مصطفى عبد العظيم (دبي)
ترتبط الإمارات وتركيا بعلاقات تجارية واستثمارية وثيقة في ظل رغبة مشتركة من البلدين في الارتقاء بالعلاقات الاقتصادية إلى آفاق أرحب من الشراكة والنمو المشترك لاقتصادي البلدين.
وتتزايد التوقعات بأن تشهد العلاقات الإماراتية - التركية دفعة قوية بعد توقيع اتفاقية الشراكة الاقتصادية الشاملة بين البلدين والتي تتيح العديد من الفرص التجارية والاستثمارية التي تعود بالنفع على شعبي البلدين الصديقين.
وتستهدف اتفاقية الشراكة الاقتصادية الشاملة بين دولة الإمارات وتركيا التي تم التوقيع عليها خلال قمة رئاسية عقدت في مارس الماضي عبر تقنية الاتصال المرئي، عقدها صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، وفخامة رجب طيب أردوغان، رئيس الجمهورية التركية، زيادة حجم التجارة البينية غير النفطية بين البلدين سنوياً من 18.9 مليار دولار حالياً، إلى نحو (40 مليار دولار)، في غضون السنوات الخمس المقبلة، وزيادة الصادرات الإماراتية إلى تركيا بنسبة 21.7% وزيادة تدفقات الاستثمار في القطاعات الرئيسية مثل الخدمات اللوجستية والتجارة الإلكترونية والأمن الغذائي والطاقة المتجددة.. وتأتي الطفرة المنتظرة في التجارة البينية غير النفطية بين البلدين، مع بدء تطبيق بنود اتفاقية الشراكة الاقتصادية الشاملة، مدعومة بتخفيض أو إلغاء الرسوم الجمركية لما يقارب من %82 من بنود التعرفة الجمركية المطبقة في كلا البلدين والتي تغطي %96 من السلع المتبادلة تجارياً بينهما.
ودشنت الاتفاقية حقبة جديدة من الشراكة والتكامل الاقتصادي منطلقة من قاعدة صلبة من العلاقات التجارية والاستثمارية الوطيدة، إذ ارتفعت التجارة البينية غير النفطية بنسبة 40% لتبلغ قيمتها 18.9 مليار دولار في عام 2022 ما يجعل تركيا أحد أكبر 10 شركاء تجاريين لدولة الإمارات حول العالم بحصة تبلغ أكثر من 3% من التجارة الخارجية غير النفطية للدولة.
ووصل إجمالي حجم الاستثمارات الإماراتية في تركيا إلى نحو 7.8 مليار دولار نهاية العام 2021 في قطاعات متنوعة شملت الخدمات المالية والعقارات والنقل والمواصلات والطاقة المتجددة والموانئ والخدمات اللوجستية.
وفور دخول اتفاقية الشراكة الاقتصادية الشاملة حيز التنفيذ، سيتم بموجبها إلغاء أو تخفيض الرسوم الجمركية على 82% من المنتجات والسلع وهو ما يمثل أكثر من 93% من قيمة التجارة الثنائية غير النفطية، إلى جانب إزالة الحواجز غير الضرورية أمام التجارة وخلق مسارات جديدة لتدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر الثنائية، وتعزيز وصول المصدرين المحليين إلى الأسواق بما في ذلك القطاعات الرئيسية مثل البناء والمنتجات المعدنية والبوليمرات والمنتجات الصناعية الأخرى.
وتفتح اتفاقية الشراكة الاقتصادية الشاملة بين الإمارات وتركيا مسارات جديدة لمصدري السلع والخدمات إلى أسواق البلدين والمنطقة وإطلاق منصة تعاون وشراكة بين الشركات الصغيرة والمتوسطة ورواد الأعمال في البلدين بما يضع المنطقة في قلب حركة التجارة الدولية وعلى خريطة المراكز الجديدة للنمو العالمي.
كما تجرد الإشارة إلى أن وجود عدد من الشركات الإماراتية الرائدة التي تستثمر في تركيا ومنها «القابضة – ADQ»، وبنك الإمارات دبي الوطني، وإعمار العقارية، والعالمية القابضة، وجهاز أبوظبي للاستثمار، ومبادلة.

أهمية الإمارات
تشكل الإمارات مركزاً تجارياً واستثمارياً وسياحياً ولوجستياً رئيسياً على مستوى المنطقة والعالم، وتعتبر ممراً وبوابة تجارية تسهل تدفق التجارة بين أرجاء العالم، كما أنها من بين أهم المقاصد للتدفقات الاستثمارية حول العالم، وكذلك أحد أهم مصدري الاستثمار إلى الخارج.
