أحمد مراد (القاهرة)

وصف دبلوماسيون وخبراء العلاقات الإماراتية الكويتية بأنها أساس متين وضمانة لوحدة وتماسك مجلس التعاون لدول الخليج العربية، مؤكدين حرص قيادتا البلدين الشقيقين على دعم تميز العلاقات المشتركة في المجالات كافة.
وأكد الخبراء في تصريحات لـ«الاتحاد» أن الإمارات والكويت يمثلان أحد روافد العمل الخليجي والعربي المشترك، ويتعاونان معاً في سبيل خدمة القضايا الخليجية والعربية، ويؤديان دوراً مؤثراً في حماية الأمن القومي الخليجي والعربي، ويعملان على مواجهة التحديات التي تواجه المنطقة العربية عبر آليات التشاور والتنسيق المشتركة.

روابط تاريخية
السفير جمال بيومي، المساعد الأسبق لوزير الخارجية المصري، والأمين العام الأسبق لاتحاد المستثمرين العرب، أكد أن العلاقات الإماراتية الكويتية تُعتبر نموذجاً مثالياً للعلاقات الثنائية والشراكة الشاملة في ظل وجود مساحات كبيرة من تقارب المواقف وتشابه وجهات النظر وأوجه التعاون بين البلدين، وهو ما يجعلهما أحد المحاور المهمة والحيوية في منطقة الشرق الأوسط.ومثّل إنشاء اللجنة العليا المشتركة للتعاون بين دولة الكويت ودولة الإمارات عام 2007، تتويجاً للعلاقات التاريخية المتميزة التي تربط البلدين على المستويات كافة. 
والروابط الإماراتية الكويتية نموذج فريد للعلاقات الإيجابية المثمرة، وهي علاقات حاضرة تشكل امتداداً للأخوة التاريخية التي تجمع البلدين على المستويين القيادي والشعبي. 
وأوضح الدبلوماسي المصري لـ«الاتحاد» أن الإمارات والكويت تجمعهما علاقات وروابط تاريخية تعود جذورها إلى عقود طويلة، وقد حرصت القيادات المتعاقبة في البلدين على تنمية وتقوية هذه العلاقات بشكل يخدم مصالحهما المشتركة، ويلبي تطلعات وطموحات الشعبين الإماراتي والكويتي.
وقبل الإعلان عن قيام دولة الإمارات العربية المتحدة في الثاني من ديسمبر 1971، جمعت روابط تاريخية واجتماعية وأخوية بين الإمارات والكويت، وتبادل الطرفان أوجه التعاون في مجالات الخدمات التعليمية والصحية والإعلامية.

صداقة وأخوة وتعاون
وقال المساعد الأسبق لوزير الخارجية المصري: إن العلاقات الإماراتية الكويتية شهدت قفزة نوعية من التطور مع الإعلان عن قيام دولة الإمارات العربية المتحدة في 2 ديسمبر 1971، حيث سعت الدولتان إلى تنويع أوجه التعاون المشترك في المجالات السياسية والدبلوماسية والاقتصادية، وهو ما ظهر جلياً خلال اللقاء الذي جمع بين المغفور له بإذن الله الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان «طيب الله ثراه»، وأمير الكويت الراحل، الشيخ صباح السالم الصباح، عام 1973، وقد اتفق الزعيمان على تعميق العلاقات الثنائية بين البلدين في مختلف المجالات.
وفي مرحلة لاحقة، توطدت العلاقات الإماراتية الكويتية خلال عهد أمير الكويت الراحل، الشيخ جابر الأحمد الصباح، الذي عمل مع المغفور له بإذن الله الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، على ترسيخ دعائم العلاقات السياسية والاقتصادية والاجتماعية بين البلدين، وارتبط الزعيمان بعلاقات صداقة وأخوة، وتبادلا الزيارات واللقاءات في العديد من المناسبات.
وظهرت قوة ومتانة العلاقات الإماراتية الكويتية إبان الغزو العراقي للكويت، حيث كانت الإمارات في مقدمة دول العالم التي سارعت إلى دعم ومساندة حقوق الشعب الكويتي في المحافل الإقليمية والدولية.
ومع اندلاع معركة تحرير الكويت، شاركت القوات المسلحة الإماراتية في كل مراحل المعركة، وكان أبرزها عملية «عاصفة الصحراء» التي تقدمت فيها القوات الإماراتية داخل الأراضي الكويتية، وكانت أول قوات تدخل مدينة الكويت من قوات درع الجزيرة، وكان ذلك في 24 فبراير 1991، وقد استشهد من القوات الإماراتية 8 جنود، وأصيب 21 آخرون بجروح مختلفة.

