سامي عبد الرؤوف (دبي)
احتفت وزارة الصحة ووقاية المجتمع بمرور 16 عاماً على نيل دولة الإمارات العربية المتحدة إشهار منظمة الصحة العالمية بتخلص الإمارات النهائي من مرض الملاريا عام 2007، مع استمرارية الدولة في تطوير استراتيجيات وقائية من الملاريا تضمن حماية صحة أفراد المجتمع بوصفها من أوائل الدول في إقليم شرق المتوسط التي أعلنت خلوها من هذا المرض. 
وأعلنت الوزارة، أن الاحتفال باليوم العالمي لمكافحة مرض الملاريا يتزامن هذا العام مع إشادة المنظمات الصحية الدولية بدعم صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة «حفظه الله» للجهود العالمية لمكافحة الملاريا، ومنها دعم منظمة «لا ملاريا بعد اليوم» ومبادرة «بلوغ الميل الأخير»، والتي تأتي في سياق المبادرات الإنسانية التي قدمتها الإمارات خلال الأعوام الماضية لصالح التحالف العالمي للقاحات والتحصين (GAVI) وبرنامج «شراكة دحر الملاريا» في تعزيز البرامج الصحية والعلاجية.
وتواصل دولة الإمارات العمل بالتعاون مع أبرز الشركاء والمؤسسات المتخصصة في مجال الصحة العالمية، وذلك من خلال إطلاق شراكات هادفة يكون لها تأثير حقيقي وملموس في مساعدة المجتمعات. 
ويأتي احتفاء وزارة الصحة ووقاية المجتمع بـ«اليوم العالمي لمكافحة مرض الملاريا» الذي يُصادف في 25 أبريل من كل عام، هذا العام تحت شعار «استخدام الابتكار لتخفيف عبء الملاريا وإنقاذ الأرواح»، وفي إطار جهودها لتسليط الضوء على إنجازات ومبادرات الدولة الداعمة للجهود الدولية الرامية للحد من حالات حدوث الملاريا بنسبة90 % بحلول عام 2030. 
ترصد وبائي
وأشارت الوزارة الصحة إلى أنها ترتكز في مواجهتها لمرض الملاريا على استراتيجية فعالة بالتعاون مع الجهات الصحية لمنع وفادة الملاريا إلى الدولة، مع وجود برنامج ذي كفاءة عالية للترصد الوبائي مستندة إلى القانون الاتحادي رقم 14 لسنة 2014 في شأن مكافحة الأمراض السارية وفق اللوائح الصحية الدولية، وكذلك تقصي الحشرات ومكافحتها والتعاون مع الدول المجاورة في هذا المجال.
وجدّدت الوزارة التزامها وحرصها الدؤوب على مواصلة جهودها للمحافظة على خلو الدولة من مرض الملاريا، من خلال التنفيذ المحكم لخطة ما بعد الإشهار، واستكمال تأهيل وتدريب الكوادر المتخصصة وتعزيز أنشطة مكافحة البعوض الناقل للمرض. 
وتعد الملاريا إحدى أقدم الأمراض وأكثرها فتكاً في العالم، والتي تطيل دورة الفقر في العديد من المجتمعات والدول وتدمر العائلات.
ويعد الملاريا مرضا فتّاك تسبّبه طفيليات تنتقل إلى البشر عن طريق لدغات أنثى بعوض الأنوفيلة الحاملة للعدوى، وهو مرض يُمكن الوقاية منه والشفاء منه. 
وبلغ عدد حالات الإصابة بالملاريا 247 مليون حالة على نطاق العالم في عام 2021 حسب التقديرات. وتحدد الاستراتيجية التقنية العالمية بشأن الملاريا للفترة 2016-2030 الصادرة عن منظمة الصحة العالمية، غايات عالمية طموحة وقابلة للتحقيق، منها الحد من معدلات الإصابة بالملاريا بنسبة 90% والقضاء على المرض في 35 بلداً بحلول عام 2030. 
منظومة متكاملة 
وأكدت مؤسسة الإمارات للخدمات الصحية، تطبيق استراتيجية فعالة ومتكاملة في حماية ومكافحة الأمراض السارية ومن بينها مرض الملاريا، وفق اللوائح الصحية الدولية للسيطرة على الأمراض السارية من خلال كفاءة النظام الصحي وبرنامج الترصد الوبائي الذي يشكل صمام أمان لاكتشاف الحالات الوافدة للدولة ومعالجتها، وتوفير التثقيف الصحي والأدوية الوقائية للملاريا. 
