شروق عوض (دبي)

أرست الإمارات نموذجاً متفرداً في تمكين المرأة لقيادة العمل المناخي محلياً والمشاركة في جهوده دولياً، حيث وفرت كل الممكنات لتعزيز دورها وإسهاماتها في تحقيق أهداف التنمية المستدامة، إيماناً منها بأهمية دور المرأة في بناء مستقبل مستدام، وأطلقت الدولة مبادرات وبرامج متنوعة لإشراك المرأة في العمل المناخي، وتعزيز مكانة البيئة كأولوية لديها، حيث تنسجم هذه الجهود مع أهداف عام الاستدامة الذي تم إطلاقه، تزامناً مع الاستعدادات لاستضافة مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ «COP28» الذي يعقد خلال الفترة من 30 نوفمبر إلى 12 ديسمبر من العام الجاري في مدينة إكسبو دبي، والذي سيشهد طرح أفكار نسائية مبتكرة تثري أجندة عمل المؤتمر، وتقدم حلولاً عالمية مستدامة، وتدعم الجهود المبذولة لتحقيق التعهدات التي قطعها العالم على نفسه من أجل الأجيال المقبلة.

نماذج ملهمة
وجاءت خطوات دولة الإمارات في تكليف رئيسة للجنة التنفيذية لاستضافة وإدارة الفعاليات المؤتمر، وتعيين «رائدةً للمناخ» واستحداث «رائدة المناخ للشباب» وانضمامهنا إلى فريق رئاسة المؤتمر، لتضع النساء في قلب الحدث، ويقدم النموذج الإماراتي الذي يمكن المرأة من قيادة العمل المناخي العالمي، حيث تم تكليف سمو الشيخة مريم بنت محمد بن زايد آل نهيان، نائبة رئيس مجلس التعليم والموارد البشرية، رئيسة مؤسسة سلامة بنت حمدان آل نهيان، لرئاسة اللجنة التنفيذية لاستضافة وإدارة فعاليات المؤتمر، بهدف الإشراف على إنجاز الاستعدادات اللازمة للمؤتمر العالمي، بما يشمل ترتيبات استضافة المؤتمر وتجربة الزوار، حيث اتخذت اللجنة برئاستها كافة السبل التي تضمن نجاح استضافة دولة الإمارات للعالم.
وجاء تكليف معالي شما بنت سهيل المزروعي، وزيرة تنمية المجتمع نائب رئيس مركز الشباب العربي، رائدة المناخ للشباب في المؤتمر، بهدف إيصال أصوات الشباب خلال المؤتمر وإعطاء الأولوية للاستفادة من مهاراتهم وقدراتهم، كما تم تعيين رزان المبارك، رئيسة الاتحاد الدولي لحماية الطبيعة، رائدة الأمم المتحدة للمناخ، بهدف الإسهام في حشد جهود شركات القطاع الخاص والمستثمرين والمدن والمناطق وجميع فئات المجتمع المدني، لتحفيز العمل المناخي، وذلك بفضل مسيرتها الحافلة بالإنجازات في هذا المجال، ودورها المهم في مجال الحفاظ على الطبيعة وحماية البيئة.

دور محوري
تؤمن دولة الإمارات بالدور المحوري للمرأة في العمل المناخي العالمي، ولذلك عملت على توفير مساحات كبيرة لها في «»COP28، لإيصال صوتها قبل وأثناء وبعد انعقاد الحدث الدولي.

إبداء المقترحات
ويشكل «COP28» منصة فاعلة للنساء من جميع أنحاء العالم، ولا سيما دول المنطقة والاقليمية، لإبداء آرائهن ومقترحاتهن حول ظاهرة التغير المناخي وخفض حدة تداعياته، انطلاقاً من نهج المؤتمر في أن يكون الأشمل لمختلف الفئات، والارتقاء بالطموحات لينتقل بالعالم من وضع الأهداف إلى تنفيذها على أرض الواقع، حيث يسعى المؤتمر إلى تمكين وإشراك المزيد من النساء في المفاوضات والقرارات الخاصة بالعمل المناخي، ومنحهن الأدوات اللازمة لعرض وجهات نظرهن، سيؤدي إلى نتائج تعود بالنفع على الجميع.

مفاوضات وجولات
وسط عدم التمثيل الكبير لوجهات نظر المرأة في البلدان الأقل نمواً والدول الجزرية الصغيرة النامية، وإتاحة الفرصة لها لإبراز إمكانيتها بالقيادة بشكل كاف في العديد من مجالات الحياة العامة تاريخياً، ودبلوماسية المناخ، فإن رئاسة «COP28» اتخذت خطوات جبارة لدعم قيادة المرأة ومشاركتها لتساعد بشكل إيجابي في تحقيق هدف المؤتمر الخاص بتمكين وإشراك المزيد من النساء في المفاوضات والقرارات الخاصة بالعمل المناخي والجولات المستقبلية لمحادثات المناخ، ومنحهن الأدوات اللازمة لعرض وجهات نظرهن، سيؤدي إلى نتائج تعود بالنفع على الجميع.

