دينا جوني (دبي) 

تصدّرت دولة الإمارات العربية المتحدة الدول العربية في مؤشر المعرفة العالمي، في حين احتلت المرتبة الثانية عالمياً في التعليم التقني والتدريب المهني. 
وجاء الإعلان عن تفاصيل نتائج «مؤشِّر المعرفة العالمي 2023» خلال فعاليات النسخة الثامنة لـ قمَّة المعرفة المنعقدة تحت شعار «مدن المعرفة والثورة الصناعية الخامسة»، ضمن جلسة نقاشية بعنوان «بناء مدن المعرفة معاً»، وشارك في الجلسة جمال بن حويرب، المدير التنفيذي لمؤسَّسة محمد بن راشد آل مكتوم للمعرفة، ود. خالد عبد الشافي، مدير المركز الإقليمي للدول العربية في برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، والدكتور هاني تركي، رئيس المستشارين التقنيين ومدير مشروع المعرفة لدى برنامج الأمم المتحدة الإنمائي. 
وبحسب المؤشر، احتلت الإمارات المرتبة 26 عالمياً بين 133 دولة شاركت في المؤشر، وجاء أداء الدولة متميزاً من حيث البنية التحتية المعرفية، لتحلّ في المرتبة 26 من بين 61 دولة ذات تنمية بشرية مرتفعة جداً.
وارتكزت نقاط قوة الإمارات على خمسة مسارات، هي الاشتراكات بالإنترنت ذات النطاق العريض عبر الأجهزة المحمولة لكل 100 نسمة، وسرعة التحميل والتنزيل للبيانات على الهاتف المحمول، ونسبة التحصيل التعليمي في إكمال البكالوريوس أو ما يعادلها، ونسبة نشاط الموظف الريادي، والأفراد الذين يمتلكون مهارات أساسية في تكنولوجيا المعلومات والاتصالات.
كما تمكّنت الدولة من الحصول على المرتبة 37 بواقع 76.2 نقطة في التعليم قبل الجامعي، والمرتبة الثانية في التعليم التقني بواقع 69.1 نقطة، والمرتبة 47 في التعليم العالي بواقع 51 نقطة، والمرتبة 29 في البحث والتطوير والابتكار بواقع 37.9 نقطة، وفي الاقتصاد جاءت الإمارات في المرتبة 13 عالمياً بواقع 66.9 نقطة، والمرتبة 45 عالميا ً في البيئة التمكينية بواقع 62.9 نقطة. 
كما رصد المؤشر بعض التحديات التي تواجه الدولة، أبرزها السكان المشمولون بالحماية الاجتماعية، والبصمة البيئية للفرد، والباحثون في التعليم العالي، ونسبة المشاركين في برامج التعليم والتدريب الرسمي وغير الرسمي، واستهلاك الطاقة المتجددة، ويؤكد أهمية اعتماد سياسات استباقية بعيدة المدى لا تخضع للتقلّبات الظرفية الاقتصادية. 
وأظهرت نتائج المؤشِّر لهذا العام تصدّْر سويسرا لقائمة الدول الـ 133 التي شملها المؤشِّر من حيث الأداء في مجالات المعرفة، متفوقة على الولايات المتحدة التي احتلت المركز الأول في العام الماضي. وجاءت فنلندا في المركز الثاني وتلتها السويد وهولندا. 
وعلى صعيد الدول العربية، حافظت دولة الإمارات العربية المتحدة على ترتيبها في طليعة الدول العربية في المؤشِّر، والمرتبة 26 عالمياً، ما يُجسِّد الجهود الاستثنائية التي تبذلها الدولة بتوجيه من القيادة الرشيدة لتعزيز ونشر وتبادل المعرفة وبناء الاقتصاد المعرفي، وحلَّت دولة قطر في المرتبة الثانية عربياً، تلتها المملكة العربية السعودية، فدولة الكويت.
ويبرز «مؤشر المعرفة العالمي» أوجه القوة والضعف في أداء الدول، ويركّز بشكلٍ خاص على العلاقة الوثيقة بين المعرفة والتنمية. ويُعَدُّ المؤشِّر الوحيد الذي يُقَيِّمُ مدى التفاعل مع المعرفة على مستوى الدول، ما يشكل رافداً رئيساً للبيانات التنموية العالمية. وبفضل توفير بياناتٍ شاملة وموثوقة، يمكن المؤشر الدول وصناع القرار من فهم التحولات الحالية والتحديات المستقبلية لصياغة رؤية مستقبلية شاملة وتحديد مسارات النمو.
