أبوظبي (الاتحاد) 
نظمت هيئة أبوظبي للطفولة المبكرة، الأسبوع الماضي، «خلوة البحث العلمي في تنمية الطفولة المبكرة»، وحلقة نقاشية بعنوان: «تسخير أبحاث تنمية الطفولة المبكرة لتوجيه السياسات»، بمشاركة مجموعة من كبار مسؤولي حكومة أبوظبي.
وشارك في هذه الفعاليات، معالي الدكتور مغير خميس الخييلي، رئيس دائرة تنمية المجتمع – أبوظبي، والدكتورة نورة الغيثي، وكيل دائرة الصحة في أبوظبي، وسناء محمد سهيل، مدير عام هيئة أبوظبي للطفولة المبكرة، ونخبة من الباحثين والأكاديميين والخبراء في مجال تنمية الطفولة. كما حضر حلقة النقاش الحكومية كل من الدكتورة بشرى الملّا، مدير عام هيئة الرعاية الأسرية، وسلامة العميمي، مدير عام هيئة المساهمة الاجتماعية «معاً»، والمهندس ثامر راشد القاسمي، المدير التنفيذي لقطاع المشاريع الخاصة والشراكات في الهيئة.
وتناولت المشاركات سبل تعزيز الشراكات بين الجهات الأكاديمية ونظيراتها المعنية بتنمية الطفولة المبكرة، ومد جسور التنسيق والتعاون بين الأوساط الأكاديمية والقيادات الحكومية والمجتمع للمساهمة في تهيئة منظومة قوية وإبداعية ومؤثرة توفر الدعم اللازم للنهوض بأبحاث تنمية الطفولة المبكرة في إمارة أبوظبي.
وتأتي فعاليات خلوة البحث العلمي والحلقة النقاشية، والتي عقدت بحضور كبار المسؤولين المعنيين من الجهات الحكومية في أبوظبي، تتويجاً للحملة التوعوية لإرساء ثقافة البحث العلمي التي دشنتها هيئة أبوظبي للطفولة المبكرة أواخر سبتمبر الماضي، وتستمر حتى بداية الشهر الجاري، بهدف بناء منظومة بحثية أكاديمية مزدهرة وداعمة لقطاع الطفولة المبكرة في أبوظبي.
وافتتح الحلقة النقاشية معالي الدكتور مغير خميس الخييلي، حيث تحدث عن الاستفادة من الأبحاث العلمية في تعزيز عملية صياغة السياسات الموجهة للقطاع الاجتماعي، في إطار استراتيجية مشتركة تضم الجهات الحكومية المعنية، والأوساط الأكاديمية، والبحثية، والأهلية، والمجتمعية.
وقال معاليه: «تستلزم الجهود الرامية إلى توطيد التعاون بين الحكومة والأوساط الأكاديمية والمجتمعية، إدراكاً عميقاً للإمكانات التحولية للبحث العلمي. ويمكننا من خلال تضافر جهود الأطراف ذات العلاقة، وتعزيز التنسيق والتكامل بينها، تسخير الأبحاث المستندة إلى الأدلة لصياغة وتوجيه سياسات القطاع الاجتماعي.‏ وتمثل المبادرات المشتركة، والدعم التمويلي والقرارات المستندة إلى البيانات، عوامل مهمة تسهم في تعزيز قدرتنا على الوفاء بالتزامنا الراسخ ببناء مجتمع مزدهر في إمارة أبوظبي ودولة الإمارات العربية المتحدة».
وأضاف معاليه: «هدفنا الأهم هو تعزيز نهج تنموي شامل يضمن عدم اقتصار عملية صنع السياسات على المدخلات البحثية، بل توسيع أفقها لضمان مواكبة احتياجات وتطلعات جمهور المستفيدين بمختلف أطيافهم وظروفهم. ومعاً، نمهد الطريق لمستقبل أكثر إشراقاً واستدامة لقاطني أبوظبي من مواطنين ومقيمين فيها».
أما فعالية خلوة البحث العلمي لتنمية الطفولة المبكرة والتي انعقدت يوم الثلاثاء، فاستهلت بكلمة افتتاحية ألقاها ثامر راشد القاسمي، تناول فيها مجموعة من الرؤى حول أهمية البحوث العلمية في تأسيس وتطوير منظومة متكاملة لتنمية الطفولة المبكرة في إمارة أبوظبي.
وقال: «يلعب البحث العلمي دوراً حيوياً في تحقيق استراتيجية أبوظبي لقطاع تنمية الطفولة المبكرة 2035، ومستهدفات هيئة أبوظبي للطفولة المبكرة لتوفير الظروف الملائمة لإجراء بحوث محلية دقيقة تسهم في الوصول إلى معرفة متعمقة بالبيئة والاحتياجات المحلية والاستفادة منها في توجيه سياسات تنمية الطفولة المبكرة في أبوظبي والإمارات العربية المتحدة، لضمان الحصول على أفضل النتائج والرؤى لصنّاع القرار ومقدمي الرعاية والأسر حول احتياجات أطفالنا وكيفية تلبيتها.»
