أبوظبي (الاتحاد)
شهدت مسيرة الإمارات ودورها الإنساني الرائد في مساعدة الدول النامية مبادرات عديدة وجهوداً كريمة في عهد المغفور له الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رحمه الله، لتتبوأ الدولة بذلك مكانة ريادية عالمية في حجم المساعدات الإنمائية، حيث جاءت في المركز الأول كأكبر مانح للمساعدات الإنمائية على مستوى دول العالم لسنوات عدة، خلال العقد الأخير.
وموّل صندوق أبوظبي للتنمية آلاف المشاريع الاستراتيجية التي فتحت آفاقاً واسعة لتحقيق النمو الاقتصادي والاجتماعي المستدام لـ97 دولة حول العالم، فيما تضاعف حجم تمويلاته التنموية واستثماراته لتصل إلى نحو 150 مليار درهم على مدى 5 عقود، وانتهج الصندوق استراتيجية استثمارية متنوعة لعبت دوراً مهماً في تحفيز الاقتصاد داخل الإمارات، وفي كثير من الدول النامية.
نشر حلول الطاقة
ولدعم سياسة الدولة الهادفة إلى تعزيز انتشار الطاقة النظيفة على المستوى العالمي، وتسريع وتيرة التحول نحو الطاقة المتجددة، أطلق صندوق أبوظبي للتنمية عام 2013 مبادرة عالمية لدعم مشاريع الطاقة المتجددة، بالتعاون مع الوكالة الدولية للطاقة المتجددة «آيرينا» بقيمة 350 مليون دولار، حيث حققت تلك المبادرة نتائج كبيرة وعلى نطاق دولي واسع، ومكنت الدول النامية من استخدام تكنولوجيات الطاقة المتجددة، التي تؤدّي إلى خفض غازات الدفيئة والانبعاثات الكربونية الضارة، للحد من ظاهرة التغيّر المناخي. وإضافة إلى ذلك، فقد ساهم الصندوق في تمويل مبادرتيْن لدعم مشاريع الطاقة في دول جزر الباسيفيك وجزر الكاريبي بقيمة إجمالية بلغت 100 مليون دولار لتستفيد منها 27 دولة.
الحد من تأثيرات «الجائحة»
وللتخفيف من آثار جائحة فيروس «كورونا» وتأثيراتها على الأنشطة الاقتصادية في دولة الإمارات والدول النامية، أطلق صندوق أبوظبي للتنمية أيضاً عدة مبادرات، على الصعيد العالمي، حيث أسهم الصندوق ضمن تعهد «مجموعة التنسيق العربية» بتخصيص 10 مليارات دولار لمساعدة الدول النامية على التعافي من الركود الناجم عن تداعيات الجائحة، وتأثيراتها السلبية على مختلف القطاعات الاقتصادية، إضافة إلى إطلاق مبادرة ريادية تم بموجبها السماح بتأجيل سداد الديون المستحقة على الدول النامية المستفيدة من قروض الصندوق، خلال عام 2020. وتتماشى المبادرة مع موقف حكومة دولة الإمارات الداعم لقرار مجموعة العشرين (G20) الرامية إلى تعليق مدفوعات الديون المستحقة على البلدان النامية لمساعدتها على تلبية احتياجاتها التنموية، وتخفيف أعباء ديونها وتمكينها من معالجة تأثيرات «الجائحة» دون ضغوط مالية.
وعلى رغم التحديات التي فرضتها جائحة «كورونا» على الاقتصاد العالمي، فقد ساهم الصندوق أيضاً خلال عام 2020 بتمويل 12 مشروعاً تنموياً بقيمة إجمالية بلغت 2.8 مليار درهم، استفادت منها 10 دول نامية، وجاءت تلك التمويلات لتشكل نموذجاً فريداً في الوقوف إلى جانب الدول النامية ومساعدتها على تجاوز هذه التحديات، حيث ركزت التمويلات بشكل خاص على دعم أهم القطاعات الحيوية في تسريع التنمية كالطاقة المتجددة بمختلف مصادرها وقطاع النقل، والإسكان، والصحة، والزراعة وغير ذلك من قطاعات حيوية.