وبشكل عام، يتكوّن مؤشر المعرفة العالمي من سبعة مؤشرات فرعية هي التعليم قبل الجامعي، والتعليم التقني، والتدريب المهني، والتعليم العالي، والبحث والتطوير والابتكار، وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات، والاقتصاد، والبيئة التمكينية. وقد خصّص وزن ترجيحي مقداره 15% لكل مؤشر من المؤشرات القطاعية الستة، و10% للمؤشر المتعلّق بالبيئة التمكينية. 
وقد أُعطي لقطاع التعليم التقني والتدريب المهني مكانة مهمة في مؤشر المعرفة العالمي باعتباره قطاعاً حيوياً يجمع بين التكوين وتأهيل العنصر البشري على المستوى المهني، حيث يعتبر من أكثر القطاعات حساسية وارتباطاً بسوق العمل. فالتأقلم مع حاجيات سوق العمل وتحويلها إلى مقررات دراسية ومناهج تعدّ عملية معقّدة، لأنها لا تخضع لتقلّبات الاقتصاد والتنافسية والظرفية الدولية. وهنا تندثر مهن وتبرز أخرى في وقت زمني قصير، ما يجعل من الصعب التجاوب بسرعة مع هذه المتغيّر.
وتعتمد هيكلة مؤشر التعليم التقني والتدريب المهني على أسس منهجية مبنية على العديد من الدراسات الدولية ذات الصلة والتي تركز على خلق تصوّر متوازن لهذا القطاع مبني على الحقوق الأساسية في التعليم والتكوين كإحدى ركائز أهداف التنمية المستدامة التي رسّختها أجندة الأمم المتحدة للتنمية المستدامة 2030. 
كما تعدّ بنية الاقتصاد، وبخاصة في ارتباطها بالتحولات المعاصرة والمعرفية، إحدى ركائز هذه المقاربة لمعرفة مدى قدرة الاقتصاد الوطني على التنويع، بما يضمن تفاعلاً إيجابياً بينه وبين التعليم والتكوين، ويُسهم في تحسين جودة رأس المال البشري. 
واشتمل مؤشر المعرفة العالمي للعام 2023 على 155 متغيّراً انتُقيت من أكثر من 40 مصدراً وقاعدة بيانات دولية. ويأتي المؤشر كمساهمة في بناء مجتمعات واقتصادات المعرفة من خلال تقديم زاوية أخرى لقراءة الواقع المعرفي والتنموي على نحو موضوعي يمكّن من وضع سياسات تنموية. وبالنظر إلى الطلب المتزايد على المؤشرات، لا سيما مع تنفيذ أجندة 2030 الذي تقابله ندرة البيانات الموثوق بها، يعدّ مؤشر المعرفة العالمي إضافة قوية، فهو يوفّر أداة علمية وعملية تسلّط الضوء على التحديات وسبل التطوير لتنمية مستدامة للمجتمعات. 
وقال جمال بن حويرب: «تعتمد الاقتصادات المبنية على المعرفة على الابتكار وتطوير المهارات وتسخير رأس المال البشري، ما يخلق فرص عمل جديدة ويعزِّز الاستدامة. فالمجتمعات التي تنجح في توظيف العقول الإبداعية والمعرفة هي وحدها القادرة على التكيُّف مع المتغيرات السريعة وتحقيق النمو الاقتصادي والتقدم المطلوب».
مدن المعرفة
أوضح الدكتور خالد عبد الشافي أن مدن المعرفة هي المدن التي تمتلك البنى التحتية والتكنولوجيا وتحقق الرفاهية لأفرادها، وأنه يجب على الدول الطامحة للوصول إلى المعرفة امتلاك أن الإرادة والتخطيط السليم وتطوير السياسات التي تشجع على الابتكار والبحث العلمي وتحفيز الاستثمار في التعليم وتطوير المهارات وتوفير بيئة داعمة للأعمال والابتكار.
وأشار الدكتور هاني تركي إلى أهمية الاستثمار في الشباب وتطوير مهاراتهم وتوفير الفرص والموارد لتنمية وتعزيز قدراتهم للمساهمة في تطوير المجتمع، حيث يعتبر الشباب ركيزة حيوية في بناء المستقبل، وبدونهم لا يمكن بناء التنمية، لافتاً إلى ضرورة إشراك الشباب في صنع القرار، حيث إنهم أصحاب المصلحة الرئيسيين في التنمية، ويجب أن يكون لهم دور فاعل في تحديد احتياجاتهم وأولوياتهم.