حثّ النبي صلى الله عليه وسلم الصائمين على تناول وجبة السحور، لما فيها من التقَوِّي على الصيام وسائر العبادات، وخص الله بعض الأزمنة والأوقات بمزيد من البركات والأفضال، ومن تلك الأوقات وقت السحر، وقد حثنا النبي صلى الله عليه وسلم على اغتنام هذا الوقت بالطاعات والمستحبات، ومنها تناول وجبة السحور، فعَنْ أَنَس بن مالك رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «تَسَحَّرُوا، فَإِنَّ فِي السُّحُورِ بَرَكَةً».فما هو وقت السحر؟ ولماذا سنّ النبي صلى الله عليه وسلم السحور؟ وما هي فضائل وقت السحر؟
السحر هو من الأوقات المباركة التي خصها الله تعالى برحماته وأفضاله، ويكون من الثلث الأخير من الليل حتى يطلع الفجر، أو هو ما قبل طلوع الفجر الصادق، وفيه يتجلى الله على عباده فيعطي السائلين، ويجيب الداعين، ويغفر للمستغفرين إلى أن يطلع الفجر، كما جاء في قول النبي: «إِذَا مَضَى شَطْرُ اللَّيْلِ، أَوْ ثُلُثَاهُ، يَنْزِلُ اللهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا، فَيَقُولُ: هَلْ مِنْ سَائِلٍ يُعْطَى؟ هَلْ مِنْ دَاعٍ يُسْتَجَابُ لَهُ؟ هَلْ مِنْ مُسْتَغْفِرٍ يُغْفَرُ لَهُ؟ حَتَّى يَنْفَجِرَ الصُّبْحُ».
كما أثنى الله سبحانه وتعالى على المتعبدين في ذلك الوقت، فقال: ﴿الصَّابِرِينَ وَالصَّادِقِينَ وَالْقَانِتِينَ وَالْمُنْفِقِينَ وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالْأَسْحَارِ﴾، وقال أيضاً: ﴿وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ﴾، فدلّ على فضيلة العبادة والاستغفار في هذا الوقت المبارك.
وعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «السُّحُورُ أَكْلَةٌ بَرَكَةٌ فَلَا تَدَعُوهُ»، فطعام السحور مبارك، وموجب لرحمة الله تعالى وفضله، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «فإِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتُهُ يُصَلُّونَ عَلَى الْمُتَسَحِّرِينَ»، أي تتنزل عليهم الرحمة والبركة، وقال الْعِرْبَاضِ بْنِ سَارِيَةَ رضي الله عنه : دَعَانِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى السَّحُورِ فِي رَمَضَانَ، فَقَالَ: «هَلُمَّ إِلَى الْغَدَاءِ الْمُبَارَكِ»، وعن عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الْحَارِثِ عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ يَتَسَحَّرُ، فَقَالَ: «إِنَّهَا بَرَكَةٌ أَعْطَاكُمُ اللَّهُ إِيَّاهَا فَلَا تَدَعُوهُ».
ويتضح مما سبق أن وقت السحر من الأوقات المباركة التي يحرص الصائمون على اغتنامها بالقيام والذكر والدعاء والاستغفار، وتناول وجبة السحور للتقوي على الصيام والطاعات، وللفوز برحمة الله تعالى واستغفار الملائكة الكرام. 
والصيام من أجلِّ العبادات التي نتقرب بها إلى الخالق -عز وجل- وهو خير زاد للآخرة، وقد جعل الله تعالى أجره على نفسه وتكفل به، مما يدل على عظمة ثواب الصيام، قال جل في علاه في الحديث القدسي عن رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ اللهَ عز وجل يَقُولُ: إِنَّ ‌الصَّوْمَ ‌لِي وَأَنَا أَجْزِي بِه»، (متفق عليه)، فحريّ بالمسلم أن يحرص على صيامه ويحفظه مما يفسده، ويصونه مما يجرحه، فيجتهد في أداء واجباته واجتناب مفسداته، ويحرص على مستحباته وآدابه. 

مستحبات الصيام
كما أنَّ للصيام مستحبات عديدة، منها: أكلة السحور، والتي بها تتنزل على الصائمين البركات، ويتقوون بها على الصيام والعبادات، فعن أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ، رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «تَسَحَّرُوا ‌فَإِنَّ فِي السَّحُورِ بَرَكَةً»، (متفق عليه)، وتعجيل الفطور من المستحبات أيضاً، ولو على جرعة من ماء، فقد ورد في الحديث أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «لَا يَزَالُ النَّاسُ بِخَيْرٍ مَا ‌عَجَّلُوا ‌الفِطْرَ»، (متفق عليه)، ومن المستحبات كذلك أن يكثر الصائم من العبادات، كذكر الله عز وجل وتلاوة القرآن وبذل الصدقات وإطعام الطعام وتفطير الصائمين، قال النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: «منْ ‌فَطَّرَ ‌صَائِماً، كَانَ لَهُ، أَوْ كُتِبَ لَهُ، مِثْلُ أَجْرِ الصَّائِمِ، مِنْ غَيْرِ أَنْ يَنْقُصَ مِنْ أَجْرِ الصَّائِمِ شَيْئاً»، (متفق عليه). 
والفطر على رطبات أو تمرات أو جرعات من ماء سنة مستحبة، فقد «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُفْطِرُ عَلَى ‌رُطَبَاتٍ ‌قَبْلَ ‌أَنْ ‌يُصَلِّيَ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ رُطَبَاتٌ، فَعَلَى تَمَرَاتٍ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ حَسَا حَسَوَاتٍ مِنْ مَاءٍ».
 ومن آداب الصيام المستحبة حفظ اللسان وتقليل الكلام، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «وَإِذَا كَانَ يَوْمُ صَوْمِ أَحَدِكُمْ فَلَا ‌يَرْفُثْ ‌وَلَا ‌يَصْخَبْ، فَإِنْ سَابَّهُ أَحَدٌ أَوْ قَاتَلَهُ، فَلْيَقُلْ إِنِّي امْرُؤٌ صَائِمٌ».
ويجب على الصائم أن يجتنب المحرمات ويمتنع عن المنهيات، طاعة لربه جل وعلا، وطلباً للقبول والفوز بالثواب العظيم، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ لَمْ يَدَعْ ‌قَوْلَ ‌الزُّورِ ‌وَالعَمَلَ ‌بِهِ، فَلَيْسَ لِلَّهِ حَاجَةٌ فِي أَنْ يَدَعَ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ».
ونخلص إلى أنَّ للصيام أجراً عظيماً عند الله تعالى، فينبغي على المسلم أن يحرص على واجباته ومستحباته، وأن يجتنب مفسداته، ليكون تاماً خالصاً لوجه الله جل جلاله.