هدى الطنيجي (أبوظبي)

تشهد المنتجات الغذائية الصحية، إقبالاً لافتاً من قبل شريحة كبيرة من أفراد المجتمع لقيمتها الغذائية التي يستفيد منها جسم الإنسان، وأهميتها في تجنب الإصابة بالمشاكل الصحية والأمراض المختلفة، وكذلك دورها في تعزيز الصحة النفسية.
وتقوم الجهات الصحية والمؤسسات المختصة بجهود حثيثة لبيان أهمية الأطعمة الصحية، منها: دعوة المنشآت التجارية من البقالات و«الهايبر والسوبر ماركت» إلى تخصيص ركن ثابت في منشآتها لإبراز المنتجات والأغذية التي تحوي سعرات حرارية ونسب أملاح ودهون مناسبة؛ بهدف دعوة المستهلكين إلى اختيارها وتبني نمط حياة صحي.
وأكد مستهلكون أن الأطعمة الصحية أصبحت مهمة للغاية، خاصة في ظل ارتباط الأغذية غير الصحية بأمراض وإصابات متنوعة، ودعوا إلى أهمية أن تتجه المنشآت التجارية إلى الترويج والتسويق لتلك الأطعمة الصحية، وكذلك الجهات المعنية بجانب توعية المجتمع، وقال المواطن سعيد علي: إن الأكل الصحي له علاقة مباشرة بصحة وسلامة الإنسان، خاصة مع انتشار بعض الأمراض المرتبطة بارتفاع السعرات الحرارية وتناول الأطعمة غير الصحية وعدم اتباع التغذية السليمة التي تناشد بها الجهات الصحية.
وذكر أن جانب التوعية يجب أن يبدأ منذ مرحلة الطفولة، لكي ينمو الطفل على نمط حياة صحي يستمر على اتباعه إلى أن يكبر، ويعي أهمية هذا النظام الغذائي الذي يقلل من نسب تعرضه إلى الأمراض المرتبطة بالأطعمة غير الصحية منها: السمنة والسكري والضغط، ويكون قادراً على اختيار الأغذية المناسبة له.
توعية مكثفة
وذكرت علياء الشحي، أن الأكل الصحي يتطلب توعية مكثفة، خاصة بين فئة المراهقين والشباب، ممن يتجهون إلى اقتناء المنتجات المضرة بالصحة والتي تحوي مواد صناعية ونكهات مختلفة وغيرها، بالإضافة إلى الوجبات السريعة التي تتسبب بأمراض مختلفة تبدأ معهم منذ مرحلة المراهقة وقد تتفاقم ويتضاعف أثرها حتى بعد مرور السنوات.
وأكدت أهمية أن يتم تعزيز الجانب التوعوي بداية من المنزل، من ثم في المؤسسات التعليمية، لكي ترسخ أهمية الخيارات الصحية التي تحافظ على صحتهم وتقلل من نسب تعرضهم إلى الأمراض المختلفة التي قد يضطر البعض إلى الدخول في رحلات علاجية مطولة على المدى البعيد.
دعم المبادرات
من جهتهم، أكد عاملون في منشآت تجارية منها البقالات و«السوبرماركت»، أهمية تعزيز دورها في جانب توعية ونشر ثقافة تناول الأطعمة الصحية من خلال دعم مبادرات الصحة العامة، وتخصيص أقسام في المنشآت التجارية لعرض المنتجات الصحية للمستهلكين.
وقال علي محمد «عامل في إحدى البقالات»: إن الأكل الصحي يأتي ضمن أولويات الجهات المعنية بقطاع الصحة، والتي تدعو المؤسسات والجهات كافة إلى دعم المبادرات للحفاظ على سلامة المستهلكين، من خلال إيجاد ركن أو قسم خاص يقدم منتجات وخيارات الأطعمة الصحية معززة بمعلومات وبيانات عن السعرات الحرارية، ليكون خياراً صحياً وآمناً.
وذكر أن هذه الخطوة ستدعم توجه أفراد المجتمع إلى اختيار الأطعمة والمنتجات الصحية التي تقدم أمامهم ومقارنتها بغيرها التي قد تحتوي على سعرات حرارية مرتفعة، والعمل على معرفة الأضرار الناجمة عن اختيار غيرها التي تتسبب في الإصابة بالأمراض وقد تؤثر على حالتهم المزاجية والنفسية.
إقبال لافت
لم يختلف معه في الرأي تيمور سليم، الذي أكد أن الأكل الصحي أصبح يحظى بإقبال لافت من قبل مختلف شرائح المجتمع، نتيجة التوعية المستمرة التي تقوم بها مختلف الجهات المعنية بهذا الجانب، وأصبحت البقالات و«السوبرماركت» و«الهايبرماركت» تحرص على تقديم المنتجات الصحية لوجود شريحة كبيرة تحرص على تناول هذه الأطعمة.
وذكر أن التوعية لها جانب مهم في عملية تغيير أنماط الطعام المتبع لدى أفراد المجتمع وبالتحديد فئة المراهقين وصغار السن، عبر زيادة بيان مخاطر الأطعمة غير الصحية والأمراض الناجمة عنها، وتعزيز دور التوعية في مختلف المؤسسات التعليمية من المراحل المتقدمة، لكي يتم زرع أهمية اتباع النمط الصحي لضمان تمتع أفراد المجتمع بالصحة التامة. 
