمات الدولية المعنية بالصحة.
وشهد قطاع الخدمات الصحية منذ إعلان قيام الاتحاد قفزات نوعية وإنجازات كبيرة ويواكب النظام الصحي الإماراتي الأنظمة الدولية كافة بشهادة الخبراء الدوليين وعلى رأسهم منظمة الصحة العالمية.

الذكاء الاصطناعي 
وتميز عام 2023، بالعديد من الإنجازات في القطاع الصحي، أبرزها تعزيز التنسيق والتكامل والمشاريع والبرامج الصحية المشتركة بين الجهات الصحية الاتحادية والمحلية، مما أسهم في تحقيق مزيد من التكامل والتميز وتوفير الخدمات الصحية وفق أفضل المعايير العالمية. 
وخلال العام الجاري، أطلقت وزارة الصحة ووقاية المجتمع العام الجاري، أول مركز تميّز بالذكاء الاصطناعي في القطاع الصحي على المستوى الاتحادي بهدف تعزيز مسيرة التحول الرقمي في مجال البيانات الصحية وتوظيف التقنيات الذكية في تطوير كفاءة وجودة خدماتها، وإرساء منظومة خدمات رقمية متكاملة تسعد المتعاملين وتوفر لهم أفضل الخدمات المستدامة والمبتكرة.
ويدير هذا المركز كوادر إماراتية لإدارة هذه التقنية المتطورة بالتعاون مع خبراء تحليل البيانات من شركة ساس، ويقدم خدماته في 7 مجالات، هي: تراخيص المنشآت الطبية، حيث سيتم استخدام الذكاء الاصطناعي لتسهيل عملية اختيار المواقع لبناء المستشفيات أو المراكز الطبية، من خلال ربط نتائج هذه التحليلات بالمستثمرين قبل تقديم طلبات التراخيص للمرافق الطبية، وسيتم أيضًا دعم الأطباء في تأمين التراخيص اللازمة وفقاً لاحتياجات الدولة.
كما يتضمن مركز، إمكانية التبرع وزراعة الأعضاء لمطابقة الفحوصات بين المتبرعين والمرضى، مما يساعد على تسهيل عمليات نقل الأعضاء وإعطاء الأولوية للحالات الحرجة داخل الدولة وخارجها. 
وسيتم أيضاً استخدام الذكاء الاصطناعي في تحليل نتائج الفحوصات الشعاعية مما يزيد من كفاءة تشخيص الحالات، بالإضافة إلى مجال إدارة المخزون الاستراتيجي للأدوية، باستخدام الذكاء الاصطناعي لربط قواعد البيانات وتحليل الاستخدام لوضع استراتيجيات التوزيع وفقاً للاحتياجات الضرورية. وتتبع شحن الأدوية من البلد المصنع لحد تسليمها للمرضى، مع ربطه بأنظمة أخرى في الدولة.
ويعزز المركز، تحليل بيانات المواليد والوفيات، مما يساعد في فهم الأسباب وتحليل البيانات بشكل أفضل، ما يؤدي دوراً بارزاً في إدارة مركز الأزمات والطوارئ والكوارث التابع للوزارة، فضلاً عن إدارة أمان المعلومات وتحليل البيانات الضخمة، مما يساهم في تعزيز الأمن السيبراني في شبكة الوزارة.
ويعمل المركز، على تطوير نماذج تحليلية وتنبؤية عالية الجودة في عملياته بالاستفادة من تطبيقات الذكاء الاصطناعي ومصادر البيانات المتقدمة، بهدف توفير تحليلات وبحوث موثوقة وعالية الجودة تسهم في الارتقاء بتجربة المتعاملين. 

تطعيمات الأطفال 
وأطلقت الوزارة، النسخة المحدثة من التطبيق الصحي الرقمي الوطني «الحصن» بعد إضافة ميزات جديدة تشمل تطعيمات الأطفال الضرورية منذ ولادتهم وحتى بلوغهم عمر 18 عاماً.
وتعزز الإضافات التي حدثت على التطبيق الذكي لبرنامج «الحصن»، الالتزام بالبرنامج الوطني للتحصين وذلك في إطار أولويتها لتطوير النظام الصحي ووقاية المجتمع من الأمراض السارية، وبهدف دعم نتائج المؤشر الاستراتيجي لنسبة تغطية الأطفال بالتطعيمات، من خلال الإجراءات الاستباقية الوقائية بأفضل التقنيات الرقمية المتقدمة.
وتتيح التحديثات مجموعة من الحلول الرقمية التي تُمكّن الأسر من متابعة حالة التطعيم ومراجعة سجلاتها بسلاسة من خلال واجهة مصممة باحترافية وفق أفضل الممارسات التي تضمن سهولة الاستخدام لجميع الأفراد، وكذلك إمكانية وصول المستخدمين إلى معلومات دقيقة وموثوقة.

