شروق عوض (دبي)
وسط استعدادات الإمارات لطرح «إعلان الإمارات بشأن الأنظمة الغذائية المرنة، والزراعة المستدامة والعمل المناخي»، في مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ «COP28» الذي تستضيفه الدولة خلال الفترة من 30 نوفمبر إلى 12 ديسمبر في «مدينة إكسبو دبي»، فإن هذا الاستعداد يعد مؤشراً على اهتمام القيادة الرشيدة بحلول مستدامة لأمن الغذاء من خلال زيادة تحفيز العمل الجماعي على التحول إلى نظم غذائية مستدامة.
وأوضح متخصصون في البحوث والاستطلاعات العالمية في تصريحات لـ «الاتحاد»، أن «COP28» يعد منصة عالمية لتغيير الوضع الذي تشهده دول العالم من متغيرات مناخية متسارعة تزيد من صعوبة الإيفاء بالاحتياجات الغذائية، حيث تسعى دولة الإمارات من خلال وضع التحول العالمي إلى نظم زراعية وغذائية مستدامة على رأس أولوياتها في مؤتمر الأطراف، إلى إيجاد الحلول الصديقة للبيئة ودعم المشاريع التي تهدف إلى تأسيس منظومة دولية مستدامة لإنتاج الغذاء.

التحول العالمي
وقالت اليازية الحوسني، باحث رئيس في مركز «تريندز للبحوث والاستشارات»، إن إعلان دولة الإمارات بشأن «الأنظمة الغذائية المرنة، والزراعة المستدامة والعمل المناخي» في مؤتمر الأطراف «COP28»، يهدف إلى تعزيز جهود التحول العالمي إلى نظم غذائية مستدامة، وإيجاد حلول مبتكرة وطموحة للقضايا المتعلقة بالأغذية، والتسريع في تنفيذ المبادرات الخاصة بالنظم الغذائية والزراعة والعمل المناخي من خلال التركيز على الإنتاج والاستهلاك ومواجهة فقدان الأغذية وهدرها.
وبيّنت أن مسألة تعزيز النظم الغذائية المستدامة تعتبر أمراً حاسماً في العصر الحديث، حيث تواجه بعض دول العالم تحديات متزايدة في مجال توفير الغذاء الآمن للسكان، مؤكدة التركيز على هذه المسألة تحقق العديد من الفوائد كحماية البيئة من خلال اتباع أحدث الممارسات الخاصة بإنتاج الغذاء، إذ تمكن هذه الممارسات التقليل من استخدام الموارد الطبيعية للأجيال الحالية والمستقبلية مثل الماء والأراضي والطاقة، اضافة إلى المحافظة على التنوع البيولوجي، وتقليل انبعاثات الغازات الدفيئة المتسببة في تغير المناخ.
وأضافت: من الفوائد زيادة الأمن الغذائي، حيث تسهم النظم الغذائية المستدامة في القدرة على تلبية احتياجات الغذاء للسكان، وذلك من خلال تبني ممارسات زراعية مستدامة وتعزيز الإنتاجية الزراعية، الأمر الذي يمكن من خلال زيادة إنتاجية المحاصيل وتحسين جودة الأغذية المتاحة، إلى المساهمة في تحقيق الأمن الغذائي للجميع، إضافة إلى تحسين صحة الإنسان، حيث تؤثر النظم الغذائية المستدامة بشكل إيجابي على الصحة من خلال توفير غذاء صحي ومتوازن، مما يقلل من انتشار الأمراض المرتبطة بالتغذية غير السليمة مثل السمنة وأمراض القلب والسكري.

