غيوم فوري

انطلاقاً من الأسس الراسخة للثقة المتبادلة في العلاقات الثنائية والتعاون طويل الأمد، بين دولة الإمارات العربية المتحدة وفرنسا، فإنه دائماً ما تحمل تلك الصداقة العميقة، في طياتها آفاق مستقبلٍ واعدٍ للبلدين الصديقين.
وهنا أود أن أستذكر قول المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، الأب المؤسس لدولة الإمارات العربية المتحدة، طيّب الله ثراه: «إن الحاضر ما هو إلا امتداد للماضي، ومن لا يعرف ماضيه لا يستطيع أن يعيش حاضره ومستقبله، فمن الماضي نتعلم ونكتسب الخبرة ونستفيد من الدروس والنتائج».
وفيما تمثل الشراكة بين فرنسا والإمارات رافداً لجهود التقدم والنمو في مجالات استراتيجية عديدة، لاسيما في مجالات الطيران والدفاع والفضاء، تُعد هذه العلاقات «الاستثنائية» ثمرة الصداقة والتعاون الوثيق بين الدولتين، وما تحظى به من اهتمام خاص من قبل صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة «حفظه الله»، وفخامة إيمانويل ماكرون، رئيس فرنسا، للارتقاء بها إلى مستويات غير مسبوقة من التعاون والتنسيق في كافة المجالات.
وفي حين يدرك الجميع مدى الحاجة الملحة لتعزيز الجهود المبذولة لمكافحة التغير المناخي، فإن استضافة دولة الإمارات مؤتمر الأطراف (كوب 28) الذي سيقام في دبي خلال الفترة بين 30 نوفمبر – 12 ديسمبر 2023، والزيارة المرتقبة للرئيس الفرنسي إلى دولة الإمارات، ستشكل هذه الزيارة فرصة استثنائية لتعزيز أواصر التعاون بين الجانبين، حيث يمكن لدولة الإمارات وفرنسا المساهمة بشكل فعال في إيجاد الحلول للتحديات العالمية مثل الحياد الكربوني والأمن العالمي.
وفي هذا الجانب، لابد من إبراز الجهود التي يقوم بها قطاع الطيران من خلال الإعلان عن الالتزام بالهدف العالمي الطموح للطيران على المدى الطويل الذي أطلقته منظمة الطيران المدني الدولي (إيكاو) والمتمثل في تحقيق انبعاثات الكربون الصفرية بحلول عام 2050.
ويعتبر تحقيق الحياد الكربوني في قطاع الطيران بمثابة التحدي الرابع، وربما الأكبر في سلسلة التحديات الكبرى التي واجهها قطاع الطيران على مدار تاريخه، عندما شكل الطيران بآلة أثقل من الهواء وتحليق أول رحلة جوية للأخوين رايت عام 1903، التحدي الأول، فيما تمثل التحدي الثاني في أن يصبح الطيران وسيلة النقل الأكثر أماناً في العالم، في حين تمثل التحدي الثالث في إضفاء الطابع الديمقراطي على هذه الصناعة، بحيث تصبح وسيلة النقل هذه في متناول نسبة متزايدة من السكان في جميع أنحاء العالم، عاماً تلو الآخر.
وقد وضع قطاع الطيران، وفي مقدمته قطاعا الطيران الفرنسي والأوروبي، خريطة طريق واضحة لتحقيق الحياد الكربوني في القطاع وتتكون من ثلاث خطوات رئيسية. وتتمثل الخطوة الأولى في استبدال الأساطيل الحالية بأحدث جيل من الطائرات التي هي أكثر كفاءة في استهلاك الطاقة وتكون قادرة على الطيران باستخدام 50% من مزيج وقود الطيران المستدام. وبعد ذلك يحلق جيل جديد من الطائرات التقليدية بين عامي 2035 و2040، إذ يتوقع أن تكون هذه الطائرات أكثر كفاءة في استهلاك الوقود بنسبة 20-30% مقارنة بأحدث الطائرات الموجودة اليوم، إضافة إلى أنها ستكون قادرة على الطيران بالاعتماد على وقود الطيران المستدام بنسبة 100%. 
سيكون هذا هو الجيل الجديد من الطائرات التي ستحلق في عام 2050 والتي ستساهم في تحول القطاع إلى صافي انبعاثات صفرية. ثالثاً، سنشهد تطور واستخدام تقنيات من شأنها أن تحدث نقلة نوعية في القطاع، مثل الهيدروجين الذي سيتم استخدامه لتسيير أول طائرة تجارية منخفضة الانبعاثات في عام 2035.
ويلتزم قطاع الطيران الفرنسي، والذي يمثله اتحاد صناعات الطيران الفرنسي، بهذه المنهجية. ومع ذلك، فإن تحقيق الحياد الكربوني في قطاع الطيران ما هو إلا جزء واحد من صورة أكبر: تحدي الطاقة العالمي. وعلى صعيد وقود الطيران المستدام، تتشارك دولة الإمارات وفرنسا في الهدف ذاته وهو تطوير وقود طيران مستدام ومنخفض الانبعاثات، ولضمان نجاح مثل هذه الجهود، توجد حاجة إلى تسريع التحول الشامل نحو استخدام وقود الطيران المستدام.
وتستضيف دولة الإمارات بين 20 و24 نوفمبر الجاري الدورة الثالثة من مؤتمر الـ «إيكاو» للطيران وأنواع الوقود البديلة، والذي يشكل منصة فريدة لوضع إطار عمل عالمي لدعم تطوير ونشر وإنتاج وقود الطيران المستدام في مختلف أنحاء العالم.
وتتسم كلٌ من الدولتين بالشغف والطموح نفسه في مجال الفضاء، حيث يشكل عاملاً رئيسياً في تحقيق الاستقلالية الاستراتيجية. 
ويتمتع قطاع الطيران الفرنسي بحضور قوي في دولة الإمارات، حيث توجد حوالي 30 شركة فرنسية في المنطقة. وأنشأ اتحاد صناعات الطيران الفرنسي أيضاً الشبكة الفرنسية للطيران في الشرق الأوسط في دولة الإمارات. وتشهد دورة هذا العام من معرض دبي للطيران مشاركة أكثر من 35 جهة عارضة فرنسية في مجال التصنيع.
وتتشارك الدولتان الالتزام بتحقيق السلام والاستقرار والازدهار في المنطقة، حيث إن لقطاع الطيران والدفاع دوراً هاماً في تحقيق ذلك. وتتسم العلاقات الإماراتية الفرنسية بالقوة والتاريخ الطويل، وهذه العلاقات سنحرص دائماً على تعزيزها بين الدولتين لبناء مستقبلٍ واعدٍ ومشرق.

رئيس اتحاد صناعات الطيران الفرنسي