أحمد مراد (القاهرة)
تعد دولة الإمارات ركيزة أساسية للعمل الإنساني الدولي، وعلامة مضيئة وشريكاً مؤثراً في الجهود الأممية والدولية الرامية إلى تقديم المساعدات الإنسانية إلى ملايين البشر، ما ساهم في ترسيخ مكانتها إقليمياً ودولياً، وجعلها عضواً فاعلاً في أحداث وقضايا العالم.
وأكد الخبير الفلسطيني في شؤون العلاقات الدولية، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس، الدكتور أيمن الرقب، أن دولة الإمارات تصدرت خلال الفترة بين العامين 2014 و2021 قائمة أكبر الدول المانحة للمساعدات الإنسانية والإغاثية الخارجية عالميا.
وبحسب تقديرات رسمية، فإن حجم المساعدات الإماراتية المقدمة خلال الـ50 عاماً الماضية بلغ نحو 320 مليار درهم، ووصل عدد الدول التي استفادت من البرامج الإماراتية إلى أكثر من 178 دولة، كما تصدرت في العام 2014 قائمة أكبر الدول المانحة بقيمة 22.64 مليار درهم.
وذكر الخبير الفلسطيني في تصريحات الـ«الاتحاد» أن المساعدات الإنسانية الإماراتية ركن رئيسي من أركان العمل الإنساني الدولي بعد أن تبنت هيئة الأمم المتحدة في العام 2005 يوم 19 أغسطس من كل عام يوماً عالمياً للعمل الإنساني، مشيرا إلى تعدد أوجه ومجالات المساعدات الإنسانية الإماراتية، والتي تهدف في مجملها إلى دعم المشروعات التنموية لاقتصاد الدول الأكثر فقراً. وتواصلت جهود الإمارات خلال الأشهر الـ7 الماضية لمساعدة العديد من الدول لمواجهة تداعيات النزاعات والكوارث الطبيعية، منها إرسال طائرات محملة بعشرات الأطنان من الإمدادات الطبية والغذائية إلى أفغانستان، وشحنة مساعدات لمتضرري الجفاف في الصومال، كما كانت الإمارات من أوّل في تقديم المساعدات الإنسانية لتركيا وسوريا لمواجهة آثار الزلزال المدمر في 6 فبراير الماضي، إذ وجهت ما يزيد على 150 مليون دولار لدعم المتضررين من الشعبين، إضافة إلى جسر إنساني عبر عملية «الفارس الشهم» تم خلاله تسيير 243 طائرة، وسفينتي شحن تحملان 10 آلاف طن مساعدات، كما وجهت طائرة مساعدات تحمل 14 طناً من المساعدات للمتضررين من الشتاء في أوكرانيا.
وتواصل الإمارات مبادراتها الإنسانية لمساعدة الشعب اليمني الذي يعاني من تداعيات الحرب، وأطلقت قبل ثلاثة أشهر حزمة مشاريع وبرامج إنسانية موسعة بدعم وتمويل من هيئة الهلال الأحمر الإماراتي.
وثمن الخبير الفلسطيني الدعم المتواصل الذي تقدمه الإمارات للشعب الفلسطيني، وجاء أحدث أوجه الدعم الإماراتي لفلسطين خلال مارس الماضي عندما وجه صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، بتقديم 3 ملايين دولار لدعم إعادة إعمار بلدة حوارة الفلسطينية، وقبلها بأشهر قليلة تسلم قطاع غزة أكبر قافلة مساعدات طبية تضم أكثر من 85 طناً من الأدوية والمستلزمات الطبية.
ومن جانبه، أوضح مساعد وزير الخارجية المصري سابقاً، السفير حمدي صالح، في تصريحات لـ«الاتحاد»، أن المجتمع الدولي وفي مقدمته الأمم المتحدة ينظر إلى الإمارات «عاصمة الانسانية» باعتبارها شريكاً رئيسياً ومؤثراً في تقديم العون إلى ملايين البشر حول العالم.
