أصدر مجلس الإمارات للإفتاء الشرعي بيانا بشأن الحكم إذا وافق العيد يوم جمعة، مشيرا إلى أن مسألة إقامة صلاة الجمعة إذا وافقت يوم العيد مسألةٌ خلافيةٌ بين العلماء، والذي يُفتي به مجلس الإمارات للإفتاء الشرعي هو إقامة كلٍّ منهما في وقتها ووفق سنتها.
وفيما يلي نص البيان:
"بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله ربِّ العالمين، وأفضل الصلاة وأتمُّ التسليم، على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين. وبعد: فبما أنَّ لجنة تحري هلال عيد الفطر ستجتمع، بإذن الله تعالى، مع غروب شمس يوم الخميس 29 رمضان 1444هـ والموافق 20 أبريل 2023م، وذلك لتحري هلال شهر شوال؛ فإنَّه من المتوقع أن يكون يوم الجمعة الموافق 21 أبريل 2023م هو يوم عيد الفطر. وقد رجحت ذلك الدراسات العلمية التي قامت بها المراصد الفلكية المعتمدة.
وإنَّ مجلس الإمارات للإفتاء الشرعي وانطلاقًا من مهامه واختصاصاته التي أناطتها به القيادة الرشيدة في الدولة، واستجابةً لسؤال معظم النَّاس عن حكم صلاة الجمعة إذا اجتمع العيد والجمعة في يوم واحد، أصدر المجلس البيان الآتي:
أولاً: نسأل الله تعالى أن يبارك لنا فيما تبقى من شهر رمضان المبارك، وأن يعيننا فيه على الصيام والقيام وصالح الأعمال، وأن يوفقنا لقيام ليلة القدر إيمانًا واحتسابًا، وأن يجعلنا من عباده المقبولين.
ثانيًا: إنَّ مسألة إقامة صلاة الجمعة إذا وافقت يوم العيد مسألةٌ خلافيةٌ بين العلماء، والذي يُفتي به مجلس الإمارات للإفتاء الشرعي إقامة كلٍّ منهما في وقتها ووفق سنتها؛ وذلك للأدلة الشرعية الآتية:
1. قول الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِن يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَىٰ ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ۚ ذَٰلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُون) [الجمعة: 9]. ووجه الاستدلال أنَّ الآية قد أمرت بالسعي للجمعة عند النداء لها، وهي عامة في جميع الأيام، ولا يجوز تخصيصها إلا بدليل صالح لأن يخصص به عموم هذا النص القطعي، والأدلة الواردة في إسقاط الجمعة عمن صلى العيد جميعها ظنية الثبوت ظنية الدلالة.
2. عن النعمان بن بشير رضي الله عنه قال: "كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يقْرَأُ فِي الْعِيدَيْنِ وَفِي الْجُمُعَةِ بِسَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى وَهَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ؛ قَالَ: وَإِذَا اجْتَمَعَ الْعِيدُ وَالْجُمُعَةُ فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ يَقْرَأُ بِهِمَا أَيْضًا فِي الصَّلَاتَيْنِ". وهذا نص على أن الرسول ﷺ كان ملتزمًا بالصلاتين يصلي كلا منهما في وقتها، ولم يرد عنه إطلاقًا أنَّه لم يصلِ الجمعة لأنَّه قام بصلاة العيد.
3. إنَّ صلاة الجمعة هي من أعظم فرائض الإسلام، وهي الصلاة الوحيدة التي أجمع العلماء على أنَّ حضورها جماعةً فرض عين على المكلف بها إذا لم يكن له عذر يبيح له التخلف عنها. أمَّا صلاة العيد، فحكمها عند أهل العلم دائر بين السنية والوجوب العيني أو الكفائي. ومن القواعد الفقهية المقررة شرعًا أنَّ الفرض لا يسقط بما هو أقل مرتبة في حكم الشرع.
4. أنَّ ما أفتى به مجلس الإمارات للإفتاء الشرعي هو قول جمهور العلماء، وهو المشهور في مذهب مالك، وإليه ذهب أبو حنيفة، والشافعي، وهو رواية عن أحمد.
5. إنَّ الأدلة الشرعية الواردة في هدي النبي ﷺ بشأن الترخيص لمن حضر صلاة العيد بأن يصلي الظهر بدلاً عن الجمعة، لم تغب عمّا اختاره المجلس وفقًا لما جرى عليه العمل ورجحه الدليل، وإنَّ جميع هذه الأدلة قد أجاب عنها العلماء ووضحوا المقصود منها، ويمكن الرجوع في ذلك إلى مواضعه في كتب الفقه وشروح الحديث، علمًا أنَّه من أخذ بالقول الآخر للعلماء الذين رأوا الرخصة بترك الجمعة لمن صلى العيد ويصلي الظهر بدلاً عنها فلا حرج عليه في ذلك، وإن صلاها جمعةً أخذًا بالعزيمة فهو الأفضل؛ خروجًا من الخلاف واستصحابًا للأصل.
ثالثًا: يدعو مجلس الإمارات للإفتاء الشرعي عموم المسلمين، وقد سمت نفوسهم وارتقت أرواحهم وتزودوا بالتقوى والإيمان، أن يتخذوا العيد فرصةً عظيمةً لصلة الرحم، وإصلاح ذات البين، وتحقيق السلام، ونشر الوئام مع الناس أجمعين. كما يوصي المجلس بالحرص على الإحسان إلى الفقراء والمساكين، وإدخال السرور على اليتامى والأرامل والمحتاجين، وذلك لتكتمل فرحتنا جميعًا بالعيد.
رابعًا: يتوجه مجلس الإمارات للإفتاء الشرعي إلى الله تعالى في هذه الأيام الفاضلة أن يعيد هذه المناسبات السعيدة على دولة الإمارات قيادةً وشعبًا وعلى المجتمعات العربية والمسلمة وعلى العالم أجمع بالخير واليمن والبركة، وقد تحقق الاستقرار وانتشر السلام وعمَّ الرخاء جميع الأمم والشعوب، إنَّه سميعٌ مجيبٌ.
والحمد لله ربِّ العالمين".