أبوظبي (وام)
انطلقت أعمال مؤتمر «حوار دول الخليج العربية حول سياسات رفاه الطفل»، أمس، بمشاركة وحضور عدد من المسؤولين وأطفال وممثلين من دولة الإمارات والمملكة العربية السعودية ومملكة البحرين والكويت وعُمان وقطر، وذلك بمقر المجلس الأعلى للأمومة والطفولة بأبوظبي.
ويهدف المؤتمر الذي نظمه المجلس الأعلى للأمومة والطفولة، بالتعاون مع الأمانة العامة لمجلس التعاون لدول الخليج العربية، وهيئة أبوظبي للطفولة المبكرة، ومنظمة الأمم المتحدة للطفولة «يونيسيف»، إلى تسليط الضوء على أهمية أنظمة حماية الطفل ودعم العاملين في الشؤون الاجتماعية، وتعزيز آليات التنسيق في هذا السياق.
وتعهد المشاركون في المؤتمر بالاستثمار في نظم حماية الطفل، والعمل على إعداد خرائط طريق لدعم العاملين في مجال الشؤون الاجتماعية، والتنسيق الشامل لحماية الطفل.
وقال الفريق سمو الشيخ سيف بن زايد آل نهيان، نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية، في كلمة مسجلة «يسعدني أن أرحب بكم جميعاً من فرق وجهات معنية بحماية الطفولة في دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، وأعبر عن اعتزازي بجهودكم الجليلة في حماية هذه الفئة الغالية التي تمثل مستقبل المنطقة المشرق».
وأضاف سموه: «إن دولة الإمارات برؤية قيادتها الرشيدة تحرص على أن تكون أكثر بلدان العالم أماناً في كل المجالات، وهي سبّاقة في توفير أقصى درجات الحماية للأطفال في العالمين الحقيقي والرقمي من خلال تعزيز شراكاتها العالمية، وتقديم الدعم لجميع المنظمات الدولية العاملة في مجالات حماية الطفولة».
وعبّر سموه عن فخره واعتزازه بمبادرات سمو الشيخة فاطمة بنت مبارك «أم الإمارات»، رئيسة الاتحاد النسائي العام، رئيسة المجلس الأعلى للأمومة والطفولة، الرئيس الأعلى لمؤسسة التنمية الأسرية، التي تسعى دوماً لتوفير الحماية للأسرة والمرأة والطفل.
وأضاف سموه: «إنه، وبتوجيهات سمو الشيخة فاطمة بنت مبارك، أعلن لكم أن يوم الطفل الإماراتي لعام 2024 سيكون بعنوان (حق الطفل في الحماية)، فحماية الطفل أولوية وطنية».
وفي ختام كلمته، عبّر سموه عن شكره وتقديره إلى المجلس الأعلى للأمومة والطفولة على تنظيم «حوار دول الخليج العربية حول سياسات رفاه الطفل»، بالتعاون مع الأمانة العامة لمجلس التعاون لدول الخليج العربية، وهيئة أبوظبي للطفولة المبكرة، ومنظمة اليونيسيف، متمنياً لهم استمرار هذا الحوار الحضاري بصورة مستدامة.
وشهد المؤتمر معالي الدكتور مغير خميس الخييلي، رئيس دائرة تنمية المجتمع، ومعالي السفيرة الدكتورة هيفاء أبو غزالة، الأمين العام المساعد بجامعة الدول العربية، رئيس قطاع الشؤون الاجتماعية، ونورة السويدي، مديرة الاتحاد النسائي العام، وعدد من المسؤولين بالدولة ودول مجلس التعاون الخليجي.

تعاون استثنائي
ورحبت الريم بنت عبدالله الفلاسي، الأمين العام للمجلس الأعلى للأمومة والطفولة، في كلمتها الافتتاحية، بضيوف الإمارات، ونقلت إليهم تحيات سمو الشيخة فاطمة بنت مبارك «أم الإمارات»، رئيسة الاتحاد النسائي العام، رئيسة المجلس الأعلى للأمومة والطفولة، الرئيس الأعلى لمؤسسة التنمية الأسرية.
وأكدت الفلاسي أن هذا اللقاء الذي هو نتاج لتعاون استثنائي بين الأمانة العامة لمجلس التعاون لدول الخليج العربية، ومنظمة الأمم المتحدة للطفولة «يونيسيف»، وهيئة أبوظبي للطفولة المبكرة، ليس فقط لتسليط الضوء على قضايا الطفولة وحمايتها، بل لبناء جسور من التفاهم والتعاون لصقل السياسات والإجراءات، وبناء بيئة تضمن رفاه ومستقبل أطفالنا.
وأضافت: «إن الإمارات تُعتبر من الدول الرائدة في العالم عندما يتعلق الأمر بالالتزام بحقوق الطفل والعمل على حمايتها وتعزيزها، وتأتي هذه الجهود تجسيداً للالتزام الثابت للإمارات بتحقيق التنمية المستدامة، وضمان توفير بيئة مستدامة وصحية للأجيال القادمة».