وأشار الدبلوماسي السابق إلى دور الإمارات المهم في دعم اللاجئين باعتبارها قضية إنسانية في المقام الأول، لا سيما بعد أن بلغت أعدادهم أكثر من 100 مليون شخص بحسب تقديرات المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، لافتا إلى أنه خلال العقدين الماضيين تبنت الإمارات العديد من حملات دعم ورعاية اللاجئين، وقدمت لبرامج المفوضية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا منذ العام 2010 نحو 300 مليون درهم.
وذكر مساعد وزير الخارجية المصري سابقاً أن مكانة الإمارات المرموقة لم تأت من فراغ، إنما نتيجة طبيعية للعمل على مدى 5 عقود في خدمة الإنسانية، وهو ما ظهر خلال فترة تفشي كورونا، حيث لعبت دوراً محورياً في مواجهة الجائحة، على المستويين الإقليمي والدولي، حيث أرسلت آلاف الأطنان من المساعدات الطبية واللقاحات ومعدات الحماية الشخصية وأجهزة التنفس الصناعي والاختبارات إلى 140 دولة، وبناء وتجهيز مئات المستشفيات، وقدمت 60 مليون دولار لدعم الجهود العالمية للقضاء على الجائحة.
وشكلت المساعدات الإماراتية نحو 80% من حجم الاستجابة الدولية للدول المتضررة من الجائحة، كما أطلقت مبادرة «ائتلاف الأمل» لتسهيل ودعم توزيع 6 مليارات جرعة من التطعيمات حول العالم ورفعها إلى 18 مليار جرعة في نهاية 2021.
وأوضحت الخبيرة في الشؤون الآسيوية، أستاذ العلوم السياسية، الدكتور نادية حلمي، في تصريحات لـ«الاتحاد»، أن الإمارات صاحبة تاريخ مشرف حافل بالإنجازات والنجاحات في مسيرة العمل الإنساني الدولي، مشيرة إلى تميز الإمارات بتعدد مؤسسات العمل الإنساني التي يصل عددها إلى نحو 80 مؤسسة إنسانية عالمية، تتسابق في تقديم الإغاثة العاجلة.
كما شكل تأسيس الهلال الأحمر الإماراتي في العام 1983 قفزة كبيرة في مسيرة المساعدات، ويُوصف بأنه الذراع الإنساني للدولة، حيث تغطي عملياته أكثر من مئة دولة، ويتكفل برعاية أكثر من 114 ألف يتيم داخل الإمارات وفي 25 دولة.
وتُعد مؤسسة «زايد بن سلطان آل نهيان للأعمال الخيرية والإنسانية» إحدى أهم أذرع العمل الخيري والإنساني في الإمارات، حيث تقدم مساعدات إنسانية وخيرية إلى 166 دولة بقيمة تزيد على ملياري درهم، إلى جانب مؤسسة «خليفة بن زايد آل نهيان للأعمال الإنسانية» التي قدمت عام 2021 مساعدات لأكثر من 90 دولة.
وأسس صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، في العام 2003 المدينة العالمية للخدمات الإنسانية أكبر مقر لوجستي إنساني في العالم، وتهدف إلى تسهيل وتسريع إيصال المعونات إلى من يحتاجها، وتعمل من خلالها 54 منظمة إنسانية و9 وكالات أممية.
من جانبه شدد مدير عام جمعية الأورمان الخيرية المصرية، اللواء ممدوح شعبان، على أهمية المبادرات المبتكرة التي تتبناها الإمارات لتعزيز وترسيخ مفاهيم وأسس العمل الإنساني، مثل مبادرة يوم زايد للعمل الإنساني، وأيضاً مبادرة عام الخير لتعزيز قيم العمل الإنساني والخيري، إضافة إلى مبادرة عام التسامح في العام 2019 الذي شهد تنفيذ العديد من المبادرات الإنسانية والخيرية.