أحمد شعبان (القاهرة)

تمتلك دولة الإمارات العربية المتحدة سجلاً إنسانياً حافلاً في العمل الخيري، أرسى دعائمه الوالد المؤسس المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، «طيب الله ثراه»، وتواصل السير على نهجه القيادة الرشيدة لصاحب السموّ الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة «حفظه الله»، عبر مد أيادي الدولة البيضاء، لتشمل المعوزين وغير القادرين حول العالم دون تفرقة بسبب جنس أو لون أو دين باعتبار أن الجميع أخوة في الإنسانية.
ويأتي احتفال الإمارات مع العالم بـ«اليوم الدولي للعمل الخيري»، الذي يصادف غداً الثلاثاء الموافق 5 سبتمبر من كل عام، في وقت نجحت فيه الدولة بتعميق مفهوم العمل الخيري وتحويله إلى سمة مجتمعية، حيث أولته أهمية قصوى، باعتباره قيمة إنسانية قائمة على العطاء والبذل، وتجلى هذا التوجه بوضوح خلال حملات التبرع والمبادرات التي توجه بها الدولة لإغاثة المنكوبين والمعوزين في دول العالم.
جهود كبيرة
وثمن رئيس مجلس علماء باكستان الشيخ طاهر أشرفي، جهود الإمارات في العمل الخيري بكل بقاع الأرض، مشدداً على أن ما تقوم به الإمارات من أعمال الخير، من سمات الدولة وقيادتها، حيث قدمت مساعدات إغاثية عاجلة إلى باكستان التي شهدت في أغسطس 2022 سيولاً وفيضانات أسفرت عن قتلى ومصابين وعمليات نزوح.
وأوضح أشرفي في تصريح لـ«الاتحاد» أن جهود الإمارات الكبيرة في العمل الخيري برزت من خلال المساعدات وأرسلت العديد من طائرات الإغاثة للتخفيف من آثار الكارثة، وتقديم الخدمات إلى النازحين من المناطق التي شهدت السيول والفيضانات للتغلب على الظروف التي يواجهونها.
وقام المستشفى الإماراتي الباكستاني الميداني الإنساني، بتقديم خدمات تشخيصية وعلاجية ووقائية، بإشراف أطباء الإمارات وباكستان.
وقال الشيخ أشرفي إننا «نرى العمل الإنساني وفعل الخير وثمراته في كل ما تقوم به وتقدمه المؤسسات والهيئات الخيرية الإماراتية في جميع أنحاء العالم، وسرعة الاستجابة والتفاعل مع الأزمات التي يواجها العالم»، واصفاً الإمارات بأنها «رائدة في العمل الخيري، والتاريخ يسجل بحروف من ذهب أنها معطاءة وتهتم بخير الإنسانية، وتسعى لمساعدة المحتاجين، انطلاقاً من الأخوة الإنسانية بين شعوب الأرض».
تنمية أفريقيا
وأشاد نائب رئيس المجلس المصري الإفريقي السفير صلاح حليمة، بالدور المقدر لدولة الإمارات في العمل الخيري الذي يشمل كل قارات العالم، ومنها أفريقيا، حيث امتدت الأنشطة الخيرية إلى معظم بلدانها، حيث تم إنشاء «المستشفى الميداني الإماراتي» في تشاد، دعماً للأشقاء السودانيين اللاجئين بسبب الأزمة في بادهم. وتخفيفاً من معاناة المتضررين من السيول العام الماضي في السودان، تم إنشاء جسر جوي، وتقديم مساعدات عاجلة، أشرفت عليها هيئة الهلال الأحمر، استفاد منها أكثر من 140 ألف شخص من المتأثرين والنازحين في عدد من الولايات السودانية.
وأوضح السفير حليمة في تصريح لـ«الاتحاد» أن الإمارات تولي الجانب الخيري والإنساني اهتماماً كبيراً من خلال المساعدات والأعمال التي تقدمها في حالات انتشار المجاعات بسبب الجفاف، أو للاجئين والنازحين، وما يتعلق بالأوضاع الإنسانية في الدول التي تعاني من الفقر، وهذا الدور مشهود به في كل مكان.
جهات مانحة
واحتلت الإمارات لسنوات عدة المركز الأول عالمياً كأكبر جهة مانحة للمساعدات الخارجية في العالم قياساً إلى دخلها القومي، بنسبة 1.31% من إجمالي دخلها وهي ضعف النسبة العالمية المطلوبة والتي حددتها الأمم المتحدة ب 0.7%، وبلغ حجم المساعدات الخيرية والإنسانية التي قدمتها لمختلف دول العالم خلال ال50 عاماً الماضية نحو 320 مليار درهم، ووصل عدد الدول التي استفادت من المشاريع والبرامج الإنسانية أكثر من 178 دولة. وحافظت الإمارات على مركزها كإحدى أكبر الدول المانحة للمساعدات الخارجية منذ 2015 وحتى العام 2021، وعملت على إيصال جزء كبير من هذه المساعدات عبر ذراعها الإنساني المتمثل في هيئة الهلال الأحمر، وبلغت قيمة برامجه ومشاريعه التنموية والإنسانية خلال السنوات الخمس الأخيرة ما يقارب من 4 مليارات درهم.
ولفت نائب رئيس المجلس المصري الإفريقي إلى أن العمل الخيري في طبيعة الإمارات فهي سباقة بالخير منذ نشأتها وتواصل هذا الدور، ليشمل معظم مناطق العالم، وتهب بالعطاء والنجدة والإنقاذ في حالات الكوارث والحوادث الطبيعية.
