لمياء الهرمودي (الشارقة)
أكد عدد من الخبراء والمختصين في مجال التربية الخاصة، أن العلاج بالفن والموسيقى يعد من أحدث العلاجات التي أثبتت فاعليتها عند المتلقين من المصابين بالمتلازمات وأطياف التوحد، والإعاقات الأخرى، داعين إلى ضرورة تطبيق هذا النوع من العلاج على مستوى الوطن العربي.

وقالت الدكتورة رحاب جبيلي، أستاذة جامعية في المعهد العالي للتربية الخاصة في تونس ورئيسة مؤسسة الجمعية الوطنية للعلاج بالموسيقى وعضوة الهيئة العالمية للعلاج بالموسيقى: «أثبتت الدراسات العلمية أهمية الموسيقى والفنون للتعهد بأصحاب الهمم، وبالأخص المصابين بمتلازمة (وليم)، والمتلازمات النادرة الأخرى، إذ إنها تساعد على تحفيز المصابين، وإعطاء الثقة في النفس وتطوير القدرات المعرفية، والاجتماعية للانسجام في المجتمع».
وأشارت إلى أن هناك عدداً من التقنيات التي تستخدم في جلسات العلاج بالموسيقى، منها الجانب التطبيقي والجانب النشيط، بحيث يكون المتلقي هو العنصر النشيط من خلال العزف والغناء، واستخدام الآلات المختلفة، إذ يكون الفاعل في الجلسة، كما يمكن أيضاً أن يكون صاحب الإعاقة في الجلسة هو المتلقي من خلال الاستماع، والتعبير عن أثر الموسيقى عليه، فضلاً عن استخدام الموسيقى كوسيط تعليمي وتربوي لتعليم الحروف وأيام الأسبوع، والفصول، فالعلاج بالموسيقى يسهم بشكل كبير في تعديل السلوك، وتحفيز السلوك الإيجابي عند أصحاب الهمم.
وأكدت أن العلاج بالموسيقى له أثر إيجابي كبير وفعال في تحسين جودة الحياة، بالإضافة إلى جودة حياة العاملين في المجال في الوقت ذاته، من خلال التحفيز، وتحسين طريقة التعليم، وأن العلاج بالموسيقى أصبح ضرورة خاصة بعد جائحة «كوفيد 19»، إذ إنه يسهم في العلاج النفسي بشكل كبير؛ لذك نرجو ونتمنى أن يتم تعميمه في أرجاء الوطن العربي.

من جهتها، قالت الدكتورة صفاء غرسلي، مختصة في العلوم الثقافية وفي العلاج بالفنون الإبداعية: «العلاج بالفنون الإبداعية ينقسم إلى أربعة تخصصات، منها العلاج بالموسيقى، والرقص الحركي، والفنون التشكيلية والعلاج بالدراما والتقنيات المسرحية، ويعتبر العلاج بالدراما فعالاً لذوي طيف التوحد، والذين يعانون فرط الحركة وتشتت الانتباه، فهو يسهم في موازنة الطاقة الإضافية من خلال استخدام التمارين المسرحية والدرامية كالارتجال والصوت والحركة، وهيئة الجسد، لنحافظ على التركيز، كما يمكن إعطاء الطفل أدوات وحركات يقوم باستخدامها في حالة شعوره بحالة من التهيج أو الحماس الزائد».
وأكدت أن أغلب العلاجات المستخدمة في المسرح تكون لإدراك الرفاه النفسي وتقبل الذات وتعزيز الثقة بالنفس، مشيرة إلى أن هناك طرقاً وسبلاً عديدة في مجال العلاج بالفن، وجميعها يعتمد على مسألة تطوير التكامل الحسي للأطفال المصابين بالإعاقات.
 وأشارت إلى أن الأطفال المصابين بالتوحد استفادوا بشكل كبير من هذا النوع من العلاجات، حيث بلغت نسبة التجاوب مع التمارين الدرامية 82.6%، وقالت: شهدنا تطوراً واضحاً في التواصل البصري والحسي، واللفظي بعد تطبيق هذا النوع من العلاج على الأطفال المصابين، ولاحظنا التطور من خلال ارتفاع نسبة التركيز عند الأطفال وضبط السلوك.

علاج المتلازمات
قالت سوسن أبو العينين، معلمة أولى في مدينة الشارقة للخدمات الإنسانية: «للموسيقى أثر واضح في علاج المتلازمات النادرة؛ فهي تساعد على تحسين وتطوير القدرات العقلية والجسدية العامة، وتنمية مهارات التواصل الاستقلال والوعي الذاتي، كما أن العلاج بالموسيقى يعمل على تحفيز المهارات، وزيادة نسبة التركيز والانتباه عند ذوي الإعاقة». وقالت: «نرى تفاعلاً واضحاً من أصحاب الهمم مع جلسات العلاج بالموسيقى، كما نشهد ارتفاع مستوى الإبداع والابتكار لدى المتلقين لهذا النوع من العلاج، بالإضافة إلى الاستمتاع بالتعلم والتعليم خلال الجلسة، إذ إن هذا النوع من العلاجات يسهم بشكل كبير في تحسين الحالة المزاجية، والسيطرة على القلق والتوتر، كما يمكن من خلاله أن يقوم الطفل من أصحاب الهمم  بالتعبير عن المشاعر والأحاسيس التي يشعر بها».
وأكدت أبو العينين أن جلسات العلاج بالموسيقى أثبتت نجاحها وفعاليتها سواء على المدى القصير أو الطويل من الخطة التربوية العلاجية الفردية الموضوعة للطالب من أصحاب الهمم، وجميع تلك الخطط لاقت نجاحاً كبيراً؛ لذلك نوصي بتضمين العلاج بالموسيقى في تدريس وعلاج الأشخاص من ذوي الإعاقة، ووضعه ضمن الأساليب الرئيسية المتبعة، والتي تسهم في عملية التحفيز والتطوير النفسي والجسدي.