تدابير جديدة
لقد اتخذ مؤتمر الأطراف بشأن المناخ «COP28» تدابير جديدة ومختلفة عن الدورات السابقة لمؤتمرات المناخ، حيث تهدف هذه التدابير دعم تمثيل النساء ومشاركتهن في المؤتمر، كما تشمل التدابير توفير المساعدة المالية لتحفيز حضور الوفود النسائية بشكل أكبر، وإقامة دورات تدريبية فنية، وتقديم الدعم اللازم لعقد مؤتمر دولي ضمن فعاليات المؤتمر.
وتعتبر التدابير الجديدة جزءاً من الجهود والالتزامات التي تقدمها رئاسة «COP28»، مثل الخطاب الرسمي الموجه لجميع الأطراف المنضمة لاتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ، والذي يتضمن دعوتهم للحضور والمشاركة في المفاوضات والنقاشات التي سيشهدها المؤتمر ضمن وفود تراعي المساواة والتوازن بين الجنسين، كما ستقوم رئاسة المؤتمر بتمويل جناح المرأة والنوع الاجتماعي، الذي سيسلط الضوء على القيادات النسائية وجهودها في قيادة العمل المناخي العالمي، وستديره «مجموعة النساء والنوع الاجتماعي العالمية».
هذا وتشمل التدابير المقدمة من رئاسة المؤتمر أيضاً دعماً مالياً لبرنامج «صندوق الوفود النسائية»، الذي تديره منظمة المرأة للبيئة والتنمية، ويغطي التكاليف اللوجستية وتكاليف السفر وغيرها من التكاليف المرتبطة بالوفود النسائية التي ستحضر اجتماعات مؤتمر الأطراف، ويركز البرنامج، الذي تأسس عام 2009، على بناء القدرات المناخية لدى النساء من البلدان الأقل نمواً والدول الجزرية الصغيرة النامية.

دبلوماسية المناخ
وتعد مشاركة المرأة في المفاوضات وعملية صنع القرار المتعلق بالعمل المناخي، أمراً أساسياً لإصدار سياسات عادلة تعكس احتياجات المجتمعات حول العالم وتستجيب لمتطلباتها، وسيتم توجيه هذا الدعم من خلال صندوق الوفود النسائية، لتعزيز مهارات النساء الخاصة بقيادة ودبلوماسية العمل المناخي، وسيتم التركيز على القيادات النسائية من الدول والمجتمعات الأكثر عرضة لتغير المناخ، من خلال تعزيز المعرفة والقدرات بشأن القضايا الفنية المتعلقة بالمفاوضات، بما في ذلك إجراء جلسات وتجارب افتراضية لصياغة القرارات.
كما ستقدم رئاسة مؤتمر الأطراف «COP28» دعماً مالياً لإقامة المؤتمر العالمي لبيانات النوع الاجتماعي والبيئة، الذي سيقام بالتعاون مع هيئة الأمم المتحدة للمرأة، ومنظمة المرأة للبيئة والتنمية، واتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ، والاتحاد الدولي لحفظ الطبيعة، ورواد المناخ بالأمم المتحدة لعقده.

قمة نسوية
ويستضيف مؤتمر الأطراف «COP28» قمة «القيادات النسائية العربية»، بالتعاون مع منصة «السيدات للاستدامة والبيئة والطاقة المتجددة» في 4 ديسمبر المقبل، وهو اليوم الذي يركز على موضوعات التمويل، والتجارة، والمساواة بين الجنسين، والإشراف والمتابعة ضمن برنامج الموضوعات المتخصصة للمؤتمر، وذلك لمناقشة وبحث الترابط بين المساواة بين الجنسين والعمل المناخي، وستجمع هذه القمة الأطراف المعنية من بيئات وخلفيات متنوعة، على نحو يشمل الباحثين، والناشطين، وصانعي السياسات، وممثلي منظمات المجتمع المدني، لمناقشة قضية التداخل بين النوع الاجتماعي وتغير المناخ.
رغم تضرر النساء من تبعات التغير المناخي، إلا أنهن في مقدمة الجهود الرامية لمكافحة هذه الظاهرة، حيث تتسم هذه الفئة بالالتزام وامتلاك المعرفة وروح الابتكار التي يحتاج إليها العالم لتسريع الخطى نحو تحقيق الحياد المناخي المنشود، وهو أمر استدركته رئاسة «COP28» لتوفير منبراً للقيادات النسائية العربية للتعبير عن آرائهن وطرح رؤاهن، ولا شك في أن للتغير المناخي تأثيراً سلبياً كبيراً على المنطقة والكوكب ككل، ما يستدعي مشاركة النساء بدور رئيسي في مواجهة هذه الأزمة العالمية.