قالت الهيئة العامة للمعاشات والتأمينات الاجتماعية إن التقاعد لا يعني التخلي عن الحياة المهنية، وإنما استكمالها بطريقة أقل ضغطاً، في ظل نمط حياة أكثر تحرراً من الالتزامات الوظيفية، كالحضور والانصراف والاستمرار في العمل لساعات محددة يومياً، فضلاً عن تلاشي الضغوط المرتبطة ببعض الأعمال التي يصاحبها حالات من التوتر النفسي.
وأكدت الهيئة - في إطار حملتها للتخطيط الاستباقي لمرحلة ما بعد التقاعد " كن مستعداً " - أن استكمال الحياة المهنية ليس خياراً إذا ما أراد المؤمن عليه أن يهنأ بحياة خالية من المتاعب المادية أو الفراغ الذاتي والاجتماعي، وهذه الحياة المهنية لها متطلبات أهمها استثمار المهارات الوظيفية وتطوير بعض المهارات الجديدة أثناء وجود المؤمن عليه على رأس عمله، بحيث أنه وبعد انتهاء خدمته، يستطيع أن يخلق له مساراً إما مكملاً لنفس مساره المهني أو جديدا كلياً نتيجة المهارات الجديدة المكتسبة أثناء رحلة العمل.
ولفتت الهيئة إلى أن القرارات المهنية التي يتخذها المؤمن عليه بعد التقاعد تتعلق بأسلوب الحياة الذي يختاره ومعرفة ما هو أكثر منطقية بالنسبة لمستقبله، مشيرة إلى أن هذه المرحلة تتطلب الكثير من التجارب والاستشارات المالية للوصول إلى الصيغة الأمثل للأعمال التي قد تكون هدفاً للمؤمن عليه في مرحلة ما بعد التقاعد، وخلال هذه المرحلة سيتبنى المؤمن عليه سلسلة من التجارب تقوده إلى اتخاذ قرارات أكثر استنارة، ومن ثم تحقيق الأفضل باعتبار أن التجربة هي خير دليل وبرهان.
ونوهت الهيئة إلى أنه لا ينبغي على المؤمن عليه أن ينظر إلى فترة ما بعد التقاعد ككتلة زمنية واحدة ويضع لها خططا طويلة الأجل، وإنما الأفضل أن يبدأ بوضع خطط قصيرة المدى ويبدأ تنفيذ كل خطة خطوة بخطوة، بحيث أنه إذا نجح في تحقيق خطوة انتقل إلى ما يليها، حيث إن من شأن ذلك أن يعزز لديه الثقة بالنفس، ويخلق المزيد من الدوافع والحوافز لاستكمال بقية الخطوات حتى تنفيذ الخطة بكاملها.
وقالت الهيئة إن الدراسات والأبحاث الخاصة بإدارة المشاريع تشير إلى أن أفضل بداية في مجال الأعمال يكون في المشاريع التي لا تتطلب رأس مال كبير، فمن جهة سيحتفظ المؤمن عليه بمبلغ من عملية الادخار التي تمت وهو على رأس عمله، وفي الوقت نفسه سيقوم بافتتاح مشروعه الخاص بمبلغ مناسب، وفي الوقت نفسه خصص جزءاً من المال لحالات الطوارئ، والهدف من ذلك هو تقليل نسب المخاطر المحتملة في هذه المرحلة المهمة من بداية عملية الاستثمار.
وينبغي على المؤمن عليه خلال الفترة الأولى من بدء مشروعه التحلي بالصبر والأمل، والابتعاد عن أي أجواء تسبب له الإحباط أو اليأس وعليه أن يتفهم أن طبيعة هذه المرحلة قد تتطلب إجراء بعض التغييرات السريعة عند اكتشاف أي انحراف يتطلب إجراء إصلاحات معينة إما على طبيعة المشروع أو طريقة الترويج أو التسويق أو الإدارة.
وأكدت الهيئة أن عملية الترويج للخدمة أو المنتج جزء لا يقل أهمية عن جودة المنتج، وهذا الترويج لا يعني فقط التسويق للمنتج وإنما الاهتمام بكافة العمليات التي تتم حتى وصول المنتج إلى يد المستهلك، وعلى سبيل المثال متابعة عمليات ما بعد البيع للتأكد من رضا المتعامل عن الخدمة أو المنتج، كما أن الاستماع لملاحظات المتعامل أمر في غاية الأهمية، نظراً لأن هذه الآراء ربما تفرض ضرورة لإحداث تغيير ما في استراتيجية الترويج للمنتج أو حتى طبيعة الخدمة أو المنتج ذاته.
ونوهت الهيئة إلى أمر مهم في إدارة المشاريع، وهو فن إدارة العلاقات مع الشركاء، فالكثير من الأعمال قد يكون السبيل إلى إنجازها بناء علاقة صحية مع الشركاء من أجل الحصول على التسهيلات اللازمة لإنجاز الخدمات، فمثل هذه العلاقات تساهم في تخليص المعاملات في وقت قياسي وبطريقة أسهل عما لو تم العمل عليها بطرق تقليدية، مع التأكيد على شرعية هذه الإجراءات وألا تكون خارج إطار القانون.