أكد معالي زكي أنور نسيبة، المستشار الثقافي لصاحب السمو رئيس الدولة ، الرئيس الأعلى لجامعة الإمارات العربية المتحدة، أن المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان "طيب الله ثراه" رسّخ نهج القائد القدوة في تأسيس الدولة وبناء نموذج تنموي فريد. جاء ذلك خلال جلسة جمعته مع منتسبي البرنامج الدولي للمديرين الحكوميين من 29 دولة، الذي دشّنه صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي "رعاه الله"، في يوليو الماضي، لإلقاء الضوء على جوانب من سيرة المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان "طيب الله ثراه" ومآثره وقيمه الحميدة، ونهجه في بناء دولة الاتحاد. وقدّم معاليه، خلال الجلسة التي حملت عنوان "قصة البدايات"، شرحاً عن الإنجازات التي تحقّقت بفضل الرؤية الفريدة للوالد المؤسس الذي أرسى ركائز نهضة حضارية، وصنع نموذجاً تنموياً فريداً يشار إليه بالبنان على مستوى العالم، كما استعرض معاليه ملامح وصوراً من تاريخ الإمارات، وقصة نجاح الدولة ورحلتها نحو ترسيخ مكانتها كأحد أفضل دول العالم جاذبية واستقطاباً للراغبين في الاستقرار والعمل فيها.
- مسيرة مباركة.
وأكّد معالي زكي نسيبة، في بداية الجلسة، أنه حظي بشرف مرافقة الوالد المؤسس الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان "طيب الله ثراه"، حيث كان شاهداً على المسيرة المباركة لدولة الإمارات على مدار أكثر من 50 عاماً، حقّقت فيها الدولة إنجازات مهمة، ليس فقط بفضل مواردها النفطية أو موقعها الجغرافي أو مسارها السياسي، بل بفضل قيادتها الرشيدة ورؤيتها الحكيمة التي انتهجتها، والتي كان لها تأثير مباشر على ازدهار الدولة وتقدّمها.
وقال معاليه: "لم تكن الإنجازات الاستثنائية التي حقّقتها دولة الإمارات وليدة الصدفة، بل جاءت نتيجة تخطيط استباقي واستراتيجيات عمل تستشرف المستقبل وتضع الاستثمار في الإنسان على رأس أولوياتها، الأمر الذي جعل من دولة الإمارات، وفي مرحلة مبكرة من عمرها، نموذجاً يُحتذى به في التنمية الشاملة التي أتت ثمارها في تبوء الإمارات مراكز الصدارة في الكثير من مؤشرات التنافسية العالمية".
وأضاف معالي زكي نسيبة: " اليوم، حقّقت دولة الإمارات إنجازات عديدة على الصعيد السياسي والاقتصادي والاجتماعي والعلمي، فضلاً عن جهودها العالمية في مكافحة التغيّر المناخي والتقدير الكبير الذي أبداه العالم لها والذي تكلل بانطلاق مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ "COP28 "، الذي تستضيفه دولة الإمارات الآن في مدينة إكسبو دبي، وبالطبع كل هذا النجاح لم يكن ليتحقق لولا الرؤية الحكيمة التي انتهجتها قيادة الإمارات الرشيدة، والتي آمنت بأن الإنسان هو أساس كل عمليات التنمية والتطوير، وهو ما دفعها إلى الاستثمار في تطوير التعليم، ورصد ميزانيات ضخمة لتوفير بنية تحتية تكنولوجية متطورة، لضمان جودة العملية التعليمية والارتقاء بها من أجل بناء مجتمع قائم على المعرفة".
- 3 ركائز.
