سامي عبد الرؤوف (دبي) 
أجرى فريق طبي وأكاديمي من الإمارات، أول دراسة طبية علمية اقتصادية محكمة دولياً عن مرض اضطرابات الذاكرة والزهايمر في 22 دولة عربية، ونشرت الدراسة في العديد الأخير للمجلة البريطانية للطب النفسي الصادرة عن الجمعية البريطانية الملكية للأطباء النفسيين، وهي مجلة محكمة دولياً، تخضع الأبحاث والدراسات المنشورة فيها للاعتماد من كبار الأطباء المختصين عالمياً. 
وأظهرت نتائج الدراسة أن دولة الإمارات توفر تجربة متميزة ورائدة في مجال توفير الرعاية لكبار المواطنين والمقيمين من مرضى اضطرابات الذاكرة والزهايمر، وتزيد من حجم الإنفاق على المرضى لتقديم أفضل أنواع الرعاية الطبية والنفسية والاجتماعية للمرضى. 
وأعلنت الدراسة، أن تكلفة توفير الرعاية الصحية لمريض اضطرابات الذاكرة بدولة الإمارات تبلغ 2,371 دولاراً لكل مريض، ويقدر متوسط التكلفة غير المباشرة لهذا المرض في الدولة في عام 2021 بمبلغ 293,025,830 دولار، بينما تقدر التكلفة الإجمالية بمبلغ 1,352,531,038 دولار، وتقدر التكلفة الإجمالية المتوقعة للمرض في الدولة إلى الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 0.19%. 
وأشارت الدراسة إلى أن العدد الإجمالي للأفراد الذين يعيشون مع الخرف في الإمارات العربية المتحدة يقدر بـ 12,447 شخصاً في عام 2021، بنسبة 4.09% بين الأشخاص الذين تبلغ أعمارهم 60 عاماً فما فوق في العام 2021، وبناءً على ذلك، جاءت الإمارات في المرتبة 18 من بين 22 دولة عربية تمت دراستها من حيث معدل انتشار مرض اضطرابات الذاكرة والزهايمر. 

وأشارت الدراسة التي اعتمدت على بيانات إحصائية للسكان ومعدلات انتشار الخرف لتحديد عدد الحالات في 22 دولة عربية، إلى أن أعلى معدل انتشار للخرف كان لدى الأفراد الذين تجاوزت أعمارهم 60 عاماً في لبنان وتونس والجزائر. بينما سجلت مصر والجزائر والمغرب أكبر عدد إجمالي من الحالات بسبب ارتفاع عدد سكانها
وقال الدكتور طارق قاسم، استشاري الطب النفسي للشيخوخة بمستشفى الأمل للصحة النفسية التابع لمؤسسة الإمارات للخدمات الصحية، رئيس الفريق الطبي والأكاديمي للدراسة: «ركزت الدراسة على رصد انتشار وتكلفة اضطرابات الذاكرة في العالم العربي، وشارك في الدراسة مجموعة من المختصين بمؤسسة الإمارات للخدمات الصحية وكلية الطب بجامعة الإمارات، بالإضافة إلى أستاذ بكلية الطب بجامعة السلطان قابوس بسلطنة عُمان». 
وأشار قاسم الذي يعمل أيضاً أستاذاً مساعداً للطب النفسي بجامعة محمد بن راشد للطب والعلوم الصحي، ورئيس المجموعة الأكاديمية السريرية للصحة العقلية لكبار السن، إلى أهمية هذه الدراسة في وضع السياسات العامة المتعلقة بالصحة النفسية لكبار السن، حيث سلطت الدراسة الضوء على التأثير المتزايد لمرض اضطرابات الذاكرة في العالم العربي. 
وذكر أن مرض اضطرابات الذاكرة يمثل تحدياً متصاعداً في مجال الصحة العامة في البلدان العربية، حيث تجاوز عدد الأشخاص الذين يعيشون مع اضطرابات الذاكرة في العالم العربي 1.3 مليون شخص في عام 2021، وتُقدَّر التكلفة الاقتصادية الإجمالية لرعاية مرضى الخرف بمليارات الدولارات سنوياً. 
وبلغ مجموع التكلفة المباشرة لاضطرابات الذاكرة في البلدان العربية 8.2 مليار دولار أميركي في عام 2021، أما مع إضافة التكاليف غير المباشرة، فقد تراوح العبء الاقتصادي الإجمالي ما بين 10.4 و13.9 مليار دولار، بحسب ما توصلت إليه هذه الدراسة.
تجربة الإمارات 
استعرضت الدراسة العديد من جوانب ومجالات التميز لتجربة دولة الإمارات في توفير الرعاية الصحية النفسية لكبار السن، وذلك من خلال تجربة وخدمات مستشفى الأمل للصحة النفسية بدبي، التابعة لمؤسسة الإمارات للخدمات الصحية. 
وذكرت الدراسة، أن دولة الإمارات العربية المتحدة اتخذت عدة خطوات لمواجهة تحدي اضطرابات الذاكرة من خلال إطلاق برنامج متخصص للصحة النفسية لكبار السن بالتعاون مع مؤسسة مودسلي هيلث الدولية، ويشمل البرنامج الذي تنفذه مؤسسة الإمارات للخدمات الصحية توفير الرعاية النفسية الداخلية والخارجية والتوعية المجتمعية ومجموعات الدعم لمقدمي الرعاية. 
كما يركز البرنامج على تدريب الكوادر الطبية وإجراء الأبحاث لتطوير أدوات التشخيص والعلاج المناسبة ثقافياً. يُعدّ البرنامج نموذجاً يحتذى به في المنطقة لمواجهة تحديات مرض اضطرابات الذاكرة. وفي سبيل معالجة هذه التحديات، تم إطلاق برنامج رعاية النفسية المتخصص لكبار المواطنين بالتعاون مع مؤسسة مودسلي هيلث الدولية لخدمات الصحة النفسية، برؤية تستهدف تعزيز الرفاهية، والحد من عبء المرض، والحفاظ على كرامة المسن، ويوفر البرنامج خدمات رعاية داخلية وخارجية، بالإضافة إلى التوعية المجتمعية، ومجموعات الدعم لمقدمي الرعاية. ومنذ عام 2019، شهد البرنامج المطبق في مستشفى الأمل للصحة النفسية بدبي توسعاً هائلاً، حيث ارتفعت الرعاية بالعيادات الخارجية بنسبة 280%، وزاد عدد المرضى الجدد بنسبة 564%، كما توسعت الخدمات بالأقسام الداخلية لكبار المواطنين بنسبة 460%. كما أولى البرنامج اهتماماً خاصاً بتثقيف العاملين في مجال الرعاية الصحية والأطباء لتقديم الرعاية النفسية المتخصصة لكبار المواطنين، ولقد تم إجراء دراسات تفصيلية حول احتياجات التدريب وتطوير خطط تعليمية متقدمة.