قوانين وتشريعات
وأوضحت الفلاسي أن من بين الجهود التي قامت بها الدولة لحماية حقوق الطفل، إصدار سلسلة من القوانين والتشريعات المحدّثة التي تهدف إلى تحقيق أقصى درجات الحماية للأطفال، وتغطي هذه القوانين مجموعة شاملة ومتنوعة من المجالات مثل الرعاية الصحية، والتعليم، وحقوق الأطفال أصحاب الهمم «ذوي الإعاقة»، حيث تهدف هذه القوانين بالإضافة إلى الاستراتيجيات والخطط والمبادرات الوطنية، لضمان توفير البيئة الملائمة لتنمية الأطفال بشكل صحي ومستدام.
وأكدت أن توفير الرعاية الصحية والتعليمية الملائمة للأطفال هو أحد أهم أولويات دولة الإمارات، فهي تعمل على توفير الخدمات الصحية عالية الجودة للأطفال، بدءاً من مرحلة الولادة وحتى سنوات الطفولة المبكرة، كما تسعى الدولة إلى توفير فرص التعليم المتميزة للأطفال، وتشجيع الاستدامة في مجال التعليم، بالإضافة إلى ذلك، تعمل الدولة على مكافحة جميع أشكال الاستغلال والعنف ضد الأطفال، من خلال تطوير وتعزيز القوانين المحلية، والتعاون مع المنظمات الدولية، وتسعى إلى ضمان بيئة آمنة ومحمية لكل الأطفال، ما يعزز من حقوقهم، ويعمل على تمكينهم من النمو والتطور بشكل صحيح ومستدام.
وأضافت: «إن تحقيق رفاه الطفل وحمايته يتطلب تعاوناً مستداماً بين الحكومات والمنظمات الإقليمية والدولية، حيث تمثل هذه الشراكات الركيزة الأساسية لتحقيق تأثير حقيقي في حياة أطفالنا، وإنّ حماية الطفل تتطلب رؤى استراتيجية مستدامة وقوانين فاعلة تضمن حقوقهم في الحماية والرعاية والتنمية الشاملة»، مشيرةً إلى أن هذا المؤتمر هو تعبير عن الالتزام المشترك لبناء مجتمعات مستدامة تسعى لتقديم أفضل الظروف لتطوير الأطفال ونموهم. 
وقالت: «إن هذا المؤتمر يُعد فرصة لتبادل المعرفة والخبرات وأفضل الممارسات، خاصةً أنّ تجاربنا المحلية تمتاز بتنوعها، وهذا ما يمكننا من الاستفادة منه بالتعاون مع المنظمات الدولية في بناء استراتيجيات وسياسات وأطر أكثر فعالية لحماية الطفل وحقوقه، لنصل إلى نتائج تخدم أطفالنا».

مبادرة طيبة
من جانبه، قال معالي جاسم محمد البديوي، الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية، في كلمته التي ألقاها نيابةً عنه المهندس عبدالله الربعي، رئيس قطاع شؤون الإنسان والبيئة في الأمانة العامة «يسعدني المشاركة معكم اليوم في انطلاقة أعمال الحوار الأول للطفل بعنوان: حوار دول الخليج العربية حول سياسات رفاه الطفل - نحو أنظمة قوية وشاملة لحماية الطفل في دول الخليج العربية، والذي يستضيفه مشكوراً المجلس الأعلى للأمومة والطفولة بدولة الإمارات العربية المتحدة، بالتعاون مع الأمانة العامة لمجلس التعاون، ومنظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف)، وهيئة أبوظبي للطفولة المبكرة، وأتقدم بخالص الشكر والتقدير إلى الريم بنت عبدالله الفلاسي، أمين عام المجلس الأعلى للأمومة والطفولة، وللعاملين كافة في المجلس الأعلى للأمومة والطفولة على هذه المبادرة الطيبة، واحتضانه لتنظيم الحوار الأول للطفل الخليجي».
وأضاف: «إنه لا يُخفى على الجميع مدى اهتمام قادة دول مجلس التعاون، حفظهم الله، بشؤون الأسرة بجميع فئاتها، حيث وجهوا بدراسة درء التأثير السلبي لبعض وسائل الإعلام على النشء، وتكليف الهيئة الاستشارية للمجلس الأعلى بسلطنة عُمان بدراسة تقييم واقع وبرامج ثقافة الطفل وكيفية تطويرها، كما تم تخصيص يوم للاحتفال بالطفل الخليجي الذي يصادف يوم 15 يناير من كل عام، وتحتفل به جميع دول مجلس التعاون، حيث يتم تسليط الضوء في هذا اليوم على حقوق الأطفال والتوعية بها في مجالات عدة، منها المجال الصحي والتربوي، فالأطفال هم جيل المستقبل».
وأكد البديوي أن دول مجلس التعاون في تطور مستمر وتواكب أهداف التنمية المستدامة في المجالات كافة، خاصة في مجال الأسرة بجميع فئاتها، والتي يمثل الطفل فيها اللبنة الأساسية للارتقاء بدول المجلس.