ونظراً للدور المهم الذي تلعبه كل من الإمارات وتركيا في تسهيل تدفق التجارة الدولية باعتبارهما من أهم الاقتصادات الحيوية في المنطقة، فمن المتوقع أن تنعكس الشراكة الاقتصادية الشاملة بين البلدين إيجابياً على منطقة الشرق الأوسط بأكملها وعلى حركة التجارة العالمية بشكل عام. كما يتوقع أن تساهم الاتفاقية، والتي ستوفر نحو 25 ألف وظيفة بالاقتصاد الإماراتي، و100 ألف وظيفة في تركيا، في بناء شراكات طويلة الأجل بين مجتمعي الأعمال في الدولتين للنمو والازدهار والتوسع بالاستفادة من الموقعين الاستراتيجيين للدولتين كمركزين إقليميين وعالميين مهمين للأعمال.
الاستثمار الأجنبي
وفي الجانب الاستثماري، فإن كلا البلدين تشكلان وجهتين مفضلتين لتدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر في منطقة غرب آسيا، حيث استقطبا استثمارات مباشرة كرصيد لنهاية 2022 بلغت قرابة 360 مليار دولار بنسبة 38% من إجمالي الاستثمار المباشر الأجنبي الوارد إلى غرب آسيا، وبالنسبة إلى الاستثمارات الصادرة إلى الخارج يبلغ رصيد الإمارات وتركيا معاً نحو 300 مليار دولار، أي نحو 50% من استثمارات غرب آسيا المصدر إلى العالم.
وأعدت وزارة التجارة التركية تشريعات لتحديد منشأ السلع القابلة للتداول، في إطار اتفاقية الشراكة الاقتصادية الشاملة مع دولة الإمارات، حيث نشرت الجريدة الرسمية التركية، في شهر يوليو الماضي التشريعات التي ستدخل حيز التنفيذ اعتباراً من مطلع سبتمبر القادم. في حين تنظم التشريعات المبادئ والإجراءات المتعلقة بتعريف مفهوم «السلع المصدرة» وتنفيذ أساليب التعاون الإداري التي تنظمها اتفاقية الشراكة الاقتصادية الشاملة بين تركيا والإمارات العربية المتحدة.
شريك تجاري
وتعد تركيا من أبرز 10 شركاء تجاريين رئيسيين لدولة الإمارات حول العالم، وبنسبة مساهمة تبلغ 3% من تجارة الإمارات الخارجية غير النفطية، وتشير معدلات النمو التي تعكسها أرقام 2022 إلى أن النمو في التجارة البينية غير النفطية خلال عام 2022 تجاوز 40% مقارنة مع 2021 لتسجل 18.9 مليار دولار. كما تعد تركيا سادس أهم وجهة للصادرات الإماراتية غير النفطية، وبالمقابل تعتبر تركيا من بين أهم 5 دول تستورد منها الإمارات التي تأتي في المرتبة الـ 15 عالمياً في قائمة أهم الشركاء التجاريين لتركيا حول العالم، والثانية عربياً والأولى خليجياً، حيث إن قرابة 50% من تجارة تركيا مع الدول الخليجية تتم مع الإمارات وبحدود 15% من تجارتها مع الدول العربية مجتمعة.
ثقل اقتصادي
وتشكل الإمارات وتركيا ثقلاً اقتصادياً مهماً في المنطقة والعالم حيث يقترب الناتج المحلي الإجمالي لكلا البلدين من 1.5 تريليون دولار، مع تقارب هيكل مساهمة القطاعات في ناتجهما المحلي الإجمالي، خاصة الخدمات إلى حد ما بنسبة تفوق 50%، فضلاً عن وجود إمكانات غير محدودة لتزايد التعاون الاقتصادي بين الجانبين، في القطاعات الخدمية، بما فيها الأنشطة الداعمة للسياحة والتجارة والتكنولوجيا، وكذلك الصناعة والزراعة والبنية التحتية، وغيرها الكثير من القطاعات التي يُعتبر البلدان ذوي ريادة وتميز إقليمياً وعالمياً فيها.
ويلعب البلدان دوراً محورياً في تسهيل تدفق التجارة الدولية باعتبارهما من أهم الاقتصادات الحيوية بما يعزز التقدم والازدهار الإقليمي في ظل تطور العلاقات الاقتصادية المشتركة التي شهدت إنشاء صناديق استثمارية بمليارات الدولارات والتعاون في قطاعات رئيسية مهمة منها التكنولوجيا المتقدمة والخدمات اللوجستية إضافة إلى الشراكة لدعم تطوير التجارة الإلكترونية الناشئة.