هدى الطنيجي (رأس الخيمة)
أصبح التسويق الإلكتروني الطريق الأسرع والأسهل للترويج لمختلف السلع والمنتجات بين المستهلكين بالنسبة للتجار على اختلافهم، الأمر الذي دعا تجار المخدرات والمواد الممنوعة إلى السير على الطريق نفسه، من خلال نشر رسائل نصية أو مقطع تسجيل عبر تطبيق الهاتف «الواتس آب» تحتوي على صور أصناف العقاقير والمواد المخدرة، مع سهولة توصيلها إلى عتبات المنزل بعد تحويل المبالغ المالية في الحساب البنكي.  تصل هذه السموم إلى داخل حدود المنازل بكل سهولة عبر هواتف الأطفال والمراهقين والشباب، وقد يتجه البعض نحو الإبلاغ عنها، أما الآخر، فقد يقع ضحية هؤلاء المجرمين، ممن يشكلون خطراً كبيراً قد يفتك بهم، ويهدد أمن واستقرار الأسر والمجتمع. 
مطالبات ودعوات إلى زيادة الرقابة الأسرية، ورفع سقف مستوى الثقافة والوعي لدى الأبناء وجيل الشباب تحديداً، من قبل الأسرة، وجهود المؤسسات المختصة في تنظيم البرامج والمبادرات عن مخاطر الآفة والسموم التي يتم الترويج لها عبر مختلف القنوات في سبيل تحصين المجتمع. 
أرقام غريبة 
وقالت خديجة علي، ربة أسرة: إن آفة ترويج المخدرات إلكترونيا تنتشر عبر استلام أجهزة الهاتف رسائل نصية، من خلال تطبيق «الواتس آب» من أرقام غريبة غير موثوقة من خارج الدولة تحتوي على صور لمواد مخدرة من أصناف مختلفة، وأسعارها مع خدمة التوصيل والحساب البنكي لإرسال المبالغ المالية، والبعض يحتوي على تسجيل صوتي للترويج لهذه الأصناف.
وذكرت أن هذه الطريقة التي يتبعها مروجو المخدرات باتت سهلة وسريعة، تصل بضغطة زر إلى داخل المنازل وبين أيدي الأبناء، بهدف نشر السموم تحقيقاً للأرباح المالية دون الاكتراث لما تخلفه الآفة من تدمير حياة الفرد وأسرته؛ لذا وجب العمل على زيادة تثقيف الأبناء من قبل الأسر ودعم جهود الدولة في التصدي لها عبر بيان الجوانب الخطرة للمخدرات التي تهدد التماسك الأسري والمجتمعي.
لم تختلف معها في الرأي، مريم الشحي «ربة أسرة» التي ذكرت أن التوعية مطلوبة، بجانب الجهود التي تقدمها الجهات الأمنية المعنية بالتصدي وملاحقة مروجي وتجار المخدرات على أرض الواقع، وهذا التوجه الحديث السهل الذي يستهدف الشباب عبر الأجهزة الحديثة، وأشادت بجهود الجهات المعنية في دولة الإمارات، متمثلة بمحاصرة مروجي هذه السموم ورصدهم عبر تخصيص أرقام لتلقي البلاغات والدعوة إلى عدم التعامل معهم للوصول إليهم واتخاذ الإجراء المتبع بحقهم.
وأكدت أن هناك العديد من الأسر ممن استقبلت هواتف أبنائهم تلك الرسائل، أعربوا عن قلقهم الشديد من هذه الآفة التي تتطلب تكاتف جهود كافة الجهات، بمن فيهم الأسر والمؤسسات التعليمية لبيان مخاطرها، وحماية أفراد المجتمع من الوقوع في براثن المخدرات.
دوريات إلكترونية 
من جانبها، دعت القيادة العامة لشرطة رأس الخيمة أفراد المجتمع لعدم التجاوب أو التعامل مع الرسائل الواردة من خارج الدولة من أشخاص مجهولين وضرورة الإبلاغ عنها عبر الاتصال بالأرقام المخصصة لهذه البلاغات.

وقال العقيد إبراهيم جاسم الطنيجي مدير إدارة مكافحة المخدرات في شرطة رأس الخيمة: إن ظاهرة تسلم أفراد المجتمع للرسائل المروجة لبيع المواد المخدرة، عبر مواقع التواصل الاجتماعي والرسائل النصية من خلال «الواتس آب»، يتوجب عليهم التواصل المباشر مع الأرقام المخصصة لهذه الخدمة، حيث تم تخصيص فريق عمل لاستقبال المكالمات المعنية بهذا الجانب وتلقي البيانات والمعلومات، وهو 0564271119، بهدف التعامل مع المعلومات والبيانات كافة الواردة بسرية تامة. 
 ولفت إلى أن الإدارة أطلقت مبادرة تتمثل في تشكيل فريق عمل لرصد المواقع الإلكترونية، بعد تسلم أفراد المجتمع المعلومات المرسلة من قبل المروجين، والتواصل مع الفريق المعني عبر الأرقام المخصصة، مع إرسال صورة المحادثة ورقم المرسل ورقم الحساب البنكي إن وجد، ويتم تحليل البيانات والمعلومات ومخاطبة الجهة المختصة في وزارة الداخلية لاتخاذ الإجراءات اللازمة.
وأشار إلى أن الإدارة تمكنت خلال الفترة الماضية من رصد أكثر من 250 موقعاً، وذلك عبر فريق الدوريات الإلكترونية التابعة إلى شرطة رأس الخيمة، ضمن إطار الجهود الكبيرة التي تبذلها في جانب تتبع مروجي المواد المخدرة بين شرائح المجتمع، والعمل على الإطاحة بهم خاصة في ظل انتشار استخدام وسائل التكنولوجيا والانفتاح والتطور والتواصل، حيث أصبح ضعاف النفوس قادرين وبضغطة زر على تنفيذ عمليات الترويج لمختلف المنتجات وإيصال المنتجات عند عتبة المنازل.