واستذكر معالي زكي نسيبه لقاءه الأول مع المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان "طيب الله ثراه"، مشيراً إلى أنه ونتيجة مرافقته ولقاءاته المتكررة مع صحفيين عالميين، جذبته الصحافة، وحينها أتيحت له فرصة إجراء مقابلة مع الوالد المؤسس عام 1968، تحدّث خلالها عن الركائز الثلاث لسياسته، والتي لا تزال حتى اليوم ركائز الرؤية التي تنتهجها قيادة الدولة. وأشار معاليه إلى أن الركائز الثلاث تتمثل في اتحاد الإمارات السبع وتكوين اتحاد فيدرالي اعتبره الطريق الأمثل نحو المستقبل، والرؤية الإنسانية التي ميّزت دولة الإمارات منذ قيامها وتقديم المساعدة لكل من يحتاجها إقليمياً وعالمياً، والعمل على الحفاظ على الهوية الوطنية عبر السعي وراء التطور والتقدم والحداثة دون المساس بتراث الإمارات الغني وتاريخها العريق. وقال معالي المستشار الثقافي لصاحب السمو رئيس الدولة: " رافقت المغفور له الشيخ زايد مترجماً ومستشاراً إعلامياً، ورأيت كيف كان يمتلك رؤية ملهمة مكّنته من تأسيس دولة الإمارات والتغلب على التحديات كافة التي واجهته قبل مرحلة الاتحاد، وحكمته في التعاطي مع المواقف والأحداث التي مرّت في تلك الفترة حتى قيام اتحاد دولة الإمارات".
- دولة نموذجية.
وتناول معالي زكي نسيبة المستشار الثقافي لصاحب السمو رئيس الدولة، خلال حديثه مع منتسبي البرنامج الدولي للمديرين الحكوميين، الأدوات التي وظّفها المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان "طيب الله ثراه" خلال مسيرته القيادية، والتي مكّنته من بناء دولة نموذجية في الاتحاد الفيدرالي والوصول بها إلى المراتب الأولى في مختلف القطاعات، ومنها الرؤية الملهمة والقدوة الملهمة، ونهج الإنسانية، والتسامح كقيمة جوهرية، والسياسات الخارجية الفاعلة لتوثيق العلاقات، والتواصل المتميز، وبناء وتطوير المؤسسات.
ولفت معاليه ، إلى أنه كان "طيب الله ثراه" أثناء مسيرته القيادية، القدوة الملهمة لأبناء شعبه، مشيراً إلى أنه وعلى الرغم من أهمية وضع رؤية طموحة، إلا أن ذلك لم يكن كافياً لينهض الشيخ زايد بدولة الاتحاد، وهو ما دعاه إلى اعتماد نهج القائد القدوة في تأسيس الدولة وبناء نموذج تنموي فريد، حيث سعى إلى التعاون مع جميع حكام الإمارات وأجرى المفاوضات بشأن إقامة الاتحاد، كما تواصل مع المجتمع واستعرض رؤيته ووضّح الأسباب التي تجعل قيام الاتحاد المسار الأمثل لمصلحة الجميع، حيث شكّل بأفعاله وأعماله نموذجاً وقدوة عالمية قلّ نظيرها تفخر بها الأجيال المتعاقبة في دولة الإمارات.
- تاريخ طويل.
وأكد معالي زكي نسيبة أن شخصية المغفور له الشيخ زايد الإنسانية، كانت أحد الأسباب التي رسّخت مكانة دولتنا، حيث بات الجانب الإنساني لدى الوالد المؤسس نهجاً لدولة الإمارات سارت عليه قيادتنا الرشيدة، ورسمت معالمه عبر تاريخ طويل من البذل والعطاء والمبادرات التي حلّت الكثير من التحديات الإنسانية التي تؤرق البشرية وتعيق مسيرتها نحو تحقيق الاستقرار. وتابع معاليه: "لطالما آمن الشيخ زايد "طيب الله ثراه" ، بأن الإنسانية ككل تنتمي إلى عائلة واحدة، وكان ذلك دافع جهوده الإنسانية على جميع المستويات، فشارك في تقديم المساعدات للفئات المحتاجة في جميع مناطق العالم لا سيما تلك التي تشهد تحديات"، مشيراً إلى أن أول خطة خمسية وضعها الشيخ زايد لإمارة أبوظبي للأعوام من 1968 إلى 1972 خصصت 10% من إجمالي الاعتمادات للمساعدات الخارجية. وتناول معالي زكي نسيبة بالشرح كيف استطاع المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان "طيب الله ثراه" ، أن يجعل من دولة الإمارات واحة للتسامح والتعايش في المنطقة والعالم، بعد أن حوّل التسامح إلى قيمة جوهرية، مشيراً إلى أنه بفضل رؤيته الحكيمة تمكّن "طيب الله ثراه" من تحويل دولة الإمارات إلى أنموذج رائد في الترابط والتآلف بين مختلف مكونات المجتمع، على اختلاف أفكارهم وتوجهاتهم، حيث جسّد التسامح أحد أبرز القيم الجوهرية التي تبناها الشيخ زايد وجعلها ركيزة أساسية لاتحاد الإمارات. وأضاف معاليه: "يتجلى نهج التسامح الذي رسّخه المغفور له الشيخ زايد في وقتنا الحاضر في تأسيس بيت العائلة الإبراهيمية في أبوظبي كرمز للتسامح والتعايش بين الأديان، حيث تخطى نهجه في التسامح والتعايش والمحبة الإنسانية، حدود الوطن، وهو ما تسير عليه القيادة الرشيدة، وأصبح إرثاً متأصلاً في شخصية الإنسان الإماراتي".
