نيويورك (الاتحاد)

أكدت دولة الإمارات، أمس، حرصها على إشراك جميع الجهات الفاعلة في جهودها، بما فيهم المجتمع المدني، من نساء وشباب وقادة الدين، لدورهم المهم في تحصين المجتمع من براثن التطرف وآفة الإرهاب، داعية إلى اليقظة تجاه التهديدات الإرهابية المتنامية، بما في ذلك عبر مواصلة البناء على الزخم الذي ولدته استراتيجية الأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب والأسبوع الرفيع المستوى لمكافحة الإرهاب، فمن خلال تضافر الجهود الدولية، سنتمكن من اجتثاث جذور التطرف والقضاء على الإرهاب وبناء مستقبل أفضل تنعم فيه شعوبنا بالاستقرار والازدهار. 
وقالت الإمارات في بيان أمام الجمعية العامة بشأن استراتيجية الأمم المتحدة العالمية لمكافحة الإرهاب: لا يخفى عليكم أن الإرهاب ظاهرة عالمية ومعقدة، تتجاوز الحدود والثقافات والأديان، وتتطلب مكافحتها نهجاً متعدد الأطراف والأبعاد، قادرٌ على الاستجابة للأساليب المتطورة للجماعات الإرهابية، بل واستباقها. 
وأوضحت في البيان، الذي أدلى به سالم الزعابي، مستشار وزير الخارجية: «نرى أن الاستعراض الذي نجريه كل عامين لاستراتيجية الأمم المتحدة العالمية لمكافحة الإرهاب يكتسي أهمية بالغة، فهو يشكل فرصة لتقييم التقدم المحرز في تنفيذها ولتحديثها بما يوائم التهديدات الإرهابية القائمة والناشئة».
وأضاف: «لقد أثبتت الأعوام الماضية جسامة التحديات المتصلة بمكافحة الإرهاب الدولي، بعد أن طالت أيادي الإرهابيين التقنيات الجديدة وتكنولوجيا المعلومات وحولتها إلى أداةٍ للتجنيد وحشد التمويل وشن هجماتٍ أكثر تعقيداً وفتكاً وخطورة». وأشار إلى استخدام الجماعات الإرهابية للطائرات المسيرة، والأصول الافتراضية، والعملات الرقمية المشفرة والطباعة ثلاثية الأبعاد، لافتاً إلى استغلالها لتكنولوجيا المعلومات ووسائل التواصل الاجتماعي ومنصات الألعاب الإلكترونية لنشر أفكارها الهدامة.
فما كانت النتيجة إلا أن نشهد انتشاراً خطيراً للتطرف وخطاب الكراهية والمعلومات المضللة والمغلوطة، التي فككت المجتمعات وقوضت نسيجها الاجتماعي وزادت من استهداف الأقليات الدينية والعرقية.
ونوّه سالم الزعابي مستشار وزير الخارجية إلى أنه لا ينبغي الاستهانة بقدرة التكنولوجيا المتطورة على تهديد السلم والأمن الدوليين في حال وقوعها في أيدي الجماعات الإرهابية، مؤكداً على ضرورة أن تعكس الاستراتيجية العالمية هذا الواقع الجديد بتهديداته الملحة على نحوٍ يتيح للمجتمع الدولي الاستجابة لها بفعالية.
وشدد على أهمية أن تسلط الاستراتيجية العالمية لمكافحة الإرهاب، الضوء بشكلٍ كافٍ على بعض الاتجاهات الناشئة في هذا المجال، والتي لا يمكن التغاضي عنها، فنحن بأمس الحاجة لتعزيز نُهِج الوقاية على المستوى الدولي لمعالجة التعصب والتطرف، 
قبل أن تتطور هذه السلوكيات إلى أعمال إرهابية ونزاعات مسلحة، الأمر الذي سيسهم في إنقاذ أرواح العديد من الأبرياء، وسيعزز قدرة المجتمعات على الصمود، مشيراً إلى أن التركيز على قيم التسامح والتعايش السلمي والحوار هو السبيل لبناء مجتمعات تنعم بالسلام والازدهار، وتحتفي باختلافاتها الثقافية والعرقية والدينية.
وقال الزعابي: جعلت دولة الإمارات هذه المسألة في صدارة أولوياتها، محلياً وإقليمياً ودولياً، بما في ذلك من خلال جهودنا في هذه المنظمة، حيث يسرنا الإشارة إلى اعتماد مجلس الأمن منتصف هذا الشهر وبالإجماع القرار 2686 بشأن «التسامح والسلام والأمن الدوليين»، والذي قدمته الإمارات مع المملكة المتحدة، ويقر بأن خطاب الكراهية والعنصرية والتطرف هي عوامل تؤدي إلى تضاعف التهديدات وإلى نشوب النزاعات وتفاقمها وتكرارها. 
ولفت إلى أنه أول قرار يحث الدول والمنظمات الإقليمية والدولية على نبذ خطاب الكراهية والتطرف، كما يطالب القرار كيانات الأمم المتحدة ببلورة استجابة شاملة تتضمن رصد خطاب الكراهية والتطرف والإبلاغ عنهما ومعالجتهما، مع ضمان حماية حقوق الإنسان وتعزيزها.
وأضاف الزعابي إن التزام دولة الإمارات بتعزيز قيم التسامح والتعايش السلمي ليس وليد اللحظة، وإنما هو جزءٌ لا يتجزأ من مسيرة بناء الدولة واستشراف المستقبل، ولهذا، حَرِصنا على تسخير الأدوات وإنشاء المؤسسات وإطلاق المبادرات التي تختص بتحصين المجتمعات من آفتي التطرف والإرهاب وتُرسخ قيم التسامح على كافة المستويات المحلية والدولية، ومنها دعم إنشاء مركز هداية، الذي يضطلع بدورٍ هام في تطوير حلول مبتكرة ووضع استراتيجيات عملية ومدروسة لمكافحة التطرف حول العالم.