وضمت قائمة المتحدثين خلال حلقة النقاش، الدكتور مارك توملينسون، المدير المشارك لمعهد أبحاث صحة مراحل الحياة (Institute for Life Course Health Research) في جامعة استيلينبوش بجنوب أفريقيا، والذي ألقى كلمة مهمة حول دور التعلم الآلي والذكاء الاصطناعي في دعم أبحاث تنمية الطفولة المبكرة التي يمكن الاستفادة منها في بناء مهارات وأساليب تربوية مستقبلية أكثر كفاءة وفعالية. كما شهدت الخلوة البحثية جلسة حوار تبادل فيها المسؤولون الحكوميون والباحثون الأكاديميون فيها وجهات النظر حول الجوانب الأخلاقية للتكنولوجيا في مجال أبحاث تنمية الطفولة المبكرة، إلى جانب ورشة للتفكير التصميمي تناولت أهمية حلول التصميم المشترك الإبداعية في تطوير أبحاث متميزة في هذا المجال.

أجندة بحثية وطنية لتنمية الطفولة
شهدت الحلقة النقاشية حوارات مثمرة شارك فيها سناء محمد سهيل، والدكتورة نورة الغيثي، والمهندس ثامر راشد القاسمي، بالإضافة إلى نخبة من أبرز الأكاديميين، لاستعراض الوضع القائم لإطار سياسات تنمية الطفـــــولة المبكــرة في إمارة أبوظبي، والحاجة إلى أجندة بحثية وطنية لتنمية الطفولة المبكرة، وآليات تحفيــــز المشاركة المجتمعية.
وقالت الدكتورة نورة الغيثي حول حلقة النقاش: «إن تشجيع زيادة البحوث العلمية كمّاً ونوعاً في مختلف المجالات الصحية، وخصوصاً ضمن قطاع الطفولة المبكرة، يصب في صالح أهداف إمارة أبوظبي الرامية إلى ترسيخ مكانتها كوجهة رائدة عالمياً للرعاية الصحية المتميزة، حيث تسهم هذه البحوث بدعم صياغة سياسات الإمارة الصحية بالأدلة العلمية الواضحة والموثقة، وخصوصاً فيما يتعلق بصغار الأطفال. ولهذا تتواصل جهودنا لرفد قطاعات البحث العلمي بالسياسات والأنظمة التي تعطي الباحثين ما يلزمهم للتقدم بأفضل الأفكار البحثية في مجالات الرعاية الصحية.» وأشارت الدكتورة الغيثي، على هامش حلقة النقاش، إلى أن «تهيئة بيئة متينة ومتكاملة للبحث العلمي في تنمية الطفولة المبكرة يمكنها أيضاً أن تسفر عن حلول وأساليب وتقنيات جديدة تسهم في دعم جهود دائرة الصحة وشركائها لتزويد أفراد المجتمع بخدمات رعاية ذات جودة وكفاءة متميزة، ما يعزز رفاهية مجتمعنا وسعادته».
دعم النمو الأمثل للطفل
قالت سناء محمد سهيل: «تتبنى هيئة أبوظبي للطفولة المبكرة رؤية واضحة، مفادها ضمان حصول جميع الأطفال وأسرهم ومقدمي الرعاية على الخدمات والمعرفة المناسبة والكافية لدعم النمو الأمثل للطفل في هذه المرحلة الحاسمة من حياته. وتهدف هذه الحملة متعددة الجوانب إلى تهيئة بيئة بحثية قوية وفاعلة وذات معايير عالية في إمارة أبوظبي ودولة الإمارات العربية المتحدة، يدعمها انتشار واسع لثقافة البحث العلمي، عبر مختلف مستويات منظومة رعاية الطفل في سنواته الأولى. وهذا يعني ضرورة إشراك المسؤولين الحكوميين وصناع السياسات والباحثين والإداريين الأكاديميين والمجتمع ككل، بما في ذلك الخبراء والأسر ومقدمو الرعاية في إطار هذه العملية التكاملية».
وأضافت: «التعاون أساس النجاح لتهيئة أفضل الفرص من أجل تحقيق تغيير شامل في سياسات وممارسات تنمية الطفولة المبكرة، وهو أيضاً حجر الزاوية في قيادة هذه التحولات وتوجيهها نحو تحقيق نتائج أكثر نفعاً لأطفالنا، ومجتمعنا، ومؤسساتنا».
وشددت على أهمية مشاركة الأسر – الآباء والأطفال على حد سواء – في هذه العملية، مؤكدة أن: «لدينا أنظمة متينة توفر بيئة بحثية أخلاقية وآمنة للأسر والأطفال، وتضمن حماية خصوصيتهم والحفاظ على بياناتهم والتعامل معها بشكل أخلاقي على كافة المستويات».
حملة
شهدت الانطلاقة الأولى لحملة إرساء ثقافة البحث العلمي اجتماع مجموعة العمل البحثية لهيئة أبوظبي للطفولة المبكرة، والتي تضم ممثلين لمختلف قطاعات الهيئة والباحثين العاملين في المشاريع البحثية، في أواخر شهر سبتمبر الماضي، وتلته سلسلة من الأنشطة المجتمعية والأجنحة التفاعلية واللوحات التوعوية في المساحات العامة بمختلف مدن الإمارة: أبوظبي والعين ومنطقة الظفرة. وفي هذا السياق، نظمت هيئة أبوظبي للطفولة المبكرة أيضاً مجموعة من الورش، بالتعاون مع جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي وجامعة زايد، لاستكشاف طرق جديدة للتعاون بين الحكومة والأوساط الأكاديمية، وتعتزم الهيئة تنظيم المزيد من اللقاءات والورش وندوة افتراضية حول «صغار الأطفال في قلب الحوار حول تغير المناخ» خلال الأسابيع المقبلة.