وأوضحت انه لمنع حدوث حالات إصابة يتم التركيز على: الكشف المبكر والتبليغ عن جميع حالات الاشتباه لتشخيصها، والمعالجة الحشرية المتكاملة شاملة التقصي الحشري والمكافحة الحشرية مما جعل الدولة تحافظ على وضعها خالية من المرض.

وقال الدكتور يوسف الطير، مدير مستشفى عبيد الله في رأس الخيمة التابعة لمؤسسة الإمارات للخدمات الصحية: «القضاء على الملاريا نموذج لنجاح الإمارات بمكافحة الأمراض المعدية محلياً ودولياً». 
وأضاف: «تسهم مؤسسة الإمارات للخدمات الصحية في جهود الصحة العامة وخلو الدولة من الملاريا، من خلال تبني منظومة متكاملة، وترتكز على التعاون مع الجهات الصحية والمحلية لاكتشاف أي نوع من البعوض المسبب للمرض». 
وأشار إلى أن هذه المنظومة تتضمن التقصي عن أماكن تكاثر البعوض للقضاء على دورة الملاريا باستخدام المبيدات الحشرية، كما يتم التعامل مع أي حالة اشتباه للإصابة بالمرض، حيث يتم فحصها وإبلاغ إدارة الصحة العامة بالمؤسسة، ويتم إرسال فريق لفحص المخالطين لحالة الاشتباه. 
ولفت إلى أنه يتم عمل الفحوصات اللازمة لحالات الاشتباه أو المخالطين ورش المبيدات للقضاء على البعوض كإجراء احترازي، مشيراً إلى أن المستشفيات التابعة لمؤسسة الإمارات للخدمات الصحية تقوم بالتوعية والتثقيف عن المرض وأنواع الملاريا وأضرارها وأهمية الحفاظ على البيئة من البعوض. 
وذكر أن هناك نظاماً إلكترونياً للإبلاغ عن حالات الاشتباه بالملاريا، ويتم التنبيه على أقسام الطوارئ بالمستشفيات بضرورة التنبيه والإبلاغ في حالة وجود حالة اشتباه بالملاريا، موضحاً أنه يتم توفير أدوية الملاريا في صيدليات مستشفيات المؤسسة والبالغ عددها 16 مستشفى في 6 إمارات. 
محلياً وعالمياً
تقوم استراتيجية دولة الإمارات في هذا المجال على معالجة الحالات ومكافحة الحشرة الناقلة للمرض وتدريب العاملين والبحوث الإجرائية، وتركز على المعالجة المتكاملة للنواقل الحشرية للأمراض وذلك لتحسين الكفاءة والفاعلية من حيث التكلفة والاستدامة للوصول للهدف النهائي المتمثل في منع الأمراض التي تنقلها الحشرات. ورغم خلو الدولة من مرض الملاريا لا تتوقف جهود الدولة لمنع عودة سريان المرض داخل الدولة واستمرار خلوها من المرض، ومساند دعوة منظمة الصحة العالمية لتسريع التقدم نحو تحقيق الأهداف العالمية لمكافحة الملاريا برؤية عالمية مشتركة. 
وتفتخر الإمارات بأن جهودها انتقلت إلى المستوى العالمي لمواجهة المرض، ولم تتوانَ عن تقديم العون والدعم في هذه القضية الإنسانية العالمية، حيث أسهمت بدعم مالي على مدى سنوات متواصلة في برنامج «شراكة دحر الملاريا» وعياً من قيادتها الحكيمة بأهمية تسريع وتيرة مواجهة المرض وتوفير الاستثمارات الكفيلة بتطوير أدوات جديدة في سبيل القضاء على الملاريا. 
وتشهد الجهود المبذولة نحو القضاء على مرض الملاريا تقدماً ملحوظاً في النتائج المرجوة، حيث أظهر تقرير الملاريا العالمي لعام 2021 تسجيل 35 دولة موبوءة أقل من 1000 حالة إصابة جديدة بالملاريا، فيما تراجعت أعداد الوفيات المرتبطة بالملاريا في خمس من البلدان الأكثر تأثراً بالمرض، وتشير هذه النجاحات المحققة في محاربة الملاريا إلى أن استخدام الأدوات المناسبة وتوجيه التمويلات كفيل بإنقاذ الكثير من الأرواح.