وقال: «عمل الخير الإماراتي ذو طبيعة متعددة، يشمل الأغذية والأدوية والخيام والمستشفيات وغيرها، فتحظى الدولة بالتقدير والاحترام من شعوب ودول العالم، وبأنها دول الخير للشعوب خلال الأزمات وتساندها في المحن بغض النظر عن المكان والزمان، بلا تفرقة أو تمييز».
«الفارس الشهم 2»
الإمارات من أوائل الدول التي سارعت إلى تقديم الدعم والمساعدات الإنسانية لتركيا وسوريا لمواجهة آثار الزلزال الذي ضرب البلدين، وقدمت ما يزيد على 150 مليون دولار لدعم المتضررين من الشعبين السوري والتركي، حيث أطلقت عملية «الفارس الشهم 2» لدعم المتضررين من الزلزال.
وتعد عملية «الفارس الشهم 2» من أنجح العمليات التي نفذتها المؤسسات الوطنية، وقامت بإنقاذ عشرات الأشخاص من تحت الأنقاض، وعلاج 14 ألف شخص، وتقديم مساعدات بلغت 16 ألف طن عن طريق جسر جوي وبحري تضمن 260 رحلة جوية، حملت 7 آلاف طن مساعدات عاجلة من الخيام والأغذية والأدوية، و9 آلاف طن عن طريق 4 سفن شحن، لنقل مواد الإغاثة وإعادة الإعمار بالمناطق المتضررة.
الإمارات سباقة
ووصف رئيس مجلس أمناء مؤسسة «مشوار» التنموية الدكتور صلاح الدين الجعفراوي، دولة الإمارات بأنها رائدة في العمل الخيري وتفوقت على دول ومؤسسات ومنظمات دولية كثيرة في هذا المجال، ففي حالات الكوارث الطبيعية التي أصابت بعض الدول بسبب التغيرات المناخية، كانت الإمارات سباقة دائماً في تقديم يد العون والمساعدة بالأغذية والأدوية والمخيمات وإقامة المستشفيات، من منطلق إنساني، وبصورة عالية الكفاءة كما حدث في زلزال سوريا وتركيا، والسيول والفيضانات في باكستان والسودان، ومناطق أخرى كما في مدغشقر والفلبين.
جائحة كورونا
كانت الإمارات من أوائل الدول الداعمة للمبادرات الإنسانية والخيرية خلال جائحة كورونا، حيث شكلت المساعدات التي قدمتها 80% من الاستجابة الدولية للدول المتضررة خلال الجائحة، وبلغ إجمالي المساعدات الطبية منذ بدء الجائحة في 2020 وحتى يوليو 2021، والأجهزة التنفسية، وأجهزة الفحص ومعدات الحماية الشخصية، والإمدادات 2.154 طن، إلى 135 دولة، و196 رحلة طبية وإنشاء 6 مستشفيات ميدانية في السودان، وغينيا، كوناكري، وموريتانيا، وسيراليون، ولبنان، والأردن، وعيادة متنقلة في تركمانستان.
45 جهة خيرية
ويعمل في الإمارات ما لا يقل عن 45 جهة مانحة ومؤسسة إنسانية وجمعية خيرية تمد يد العون للمحتاجين في مختلف دول العالم، وشكل تأسيس الهلال الأحمر الإماراتي قفزة كبيرة في مسيرة الأعمال الخيرية الإماراتية.
وتعمل الدولة من خلاله على توصيل مساعداتها الإنسانية والإغاثية إلى جميع الدول، وتغطي عملياته أكثر من 100 دولة سنوياً، ويتكفل برعاية أكثر من 114 ألف يتيم داخل الإمارات وفي 25 دولة، ويستفيد من برامجه ومشاريعه الرمضانية ما يزيد على 11 مليون شخص في 80 دولة في آسيا وإفريقيا وأوروبا والأميركتين.
كما تُعد مؤسسة «زايد بن سلطان آل نهيان للأعمال الخيرية والإنسانية» التي تأسست في العام 1992 أحد أبرز وأهم أذرع العمل الخيري والإنساني، وتقدم مساعدات إلى 166 دولة.
وتهدف «مؤسسة خليفة بن زايد آل نهيان للأعمال الإنسانية» إلى المبادرة في خدمة البشرية من خلال برامج جادة لأهل العوز والكفاف وخدمة المحتاجين، وتوفير الدعم المادي لبرامج البِر، ونشر ثقافة التكافل الاجتماعي، وتشجيع العمل التطوّعي والدعم المعنوي لأصحاب المبادرات الإنسانية المتميزة، وتشجيع أهل الخير للمبادرة، وقدمت المؤسسة في العام 2021 مساعدات لأكثر من 90 دولة.
وتأسست «مؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم للأعمال الخيرية والإنسانية» بهدف مساعدة الفقراء والمرضى والأيتام في الإمارات ومختلف الدول، وأصبحت واحدة من المؤسسات الرائدة في العمل الخيري والإنساني، حيث قدمت المساعدات المتعددة، بجانب عمليات الإنقاذ والإغاثة في المناطق المتضررة من الكوارث والحروب، لتوفير حياة كريمة للإنسان.
تكافل اجتماعي
لفت المتحدث الرسمي باسم جامعة الأزهر الدكتور أحمد زارع، إلى أن آثار الأعمال الخيرية التي تقدمها المؤسسات الإماراتية من مدارس ومستشفيات ومدن سكنية، موجودة في كل محافظات مصر، مثمناً هذه الجهود. وقال: «جهود الإمارات الخيرية تجوب العالم، ونقف احتراماً لقادة هذه الدولة العظيمة على ما قدموه من أعمال خير وتكافل وعطاء للبشرية على وجه الأرض».