شراكات مهمة
ودخل صندوق أبوظبي للتنمية في العديد من الشراكات المهمة التي تساعده على تحقيق أهدافه التنموية، بالتعاون مع مؤسسات التمويل الإقليمية والعالمية، كما أسهمت هذه الشراكات في ترسيخ مكانته، وتحقيق رسالته التنموية كمؤسسة عالمية تعنى بالتنمية الاقتصادية محلياً ودولياً. وساهمت إنجازات الصندوق التنموية في تبوّء الإمارات المركز الأول عالمياً كأكبر مانح في حجم المساعدات العالمية على مدى خمس سنوات متتالية، وذلك حسب لجنة المساعدات الإنمائية التابعة لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية.
ويعمل الصندوق على تعزيز الشراكات الاقتصادية مع حكومات الدول النامية لتمويل مشاريع تنموية استراتيجية في قطاعات حيوية مختلفة، ويحرص على إدارة وتنفيذ تلك المشاريع بالتعاون مع حكومات الدول المستفيدة، وذلك لضمان إنجازها بكفاءة وفعالية عالية وفق الخطط الموضوعة لها. وتركزت مشاريع الصندوق على قطاعات رئيسة تساهم بشكل مباشر في تحقيق التنمية المستدامة مثل، التعليم، الإسكان، المياه والكهرباء، الزراعة، النقل والمواصلات، والصناعة إلى جانب قطاع الطاقة المتجددة.
مساعدات إنمائية
وكشفت بيانات أعلنتها لجنة المساعدات الإنمائية التابعة لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية عام 2017 أن دولة الإمارات حافظت للعام الخامس على التوالي على مكانتها ضمن أكبر المانحين الدوليين في مجال المساعدات التنموية الرسمية قياساً لدخلها القومي بنسبة 1.31%، وبما يقترب من ضعف النسبة العالمية المطلوبة 0.7% التي حددتها الأمم المتحدة كمقياس عالمي لقياس جهود الدول المانحة. وخلال عام 2017، بلغت القيمة الإجمالية لمدفوعات المساعدات الإنمائية الرسمية المقدمة من دولة الإمارات 19.32 مليار درهم بمعدل نمو 18.1% مقارنة بعام 2016، وتميزت المساعدات بأن أكثر من نصف قيمتها تمت على شكل منح لا ترد «بنسبة 54%»، وذلك دعماً للخطط التنموية التي تنفذها الدول المستفيدة. وبلغت قيمة المساعدات الخارجية التي قدمتها دولة الإمارات، خلال الفترة من 2010 وحتى 2021 نحو 206 مليارات و34 مليون درهم، لتواصل توفير الدعم التنموي والإنساني والخيري في عددٍ من الدول النامية، من بينها 50 من البلدان الأقل نمواً، بحسب تقرير صدر عن وزارة الخارجية والتعاون الدولي عام 2021.
دعم التنمية المستدامة
وبلغ الدعم الإماراتي لتحقيق أهداف خطة التنمية المستدامة التي وضعتها الجمعية العامة للأمم المتحدة في عام 2015، والممتدة على مدى 15 عاماً، 110 مليارات و467 مليون درهم، خلال الفترة ما بين عامي 2016 و2020. وحدد التقرير أعلى خمسة أهداف من أهداف الخطة التي حصلت على الدعم الإماراتي، فكانت كالتالي: الهدف الثامن المتعلق بـ«تحقيق النمو الاقتصادي، وتوفير فرص العمل اللائق»، والهدف السادس عشر المتعلق بـ«تشجيع إقامة مجتمعات مسالمة لا يُهّمش فيها أحد من أجل تحقيق التنمية المستدامة»، والهدف السابع عشر المعني بـ«إقامة الشراكات من أجل تحقيق الأهداف»، والهدف الأول المتعلق بـ«القضاء على الفقر»، والهدف الثالث «الصحة الجيدة والرفاه»، والتي شكّلت في مجموعها ما يقرب 75% من إجمالي الدعم المقدّم.