شراكة متميزة 
العلاقات الثنائية المتميزة بين البلدين تعزز التعاون المشترك في العديد من القطاعات على الصعد السياسية والدبلوماسية والاقتصادية والثقافية وغيرها. 
ويعكس التعاون الاقتصادي واقع تنامي العلاقات الإماراتية الكويتية، وهو ما تبرزه الإحصائيات والبيانات الرسمية الصادرة بشأن التبادل التجاري بين البلدين. 
ومن جانبه، أوضح الدكتور مختار غباشي، الخبير في الشؤون العربية، ونائب رئيس المركز العربي للدراسات، في تصريحات لـ«الاتحاد» أن الشراكة الإماراتية الكويتية تمثل مثالاً يحتذى به على المستويين الخليجي والعربي، وقد ازدادت هذه الشراكة رسوخاً خلال عهد الزعيمين الراحلين، سمو الشيخ خليفة بن زايد رئيس الإمارات السابق، والشيخ صباح الأحمد أمير الكويت السابق.
وقال الدكتور الغباشي: إن الإمارات والكويت من الدول المهمة والمحورية، سواء في المحيط الخليجي أو العربي، ويعتبران من روافد العمل الخليجي والعربي المشترك.

انسجام وتوافق
ووصف الدكتور إياد المجالي، الخبير في شؤون العلاقات الدولية، ومدير البرامج بجامعة مؤتة الأردنية، العلاقات الإماراتية الكويتية بـ «نموذج الانسجام والتوافق»، مؤكداً أن هذه العلاقات شهدت مراحل تطور ومحطات عدة أسهمت بصورة مباشرة في تمتين وترسيخ شراكتهما، ومن مسوغاتها أو الخط الرئيسي لها سياسة خارجية منسجمة إلى حد بعيد.
وقال الدكتور المجالي لـ«الاتحاد»: إن أولويات البلدين وخياراتهما متطابقة، وتدعمها رؤى ومواقف مشتركة لصناع القرار السياسي في البلدين، إلى جانب توافق للقيم الاجتماعية ذات الصلة بين الشعبين الإماراتي والكويتي.

لجنة عليا مشتركة
وتأسست لجنة عليا مشتركة للتعاون الثنائي بين الإمارات والكويت في العام 2007، وعقدت اللجنة أول اجتماع لها في أبوظبي خلال مارس العام 2008 برئاسة سمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان وزير الخارجية والتعاون الدولي، ومن الجانب الكويتي نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية آنذاك الشيخ محمد صباح السالم الصباح.

تعاون اقتصادي
شدد السفير جمال بيومي، الأمين العام الأسبق لاتحاد المستثمرين العرب، على أهمية الشراكة الاقتصادية التي تجمع بين الإمارات والكويت، مؤكداً أن هذه الشراكة شهدت طفرة غير مسبوقة خلال العقدين الماضيين، لا سيما مع تأسيس اللجنة العليا المشتركة بين البلدين خلال العام 2006.
وأوضح السفير بيومي أن اللجنة العليا الإماراتية الكويتية ساهمت بشكل واضح في زيادة حجم الشراكة الشاملة بين البلدين، لا سيما في المجال الاقتصادي، حيث نجحت في مضاعفة حجم التبادل التجاري بينهما خلال العقدين الماضيين.
وتحرص القيادات الإماراتية والكويتية على تعزيز وتطوير الشراكة الاقتصادية بين البلدين، وهو ما تجسده لغة الأرقام، حيث تأتي الإمارات في المرتبة الأولى عربياً والثانية عالمياً بعد الصين كأكبر مصدر للسلع إلى الكويت. وبلغ حجم التبادل التجاري غير النفطي بين البلدين نحو 10.47 مليار دولار، وقد سجلت الصادرات الإماراتية غير النفطية للكويت للعام 2021 نمواً بنسبة 30% عن العام السابق لتصل إلى مستوى 9.14 مليار دولار. كما نمت الصادرات الكويتية غير النفطية لدولة الإمارات العربية المتحدة خلال العام 2021 لتصل إلى 1.33 مليار دولار.
وبلغ عدد المستثمرين الكويتيين في الشركات المساهمة العامة المسجلة لدى هيئة الأوراق المالية والسلع 47200 مستثمر، وبلغ عدد الرخص للأنشطة الاقتصادية الممنوحة للمواطنين الكويتيين في الإمارات 465 رخصة خلال العام 2020.
ووصل عدد الاتفاقيات الموقعة بين الإمارات والكويت منذ العام 1972 وحتى العام 2020 إلى 33 اتفاقية، بينما بلغ عدد مذكرات التفاهم والبرامج التنفيذية 4 مشاريع خلال الفترة ذاتها.

عهد جديد
مع تولي الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح قيادة الكويت في 30 سبتمبر 2020، وتولي صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، في مايو 2022، دشنت الإمارات والكويت عهداً جديداً من العمل الثنائي المشترك في إطار حرصهما المتبادل على تعزيز علاقاتهما في مختلف المجالات.