الحقوق الأساسية
صرحت معالي السفيرة الدكتورة هيفاء أبو غزالة، الأمين العام المساعد، رئيس قطاع الشؤون الاجتماعية بجامعة الدول العربية، بأن «حوار دول الخليج العربية حول سياسات رفاه الطفل» فرصة مهمة لتسليط الضوء على موضوع الحماية الاجتماعية للأطفال، وهي من أهم الحقوق الأساسية للطفل المنصوص عليها في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، ويمثل حوار دول الخليج العربية حول سياسات رفاه الطفل، أحد المبادئ التي تقوم عليها آليات الحماية الاجتماعية، وهو مبدأ التضامن الذي يعكس التعبير عن إرادتنا كجهات فاعلة في قضايا الطفولة لبناء مناخ يعزز وضع وتطوير وتفعيل نُظُم سياسات حماية اجتماعية للأطفال، ارتكازاً على النهج الحقوقي والتنمية المستدامة، بما يحقق المصلحة الفُضلَى لهم.

جلسات حوارية
شهد الحوار تنظيم جلسات حوارية بمشاركة من جميع الدول الخليجية، تناولت أفضل الممارسات والتدخلات حول حماية الطفل في دول مجلس التعاون، وجعل خدمات حمايته شاملة وعالمية، ورفاهية الطفل ورعايته والدور المحوري للآباء، وتمثل هذه الجلسات خطوة حاسمة نحو تعزيز حقوق الطفل ورفاهيته، وتعزيز تعاون دول مجلس التعاون الخليجي في مجال حماية الأطفال والاهتمام بمستقبلهم. كما تناولت الجلسات الحوارية مبادرة المدن الصديقة للطفل، واستعرضت السيدة سعاد المرزوقي من مكتب الشارقة صديقة للطفل التابع لهيئة الشارقة الصحية جهود الإمارة بهذا الشأن، والتي أثمرت حصول إمارة الشارقة على الاعتماد من منظمة اليونيسيف كـمدينة صديقة للأطفال واليافعين كأول مدينة في الشرق الأوسط.

تحديات العصر الرقمي
بحثت الجلسات الحوارية المتخصصة المواضيع الحيوية المتعلقة بحماية الطفل ورفاهيته في دول مجلس التعاون الخليجي، بهدف تطوير استراتيجيات متقدمة لضمان حماية الأطفال، وتعزيز رعايتهم، وأفضل الممارسات والتدخلات المستخدمة للمحافظة على سلامة الأطفال وحمايتهم من أي تهديدات، وتضمنت الجلسات تبادلاً للخبرات والمعرفة بين الدول الأعضاء لتطوير نهج موحد يسهم في تعزيز حقوق الطفل.
وسلطت الجلسات الضوء على تحديات حماية الأطفال في العصر الرقمي، حيث تم استعراض الاستراتيجيات الفعالة للتصدي لمخاطر الإنترنت والتواصل الاجتماعي وضمان سلامة الأطفال عبر الأنشطة الرقمية، كما سلطت الضوء على حماية الأطفال من التأثيرات السلبية والحفاظ على الثقافة والقيم، وأهمية التربية والتثقيف الثقافي والاجتماعي كوسيلة لتوجيه الأطفال نحو القيم الإيجابية، والمحافظة على هويتهم الثقافية.

تقييم منتظم
أكدت سناء محمد سهيل، مدير عام هيئة أبوظبي للطفولة المبكرة، أن التقييم المنتظم لأداء أنظمة حماية الطفل هو المفتاح لمواصلة تعزيز هذه الأنظمة، حيث أتاح هذا المؤتمر الفرصة لتبادل الآراء والملاحظات، وتعزيز التعاون المشترك مع صنّاع القرار في دول مجلس التعاون الخليجي لضمان التقدم في الاتجاه الصحيح، وبما يتماشى مع أعلى المعايير العالمية، لافتة إلى أن المؤتمر ركز على دور أطر السياسات وتعزيز قوى العمل الاجتماعي في حماية الأطفال، وأهمية تعزيز الخدمات المنسقة لإدارة الحالات، بما في ذلك الاستثمار في رأس المال البشري في العمل الاجتماعي، وتوفير واعتماد قوى عاملة مؤهلة ومدربة، لضمان التطبيق الفعال لسياسات وبرامج حماية الطفل وتحسين نتائجها وآثارها الإيجابية على جميع الأطفال.
وأشارت إلى أهمية هذه الحوارات في تعزيز مواءمة السياسات والأنظمة التي سيتم تصميمها مع الثقافة والقيم المشتركة في منطقة الخليج العربي، من خلال البناء عليها والأخذ بعين الاعتبار اتساقها مع احتياجات المجتمعات المحلية وتطلعاتهم.