- سياسات خارجية فاعلة.
وتطرّق معالي زكي نسيبة إلى السياسات الخارجية الفاعلة التي اعتمدها الشيخ زايد لتشكيل التحالفات وتوثيق العلاقات، مشيراً إلى أن الوالد المؤسس عمل على توثيق العلاقات الخارجية مع دول العالم، وعمل دائماً على إحلال السلام ونشر المحبة والخير بين دول العالم.
وأكد معالي زكي نسيبة أن ما ساعد المغفور له الشيخ زايد على تطوير سياسة خارجية متميزة، قدرته الاستثنائية على التواصل الفعّال، وإقامة علاقات متوازنة مع الجميع، وهي الصفة الركيزة في شخصيته ''رحمه الله''، والتي كانت فيما بعد منارة لتحركات الدولة على صعيد السياسة الخارجية. واستمع منتسبو البرنامج الدولي للمدراء الحكوميين، من معالي زكي نسيبة إلى شرح عن جهود الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان في بناء منظومة قوية من المؤسسات الفاعلة، لافتاً إلى أن الشيخ زايد كان يؤمن بضرورة وجود مؤسسات قادرة على الوفاء بمتطلبات العصر، وتجاوز أي تحديات يمكن أن تعترض مسيرة الاتحاد، ولهذا لم يألُ جهداً في سبيل بناء مؤسسات دولة الإمارات وهياكلها على النحو الذي يضمن لها الاستمرارية. وأجاب معالي زكي نسيبة المستشار الثقافي لصاحب السمو رئيس الدولة ، الرئيس الأعلى لجامعة الإمارات، عن أسئلة منتسبي البرنامج الدولي للمديرين الحكوميين، حيث أكّد معاليه أن دولة الإمارات تؤمن بالسلام باعتباره المسار الأمثل وأنه لابد من بذل الجهود الحثيثة لتحقيقه. وأشار معاليه إلى أن دولة الإمارات نشأت في منطقة تحفل بالتحديات، إلا أنها تمكنت من تجاوز ذلك من خلال بناء الصداقات والعمل على حلّ القضايا المختلفة عن طريق المفاوضات، بالإضافة إلى سياستها في مجال المساعدات الإنسانية، مُعبراً عن آماله بأن تحذو دول العالم حذو الإمارات في هذا المجال لبناء عالم أفضل. وفي سؤال حول صفات القائد الناجح، قال معالي زكي نسيبة: "القائد الناجح هو من يتعامل مع من حوله باعتبارهم شركاء في المصلحة العامة، وأن يكون قدوة يُحتذى بها، فلا يفرض رأيه ولا يجبر الآخرين على اتباعه، وإنما يوظّف مهاراته في التواصل والتفاوض".
- أفضل الممارسات.
واطلع منتسبو البرنامج خلال زياراتهم الميدانية على أفضل الممارسات الإماراتية في القطاعات الاستراتيجية سواءً في الطاقة المستدامة، وأسواق المال، والبنية التحتية، والصناعة الوطنية، والفضاء والخدمات اللوجستية، والاقتصاد، والتحوّل الرقمي، وغيرها. يذكر أن البرنامج الدولي للمديرين الحكوميين، الذي تمّ تصميمه بالتعاون بين مركز محمد بن راشد لإعداد القادة، المنضوي تحت مظلة المكتب التنفيذي لصاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، ومكتب التبادل المعرفي الحكومي، يهدف إلى تعزيز قدرة المنتسبين على استشراف المستقبل ومواكبة المتغيرات والاستجابة لها، واتخاذ القرارات الاستراتيجية المناسبة، والاستعداد للتحديات المستقبلية للمجتمع، وتطوير السياسات والبرامج التي تعزز التنمية الشاملة والمستدامة.