أولوية استراتيجية
من جانبه، قال سلطان ماجد محمد، مدير إدارة استطلاعات الرأي العالمية في المركز، إن استعدادات الإمارات لطرح ذلك الإعلان المشار إليه أعلاه، تدلل على إيلاء الدولة أهمية كبيرة لإيجاد حلول مستدامة لأمن الغذاء الذي يعد ضمن أولوياتها الاستراتيجية، كما تؤكد على دعم الإمارات اللامحدود للممارسات الزراعية المستدامة، وتشجيع استخدام التقنيات والابتكارات المستدامة في مجال الزراعة، وتعزيز التعاون بين الحكومات والمنظمات غير الحكومية والقطاع الخاص لتعزيز النظم الغذائية المستدامة، وتمكين المزارعين الصغار وتوفير الدعم المالي والتقني لهم بهدف تحسين أنظمة الإنتاج الزراعي، وزيادة الوعي العام بأهمية النظم الغذائية المستدامة من خلال حملات توعية وبرامج تثقيفية في المدارس ووسائل الإعلام.
وأوضح، أن إعطاء رئاسة «COP28» الأولوية للنظم الغذائية ضمن أجندة عمل المؤتمر، يعكس حرصها على مواجهة التحديات العالمية الملحة، ودفع منظومة التحول لتأمين مستقبل مستدام للجميع، لافتاً إلى أن نتائج المؤتمر قد تقود دول العالم إلى مستقبل أكثر استدامة وأمناً غذائياً، بالإضافة إلى تحقيق الأولوية الاستراتيجية لدولة الإمارات والمتمثلة في تحسين الإنتاج والتغذية والبيئة والحياة، عبر التعاون والشراكات الواسعة مع كل الأطراف المعنية بهذا الشأن.
وأشار إلى أن تعزيز النظم الغذائية المستدامة ليست ضمن مسؤوليات الحكومات والمنظمات فقط، بل تتطلب تعاوناً شاملاً وجهوداً مشتركة من جميع أفراد المجتمعات، إذ يمكن للجميع أن يلعب دوراً في هذا المجال وفقاً لاحتياجات وتطلعات الأجيال الحالية والمقبلة.

مواجهة التحديات
من جانبها، أكدت روضة المرزوقي، مسؤولة جناح المركز في «COP28»، أن مؤتمر الأطراف يوفر منصة لا مثيل لها من الفرص التي تجمع صناع السياسات والعلماء وقادة الصناعة في مجال الأغذية وأمنها للخروج باستراتيجيات مخصصة لتنويع النظم الغذائية المستدامة، وتعزيز الأمن الغذائي العالمي والتغذية الصحية، مبيّنة أن دولة الإمارات تلعب دوراً فعالاً في مثل هذه الاستراتيجيات، بدءاً من الاستفادة من التقنيات الزراعية المتقدمة ومروراً بالترويج للنظم الغذائية المستدامة والتي ستكون ذات أهمية عالمية في المؤتمر.
وبيّنت أن النظم الغذائية المستدامة تحافظ على البيئة، وتسهم في تعزيز الأمن الغذائي الذي بدوره يلبي جميع احتياجات البشر، مشيرة إلى أن هذه النظم لا تتعلق بالطعام نفسه فقط، ولكن تشمل إعداد وتقديم ونقل وتوزيع وتعبئة الغذاء واستهلاكه، حيث تعرف منظمة الأغذية والزراعة (الفاو) بأن الغذاء المستدام ليس فقط تلك النظم الغذائية التي تعتني بالبيئة، وانما هي التي تتكيف مع الأبعاد الاقتصادية والاجتماعية والثقافية لكل مكان، والهدف من النظام الغذائي المستدام هو الحد من التأثيرات البيئية للغذاء التي تحدث في جميع أنحاء العالم، حيث تنتج الزراعة والثروة الحيوانية عدداً هائلاً من النفايات، وتلوث المياه والتربة، وتنتج غازات دفيئة معينة تتسبب في ارتفاع درجات الحرارة العالمية.
وأكدت أن الإمارات تشتهر بحلولها البيئية المبتكرة، وخير دليل على ذلك استثماراتها الكبيرة في التكنولوجيا الزراعية وتحلية المياه والغذاء المستدام، مشيرة إلى أن مؤتمر الأطراف يعد منصة عالمية لتحفيز العمل العالمي على التحول إلى النظم الغذائية المستدامة من خلال التركيز على البحث وتبادل المعرفة والتطوير والابتكار والتكنولوجيا، لما لهم الدور الأبرز في مواجهة التحديات كتغيير النظم القائمة، وإيجاد الحلول المبتكرة، والتمويل.