ترأست الإمارات العربية المتحدة، بالشراكة مع فرنسا وإيطاليا وقبرص، اجتماع مجلس الأمن، اليوم الأربعاء، بصيغة آريا حول حماية التراث الثقافي أثناء النزاع المسلح، انطلاقاً من اعتقاد دولة الإمارات الراسخ بأهمية التراث الثقافي باعتباره مرآة للهوية وتجسيداً لتاريخ الشعوب ومدخلاً نافذاً لنشر قيم التسامح والتعايش في إطار الإنسانية المشتركة.
وألقى السفير محمد أبوشهاب، نائب المندوبة الدائمة لدولة الإمارات لدى الأمم المتحدة، بيان الدولة والذي أكد أن تدمير التراث الثقافي أو تشويهه أو نهبه أثناء حالات النزاع المسلح له تداعيات خطيرة تهدد صنع وبناء واستدامة السلام، وهو الأمر الذي دفع مجلس الأمن لتبني قراره التاريخي 2347 الذي يقر بأن «التدمير غير المشروع للتراث الثقافي قد يؤدي إلى تأجيج النزاعات ومفاقمتها وعرقلة المصالحة الوطنية».

  • محمد أبوشهاب، نائب المندوبة الدائمة لدولة الإمارات لدى الأمم المتحدة

وأضاف أن «هذا القرار قد شدد على أن التدمير المتعمد للمباني الدينية والمعالم التاريخية في حالات النزاع، قد يشكل في ظروف معينة جريمة حرب، مما يستدعي الحفاظ على التراث الثقافي من أجل صون السلم والأمن الدوليين».
كانت دولة الإمارات قد وجهت اهتمامها طوال السنوات الماضية نحو رعاية البرامج التي من شأنها الحفاظ على التراث الثقافي، فاستضافت بالشراكة مع فرنسا المؤتمر الدولي للحفاظ على التراث الثقافي المهدد في ديسمبر 2016، والذي نتج عنه إعلان أبوظبي، حيث التزمت 40 دولة ومنظمة دولية بدعم إنشاء ملاذاتٍ آمنة للتراث الثقافي المعرض للتهديد في حالات النزاع.
وأطلقت دولة الإمارات مع فرنسا كذلك صندوق التحالف الدولي لحماية التراث في مناطق النزاع (ألف) في عام 2017، والذي دعم حتى الآن مبادرات لحماية التراث الثقافي بقيمة 50 مليون دولار أميركي في أكثر من 30 دولة.
وتعاونت دولة الإمارات مع اليونيسكو والاتحاد الأوروبي في المشروع العالمي لـ «إحياء روح الموصل»، لإعادة إعمار هذه المدينة التاريخية العريقة.
كان الاجتماع قد استعرض التقدم الذي تحقق بتنفيذ القرار 2347، بما شمل التطورات في طبيعة النزاعات المسلحة والمتصاعدة حول العالم، بما يستدعي الاستمرار في تقييم الأساليب المعتمدة لحماية التراث الثقافي، وأهمية دوره في بناء مجتمعات سلمية، ومنع استغلاله من قبل الجماعات الإرهابية كأداة للتمويل أو نشر التعصب والكراهية، والتركيز على استعادة هذا التراث وإعادة إعماره ضمن جهود بناء السلام واستدامته، وإشراك المجتمعات المحلية من خلال تعزيز وعيها حول أهميته ودوره في صون السلم والأمن.
وأكدت دولة الإمارات أهمية حماية هذا الإرث الإنساني من أي استخدام مسيء له وبشكل خاص من قبل الجماعات الإرهابية والمسلحة، ورحبت بالمزيد من الفرص لتبادل الأفكار النيرة حول سبل تحقيق ذلك.

خلال الاجتماع، استمع المجلس إلى إحاطة كل من السيدة أودري أزولاي، المديرة العامة لليونيسكو، والجنرال فينسينزو مولينيز، قائد قيادة الكارابينيري لحماية التراث الثقافي، والسيد عمر الطويل، منسق موقع اليونسكو لمبادرة «إحياء روح الموصل».
وأوضحت السيدة أزولاي في إحاطتها أن حماية التراث الثقافي لا بد وأن تكون جانباً أساسياً من جوانب عمليات حفظ السلام. وسلطت الضوء على جهود اليونيسكو في الحفاظ على التراث الثقافي في أوكرانيا واليمن والعراق. واقترحت آلية لتقديم تقارير منتظمة للمجلس في هذا الشأن.
من جهته، ركز الجنرال مولينيز في إحاطته على جهود وحدة الكارابينيري بشأن موضوع استعادة القطع الأثرية التي صُودرت بطرق غير شرعية، وذلك من خلال الدبلوماسية الثقافية، وأشار إلى أن الثقافة هي منفعة عامة وعالمية.
بدوره، قدم عمر الطويل مناقشة متعمقة حول تاريخ الموصل في العراق، مستعرضاً هجمات تنظيم داعش الإرهابي بين عامي 2014 و2017 والتي تضمنت تدمير معالم أثرية مهمة مثل قبر النبي يونس، وهو موقع مقدس لأتباع الديانات الإبراهيمية الثلاث.
وأشار إلى عمليات إعادة إعمار التراث التي يشرف عليها شخصياً في الموصل من خلال مبادرة «إحياء روح الموصل»، والتي تعد أداة رئيسية لتمكين السكان باعتبارهم وكلاء للتغيير ومشاركين في إعادة بناء المدينة من خلال الثقافة والتعليم وتطوير مهارات الشباب عن طريق الخبرة الدولية في هذا المجال.