توعية الجمهور
قال العقيد إبراهيم جاسم الطنيجي: إن دور الجهات الشرطية في توعية الجمهور يتمثل في عقد المحاضرات الموجهة إلى كافة شرائح المجتمع، وورش عمل وتنظيم المعارض في اليوم العالمي لمكافحة المخدرات، بالإضافة إلى إرسال الرسائل النصية التوعوية حول أضرار المخدرات وكيفية الوقاية منها ومكافحتها بشكل دوري.
وأضاف: نعمل كذلك على نشر التوعية عبر مختلف قنوات ومواقع التواصل الاجتماعي التابعة إلى شرطة رأس الخيمة، والتركيز على نشر محتوى ومعلومات «دليل الوالدين للوقاية من المخدرات»، الذي يتضمن على البرنامج الوطني للوقاية من المخدرات «سراج» واستراتيجية البرنامج والمواد المخدرة ومسببات ومؤشرات تعاطي المواد المخدرة وعوامل الحماية والخطورة ودور الوالدين في وقاية أبنائهم منها والقانون الاتحادي بشأن مكافحة المواد المخدرة وخدمات العلاج والتأهيل، بالإضافة إلى نشر «دليل الوالدين في البيئة المدرسية».
وأشار إلى أن الإدارة أطلقت حملات توعية لمكافحة المخدرات، وذلك من خلال مبادرة «التوعية الإلكترونية» العام الماضي ومبادرة «كلنا نكافح» خلال العام الحالي، بالإضافة إلى نشر التوعية الإلكترونية الدورية من خلال أنشطة ومهام فرع التوعية والرعاية اللاحقة.
وذكر أن أعداد المستفيدين من برامج وحملات التوعية التي تطلقها الإدارة بشأن أضرار المخدرات ومحاربة هذه الآفة، في تزايد مستمر، وتغطي شرائح المجتمع كافة وبلغات عدة، حيث بلغ عدد المستفيدين  منذ بداية عام 2022 ولغاية شهر نوفمبر الماضي نحو 200 ألف مستفيد، وما زال العدد في تزايد لتواصل أنشطة وفعاليات نشر برامج حملات التوعية والتثقيف.

طلبة المدارس
أكد المحامي سالم الكيت ضرورة زيادة مستوى الوعي والتثقيف لدى فئة طلبة المدارس بمخاطر المخدرات من خلال بث رسائل التوعية داخل أسوار المؤسسات التعليمية وعرض نماذج عن ضحايا هذه الآفة التي تسببت في تدمير وهدم مستقبلهم، مؤكداً أهمية تضافر كافة الجهات والجهود حفاظاً على الأبناء والأسر والمجتمع.
قوانين وتشريعات
دعا المحامي سالم الكيت أولياء الأمور إلى تكثيف الرقابة على أبنائهم من مختلف المراحل العمرية، ممن قد تستقبل أجهزتهم الذكية وحسابات التواصل الاجتماعي الخاصة بهم  رسائل ودردشات من تجار ومروجي المواد المخدرة. وقال: شهدت الآونة الأخيرة زيادة استقبال أجهزة الهاتف والمواقع الإلكترونية رسائل الترويج عن أصناف المخدرات بكل سهولة عبر إرسال الصور ومقاطع الفيديو والأصناف، بالإضافة إلى رقم الحساب البنكي لتحويل المبالغ المالية، الأمر الذي يتطلب إجراءات صارمة تدعم الدور القانوني الذي تقوم به دولة الإمارات للتصدي لهذه الآفة عبر سن القوانين والتشريعات لمكافحة والحد من المخدرات التي يعود ضررها على الأفراد والمجتمع. وذكر أنه في ظل الانتشار الواسع للأجهزة الحديثة وتقنيات التكنولوجيا والوسائل المتطورة في عمليات التواصل، التي أصبحت في متناول كافة شرائح المجتمع، يجب زيادة برامج التوعية والتثقيف خاصة بالنسبة لفئة الشباب وطلاب المؤسسات التعليمية ممن تصلهم المواد المخدرة إلى منازلهم وقد ينجرون وراءها إذا غاب جانب التوعية المتعلق ببيان مخاطرها، الأمر الذي يستدعي الرقابة المستمرة من أولياء الأمور حول الرسائل النصية والإلكترونية التي تصل إلى أبنائهم والمجهولة خاصة القادمة من خارج الدولة. 
غرامة بين 500 ألف ومليون درهم 
ذكر المحامي سالم الكيت أن عقوبة نشر معلومات على الشبكة المعلوماتية للاتجار أو الترويج عن المخدرات، طبقاً للمادة 31 من المرسوم بقانون اتحادي رقم 34 لسنة 2021، في شأن مكافحة الشائعات والجرائم الإلكترونية، فإنه يعاقب بالسجن المؤقت والغرامة التي لا تقل عن 500 ألف درهم، ولا تزيد على مليون درهم، أو بإحدى هاتين العقوبتين، كل من أنشأ أو أدار موقعاً إلكترونياً أو أشرف عليه أو نشر معلومات على الشبكة المعلوماتية، أو إحدى وسائل تقنية المعلومات، للاتجار أو الترويج عن المخدرات أو المؤثرات العقلية، وما في حكمها، أو كيفية تعاطيها أو لتسهيل التعامل فيها في غير الأحوال المصرح بها قانوناً.