مصطفى عبد العظيم (دبي)
أكد إريك سولهايم، الرئيس التنفيذي السابق لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة، أن رئاسة دولة الإمارات واستضافتها لمؤتمر الأطراف «كوب 28» في هذه المرحلة المهمة تجسد دورها العالمي البارز في دعم الجهود العالمية للعمل المناخي واستراتيجيتها الطموحة لتصبح أمة خضراء، متوقعاً ان يخرج المؤتمر بمبادرات إيجابية، خاصة فيما يتعلق بالحد من انبعاثات الميثان، والتي تعتبر أحد الدوافع الرئيسة لتغير المناخ.
وأوضح سولهايم، وزير البيئة والتنمية الدولية السابق في النرويج، والذي يشغل حالياً منصب الرئيس المشارك للمركز الأوروبي الآسيوي، أن دولة الإمارات التي استطاعت أن تحقق العديد من الإنجازات والمعجزات خلال فترة قصيرة من الزمن منذ تأسيسها، لتصبح اليوم واحدة من أكثر الدول نجاحاً وتنافسية، قادرة على تحقيق الأهداف المناخية الطموحة التي رسمتها ضمن استراتيجية الحياد الكربوني 2050، وأنا واثق تماماً من قدرتها على تحقيق هذه الأهداف التي رسمتها القيادة.
وأضاف سولهايم، أن استضافة دولة الإمارات لمؤتمر الأطراف «كوب 28» يجسد دورها العالمي البارز في دعم الجهود العالمية للعمل المناخي واستراتيجيتها لتصبح أمة خضراء، فرغم كونها دولة منتجة للنفط فهي تحتضن العالم لاتخاذ إجراءات ومبادرات ملموسة لتحويل التعهدات إلى أفعال، والانتقال بالعمل المناخي إلى مرحلة جديدة، وأن يشارك الجميع في التحول الأخضر بلا استثناء، مشيراً إلى أن بلاده النرويج لديها نفس الطموح والأهداف وهي أيضاً دولة منتجة للنفط، وكذلك بقية الدول النفطية مثل المملكة العربية السعودية وجميع الدول النفطية، جنبا إلى جنب مع تلك الدول التي لا تنتج النفط.
مبادرات إيجابية
وتوقع أن يخرج مؤتمر الأطراف كوب 28 تحت رئاسة دولة الإمارات بمبادرات هامة فيما يتعلق بالتزام شركات النفط والغاز بتحقيق الحياد المناخي، والحد من انبعاثات الميثان، والتي تعتبر أحد الدوافع الرئيسية لتغير المناخ، حيث ستكون هذه المبادرة إلى المخرجات الإيجابية للمؤتمر، إلى جانب مبادرات أخرى عديدة، مشيراً إلى أن المؤتمر يشكل منصة مهمة لجمع الحكومات وقادة الأعمال والنشطاء معاً للنقاش والتوصل إلى أفضل الممارسات التي تخدم العمل المناخي انطلاقاً من دبي.
ويبحث المندوبون المشاركون في قمة المناخ «كوب 28» تعزيز أجندة تغير المناخ العالمية من خلال خطط ملموسة لتضييق الخناق على ثاني أهم غازات الدفيئة «غاز الميثان»، وتحويل التعهدات إلى عمل عاجل، مع الدعم المالي لجهود البلدان النامية واللوائح الوطنية المتعلقة بالقطاعات التي تطلق انبعاثات غاز الميثان مثل النفط والغاز والزراعة.
الإيفاء بالالتزامات
وفيما يتعلق بمدى التزام الدول المتقدمة بتعهداتها في مجال تمويل مكافحة التغير المناخي، انتقد سولهايم، تباطؤ الدول المتقدمة في الإيفاء بالتزاماتها في مجال التمويل لأسباب متعددة، ومع ذلك، فإنه حتى إذا تم تقديم هذه الأموال، فإنها تتأخر كثيراً، لكن في المقابل الأموال التي تأتي بسرعة للتنمية الخضراء هي تلك التي تأتي من الاستثمار الخاص، في أسواق الكربون العالمية، التي ستوفر كميات هائلة من الأموال للدول النامية، فأكثر من ثلثي البلدان تعتزم استخدام أسواق الكربون للوفاء بمساهماتها الوطنية لمكافحة تغير المناخ في إطار اتفاق باريس.
مستقبل مشترك
وفيما يتعلق بتوحيد الجهود الدولية لرسم مستقبل أكثر إشراقاً للكوكب، أكد سولهايم، أن هذا أمر لا يحتاج إلى تفكير، فبإلقاء نظرة سريعة على جميع التحديات الكبيرة في القرن الواحد والعشرين مثل تغير المناخ والبيئة واستعادة انتعاش الاقتصادات العالمية بعد جائحة كوفيد ومكافحة الفقر، فضلاً عن التحديات الجيوسياسية العالمية مثل الحرب في أوكرانيا والصراع الفلسطيني الإسرائيلي، والتي تشكل جميعها قضايا رئيسة، فإنه من وجهة نظري يمكن حلها بسهولة أكبر إذا عملنا معاً، من الصين إلى أميركا ومن أفريقيا إلى أميركا اللاتينية، يجب أن نضم الجميع، فأي نتائج إيجابية في هذه القضايا والتحديات هي فوز للجميع، للوصول إلى عالم أكثر سلاما وتعاوناً، فصعود الصين على سبيل المثال لا يجب النظر إليه أنه سيشكل مشكلة لبقية العالم، بل يمكن للجميع الاستفادة منه حيث يمكنك شراء منتجات أرخص في أميركا بسبب صعود الصين، الذي يمكن أن يولد بدوره الكثير من الوظائف في أنحاء أخرى من العالم، لذا يجب أن نتوقف عن رؤية كل شيء كخسارة، وأن ننظر إلى أننا جميعاً في نفس الكوكب، ولدينا مستقبل مشترك، إذا دمرناه، ستنقرض البشرية.
الكوارث الطبيعية
حول الخطوات التي يجب على الدول الغنية والمتقدمة اتخاذها أو التزاماتها تجاه التغيرات المناخ، لاسيما بعد الكوارث التي تعرضت لها العديد من دول العالم خلال هذا العام من باكستان وجزر المحيط الهادئ والدول الجزرية المختلفة، أشار رئيس لجنة المساعدة الإنمائية السابق التابعة لمنظمة التعاون والتنمية في المجال الاقتصادي، إلى أن صندوق معالجة الخسائر والأضرار، يعد أحد الملفات الرئيسة التي يتناولها مؤتمر كوب 28، وهو الأمر الذي يشكل بدوره أهمية بالغة للمضي قدماً في مواجهة آثار تلك الكوارث، التي تقع مسئوليتها أساساً على أوروبا وأمريكا الشمالية واليابان وبعض الدول الأخرى الأكثر تقدماً في العالم، تلك الدول التي تسببت في المشكلة، فانبعاثات الولايات المتحدة للفرد حتى الآن هي ثماني مرات انبعاثات الصين للفرد و25 مرة انبعاثات الهند للفرد، والفارق في أفريقيا أكبر حتى، لذلك وبوضوح تقع المسؤولية عن تسبب الفيضانات في باكستان أو المشاكل التي تواجهها الدول الجزرية الصغيرة على عاتق الدول المتقدمة ويجب عليها دفع التكاليف.