الاستراتيجية الرقمية 
وخلال العام الجاري، وفرت الوزارة حزمة من المشاريع الرقمية وأحدث الأنظمة والحلول التقنية، لتعزيز سعادة المتعاملين، في إطار جهودها لتحقيق مستهدفات مئوية الإمارات 2071، واستراتيجية الإمارات للذكاء الاصطناعي 2031، ضمن سعيها لترسيخ مكانة الدولة الرائدة على خريطة الابتكار العالمية في مجال الصحة الذكية والرقمية.
وهدفت الوزارة، إلى تلبية الاحتياجات الصحية الحالية والمستقبلية، وترسيخ مكانتها كواحدة من أهم رواد التحول الرقمي الحكومي، من خلال من خلال توفير حلول مبتكرة في إدارة البيانات الصحية ودعم ومواكبة النظم المعلوماتية الذكية، تقنيات الذكاء الاصطناعي.
وامتدت الحلول الرقمية الجديدة، إلى توفير سجل المنتجات الطبية المسجلة عبر تطبيق الواتساب لتمكين المستخدمين من الحصول على القائمة المحدثة والمرتبطة ببرنامج التسجيل الدوائي، بالإضافة إلى تقديم هذه الخدمة عبر الأجهزة الذكية مما يسهم في توفير المعلومات الضرورية للمتعاملين بطرق سهلة ومتوفرة على مدار الساعة ومن مصادر موثوقة. 
وتم إضافة هذه الخاصية على تطبيق الواتساب لتسهيل الحصول على البيانات وتوفير تجربة أفضل للمتعاملين.
وعلى صعيد الوقاية والتعامل مع الأمراض المزمنة، أطلقت الجهات الصحية الحكومية الاتحادية والمحلية، مجموعة من الحملات الوطنية للكشف المبكر عن الإصابة بأمراض السكري وضغط الدم والسرطان، وذلك لتعزيز الوقاية من هذه الأمراض وسعياً لتحقيق مستهدف المؤشر الوطني الخاص بخفض نسبة انتشار المرض في الدولة. وقامت الوزارة بالتعاون مع الشركاء الاستراتيجيين بتوفير خدمات الفحص من خلال المراكز الطبية في مختلف أنحاء الدولة وتنظيم زيارات لموظفي القطاعين الحكومي والخاص وتوفير خدمة الفحص في مقار عملهم.  وعملت هذه الحملات على تقديم مشورة وإرشادات صحية بعد الفحص مباشرةً لتنظيم أسلوب حياة الفئات الأكثر عرضة للإصابة بالسكري وتعريفهم بالخيارات العلاجية المتاحة.
وشهد عام 2023، الإعلان عن المبادرة الوطنية «نبراس» لتعزيز قدرات كوادر التمريض والقبالة وتمكينهم من المشاركة في الأبحاث العلمية، الرامية إلى تعزيز قدرات كوادر التمريض والقبالة، للمشاركة في الأبحاث العلمية التي تستجيب لأولويات الصحة الوطنية وتسهم في تطوير السياسات والممارسات الصحية والتمريضية، تنفيذاً لمستهدفات الاستراتيجية الوطنية للتمريض والقبالة (2022 – 2026).
وشهد العام الحالي الإطلاق الرسمي لنظام تتبع الأدوية الوطني «تطمين» وهي المنصة الأولى من نوعها في المنطقة لتعقب وتتبع المنتجات الدوائية بهدف تحصين وتأمين سلاسل الإمداد والتوريد لمرافق الرعاية الصحية بالدولة. 

«الملف الموحد» 
شملت المشروعات الصحية المشتركة على مستوى الدولة، الربط بين منصات الملف الوطني الصحي الموحّد «رعايتي» و«ملفي» و«نابض»، لوزارة الصحة ووقاية المجتمع ودائرة الصحة أبو ظبي وهيئة الصحة بدبي. 
ويهدف هذا الربط إلى توحيد البيانات الصحية للمرضى في منصة وطنية واحدة، لتعزيز جودة الخدمات الطبية والوصول إلى منظومة صحية متكاملة تتماشى مع المعايير الدولية.
ويشكّل الدمج بين المنصات إنجازاً مهماً في مجال الرعاية الصحية في الدولة، والذي يأتي ضمن استراتيجية التحول الرقمي لمنشآت قطاع الرعاية الصحية لبناء نظام صحي مستدام وفعّال، لتمكين المرضى من الحصول على خدمات رعاية صحية متميزة.