«صحي».. برنامج يعزز الوعي بمكونات المأكولات الصحية
أطلق مركز أبوظبي للصحة العامة، العام الماضي برنامج «صحي» - بهدف رفع الوعي بمكونات المأكولات الصحية، وتعزيز خيارات الأطعمة المغذية، بالإضافة إلى تمكين البيئة المحيطة التي توفر خيارات غذائية صحية في جميع نواحي إمارة أبوظبي، وتشجيع الأفراد على انتقاء خيارات غذائية صحية، وتحسين عادات تناول الأطعمة، تماشياً مع رؤية أبوظبي الرامية إلى ضمان حياة صحية لأفراد المجتمع، لرفع الوعي المجتمعي بأهمية دور الوعي الغذائي في خفض مخاطر الأمراض الناجمة عن العادات الغذائية وأنماط الحياة غير الصحية.
وتم تحديد ثلاثة برامج فرعية، هي «صحي لقوائم الطعام الصحية»، والذي يرفع شعار «صحي» على قوائم الطعام لتحديد الوجبات الصحية منخفضة الدهون والسكر والملح، والتي تتميز بتوافر الألياف بمستويات عالية. وبرنامج «صحي لعرض السعرات الحرارية على قوائم الطعام»، والذي سيشير إلى عدد السعرات الحرارية لكل وجبة على قوائم الطعام. و«برنامج صحي للبقالات والسوبرماركت الصحية»، والذي يهدف إلى ضمان توافر الخيارات الصحية وإعادة ترتيبها في محال «السوبر ماركت والهايبر ماركت» والبقالة والتطبيقات الرقمية وإعادة ترتيبها لإبرازها وجذب الانتباه لها.
قيمة غذائية  
أكدت هاجر حميد العلي، اختصاصية تغذية بمؤسسة الإمارات للخدمات الصحية، وعضو جمعية الإمارات للتغذية، أهمية اختيار الغذاء الصحي ليكون نمط حياة صحياً يغذي جسم الإنسان بالفوائد والقيمة الغذائية النافعة التي لها دور كبير في إمداده بالطاقة والحيوية والنشاط وتغذية الدماغ وسلامة العظام، وكسب المناعة والحفاظ على صحة الجسم والوقاية من السرطانات والإصابة بالأمراض المزمنة منها على سبيل المثال، مرض السكري والكوليسترول وارتفاع ضغط الدم وزيادة الوزن والسمنة، وغيرها من الأمراض.
ودعت إلى أهمية تجنب أو التقليل من المنتجات غير الصحية التي تفتقر إلى القيمة الغذائية الصحية، والتي تكون غنية بالسعرات الحرارية والدهون المشبعة ومنها: المتحولة والمهدرجة، كما تكون عالية بالأملاح والسكريات المضرة بالصحة وغيرها من المكونات غير الصحية للجسم، التي تساهم بصوره أساسية في زيادة خطر الإصابة بالأمراض والمشاكل الصحية، مؤكدة أن النظام الغذائي الصحي يساهم كثيراً في عملية الحفاظ على الصحة الجيدة وتعزيز الجهاز المناعي. 
الوجبات المستدامة
قال الدكتور عصام سماحة، اختصاصي وخبير الطب النفسي في مستشفيات السعودي الألماني: إن على الأفراد الحرص على تناول الوجبات الغذائية الصحية المتوازنة، وأن يكون ذلك بمثابة أسلوب حياة مستدام، مع تناول بعض العناصر المفيدة التي تؤثر بدورها في تكوين الناقلات العصبية والحفاظ على مستوياتها في الدم والمخ.
 وذكر أن الدراسات الطبية الحديثة أثبتت أن الأطعمة تلعب دوراً مهماً في الحالة المزاجية للشخص ومستويات الناقلات العصبية التي تؤثر على استقرارها، ونقصانها الذي يدخل الإنسان في حالة من الاكتئاب والتوتر والقلق وإصابات نفسية واضطرابات مختلفة، وكذلك المذاق، حيث إن تناول الأطعمة ذات المذاق الشهي والطعم الصحي يرفع وتيرة السعادة والارتياح النفسي لدى الشخص، ويحفز الدماغ على إبداء كفاءة عالية في حال استقبل الجسم الغذاء السليم المتوازن الذي يحتوي على العناصر الغذائية المفيدة، منها الكربوهيدرات والبروتين والدهون الصحية والفيتامينات والمعادن ومضادات الأكسدة المغذية للجسم والعقل، على أكمل وجه.
وأشار إلى أنه في حال كان هناك استهلاك غير متوازن لتلك العناصر يؤدي إلى الإخلال في مسألة كفاءة العقل وظهور الاضطرابات النفسية، حيث إن لتلك العناصر دوراً أساسياً في تغيير مشاعر الإنسان وأحاسيسه واستقرار حالته النفسية، والنظام الغذائي السيئ الذي يفتقر إلى الفيتامينات وغيرها أو الاعتماد على وجبات تحوي عناصر واحدة فقط، مثل السكريات، وإغفال الأخرى في جانب التغذية له الأثر الكبير في تكوين الناقلات العصبية، التي تتحكم في استقرار الحالة النفسية واضطرابها، وبالتالي يؤدي إلى الاكتئاب، وفرط الحركة بالنسبة للأطفال، وفي بعض الأحيان إلى الصرع من الصغر.
وأضاف: الالتزام بمسألة الغذائي الصحي يفيد في استقرار الحالة النفسية والمزاج والبعد عن الاضطرابات الشديدة، مثل القلق ونوبات القلب الحادة وغيرها، وعليه يجب اتباع الوجبات المتوازنة التي تحوي عناصر الغذاء المختلفة والأطعمة الغنية بـ أوميغا 3 والمكسرات، التي تؤدي إلى استقرار الحالة النفسية والبعد عن الأعراض الاكتئابية، وأهمية التوقف عن الأطعمة التي تحوي السكر بكميات كبيرة والمقلية والوجبات السريعة للأطفال، والاتجاه إلى الصحية التي يتم إعدادها في المنازل وتهتم بجانب التغذية العقلية والجسدية، والوجبات المتوازنة المستدامة.